من المهارات الهامة التي يجب على المربي أن يجيدها مهارة تحديد النمط الغالب على شخصية المتربي وإجادة التعامل معه، وسوف نتناول بعض أنماط الشخصية مبتعدين ـ جهد الإمكان ـ عن التعقيد العلمي الاصطلاحي، والتقسيمات الفنية، ومحاولين التركيز على الأمور التي تنفع المربي بشكل مباشر.
الشخصية المجادلة
(الجدل هو مناقشة أو حوار أو محادثة مع حدة في الكلام وخصومة شديدة)، والمجادل يجادل عن سبب أو أكثر مما يلي:-
- جهل وعدم علم، وهذا نصبر عليه ونعلمه برفق.
- تأثر بالغزو الفكري، وهذا يتمسك بالآراء الأخرى غير الصحيحة ويتطلب صبرا وجهدا أكبر في إقناعه بالصواب مع التركيز على الأخطاء في الآراء التي يقتنع بصحتها أولا ثم نقنعه بالرأي الصحيح ثانيا.
- إحساس المجادل بالنقص ويريد إثبات ذاته، وفي هذه الحالة نتعرف أولا عن سبب إحساسه بالنقص الذي قد يكون ناتجا عن واحد أو أكثر مما يلي:-
- شهادته العلمية أقل من الباقين، وهذا يتطلب إعطاءه الثقة بنفسه كإنسان مسلم محترم أولا، وأن المعيار عند الله هو التقوى وليس الشهادة، ثم نسير خطوة خطوة لإقناعه بالرأي الصحيح مع السماح له بالتعبير عن ذاته وآرائه بحرية تامة وصدر رحب ثم نناقشه بمنطق بسيط وبدون تشنج أو استفزاز (مهما كانت آراؤه سطحية أو واضح خطؤها) وألا يضحك المستمعون أو يسفهوا آراءه.
- إعاقة جسمية من أي نوع، وهذا أيضا، يتطلب الرفق والسماح له بالتعبير عن رأيه(كما سبق) والتركيز بصورة غير مباشرة على أن الإنسان بعقله ودينه وليس ببدنه وعضلاته، ويا حبذا لو استشهدنا بقول الشاعر:
أقبل على النفس واستكمل فضائلها فأنت بالعقل لا بالجسم إنسان
ج- إحساس بالنقص في المستوى الاجتماعي أو الاقتصادي، وهذا يتطلب الرفق والسماح له بالتعبير عن رأيه (كما سبق) وتوضيح معيار الأفضلية عند الله.
د- إحساس بالنقص لصغر سنه عن الباقين ويريد إثبات وجوده وإثبات ذاته، وهذا يتطلب الرفق وعدم الاستهزاء أو التحقير من رأيه أو شأنه أو أنه مازال صغيرا، بل نتعامل معه برفق ونشعره بأنه من خلال النمو وخبرات الحياة سوف يغير رأيه ويعرف الصواب إن شاء الله مع مراعاة أن يمتدح تدينه وحسن خلقه …إلخ، أثناء إقناعه بالرأي الصواب.
الشخصية الانفعالية
صاحب الشخصية الانفعالية غالبا شخص حساس سريع الاستثارة والانفعال لمشاكل يعانيها في بيته أو عمله أو مشاكل صحية كارتفاع ضغط الدم أو زيادة نسبة السكر في الدم أو البول وغيرها، أو نقص يشعر به. (يعالج كما سبق في حالة المجادل)، أو يسقط الكلام على نفسه، ولذلك يثأر لنفسه بسرعة، وهذا يجب تأهيله مسبقا، للموضوع (أيًا كان) بمقدمات تسترضيه وتهدئه وتشعره بأنه ليس هو المقصود وأننا نريد الوصول للحقيقة والحق ولا نقصد أشخاصا بعينهم، مع المناقشة بهدوء وموضوعية وبدون انفعال (وإن كنا نتوقع انفعاله مسبقا، فنتقبله بصدر رحب وهدوء) مع التوجيه بالعلاج الطبي للمرض الذي يعانيه إذا كان يعاني مشاكل صحية ومساعدته في حل مشاكله الأسرية وغيرها.
