من أعظم القربات إلى الله- سبحانه وتعالى-، نصرة المسلم في أي مكان في الأرض، فهي تحالُف إسلامي، وتعاضُد إيماني، وقوة للمُسلمين، وعزَّةٌ للمؤمنين، تُوقِظُ الهِمَم من سُبات، وتجمعُ المُسلمين في صفٍّ واحدٍ، وعلى قضيَّةٍ واحدةٍ، وهمٍّ واحدٍ،؛ فمرض المسلم مرضٌ للجميع، وفقره فقرٌ للجميع، وموته موتٌ للجميع، كالجسدِ الواحدِ إذا اشتكى منه عضوٌ تداعَى له سائر الجسد بالسهَر والحُمَّى.
والنُّصرةُ فريضة شرعية، وضرورة دنيويَّة، سيما أنّ العُدوانَ على الإسلام والكيدَ له غدا سِمة العصر، في صُورٍ مُتعدِّدة، ومظاهِر مُتنوِّعة، وإذا ضعُفَت النُّصرةُ بين المُسلمين تسلَّط العدُوُّ، وزادَ من بطشِه، وتمادَى في غيِّه، ونكَّل بالمُسلمين، وسحَقَ الآمِنين، وأذلَّ المُوحِّدين، وسلَبَ الأرض، وانتهَكَ العِرض، وفق كل ذلك اشتعلت الفتنةَ، قال الله تعالى: (وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ)[الأنفال: 73]، لذا جاء النهيُ عن خِذلان المُسلم والتنصُّل عن نُصرته ومُوالاته.
نصرة المسلم في القرآن والسنة
وتعد نصرة المسلم أمارة من أمارات صدق إيمان المسلم، يقول جل وعلا-: (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَٰئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) (التوبة: 71).
وقال جل وعلا: (وَمَا لَكُمْ لاَ تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاء وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَـذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ نَصِيرًا) [النساء: 75].
ووردت أحاديث كثيرة عن النبي- صلى الله عليه وسلم- تدل على وجوب نصرة المظلوم والوقوف معه لدفع الظلم عنه واسترداد حقوقه، ففي صحيح البخاري عن أنس- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: “انصر أخاك ظالِمًا أو مظلومًا”، قالوا: يا رسول الله، هذا ننصره مظلومًا فكيف ننصره ظالِمًا؟ قال: “تأخذ فوق يديه”.
وَوَعَد النبي- صلى الله عليه وسلم- مَن أعان أخاه المحتاج المكروب بالإعانة له من الله، فقال: “من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته” (مسلم)، وعنه- صلى الله عليه وسلم- قال: “من فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه كربة من كربات يوم القيامة ومن ستر مسلماً ستره الله يوم القيامة” (البخاري ومسلم).
وقد كان النبي- صلى الله عليه وسلم- النموذج الحي وصاحب المواقف الإنسانية في نصرة المظلومين، حتى قبل بعثته، ففي حلف الفضول الذي كان تجمعًا وميثاقا إنسانيّا تنادت فيه المشاعر الإنسانية، لنصرة الإنسان المظلوم، والدفاع عن الحق المضيع، لم تحدثه سلطات، ولا قوى دولية، بل أنشأته قوى اجتماعية بدوافع إنسانية، وإحساس وجداني عميق بضرورة نصرة المستضعفين والمظلومين.
يقول اليعقوبي في تاريخه: “حضر رسول الله- صلى الله عليه وسلم- حلف الفضول، وقد جاوز العشرين، وقال بعد ما بعثه الله: “حضرت في دار عبد الله بن جدعان حلفا ما يسرني به حمر النعم، ولو دعيت إليه اليوم لأجبت”.
ورى عبد الله بن عمر- رضي الله عنهما-: أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قال: “المسلم أخو المسلم ولا يسلمه، ومن كان في حاجة مسلم كان الله في حاجته، ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه كربة من كرب القيامة ومن ستر مسلمًا ستره الله يوم القيامة” (البخاري ومسلم). قال ابن حجر- رحمه الله- “قوله “لا يسلمه” أي لا يتركه مع من يؤذيه بل ينصره ويدفع عنه، وهذا أخص من ترك الظلم”.
