رغم اختلاف العلماء حول مفهوم التربية إلا أنهم اتفقوا جميعا على أن العملية التربوية عملية منظمة مهدفة، ويمكن تعريف الأهداف التربوية بأنها: التغير المرغوب في سلوك المتربي نتيجة مروره بخبرة تربوية محددة. وتنقسم الأهداف التربوية من حيث شمولها إلى أهداف تربوية عامة، وأهداف تربوية متوسطة، وأهداف تربوية قصيرة المدى ويطلق عليها أيضا الأهداف السلوكية الخاصة، وهي أهداف يمكن أن تتحقق في موقف تربوي واحد وتكون وصفا للتغير المتوقع حدوثه في سلوك المتربي نتيجة لتزويده بخبرة تربوية وتفاعله مع موقف تربوي محدد، ونركز هنا على الأهداف الوجدانية وهي واحدة من مكونات الأهداف السلوكية.
للمزيد: الأهداف التربوية.. مستوياتها وشروط صياغتها
مكونات الأهداف السلوكية
يجب أن تتضمن الأهداف السلوكية ثلاثة مكونات شرطية هي:
– أن يتضمن الهدف وصفا للمهمة التي على المتربي أن يقوم بها بحيث يكون ذلك بشكل سلوكي.
– أن يتضمن الهدف الشروط أو الظروف التي يجب أن يتم الأداء وفقا لها.
– أن يتضمن الهدف المعيار أو مستوى الأداء المتوقع، و الذي يمكن استخدامه للحكم على النجاح في الأداء.
مثال: [أن يقرأ المتربي سورة الملك، قراءة صحيحة، مراعيا أحكام التجويد]،
ومجالات الأهداف السلوكية ثلاثة، هي:
1 – المجال المعرفي:
ويشتمل المجال المعرفي على أشكال النشاط الفكري للإنسان وخاصة العمليات العقلية من حفظ وفهم وتحليل، وتندرج تحت هذا المجال الأهداف التربوية التي تعمل على تنمية هذه العمليات العقلية، وكان التركيز سابقا على عملية التذكر فقط، ولكن عندما ظهرت البحوث الحديثة في المناهج وطرق التدريس وعلم النفس وخاصة علم النفس التعليمي، اتضح أن العملية المعرفية متدرجة المستوى وليس تذكر فقط، وقد قسم العلماء المجال المعرفي إلى ستة مستويات فرعية مميزة ومرتبة بشكل هرمي تبدأ من البسيط إلى الأكثر تعقيدا، وكل مستوى يحتوي على المستوى الذي قبله، وهكذا فإن إتقان العمليات البسيطة أمر ضروري لإتقان العمليات الأكثر تعقيدا.
2- المجال المهاري:
ويشتمل هذا المجال على الأهداف التي تعبرعن الجوانب المرتبطة بالعمل والمهارات اليدوية، كما يندرج تحت هذا المجال الإجراءات الخاصة بتناول الأدوات والأجهزة وكيفية استخدامها، ويمكن القول إن إتقان المتربي لأي مهارة يعتمد على إتقانه للمادة العلمية النظرية التي سبق له وأن تعلمها، وكذلك نوع التدريب الذي تلقاه ومدی میله له أو اقتناعه به أو شعوره بالحاجة إلى هذا التدريب الذي يؤدي إلى تلك المهارة.
3- المجال الوجداني:
ويشتمل على أهداف تعبر عن السلوك الوجداني المتمثل بالمشاعر والاتجاهات والميول والقيم، ويعتبر هذا المجال أصعب المجالات الثلاثة وأكثرها أهمية.
مستويات الجانب الوجداني
يمثل الجانب الوجداني أحد الجوانب المهمة التي ينبغي التركيز عليها، حيث إنه لا قيمة للجانبين الآخرين بدون هذا الجانب، فلا قيمة للمعارف أو المهارات في معزل عن مجموعة من القيم والاتجاهات.
ويعرف الوجدان بأنه: إحساس دافعي نفسي مرتبط بالانفعالات والعواطف ويؤثر في عمليات التصور والتفكير.
