إن صياغة الأهداف الوجدانية في صيغة نواتج سلوكية تمثل اللبنة الأولى في مجال تقييمها، فقياس الأهداف السلوكية في المجال الوجداني لا يتم عن طريق الاختبارات التقليدية بل يتم الاعتماد في تقويم الأهداف الوجدانية على الملاحظة والمقابلة والسجل التراكمي للمتربي.
كما أن قياس الأهداف السلوكية في المجال الوجداني هو تقويم تكويني فقط، ولا يمكن في أي حال من الأحوال أن تعتبر هذه الأهداف وسيلة لإصدار أحكام حول نجاح أو فشل الطالب. وينبغي أن تكون هذه الأحكام في شكل ملاحظات من نوع: نشيط قليل النشاط، متعاون/ قليل التعاون، مثابر/ يفشل بسرعة، يهتم/ قليل الاهتمام..هذا مع الحرص على استبعاد كل الملاحظات التي لا تقدر السلوك الوجداني.
مشكلات قياس الأهداف السلوكية في المجال الوجداني
إن عملية كتابة وصياغة وقياس الأهداف السلوكية في المجال الوجداني ليست عملية سهلة، لأن السلوك المتوقع غالبا ما يكون في صورة غير ظاهرة فليس من السهل على المربي أن يعرف ما الذي يشعر به المتربي من خلال ملاحظات سلوكياته، فقد تجد أفرادا يستطيعون التعبير عما يشعرون به، وتجد آخرين لا يعرفون حقيقة مشاعرهم واتجاهاتهم، وكذلك فإن تكوين الاتجاهات والقيم غالبا ما يحتاج إلى فترات زمنية طويلة لكي يتبلور بشكل واضح، قد يستغرق شهورا وسنوات، ولكن يمكن أخذ بعض المؤشرات على تحقق هذا الهدف عن طريق ملاحظة المربي لشخصية المتربي ولتصرفاته في بعض الأنشطة وفي المواقف المختلفة.
ويحظى قياس الأهداف السلوكية في المجال الوجداني باهتمام قليل إذا ما قورن بالمجال المعرفي وذلك لعدة أسباب، أهمها:
1- صعوبة تحديد السمة المقاسة.
2- صعوبة إعداد مقاييس لقياس السمات في هذا المجال.
3- صعوبة التعرف على السلوك الدال على وجود السمة المقاسة.
4- صعوبة تحليل وتفسير النتائج، أو الوثوق بها كما الحال في المجال المعرفي.
5- صعوبة صياغة الأهداف في المجال الانفعالي، نظرا لتعقد السلوك وغموضه.
6- عدم وجود دراسات تشير إلى صدق تصنيف مستويات الأهداف في هذا المجال كما الحال في المجال المعرفي.
7- تمتع السمات الانفعالية بدرجة ثبات منخفضة نسبيا، مما يؤدي إلى شعور المدرس بأن قياسها مضيعة للوقت.
وبالرغم من هذه الصعوبات، إلا أنه لا يمكن إغفال هذا الجانب لأنه لا يمكن فصل نواتج التعلم عن بعضها، وربما نجد ذلك واضحا في الاختبارات. فالسؤال التالي مثلا (من مؤلف كتاب كذا) يبدو أنه يقيس ناتج تعلم في المجال المعرفي، إلا أنه يحمل في طياته جانبا انفعاليا، فربما يفسر على أن حفظ الطالب لاسم مؤلف هذا الكتاب يشير إلى تقدير الطالب له حتى لو كان مؤشرا ضعيفا.
خطوات صياغة الأهداف الوجدانية بدقة
إن عزل الجوانب الوجدانية عن الجوانب المعرفية لا يمكن بحال ذلك أنهما متكاملان تکاملا تاما فالمدخل الأساسي إلى المجال الوجداني هو عقل الإنسان الذي يمثل الجانب المعرفي. بحيث يمكننا القول أن الطريق إلى وجدان المتعلم هو عقله، إلا أن تركيز المعلمين على المجال المعرفي والحركي دون غيرهما أدى إلى خلق فجوة بين المجالات الثلاث، ويمكن إيجاز خطوات صياغة الأهداف الوجدانية كما يلي:
أ. صياغة الهدف الوجداني بشكل عام في البداية أو بشكل غير سلوكي (مثل: يقدر الطالب العمل الجاد).
ب. وصف السلوك الذي يحتمل أن يسلكه التلميذ الذي تحقق لديه ذلك الهدف، مثل: يحيي العمال ويثني عليهم في جميع مواقف الحياة).
ج. وصف السلوك الذي يحتمل أن يسلكه الطالب الذي لم يتحقق لديه ذلك الهدف، (مثل: يرفض التحدث عن العمل وأهميته وشروطه).
