خُلُق الورع يفرض على المسلم ترك كل ما حرّمه الله، بل ترك كل ما يشك فيه خشية أن يقع في الإثم، وفي الوقت نفسه يأتي بالشيء الذي يُشتبه في وجوبه؛ حتى لا يقع في إثم تركه، فهو خلق يحفظ الدين لأنه يجعل المسلم دائمًا يدور في فلك البحث عن الحلال والبعد عن كل حرام يُوجب العقاب يوم الحساب.
ولقد اهتمت الشريعة الإسلامية بصلاح القلب وصفائه واستقامته كاهتمامها بالجسد وصحته وسلامته، بل إنها جعلت أعمال القلوب أفرض على العبد من أعمال الجوارح، وأعطتْ القلب دور الرّيادة والقيادة والتوجيه، بينما الجوارح تستجيب لندائه وتخضع لسلطانه. وأعمال القلب- من الصبر، الإخلاص، والتوكل، والخشية، والورع، والتقوى، وغير ذلك، هي الغاية من أعمال الجوارح، وهي التي تحفظ على العبد دينه، وتسلحه ضد شياطينه، ولا يزكو القلب ويطهر إلا بهذه الأعمال الشريفة، التي تقرب العبد من ربه وتطوع له جوارحه لعبادته وطاعته.
معنى الورع وتأصيله في الشرع
ومعنى الورع في اللغة: التَّـقْوَى، والتَّحَرُّج، والكَفُّ عن المحارِم. من وَرِعَ الرَّجُلُ، كوَرِثَ، والورِع، بكسر الرَّاءِ: الرجلُ التَّقِي المتَحَرِّج، والورَعُ في الأصل: الكَفُّ عن المحارِم والتحَرُّج منه، ثم اسْتعِير للكفِّ عن المباح والحلالِ”. وفي الاصطلاح: هو اجتناب الشبهات؛ خوفًا من الوقوع في المحرمات، أو ترك ما لا بأس به؛ حذرًا مما به البأس، أو هو الاجتناب عن الشبهات سواء كان تحصيلًا أو غير تحصيل.
وشدد الله- سبحانه وتعالى- على أهمية الورع وعلو منزلته، فقال- عز وجل-: (يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ) [المؤمنون: 51]، وقال- جل شأنه-: (وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ) [المدثر: 4]، أي نفسك فطهر من الذنب فكنّى عن النفس بالثوب.
وجمع النبي- صلى الله عليه وسلم- الوَرَعْ في كلمة واحدة فقال: “إنَّ مِن حُسنِ إسلامِ المرءِ تركَه ما لا يَعنيه”، (صحيح ابن حبان)، فهذا يعم الترك لما لا يعنيه من الكلام والنظر والاستماع والبطش والمشي والفكر وسائر الحركات الظاهرة والباطنة.
وفي الصحيحين عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-، عَنِ النَّبِيِّ- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: “إِنِّي لَأَنْقَلِبُ إِلَى أَهْلِي، فَأَجِدُ التَّمْرَةَ سَاقِطَةً عَلَى فِرَاشِي، فَأَرْفَعُهَا لِآكُلَهَا، ثُمَّ أَخْشَى أَنْ تَكُونَ صَدَقَةً، فَأُلْقِيهَا”.
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-: أَنَّ الحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ، أَخَذَ تَمْرَةً مِنْ تَمْرِ الصَّدَقَةِ، فَجَعَلَهَا فِي فِيهِ، فَقَالَ النَّبِيُّ- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِالفَارِسِيَّةِ: “كِخْ كِخْ، أَمَا تَعْرِفُ أَنَّا لاَ نَأْكُلُ الصَّدَقَةَ؟» كخ: كلمة زجر للصبيّ عن المستقذرات؛ أي اتركه وارم به” (البخاري).
