تُوفي زوجي تاركًا لي ثلاثة من الأبناء، أصغرهم في الحادية عشرة من عُمره، وأشعر أنني في ورطة حقيقية، حيث كان الأب يتحمل مسؤولية تربية الأولاد وقضاء حوائجهم، وكان قريبًا من الابن الأكبر الذي يمر بمرحلة المراهقة.. وأسأل الآن كيف أكون صديقة وناصحة وموجهة ومعيلة ومربية لأبنائي بعد وفاة والدهم، مع زيادة الضغوط والمسؤوليات عليّ؟
الإجابة:
أعانك الله وقوى ظهرك، كتبها عليك سبحانه وفيها خير خفي، ثقي أن في كل قضاء خير مخبأ، فطيبي نفسًا وأقبلي على أداء رسالتك معهم وتأدية أمانتهم.
أولًا، لا تنامي يومًا قبل أن تسبحي وتحمدي ثلاثًا وثلاثين وتكبري أربعًا وثلاثين، وهذه علّمها رسول الله لفاطمة لمّا علم بحاجتها لخادم يعينها على حملها، قال لها: “أفلا أعلمك ما هو خير لك من الخادم؟”، ثمّ أخبرها أن تفعل هذا قبل النوم.
استعيني بالله دائمًا وقبل كل شيء، اجعليه أول من تشكين له همّك وأول من تلجأين له وتطلبين منه، فهو القوي المعين. وهو – أيضًا- خير حافظ لأولادك، وكلّنا كآباء لا نملك إلا السعي وهو سبحانه مَن يملك الهداية والقلوب. فلا تُحمّلي نفسك فوق طاقتها وتذكري أنّ عليك السعي وفقط، وليس عليكِ بلوغ النتائج.
اجمعي بين الحزم والحنان مع أولادك، بعض تجارب فقْد الآباء تنعكس على الأبناء سلبًا، بسبب تدليلهم الزائد نتيجة رغبة الأم والمحيطين في تعويضهم عن هذا الفقْد، أو ينتج عنها قسوة دائمة لمَن لا يتقي الله ويظن أنهم بلا سند، أو لمَن يتعامل معهم وهو مرهق ومضفوط دائمًا. والجمع بين الحزم والحنان في آن واحد يحتاج إلى تعليم وتدريب.
وعلى ذكر أثر الضغوط على طريقة التعامل مع الأبناء، عليكِ أن ترعي حق نفسك دائمًا وتبحثي عن مصدر للأخذ ولا تكتفي بالعطاء، أنتِ في حاجة للشعور بالاهتمام والحب كي تستطيعين تقديمه، اهتمي بهواياتك وعلاقاتك وصحتك النفسية والجسدية.
اجعلي رفيقك في هذه الرحلة العلم والتعلم وأخذ زاد تربوي، فالزاد التربوي يقي من التصرف وفقًا للأهواء ويكبح الانفعالات ويعلم الصبر والرفق.
أبناؤك الذكور يحتاجون – بلا شك- إلى مُربٍّ وصاحب ومعلم يصاحبهم ويخرج بهم للمجتمع ويزيد خبراتهم الحياتية، تستطيعين الاعتماد على بعض الأقارب في ذلك وإلحاقهم بأنشطة كشفية والاتفاق مع أحد المشايخ الشباب لتعهدهم، أمّا الإناث فغياب الأب قد يترك فراغًا داخلهن، يجب أن يكون في حياتهن ذكورًا من المحارم يهتمون بأمرهن، من المهم تعهد إخوتهم الذكور والأخوال والأجداد وتوصيتهم بحسن مصاحبتهن.
عليكِ بالدعاء دائمًا أن يحفظهم الله وأن يعينكِ على تربيتهم ويخلفهم خيرًا في أبيهم.