د. وصف السلوك الذي يستجيب له كلا الطالبين ذوي الاتجاهين الإيجابي والسلبي، مثل: انتقاء المواقف التي تتوقع أن يستجيب لها كل طالب استجابة مختلفة وتعبر عن نواتج وجدانية مطلوبة. مثل: يقدم هدية في الأعياد العمال النظافة؛ تقديرا لجهودهم.
المعوقات التي تحول دون استخدام الأهداف الوجدانية
غياب الأهداف الوجدانية يعود إلى أسباب عدة منها: الصعوبات التي يواجهها المعلمون عند صياغة هذا النوع من الأهداف وذلك لصعوبة تقييمها أي (الفترة الطويلة التي يستغرقها التقييم) لمعرفة مدى تحقق هذا النوع من الأهداف ومدى اكتساب المتعلم له، وقد تعددت الآراء حول المعوقات التي تواجه المربين وتحول دون استخدامهم للأهداف الوجدانية، ونذكر منها:
– أن السلوك الوجداني قد يتعرض للتحولات مفاجئة أكثر من التحولات التي تصيب أنواع السلوك المعرفي.
– ما يتعلق بفورية النتائج: وذلك بسبب النمو البطيء في تحقيق المجال الوجداني، حيث لا يتم ذلك إلا بعد فترات طويلة من الزمن.
– النظر إلى اتجاهات الشخص ومعتقداته وقيمه على أنها مسائل شخصية، بينما ينظر التحصيل على أنه شيء عام.
– قلة المقاييس التي تقيس أوجه التقدير في الأهداف الوجدانية.
– قد تحتاج الأهداف الوجدانية إلى فترة زمنية طويلة نسبيا لتحقيقها.
– صياغة الأهداف الوجدانية بصورة عامة يصعب تفسيرها بأسلوب يصلح للقياس.
– التدرج في بناء مستويات الأهداف الوجدانية. حيث إنها متدرجة من عمليات بسيطة إلى عمليات معقدة فأبسطها وأولها هو الاستقبال، وأكثرها تعقيدا التمييز. وما بينهما يتوسط في التعقد. وإن المرء لا يعيش هذه العمليات الوجدانية بنفس النمط أو الترتيب السابق. وإنما يعيشها بطريقة دينامية لا بشكل آلي مرتب، كلما فرغ من واحدة بدأ في التي تليها وهكذا فقد يبدأ المتعلم بتقويم الموقف الوجداني أولا ثم يستجيب له، وقد يبني بعض القيم ويستجيب لها دون أن يمر بالتقويم وهكذا، وذلك لأن الإنسان ينشط بطريقة دينامية آلية.
وسائل تحقيق الأهداف الوجدانية:
– قراءة الأهداف العامة للمحتوى بتمعن ثم تدوينها واستخراج الأهداف الوجدانية منها وتصنيف الدروس بناء عليها
– جمع النصوص في المحتوى ومحاولة فهمها ومعرفة تفسيرها مع ربطها بالواقع لدعم الهدف الوجداني المراد تحقيقه.
– ضرورة الاهتمام بالأهداف الوجدانية كيفا لا كما، أي عدم الإكثار منها أو المبالغة في صياغتها عند تحضير كل درس بل يكتفي بهدفين أو ثلاثة، كي يتمكن المعلم من إعدادها ذهنيا ومن ثم دعمها.
– الاستعانة بالوسائل المختلفة وعمل بنوك معلومات وتجميع المادة العلمية من جميع المصادر لتستخدم في دعم الأهداف الوجدانية
– توجيه المتربي إلى الأنشطة التي يتم فيها التركيز على الجوانب الوجدانية.
– التنويع في طرق العرض واستخدام التشويق والإثارة واعتماد الأساليب التي تدعم الأهداف الوجدانية
وهكذا يتأكد أن للأهداف السلوكية دورا كبيرا في العملية التربوية من خلال مجالاتها الثلاث: المعرفية، والمهارية والوجدانية.. التي تعمل على بناء المتربي بناء متوازنا إذا ما تمت صياغتها بشكل صحيح يسمح بمعرفة مدى اكتساب المتربي لها. وكذلك فإن الأهداف الوجدانية العاطفية يمكن تقويمها فقط من خلال ما يصدر عن المرء من أفعال وأقوال في المواقف المختلفة، ولا يمكن تقويمها إلا بصورة غير مباشرة.
المصادر:
1- داود درويش حلس: الأهداف الوجدانية الأقل حظا وعناية في حجرات الدراسة.
2- عبد الله صحراوي: الأهداف الوجدانية، الغائب الأكبر في التدريس.
3- علم الدين الخطيب: الأهداف التربوية تصنيفها وتحديد السلوك.
4- .
5- مهدي محمد سالم: الأهداف السلوكية تحديدها مصادرها صياغتها تطبيقاتها.