وقد كان النبي- صلى الله عليه وسلم- حريصًا على ورع أصحابه عن كل حرام أو شبهة، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ- رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ- صلى الله عليه وسلم-: “يَا أَبَا هُرَيْرَةَ؛ كُنْ وَرِعًا تَكُنْ أَعْبَدَ النَّاسِ، وَكُنْ قَنِعًا تَكُنْ أَشْكَرَ النَّاسِ، وَأَحِبَّ لِلنَّاسِ مَا تُحِبُّ لِنَفْسِكَ تَكُنْ مُؤْمِنًا، وَأَحَسِنْ جِوَارَ مَنْ جَاوَرَكَ تَكُنْ مُسْلِمًا، وَأَقِلَّ الضَّحِكَ فَإِنَّ كَثْرَةَ الضَّحِكِ تُمِيتُ الْقَلْبَ” (ابن ماجة وصححه الألباني).
وفَطِنَ أصحاب النبي- صلى الله عليه وسلم- إلى أهمية ومنزلة الورع، فعَنْ عَائِشَةَ- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا-، قَالَتْ: “كَانَ لِأَبِي بَكْرٍ غُلاَمٌ يُخْرِجُ لَهُ الخَرَاجَ، وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ يَأْكُلُ مِنْ خَرَاجِهِ، فَجَاءَ يَوْمًا بِشَيْءٍ فَأَكَلَ مِنْهُ أَبُو بَكْرٍ، فَقَالَ لَهُ الغُلاَمُ: أَتَدْرِي مَا هَذَا؟ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَمَا هُوَ؟ قَالَ: كُنْتُ تَكَهَّنْتُ لِإِنْسَانٍ فِي الجَاهِلِيَّةِ، وَمَا أُحْسِنُ الكِهَانَةَ، إِلَّا أَنِّي خَدَعْتُهُ، فَلَقِيَنِي فَأَعْطَانِي بِذَلِكَ، فَهَذَا الَّذِي أَكَلْتَ مِنْهُ. فَأَدْخَلَ أَبُو بَكْرٍ يَدَهُ، فَقَاءَ كُلَّ شَيْءٍ فِي بَطْنِهِ” (البخاري).
وعن نافع، أن عمر بن الخطاب- رضي الله عنه-، كان فرض للمهاجرين الأولين أربعة آلاف، وفرض لابنه ثلاثة آلاف وخمسمائة، فقيل له: هو من المهاجرين، فلمَ نقصته؟ فقال: إنما هاجر به أبوه، يقول: ليس هو كمن هاجر بنفسه”، (البخاري).
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: “اشْتَرَى رَجُلٌ مِنْ رَجُلٍ عَقَارًا لَهُ، فَوَجَدَ الرَّجُلُ الَّذِي اشْتَرَى العَقَارَ فِي عَقَارِهِ جَرَّةً فِيهَا ذَهَبٌ، فَقَالَ لَهُ الَّذِي اشْتَرَى العَقَارَ: خُذْ ذَهَبَكَ مِنِّي، إِنَّمَا اشْتَرَيْتُ مِنْكَ الأَرْضَ، وَلَمْ أَبْتَعْ مِنْكَ الذَّهَبَ، وَقَالَ الَّذِي لَهُ الأَرْضُ: إِنَّمَا بِعْتُكَ الأَرْضَ وَمَا فِيهَا، فَتَحَاكَمَا إِلَى رَجُلٍ، فَقَالَ: الَّذِي تَحَاكَمَا إِلَيْهِ: أَلَكُمَا وَلَدٌ؟ قَالَ أَحَدُهُمَا: لِي غُلاَمٌ، وَقَالَ الآخَرُ: لِي جَارِيَةٌ، قَالَ: أَنْكِحُوا الغُلاَمَ الجَارِيَةَ وَأَنْفِقُوا عَلَى أَنْفُسِهِمَا مِنْهُ وَتَصَدَّقَا” (البخاري ومسلم).