وعن أبي موسى الأشعري- رضي الله عنه-: أنّ النبي- صلى الله عليه وسلم- قال: “المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضًا” ثم شبك بين أصابعه. قال النووي: “المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره”: لا يخذله: قال العلماء: “الخذل ترك الإعانة والنصر، ومعناه: إذا استعان به في دفع السوء ونحوه لزمه إعانته إذا أمكنه ولم يكن له عذرٌ شرعي”.
وعن البراء بن عازب- رضي الله عنه- قال: “أمرنا النبي- صلى الله عليه وسلم- بسبع ونهانا عن سبع: أمرنا بعيادة المريض، واتباع الجنازة، وتشميت العاطس، وإجابة الداعي، وإفشاء السلام، ونصر المظلوم، وإبرار المقسم” (البخاري ومسلم).
وعلّمنا نبينا- صلى الله عليه وسلم- كيف نتعامل مع المنكوبين، ففي صحيح مسلم، عن جرير بن عبد الله البجلي- رضي الله عنه- قال: كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ- صلى الله عليه وسلم- فِي صَدْرِ النَّهَارِ، قَالَ: فَجَاءَهُ قَوْمٌ حُفَاةٌ، عُرَاةٌ، مُجْتَابِي النِّمَارِ، مُتَقَلِّدِي السُّيُوفِ، عَامَّتُهُمْ مِنْ مُضَرَ، بَلْ كُلُّهُمْ مِنْ مُضَرَ. فَتَمَعَّرَ وَجْهُ رَسُولِ اللَّهِ- صلى الله عليه وسلم- لِمَا رَأَى بِهِمْ مِنْ الْفَاقَةِ فَدَخَلَ ثُمَّ خَرَجَ فَأَمَرَ بِلَالًا فَأَذَّنَ وَأَقَامَ فَصَلَّى ثُمَّ خَطَبَ فَقَالَ:”(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ إِلَى آخِرِ الْآيَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبً)، وَالْآيَةَ الَّتِي فِي الْحَشْرِ: (اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ)، تَصَدَّقَ رَجُلٌ مِنْ دِينَارِهِ، مِنْ دِرْهَمِهِ، مِنْ ثَوْبِهِ، مِنْ صَاعِ بُرِّهِ، مِنْ صَاعِ تَمْرِهِ، وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ” .
قَالَ: فَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ الْأَنْصَارِ بِصُرَّةٍ كَادَتْ كَفُّهُ تَعْجِزُ عَنْهَا، بَلْ قَدْ عَجَزَتْ، ثُمَّ تَتَابَعَ النَّاسُ حَتَّى رَأَيْتُ كَوْمَيْنِ مِنْ طَعَامٍ وَثِيَابٍ، حَتَّى رَأَيْتُ وَجْهَ رَسُولِ اللَّهِ- صلى الله عليه وسلم- يَتَهَلَّلُ كَأَنَّهُ مُذْهَبَةٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ- صلى الله عليه وسلم-:”مَنْ سَنَّ فِي الْإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا بَعْدَهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْءٌ ، وَمَنْ سَنَّ فِي الْإِسْلَامِ سُنَّةً سَيِّئَةً كَانَ عَلَيْهِ وِزْرُهَا وَوِزْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا مِنْ بَعْدِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَيْءٌ”.
والنصرة لها ميادين شتى، فمنها النصرة بالمال، والجاه، والشفاعة، وقد أثنى الله- سبحانه وتعالى- على المؤمنين الذين ينصرون إخوانهم، وهؤلاء الذين آووا ونصروا، أثنى الله عليهم لأنهم قدموا لإخوانهم المهاجرين ما قدموا من المأوى والحماية، لقد بذلوا من أجلهم ما بذلوا، فتحوا دورهم بعدما فتحوا صدورهم.