الشخص المهرج
هو شخص يضع الهزل موضع الجد، إما لحداثة سنه أو رغبة في إثبات ذاته ولفت الأنظار إليه، وإما لخلل في تربيته أصلا سواء في البيت أو غيره، ولا يضع الأمور في نصابها ولا يحسن تقديرها وهذا يتطلب أولا، وضعه في مجموعة دراسية تناسب عمره ومستواه الثقافي وفي نفس الوقت نساعده على إثبات ذاته بتكليفه بمهام يحسن القيام بها وإن كان لديه مهارة في الترويح والسمر فيتم اشتراكه في فريق السمر كي يعبر عن ذاته في موضعه ووقته، وفي الظروف العادية يمكن للمعلم أن يسمح له -برغبة المعلم وموافقته- أن يقول طرفة أو دعابة في فترة راحة بين الدروس أو أثناء تناول التحية …إلخ، وبذلك لا نحجر على رغبته في التهريج ولكن نحسن توجيهها وجعلها في مناسبتها طالما أن مزاحه مقبول شرعا، وتدريبه على وضع الأمور في نصابها وتعليمه أن لكل مقام مقال، مع عدم توبيخه على الملأ ويكفي لإحراجه دون جرح مشاعره ألا يضحك الموجودون (الدارسون أو المعلم) إذا قال طرفة أو علق تعليقا غير ملائم مما يشعره بأن ما فعله غير مقبول الآن، فغالبا ما يقلع عن تعليقاته أو تهريجه غير المقبول وفي وقت السمر أو الراحة أو الترويح يطلب منه المعلم أن يعد أو يقول ما يجدد به نشاط الدارسين أو يروح عنهم.
الشخص الثرثار
وهو الشخص الذي يكثر الكلام عن الحد المقبول لسبب أو لآخر مما يلي:-
- قد يكون لتوضيح فكرته أو رأيه وهنا يجب إخباره بأن رأيه عرف وفكرته وصلت.
- وقد يكون للفت الأنظار إليه وإثبات ذاته لسبب أو لآخر فيجب إشعاره بذاته والاهتمام بمكانته.
- وقد يكون للحصول على المديح والاستحسان، فيجب مدحه عندما يجيد ونعلن أن توصيل الفكرة بأقل قدر من الكلام أفضل حرصا، على توفير الوقت والجهد.
- وقد يكون لإشعار المدرس والدارسين أنه أجاد التحضير ويريد استعراض معلوماته للحصول على الاستحسان والمديح لجديته والتزامه، وهنا يجب إشباعه نفسيا بسماع المديح لالتزامه مع التوضيح بأنه يكون أجود إذا التزم بالوقت المحدد حرصا على وقت الجميع وعدم تداخل وقت الدروس في بعضها وتضييع الوقت في كلام معاد أو فكرة تم عرضها ووصلت للمستمعين وطالما أن الرسالة وصلت فلا داعي للتكرار لأنه يأتي بنتيجة عكسية.
وهذا الثرثار يجب تدريبه على اختصار الكلام، وحسن عرض الأفكار الرئيسة وتعليمه أن المهارة في الحديث ليست الثرثرة وكثرة الكلام ولكن في الإيجاز مع عدم الإخلال والالتزام بالضوابط، وخير الكلام ما دل وقل.
الشخص الصامت
هو من يحجم عن الكلام لسبب أو لآخر مما يلي:-
- الرهبة أو الخوف من الموجودين، وبالتالي يجب إشعاره بالأمان والحب وأنه إن أخطأ في الحديث فنتسامح معه ولن يعاقب ولن يستهزئ به أحد.
- احترام الموجودين خاصة لو كانوا أكبر منه سنا، أو أكثر علما …إلخ (مثلما قال عبد الله بن عمر رضي الله عنهما حين سأل الرسول -صلى الله عليه وسلم- عن النخلة ولم يعرف كل الصحابة الكبار وامتنع عبد الله بن عمر عن الإجابة حياء من كبار الصحابة رغم أنه يعرف الإجابة الصحيحة).