وتعرف الأهداف الوجدانية بكونها: الأهداف التي تضرب على وتر المشاعر وانفعالات الفرد، وتتفاوت الأهداف العاطفية بين الاهتمامات المجردة البسيطة ببعض الظواهر المختارة وبين الصفات المعقدة للخلق و الضمير.
ويعتبر المجال الوجداني أصعب المجالات الثلاثة، ويرجع ذلك لأسباب منها:
– عدم وجود تعريفات إجرائية لمكونات هذا المجال تتصف بالصدق والموثوقية.
– نواتج التعلم لهذا المجال يمكن أن تكون موقفية وخادعة، إذ قد يظهر المتربي غير ما يبطن.
– صعوبة تقييم أهداف هذا المجال.
وتتدرج مستويات المجال الوجداني على النحو التالي:
التقبل:
وهو يشير إلى استعداد المتربي للاهتمام بظاهرة معينة أو مثير معين مثل (نشاط تربوي في الفصل، أو وسيلة تعليمية ما..) ومن الناحية التدريسية يختص التقبل بإثارة اهتمام المتربي وجذب اهتمامه وتوجيهه، وتتفاوت نواتج التعلم في هذه الفئة بداية من الوعي البسيط بوجود أشياء معينة إلى الاهتمام الانتقائي من جانب المتربي، ويمثل التقبل أدنى مستويات نواتج التعلم في المجال العاطفي.
ويتضمن هذا المستوى ثلاث فئات فرعية هي:
أ-الوعي: ويعني إدراك المثيرات ووجودها في السياق الذي يتألف منها.
ب- الرغبة في الاستقبال: وتعني التمييز بين المثير وغيره من المثيرات مع وجود الرغبة في الانتباه إليه.
ج- الانتباه الانتقائي: وهنا يتحكم المتربي في الانتباه ويختار مثيرا معينا دون غيره. ومن الأمثلة لبعض الأفعال التي يمكن استخدامها في مستوى “التقبل”: [ينتبه . يسأل . يصغي . يتابع . يتعرف . يبدي . يختار. يجيب…].
الاستجابة:
وهي المستوى الثاني من مستويات المجال الوجداني وتعني: المشاركة الإيجابية من جانب المتربي ويتطلب هذا المستوى ليس فقط الاهتمام بظاهرة معينة أو نشاط معين وإنما التفاعل معه بصورة أو بأخرى، ويمثل هذا المستوى بداية تشكل ميول المتربي، وفي هذا المستوى أيضا تتضح المشاركة الإيجابية والحسية والتفاعل مع موقف أو نشاط تربوي معين، وتندرج تحت هذا المستوى ثلاث فئات فرعية تتمثل فيما يلي:
أ- الإذعان في الاستجابة: وفي هذا المستوى تصاغ الأهداف التي تعالج درجة منخفضة من المشاركة الإيجابية وتبدأ الأهداف بأفعال مثل (يطيع . ينفذ . يساير).
ب- إرادة الاستجابة: وفي هذا المستوى تصاغ الأهداف بدرجة متوسطة من المشاركة الإيجابية والتفاعل مع الموقف التربوي وتبدأ الأهداف بأفعال مثل (يشارك).
ج- الرضا في الاستجابة: وفي هذا المستوى تصاغ الأهداف التي تدل على أعلى درجة من المشاركة الإيجابية وهي الأهداف التي تعترف بميول واهتمامات المتربي بوضوح تام.
ومن أمثلة الأفعال التي يمكن استخدامها في مستوى الاستجابة: [يجيب . يساير. يشعر. يقرر. يعاون . يناقش . يؤدي . يبدي . يسمع . يشترك طواعية . يشارك . يساعد . يناقش . يعاون . يتدرب . يعرض . يقرأ . يختار. يروي . يتشوق . يشاطر. يوافق . يتابع].
التقويم:
يعني التقويم إعطاء القيمة لظاهرة معينة أو سلوك معين، وتكون هذه القيمة بمثابة نتاج اجتماعي يقبله المتربي ببطء شديد حيث يبدأ المتربي بالتعبير عن هذه الظاهر ثم يبدي رأيه ثم يعطي أحكامه ويدافع عنها. وتتفاوت عملية التقويم من التقبل البسيط لقيمة ما أو تفضيل هذه القيمة وتبريرها ثم الالتزام بهذه القيمة والدفاع عنها، ونواتج التعلم في هذه الفئة ترتبط بالسلوك الذي يتصف بالاتساق والثبات وتكفي للتعرف على القيم والاتجاهات.