وفي الوقت نفسه، حذر النبي- صلى الله عليه وسلم- من خلان المسلمين-، فعن جابر بن عَبْدِ اللَّهِ وأبي طَلْحَةَ بْنَ سَهْلٍ الْأَنْصَارِيَّ- رضي الله عنهم جميعاً- قالا: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ- صلى الله عليه وسلم-: “مَا مِنْ امْرِئٍ يَخْذُلُ امْرَأً مُسْلِمًا فِي مَوْضِعٍ تُنْتَهَكُ فِيهِ حُرْمَتُهُ، وَيُنْتَقَصُ فِيهِ مِنْ عِرْضِهِ، إِلَّا خَذَلَهُ اللَّهُ فِي مَوْطِنٍ يُحِبُّ فِيهِ نُصْرَتَهُ. وَمَا مِنْ امْرِئٍ يَنْصُرُ مُسْلِمًا فِي مَوْضِعٍ يُنْتَقَصُ فِيهِ مِنْ عِرْضِهِ، وَيُنْتَهَكُ فِيهِ مِنْ حُرْمَتِهِ، إِلَّا نَصَرَهُ اللَّهُ فِي مَوْطِنٍ يُحِبُّ نُصْرَتَهُ” (أحمد وأبو داود).
وعند ابن حبان بإسناد صحيحٍ قول النبي- صلى الله عليه وسلم-: “أمر بعبد من عباد الله أن يضرب في قبره مائة جلدة، فلم يزل يسأل ويدعو حتى صارت جلدة واحدة، فجلد جلدة واحدة، فامتلأ قبره عليه ناراً، فلما ارتفع عنه قال :علام جلدتموني؟ قالوا: إنك صليت صلاة بغير طهور، ومررت على مظلوم فلم تنصره”.
لذا كان الصحابة من أحرص الناس على نصرة إخوانهم، فقد جاء عن عبد الرحمن بن سمرة: أن عثمان بن عفان- رضي الله عنه- جاء إلى النبي- صلى الله عليه وسلم- بألف دينار في ثوبه حين جهز النبي- صلى الله عليه وسلم- جيش العسرة، فصبها في حجر النبي- صلى الله عليه وسلم-، فجعل النبي- صلى الله عليه وسلم- يقلبها بيده ويقول: “ما ضرَّ عثمانَ ما عَمِلَ بعدَ اليومِ مرَّتينِ” (صحيح الترمذي).
وروي عن أبي بكر الصديق- رضي الله عنه- قال: “يا أيها الناس إنكم لتقرؤون هذه الآية وتضعونها على غير موضعها: (يٰأَيُّهَا ٱلذين آمنوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لاَ يَضُرُّكُمْ مَّن ضَلَّ إِذَا ٱهتديتم) [المائدة: 105]، وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: “إن الناس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يديه، أوشك أن يعمهم الله بعقاب منه” (صححه الألباني في صحيح أبي داود).
وهذا المفهوم الإيماني توارثه المسلمون على مر التاريخ، فها هو محمَّدٌ الغزاليُّ يقول: “أُخُوَّةُ الدِّينِ تَفرِضُ التَّناصُرَ بَيْنَ المُسلِمين، لا تناصُرُ العَصَبيَّاتِ العَمياءِ بل تناصُرُ المُؤمِنين الصَّالحين لإحقاقِ الحَقِّ وإبطالِ الباطِلِ، ورَدعِ المعتدي، وإجارةِ المهضومِ، فلا يجوزُ تَركُ مُسلِمٍ يكافِحُ وَحْدَه في معتَرَكٍ، بل لا بُدَّ من الوُقوفِ بجانِبِه على أيِّ حالٍ لإرشادِه إن ضَلَّ، وحَجْزِه إن تطاوَلَ، والدِّفاعِ عنه إن هُوجِمَ، والقتالِ معه إذا استُبيحَ، وذلك معنى التَّناصُرِ الذي فرَضَه الإسلامُ”.