- وهذا ليس ضعفا، في الثقة بالنفس بل زيادة حياء واحترام للموجودين ويجب على المعلم أن يوضح أن الإجابة في هذه الحالة ليست قلة حياء أو عدم احترام للكبار وأنه يجب عليه أن يعبر عن ذاته وما يجول بخاطره بحرية وأدب إسلامي مع تقبل التوضيح أو الاعتراض عند اختلاف الرأي بحب ومودة ودون أي حساسية فهدفنا جميعا، الصالح العام وإعلاء كلمة الله وليس لنا مآرب شخصية ومن حق الجميع أن يتعلم أن يعبر عن رأيه (مهما كان غريبا، أو مخالفا) فهذه نقطة مهمة كي نعرف كيف يفكر الدارس ولماذا يصمت ونتقبل الآراء الغريبة أو المخالفة بصدر رحب وسعة أفق ودون انفعال كما فعل الرسول – صلى الله عليه وسلم- حين طلب منه البعض أن يسمح له بالزنا شرطا لإسلامه، وكما طلب آخر أن يسمح له الرسول – صلى الله عليه وسلم- ببعض المنكرات والمعاصي كي يسلم وأنه لا يستطيع الإقلاع عنها جميعا، – فعاهده الرسول – صلى الله عليه وسلم- ألا يكذب فقط – وكان هذا سببا في إقلاع ذلك المسلم عن جميع الذنوب والمعاصي بعد ذلك، فلنا في رسول الله – صلى الله عليه وسلم- أسوة حسنة.
أسباب الصمت وكيفية التعامل معه:
- نقص المعلومات المتوفرة لدى الدارس فلا يريد أن يتكلم كي لا يكشف نفسه (جهلا أو تقصيرا)، أو انخفاض المستوى الثقافي أو التعليمي له. وفى هذه الحالة نعرف سبب الصمت ونعاونه على تجاوزه وعلاج السبب كما سبق أن وضحنا.
- وجود عيوب في نطق الكلام، وتقابل من المعلم وباقي الدارسين بالتقبل وعدم السخرية أو النقد أو الضحك بل جعلها ميزة له: (الماهِرُ بالقرآنِ مع السفرَةِ الكرامِ البرَرَةِ، والذي يقرؤُهُ ويتَعْتَعُ فيهِ وهو عليه شاقٌّ لَهُ أجرانِ)، وضرب الأمثلة بالسابقين الذين كان لهم لكنات معينة في النطق ولم يعب أحد عليهم ذلك ودخلوا التاريخ من أوسع أبوابه، وتوضيح معيار الأفضلية عند الله وتجاوز هذا العيب وتقبله والتعود على سماعه وتفهمه، وعدم مقاطعة هذا الدارس أثناء الحديث لتوضيح كلامه، ويقوم أحد الدارسين أو المعلم بتلخيص الموضوع لإفهام من لم يفهم أو يتعود سماع العيب في نطق المتكلم.
- ضعف أو فقد الثقة بالنفس، وهذه يبحث عن سببها وتعالج كما سبق أن أوضحنا في النقاط السابقة مع غمره بالحب في الله والمحبة والتقبل وتقليل حساسيته للنقد (كأن يتم نقد المعلم نفسه أو أي دارس آخر) ويتقبل هذا النقد دون انفعال أو حساسية وبصدر رحب والتدريب على النقد البناء للصالح العام ولتحقيق الهدف الأسمى المنشود وليس لثأر شخصي أو تصفية حسابات فنحن جميعا، والحمد لله ننأى بأنفسنا عن ذلك ولا نبتغي إلا وجه الله سبحانه وتعالى ومرضاته، والتدريب على التعبير عن الرأي واختلاف الرأي – طالما أنه لله – لا يفسد للود قضية؛ فهدفنا واحد وغايتنا واحدة بإذن الله، ويمارس ذلك كله عمليا، وليس مجرد كلام وهذا يعطي الدارس ثقة بنفسه فيتكلم وهو آمن لا يخشى حساسيات أو انتقادات أو اختلافات.
الشخص المتردد
هو الشخص الذي يغير رأيه بسرعة ولا يتخذ القرار مباشرة ويتردد في الموافقة أو عدم الموافقة مع وضوح الحيثيات (لاتخاذ القرار) ظاهريا.