ويندرج تحت هذا المستوى الفئات الفرعية التالية:
أ- تقبل قيمة معينة، مثل: الرغبة في الرفقة التي تنمي قيمة التعاون.
ب. تفضيل قيمة معينة: وفيها يتم تفضيل قيمة على قيمة أخرى مثل الشخص الذي يسعى في عمل جماعي معين حينما يثبت له بالدليل العلمي القاطع أن ما يسعى إليه أفضل مما هو موجود.
ج- الالتزام: وهو أن يظهر الولاء لجماعة معينة أو الإخلاص لمثل وقيم بعينها.
ومن الأمثلة لبعض الأفعال التي يمكن استخدامها في مستوى التقويم نجد: ” يبادر . يبرز . يعمل . يقترح . يمارس . يتابع . يقدر . يشارك . يساهم . يدعو. ينضم إلى . يحتج . يحافظ . يكره . يتجنب . يعترف . يثمن . يدعم . يجادل”.
التنظيم القيمي:
ويعني ذلك تجميع القيم المختلفة وإعادة تنظيمها واتساقها الداخلي فيما يتعلق بظاهرة أو سلوك معين وهذا التنظيم قابل للتعديل والتغيير مع كل قيمة جديدة تدخل هذا البناء ويمكن أن يشتمل التنظيم القيمي على مقارنة القيم مع بعضها بالإضافة إلى تحليلها إلى مكوناتها من أجل إعادة ترتيبها أي أن التنظيم القيمي يتمثل في عملية الجمع بين أكثر من قيمة ومحاولة حل التناقضات بينهما، ثم بناء نظام قيمي ثابت ودقيق، بحيث يكون متصفا بالاتساق الداخلي.
ويمكن تقسيم هذا المستوى إلى الفئات الفرعية التالية:
أ- تكوين المفهوم لقيمة معينة: بحيث يمكن للمتربي في هذا المستوى أن يميز المسلمات أو الافتراضات أو يكتشف خصائص قيمة معينة.
ب- تنظيم نسق قيمي: وفي هذا المستوى يمكن للمتربي أن يتوافق بدرجة كبيرة مع الضوابط والانفعالات ولا بد أن يتم هذا التوافق بطرق مقبولة.
ومن الأمثلة للأفعال التي يمكن استخدامها في مستوى [التنظيم القيمي: “ينظم. يصوغ . يفاضل . يصحح . يجمع بين . يرتب أهمية ظاهرة معينة . يتمسك بـ . يغير . يعمم . يدعم . يتحمل . يلتزم . يتقبل . يوازن]
التمييز:
يعتبر هذا المستوى أرقى مستويات المجال الانفعالي ويتضمن قدرة المتربي على إيجاد نظام معين يضبط سلوكياته على المستوى الشخصي والاجتماعي والعاطفي، وتتكامل في هذا المستوى الاتجاهات والقيم والميول.
ويمكن تقسيم هذا المستوى إلى الفئات الفرعية التالية:
أ. تهيؤ عام: ويتضح ذلك مثلا في قيمة “احترام الكرامة الإنسانية.”
ب. تجسيد القيم: ويكون ذلك عندما يضع المتربي لنفسه فلسفة كاملة للحياة.
أمثلة لبعض الأفعال التي يمكن استخدامها في مستوى “التمييز : [يميز . يؤدي . يستخدم . يؤمن . يستحي . يقترح . يساهم . يظهر. يعدل . يغير. يحل . يضبط . يتحقق . يسأل . يؤثر. ينقح . يقاوم . يدير. يتجنب . يثابر].
المصادر
1- داود درويش حلس: الأهداف الوجدانية الأقل حظا وعناية في حجرات الدراسة.
2- عبد الله صحراوي: الأهداف الوجدانية، الغائب الأكبر في التدريس.
3- علم الدين الخطيب: الأهداف التربوية تصنيفها وتحديد السلوك.
4- .
5- مهدي محمد سالم: الأهداف السلوكية تحديدها مصادرها صياغتها تطبيقاتها.