وذكر أبو سعيد الخدري- رضي الله عنه- أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- بعث قومًا من أصحابه في سريَّة، فنزلوا على جماعة من الناس؛ ولكنهم لم يُضيِّفوهم، ثم إن سيد هؤلاء لُدِغَ، فطلبوا منهم أن يرقوا سيَّدَهم، فقام أحد الصحابة فرقاهُ، فبرأ، فأمر لهم بغنم، فقال بعض الصحابة لبعض: لا تحدثوا شيئًا حتى نأتي ونسأل النبي- صلى الله عليه وسلم- فلما قدموا المدينة، أخبروا النبي صلى الله عليه وسلم، فقال لهم: “اقسموا واضربوا لي بسهمٍ”، (متفق عليه).
وحرص على هذا الخلق العظيم، التابعون والصالحون في كل زمان ومكان، فقد قال ابن تيمية عنه: “الورع الواجب: هو اتقاء ما يكون سببا للذم والعذاب وهو فعل الواجب وترك المحرم والفرق بينهما فيما اشتبه أمن الواجب هو أم ليس منه؟ وما اشتبه تحريمه أمن المحرم أم ليس منه؟ فأما ما لا ريب في حله فليس تركه من الورع وما لا ريب في سقوطه فليس فعله من الورع”.
وعن العلاء بن زياد أنَّه كان يقول: “لو كنت متمنيًا لتمنيت فقه الحسن، وورع ابن سيرين، وصواب مطرِّف، وصلاة مسلم بن يسار”.
وفي ورع عمر بن عبد العزيز- رحمه الله- قال ابن السماك: “كان عمر بن عبد العزيز يقسم تفاحًا بين الناس، فجاء ابن له وأخذ تفاحة من ذلك التفاح، فوثب إليه ففك يده؛ فأخذ تلك التفاحة؛ فطرحها في التفاح، فذهب إلى أمه مستغيثًا فقالت له: ما لك أي بني؟ فأخبرها؛ فأرسلت بدرهمين فاشترت تفاحًا، فأكلت وأطعمته، ورفعت لعمر، فلما فرغ مما بين يديه دخل إليها، فأخرجت له طبقًا من تفاح، فقال: من أين هذا يا فاطمة؟ فأخبرته فقال: رحمك الله، والله إن كنت لأشتهيه”.
الطريق إلى تحقيق الورع
ويحتاج الورع كغيره من الأعمال والعبادات إلى توطين النفس وتهيئتها للتحلي بهذه الخصلة الحميدة، ويحصل ذلك بأمور، منها:
- اتخاذ سترة من الحلال: فقد كان ابن عمر- رضي الله عنهما- يقول: إني لأحب أن أدع بيني وبين الحرام سترة من الحلال، ولا أخرمها.
- تنمية الخوف من الله: فمن عرف الله- سبحانه وتعالى- وعرف قدره، خافه وترك كل شبهة حتى يرضى عنه.
- العمل على تحقيق التقوى في النفوس: فهي إن وجدت استقام حال الإنسان، فلا يرى حيث نُهي، ولا يفقد حيث أمر، وارتقى عالي الدرجات بالتورع عن المحرمات والشبهات.
- ترك كل مريب: وهو أمر يسير مثلما قال حسان بن أبي سنان- رحمه الله-: “ما رأيت شيئا أهون من الورع، دع ما يريبك إلى ما لا يريبك”.
- محاسبة النفس: فهو عمل يجعل الإنسان يراجع كل تصرفاته وأقواله، فإن كانت خيرًا حمد الله تعالى عليها، وإن كانت غير ذلك تاب وندم وعاد إلى الصواب، قال عمرُ بنُ الخطَّابِ- رضِي اللهُ عنه-: “حاسِبوا أنفسَكم قبل أن تُحاسَبوا ، وزِنوا أنفسَكم قبل أن تُوزنوا، فإنَّه أخفُّ عليكم في الحسابِ غدًا أن تُحاسِبوا أنفسَكم اليومَ وتزيَّنوا للعَرضِ الأكبرِ، كذا الأكبرِ: {يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ}” (الترمذي وأحمد).