وهناك فرق بين المتردد والمتأني فالأخير (المتأني) يتروى في اتخاذ القرار حتى تتضح له الرؤية كاملة وتتجمع لديه البيانات الكافية لاتخاذ قراره عن دراسة وحكمة، وطالما اقتنع به فإنه يتخذه ولا يـتراجع عنه: {… فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ}[آل عمران: 159]، أما المتردد فإنه يتردد لسبب أو لآخر مما يلي:
- عدم وضوح الرؤية أو الدراية بالموضوع أو توفر البيانات الكافية عنه أو نقص الخبرة حول الموضوع، وهنا يجب علاج السبب بالتوضيح وتوفير البيانات الكافية وعرض الإيجابيات والسلبيات بوضوح حتى تتضح الرؤية ونساعده على اتخاذ القرار المناسب وخير مثال في ذلك: (حين طلب أسعد بن زرارة رضي الله عنه من أهل المدينة التروي في بيعة العقبة للرسول – صلى الله عليه وسلم-، وبين لهم تبعات هذه البيعة)؛ وذلك كي تتضح الرؤية لديهم ويعرفون مدى جدية وخطورة ما يبايعون عليه، فلا يترددون إذا واجهتهم مشاكل بعد ذلك لأنهم عرفوها وتأهبوا لتحملها فلا مجال للتراجع بعد ذلك.
- التقصير فيما طلب منه أو كلف به، وهذا يجعله يتردد في الحديث عما طلب منه أو كلف به كي لا يكشف تقصيره أو يحرج نفسه وفى هذه الحالة يجب تطبيق القاعدة الشرعية من قوله تعالى: {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا …}[البقرة:286] والحكمة: (إذا أردت أن تطاع فأمر بما يستطاع)، وإن كان التقصير عن تراخ أو كسل فيجب المتابعة والمعاونة والتذكير وعلاج سلبية التراخي والكسل أولا وبالتالي يعالج التردد الناتج عن هذا السبب.
- عدم أو ضعف الثقة بالنفس، وبالتالي يتردد لتجنب الإحراج أو الاستهزاء والسخرية… إلخ، وهنا يجب علاج ضعف الثقة بالنفس كما سبق توضيحه وإعطاء الفرد ثقته بنفسه وعدم استنكار ما يقول وتدريبه على مواجهة الجماهير بأن يطلب منه الكلام أمام مجموعة يعرفها تماما، تحترم مشاعره ولا تؤذيه بقول أو فعل إذا أخطأ وأن يعد الموضوع إعدادا، جيدا، وعمل تجربة بالحديث في نطاق ضيق ثم يوسع هذا النطاق شيئا، فشيئا، مع إعداده نفسيا، لتقبل أي خطأ يحدث منه (كل ابن آدم خطاء) طالما أنه غير مقصود منه وأن كثيرا من العلماء والخطباء يخطئون أثناء الحديث فلم يحدث شيء.
وإن كان المطلوب اتخاذ قرار آخر حول موضوع معين فيجب أن توفر له المعلومات كاملة وأن ندله على الاستخارة والاستشارة ونترك له فرصة للدراسة والتفكير فيما إذا كان يناسبه كذا أو كذا أو الموافقة أو عدم الموافقة مع توضيح كل ما يتعلق بالموضوع من سلبيات وإيجابيات، وبالتالي نساعده على اتخاذ القرار السليم الملائم فلا يتراجع عنه.
- صغر السن: مما يجعله لا يدرى أهمية أو خطورة القرار الذي يتخذه، وهنا يجب مراعاة عمر الدارس وألا يكلف إلا بما يطيق، وتعليمه أسلوب التفكير العلمي وكيف يفكر بطريقة علمية موضوعية مع اعتبار الناحية الشرعية في المقام الأول وأن الحلال والحرام هو الأساس في اتخاذ أي قرار سواء بالموافقة (على الحلال) أو عدم الموافقة (على الحرام) أو ما يخالف الشرع أيا كانت الظروف أو الضغوط أو الملابسات من تزيين المنكر وتقبيح المعروف والحلال، مع توضيح العاقبة في كل حال من جنة أو نار والعياذ بالله، مع مساندته ودعمه ومساعدته دائما، على أن يختار الحلال والطريق الموصل إلى الجنة، وأن يبعد عما يوصله إلى النار.