وسائل نصرة المسلم
وفي ظل ما يحدث من اعتداءات على المسلمين المستضعفين وعلى المقدسات الإسلامية سيما في فلسطين، يتردد سؤال مهم وهو كيف تكون نصرة المسلم في هذه الميادين؟، وإجابة هذا السؤال تكمن في العديد من الوسائل، منها:
- التمسك بحبل الله: فالنصر يتطلب التوجه الصادق إلى من بيده ملكوت السماوات والأرض، وأن نُغيِّر ما بأنفسنا إلى الخير وأن نُوثِّق الصلة بالله متمسكين به وبسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فهذا هو الطريق إلى النصر والتمكين، قال تعالى: (وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ) [الروم: 47]، وقال: {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُوْلَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ} [الأنعام:82].
- الثقة في نصر الله: فهو سبحانه لن يسلم عباده المؤمنين لأعدائهم ما داموا متمسكين بكتابه تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ولن يُسلّط عليهم، قال تعالى: (وَلَن يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا) [النساء من الآية:141].
- وحدة المسلمين: فهي فريضة شرعية وضرورة بشرية، والتفرُّق طريق الخذلان والله تعالى يقول: (وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ) [الأنفال من الآية:46].
- النصرة بالدعاء: وهي من أهم أنواع النصرة وأنفعها للمنصور وأفتكها بالمنصور عليه، وهي مع ذلك ذات طبيعة إيمانية لا يمارسها إلا أهل الإيمان بالله عكس الأنواع الأخرى من النصرة، ويدل عليها قوله تعالى: (كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ فَكَذَّبُوا عَبْدَنَا وَقَالُوا مَجْنُونٌ وَازْدُجِرَ * فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانتَصِرْ * فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاء بِمَاء مُّنْهَمِرٍ * وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُونًا فَالْتَقَى الْمَاء عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ) [القمر:9-12]، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يلجأ إلى هذه الوسيلة الناجعة لنصرة المظلومين، ففي صحيح البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كان النبي يدعو في القنوت: “اللَّهُمَّ أنْجِ عَيَّاشَ بنَ أبِي رَبِيعَةَ، اللَّهُمَّ أنْجِ الوَلِيدَ بنَ الوَلِيدِ، اللَّهُمَّ أنْجِ سَلَمَةَ بنَ هِشَامٍ، اللَّهُمَّ أنْجِ المُسْتَضْعَفِينَ مِنَ المُؤْمِنِينَ، اللَّهُمَّ اشْدُدْ وَطْأَتَكَ علَى مُضَرَ، اللَّهُمَّ اجْعَلْهَا عليهم سِنِينَ كَسِنِي يُوسُفَ”.
- إعداد العِدّة: بتحصيل كل علم نافع يحفظ للأمة دينها وشرفها وكرامتها لأنه لا يجوز للمسلمين أن يكونوا أسرى الحاجة لعدوهم، وعليهم أن يصلوا إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي في كل شيء، الذي يحول بينهم وبين الحاجة أو الارتهان الأجنبي، والسعي بكل قوة لامتلاك أسلحة الردع الشامل بما في ذلك السلاح النووي.
- إمداده بالمال والسلاح: وذلك حتى يتحقق النصر ويُدمِّر العدو وحتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله.
- تصحيح المفاهيم عبر وسائل الإعلام: فمن المهم اغتنام هذه الأحداث لنصحِّح من خلالها العديدَ من المبادئ والمفاهيم التي يروِّج لها الإعلام الغربي والإعلام العميل، وما يدندن به البعض من بني قومنا ممَّن انخدعوا ببريق الديمقراطية والعدالة الغربية.