- إحياء الشعور بأهمية الوَرَعْ: فربما كان الناس في غفلة عنه وعن أهميته وعظيم أجره، لذا كان الضحاك بن عثمان- رحمه الله-: “أدركت الناس وهم يتعلمون الوَرَعْ، وهم اليوم يتعلمون الكلام”.
ثمرات ورع المسلم عن المحرمات والشبهات
وفضائِلُ الورع وثمراته كثيرة، نذكر منها ما يلي:
- سبب لإجابة الدعاء، يقول النبيُّ- صلى الله عليه وسلم-: “أَيُّهَا النَّاسُ! إِنَّ اللَّهَ طَيِّبٌ لاَ يَقْبَلُ إِلاَّ طَيِّبًا، وَإِنَّ اللَّهَ أَمَرَ الْمُؤْمِنِينَ بِمَا أَمَرَ بِهِ الْمُرْسَلِينَ؛ فَقَالَ: ﴿يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ ﴾ (صحيح الترمذي).
- سبب لدخول الجنة، لقول النبيِّ- صلى الله عليه وسلم-: “هَلْ تَدْرُونَ أَوَّلَ مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ؟” قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ: “أَوَّلُ مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ؛ الْفُقَرَاءُ الْمُهَاجِرُونَ الَّذِينَ تُسَدُّ بِهِمُ الثُّغُورُ، وَتُتَّقَى بِهِمُ الْمَكَارِهُ، وَيَمُوتُ أَحَدُهُمْ وَحَاجَتُهُ فِي صَدْرِهِ؛ لاَ يَسْتَطِيعُ لَهَا قَضَاءً، فَيَقُولُ اللَّهُ- عَزَّ وَجَلَّ- لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ مَلاَئِكَتِهِ: ائْتُوهُمْ فَحَيُّوهُمْ، فَتَقُولُ الْمَلاَئِكَةُ: ربَّنا نَحْنُ سُكَّانُ سَمَائِكَ، وَخِيرَتُكَ مِنْ خَلْقِكَ، أَفَتَأْمُرُنَا أَنْ نَأْتِيَ هَؤُلاَءِ فَنُسَلِّمَ عَلَيْهِمْ؟ قَالَ: إِنَّهُمْ كَانُوا عِبَادًا يَعْبُدُونِي وَلاَ يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا، وَتُسَدُّ بِهِمُ الثُّغُورُ، وَتُتَّقَى بِهِمُ الْمَكَارِهُ، وَيَمُوتُ أَحَدُهُمْ وَحَاجَتُهُ فِي صَدْرِهِ؛ لاَ يَسْتَطِيعُ لَهَا قَضَاءً. قَالَ: فَتَأْتِيهِمُ الْمَلاَئِكَةُ عِنْدَ ذَلِكَ فَيَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ {سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ}” (صحيح – رواه أحمد).
- عاصِمٌ من الوقوع في المعاصي: قالت عائشةُ- رضي الله عنها- في شأنِ حادثة الإفك: “وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ- صلى الله عليه وسلم- يَسْأَلُ زَيْنَبَ بِنْتَ جَحْشٍ عَنْ أَمْرِي، فَقَالَ: يَا زَيْنَبُ! مَا عَلِمْتِ؟ مَا رَأَيْتِ؟ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَحْمِي سَمْعِي وَبَصَرِي، وَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ عَلَيْهَا إِلاَّ خَيْرًا. قَالَتْ: وَهْيَ الَّتِي كَانَتْ تُسَامِينِي [أي: تُنازِعُني الحُظْوَةَ والمَكانَةَ عند رسول الله صلى الله وسلم] فَعَصَمَهَا اللَّهُ بِالْوَرَعِ” (البخاري ومسلم).