- القوى المضادة التي تعمل على بلبلة الفكر وتشويه الحقائق وقلب الباطل حقا، والحق باطلا، وفى هذه الحالة يجب بهدوء وسعة صدر وسعة أفق وبدون انفعال، التعرف على هذه القوى المضادة التي تشتت فكر الدارس وتتنازعه معك وتعمل على بلبلة أفكاره بل وتشويه صورتك أنت كمعلم محترم ومرب فاضل، فتقبل الأمر بهدوء وناقشه فيه بالمنطق والحكمة والموعظة الحسنة والتعامل بميزان الشرع لوزن الأمور وساعده على أن يتقبل حكم الله في هذه الأمور من خلال النصوص القرآنية والأحاديث الشريفة وساعده على الوصول إلى الصواب واتخاذ القرار الصحيح وبالتالي لا يتردد فيه بل ويدافع عنه.
التطبيقات العملية للتعامل بالأنماط الشخصية
بعدما تناولنا بعض الأنماط الشخصية للطلاب وكيف يتعامل معها المربي، نقف على بعض التعليقات الهامة التي ترتبط بموضوع الأنماط الشخصية وكيفية الاستفادة منها في التعامل مع المتربي والارتقاء به:
1ـ يجب التوضيح أن هذه الخصائص ليست منطبقة على الشخص بشكل حاد فقد يحمل الشخص جزءا من هذه الشخصية، وشيئا من تلك، وقد تتداخل هذه الخصائص فيما بينها. كما أن سلوك الشخص وقابلياته لا تنطبق فقط على نمط الشخصية وإنما على خصائصه الأخرى كالتقوى والعلم والذكاء، مع المواهب البشرية الأخرى.
2- ليس بالضرورة أن تكون شخصية الابن مطابقة لشخصية أبيه ( فروق فردية ) فكم رأينا آباء صالحين ورأينا أبناءهم أو بعض أبنائهم غير ذلك والعكس الآباء غير صالحين بينما أبناؤهم أو بعض أبنائهم صالحين بفضل الله، فيجب على المدرس المربى مراعاة ذلك.
3ـ معرفة كل الظروف والعوامل المحيطة بالطالب ومعايشته عمليا ومشاركته وجدانيا (عاطفيا)؛ الفرح لفرحه والحزن لحزنه والعمل على حل مشكلاته وتقديم العون قدر المستطاع وفق ظروف كل منهما.
4ـ معرفة نمط شخصية الطالب والتعامل معه على أساسها:
أ ـ فالتعامل مع الشخص الانطوائي يختلف عن الشخص الاجتماعي.
ب ـ والتعامل مع الشخص البدين الأكول غير الشخص النحيف قليل الاحتياج للطعام.
ت ـ وكذلك التعامل مع الشخص سريع الاستثارة حاد الطباع، غير التعامل مع الشخص الهادئ.
ث – والتعامل مع الشخص العبوس المتجهم غير التعامل مع الشخص صاحب الطرفة والدعابة.
ج – والتعامل مع الشخص المندفع المتسرع غير التعامل مع الشخص المتأني المدقق.
ح – وكذلك التعامل مع الشخص المتكبر الذي يعطي نفسه أكبر من حقها، غير التعامل مع الشخص الذي يعطي نفسه أقل من حقها ويبخس نفسه حقها.
خ ـ والتعامل مع الشخص الواثق من نفسه غير التعامل مع الشخص المتردد.
هـ ـ والتعامل مع الشخص القيادي الذي يحب السيطرة غير التعامل مع الشخص الذي يحب أن يقاد.
وـ والتعامل مع الشخص الاستقلالي الذي يعتمد على الله ثم على نفسه، غير التعامل مع الشخص الذي يعتمد على الآخرين ولا يستطيع المبادأة أو الابتكار.
ز ـ والتعامل مع الشخص الواقعي غير التعامل مع الشخص الخيالي.
فتؤخذ كل من هذه الشخصيات برفق ويجتهد في تلبية حاجات كل منهم في بادئ الأمر، حتى تتوثق الصلات والعلاقات وعندها نبدأ في علاج سلبيات كل منهم على حدة وبما يناسبه، فيلزم معرفة كل منهم والتعامل معهم بما يناسبهم وعلاج سلبياتهم بالطرق المناسبة.
5ـ معرفة المشكلات الخاصة للدارسين ومتابعتها من المدرس لها أثر طيب على نفس الطالب، فمتابعة السؤال عن ابنه أو قريبه المريض أو أحواله في العمل أو المنزل … إلخ تشعره بأن المربي مهتم به وحريص عليه، فيزداد محبة له وللمدرسة.