عقوبة خذلان المسلمين
وكما أنّ نصرة المسلم مفتاح لدخول الجنة ورضا الله سبحانه وتعالى عن العبد، فخِذْلانُ المسلِمِ لأخيه المسلِمِ حرامٌ شَرعًا، وقد عدَّه ابنُ حَجَرٍ الهيتمي من الكبائِرِ، وقال المُناويُّ: “خِذْلانُ المُؤمِنِ حرامٌ شديدُ التَّحريمِ؛ دُنيويًّا كان، مِثلَ أن يَقدِرَ على دفعِ عَدُوٍّ يريدُ البَطشَ به، فلا يَدفَعَه، أو أُخرَويًّا كأن يَقدِرَ على نصحِه مِن غَيِّه بنحوِ وَعظٍ، فيَترُكَ”.
ومن أعلى درجات خِذْلانُ المُسلِمين، ما يحدث عند الجِهادِ، حيث تكون عَدَمُ النُّصرة صِفةٌ من صفاتِ المُنافِقين؛ قال اللَّهُ تعالى: (وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُوا وَقِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا قَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوِ ادْفَعُوا قَالُوا لَوْ نَعْلَمُ قِتَالًا لَاتَّبَعْنَاكُمْ هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلْإِيمَانِ يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يَكْتُمُونَ * الَّذِينَ قَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ وَقَعَدُوا لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا قُلْ فَادْرَءُوا عَنْ أَنْفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ) [آل عمران: 167-168].
والتخلي عن نصرة المسلمين وخذلانهم يكون من أسباب الذل يوم القيامة، قال النبي الكريم- عليه الصلاة والسلام-: “من أذل عنده مؤمن فلم ينصره وهو يقدر على أن ينصره أذله الله على رؤوس الأشهاد يوم القيامة” (رواه أحمد).
وورد في سنن أبي داود، أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قال: “ما من امرئ يخذل امرأ مسلمًا في موضع تنتهك فيه حرمته وينتقص فيه من عرضه، إلا خذله الله في موطن يحب فيه نصرته، وما من امرئ ينصر مسلمًا في موضع ينتقص فيه من عرضه وينتهك فيه من حرمته، إلا نصره الله في موطن يحب نصرته”.
فخذلان المسلم حرام سواء كان دنيويًا- مثل أن يقدر على دفع عدو يريد أن يبطش به فلا يدفعه-، أو دينيًا، فمن المسلمين من يُفتن في دينه ولا يجد من ينصره إلا من رحم الله، ومنهم من يُفتن في عرضه، كما يحدث ذلك في مسرى رسول الله.
إن تخلفنا عن نصرة المسلم في بقاع الأرض لهو خلل في أنفسنا، ولا بد أن يكون لنا هبة لنصرة إخواننا بما نستطيع، وإذا كنا غير قادرين على أن نسير جيشًا جحفلًا لنصرتهم فلا أقل من الاستعداد للقيام بهذا الواجب، فنصرة إخواننا في الله، نصرة الرابطة التي بيننا وبينهم وهي رابطة العقيدة ننصرهم بالمال والدعاء. وإن دعمنا لإخواننا في فلسطين في مواصَلة صمودِهم يصبُّ في مصلحتنا ومصلحة ديننا، فلو أنَّا تركناهم وشأنَهم ولم يصمدوا في وجه العدو، لَتفرَّغ بعد ذلك لمحاربتنا وانتهاك حرمتنا، فعلينا أن نحصر العدوَّ بدعم إخواننا الذين يقومون بمهمَّة تخدم المسلمين جميعًا.
مصادر ومراجع:
- محمد صالح المنجد: وسائل نصرة المسلمين.
- إسلام أون لاين: دور الشباب في نصرة الإسلام.
- د. مهران ماهر عثمان: نصرة المسلم وموالاته فريضة شرعية.
- طريق الإسلام: نصرة المظلوم واجب شرعي وإنساني.
- النووي: شرح مسلم 16/120.
- ابن حجر: فتح الباري 5/97.
- ابن حجر الهيتمي: الزواجر 2/189.
- المناوي: فيض القدير 5/471.
- محمد الغزالي: خلق المسلم ص: 173.
- ابن حزم: جوامع السيرة ص 124.
- ابن إسحاق: السير والمغازي ص 324.