- يرتقي بعبادة المسلم: لقول النبيِّ- صلى الله عليه وسلم-: “يَا أَبَا هُرَيْرَةَ! كُنْ وَرِعًا تَكُنْ أَعْبَدَ النَّاسِ، وَكُنْ قَنِعًا تَكُنْ أَشْكَرَ النَّاسِ، وَأَحِبَّ لِلنَّاسِ مَا تُحِبُّ لِنَفْسِكَ تَكُنْ مُؤْمِنًا، وَأَحَسِنْ جِوَارَ مَنْ جَاوَرَكَ تَكُنْ مُسْلِمًا” (ابن ماجه).
- يُحَقِّقُ راحَةَ البال: ويُطَهِّرُ دَنَسَ القلب كما يُطّهِّرُ الماءُ دَنَسَ الثوب، ويصَونُ النفس ويحِفظُها ويحميها عَمَّا يَشِينُها ويَعِيبُها، فإنَّ مَنْ كَرُمَتْ عليه نفسُه صانَها وحَماها، وزكَّاها وعَلاَّها، ومَنْ هانَتْ عليه نفسُه وصَغُرَت عنده، ألقاها في الرَّذائل.
- يكفي الإنسان عما فاته من الدنيا: من الدنيا؛ لقول النبيِّ- صلى الله عليه وسلم-: “أَرْبَعٌ إِذَا كُنَّ فِيكَ فَلاَ عَلَيْكَ مَا فَاتَكَ مِنَ الدُّنْيَا: حِفْظُ أَمَانَةٍ، وَصِدْقُ حَدِيثٍ، وَحُسْنُ خَلِيقَةٍ (أي: حُسْنُ خُلُقٍ)، وَعِفَّةٌ فِي طُعْمَةٍ (أَيِ: احْتِرَازٌ مِنَ الْحَرَامِ)” (رواه أحمد).
- التَّعْوِيضُ بالخير في الدنيا والآخرة، قال النبي- صلى الله عليه وسلم-: “مَنْ تَرَكَ شَيْئًا لِلهِ؛ عَوَّضَهُ اللهُ خَيْرًا مِنْهُ»” (رواه أحمد).
- الكَفُّ عن الحرام: قال أبو بكرٍ الصِّديق- رضي الله عنه-: “كُنَّا نَدَعُ سَبْعِينَ بَابًا مِنَ الْحَلَالِ؛ مَخَافَةَ أَنْ نَقَعَ فِي بَابٍ مِنَ الْحَرَامِ”. وقال الحسَنُ البصريُّ رحمه الله: “مَا زَالَت التَّقْوَى بالمُتَّقين حَتَّى تَرَكُوا كثيرًا من الْحَلَال؛ مَخَافَة الْحَرَام”.
الورع خلق يحتاج إليه الناس، وبخاصة في زمن كثر فيه اختلاط الحلال بالحرام، وزاد فيه الجَشع والطمع، كحاطب ليل يجمع كل شيء، لا يميز بين ما ينفع أو يضر، بين حلال أو حرام، لذا فإن الالتزام بهذا يحرُس صاحبَه ويمنعه من الوقوع في المحرمات، أو التقصير والتفريط في أداء الواجبات، هو طوْق للنجاة في الدنيا والآخرة، وبه تحفظ الأعراض والدماء والأموال، وهو سبب لبذل المعروف وقناعة النفس وسخاء اليد، وبه يُحفظ اللسان عن القيل والقال والغيبة والنميمة وإثارة الفتن وتأجيج الصراعات.
المصادر والمراجع:
- ابن منظور: لسان العرب، 8/388.
- الزبيدي: تاج العروس، 22/313.
- الجرجاني: التعريفات، ص 252.
- القرافي: الفروق، 4/210.
- أبو البقاء الكفوي: الكليات، ص 944.
- خالد أبو شادي: أعمال القلوب – [32] الورع – تعريفه ومراتبه.
- المرزوي: الورع، ص 178.
- نعيم بن حماد: زوائد الزهد، ص 40.
- الذهب: سير أعلام النبلاء، 8/73.
- ابن أبي الدنيا: الورع، ص 124.
1 comments
شكراً