6ـ معاونة الطالب على تلبية بعض حاجاته الخاصة أو العامة ( مثل: البحث عن عمل أو تغييره أو سكن أو زوجة أو حتى مجرد شراء سلعة معينة من محل ثقة … إلخ ) تترك أثرا طيبا في نفس الطالب، فضلا عن الثواب من عند الله سبحانه وتعالى.
7ـ عندما يخطئ الطالب فلا يكون عقابه أو لومه على الملأ، ولا يصح التهكم عليه أو التشهير به، أو تجاوز الحد في اللوم والعتاب، وكذلك عند الشكوى منه أو اتهامه بالتقصير في أي عمل، فلا يجب التسرع في إصدار الحكم عليه، ولكن الروية والتأني والتثبت والتحقيق قبل إصدار الحكم.
8ـ التعرف على الطلاب جيدا يمكن من معرفة مفاتيح قلوبهم وشخصياتهم والتعامل معهم بما يناسب كل منهم ويعالج نواحي القصور، مثل زيارة القبور لتذكر الموت وترقيق القلوب واحتقار الدنيا، وكذلك زيارة المستشفيات لتذكر نعمة الصحة وعدم نسيانها وعدم نسيان المنعم سبحانه وتعالى، وكذلك يمكن توظيف طاقات الأفراد كل فيما يناسبه: (فكلٌ ميسر لما خلق له) ويحقق ذاته فيه ويجيد العطاء.
9. التعرف بدقة على ظروف وحاجات الطلاب والتجاوب معهم ومساعدتهم على تلبيتها وإشباعها بالطرق المناسبة والموضوعية دون إفراط أو تفريط، وبمرونة وتوازن، لنساعد على الاستقرار النفسي للدارسين وبالتالي يزيد حبهم للمدرس وللمدرسة.
10ـ تدعيم وتعزيز المدح والثناء على الطلاب (خاصة عند بداية التعامل معهم) تترك أثرا طيبا في نفوس الطلاب، ويحذر المدرس من المبالغة في المدح أو الثناء، كي لا يفقد قيمته، ولا يمدح إلا حقا وصدقا وليس مجاملة، فمثلا يمدح هذا الشخص في حسن تلاوة القرآن الكريم، وهو كذلك حقا، ويمدح ذلك الشخص في حسن تحضيره لدرس الفقه، ويمدح غيره في حسن نطقه للغة العربية … وهكذا يمدح كل فرد بما يتضح لديه من مهارة أو تفوق في سمة معينة بما يطيب نفس الطالب ويجعله يحب الدرس والمدرس والمدرسة.
11ـ عند التعلم يراعى مستوى الطلاب وظروفهم، ولنا في سبطي رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ الحسن والحسين رضي الله عنهما مثلا وقدوة في تعليم الرجل الوضوء الصحيح، حيث كان الحسن والحسين – رضي الله عنهما – في مكان الوضوء في المسجد، وشاهدا رجلا كبيرا في السن لا يحسن الوضوء، ففكر الحسن والحسين في طريقة مهذبة يعلمان بها هذا الرجل كيفية الوضوء الصحيح، فقالا للرجل: احكم بيننا من منا وضوءه صحيح؟
فقام الحسن فتوضأ فأحسن الوضوء، ثم قام الحسين فتوضأ فأحسن الوضوء. فقال الرجل: بل أنا الذي لا أحسن الوضوء.
طفلان في عمر الزهور يعلمان رجلا كبيرا في السن كيفية الوضوء الصحيح بأسلوب مهذب ورائع فيه من الذكاء وحسن التصرف الكثير، بحيث لا يجرحان مشاعر الرجل المسن لأنهما لو قالا له: وضوءك غير صحيح ربما لا يقبل الرجل منهما النصيحة لأنهما صغيران في السن، لكنهما عرفا كيفية توصيل المعلومة الصحيحة إلى الرجل المسن من دون إحراج.
12ـ التواضع ولين الجانب وإشعار الطالب بأنه محور اهتمام المدرس وشغله الشاغل تزيد من ثقة الطالب بنفسه وتطمئنه بأنه بين يد حانية حريصة عليه تريد له كل الخير في الدنيا الآخرة.
وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.