أنا من العراق، ولدي ابن في الصف الثالث الابتدائي، وكان متفوقًا خلال العامين السابقين، لكن تراجع مستواه كثيرًا هذا العام، وأصبح يهرب من أداء الواجبات والمذاكرة، وإذا فعلها؛ فيكون ذلك بتململ شديد! علما بأننا قد انفصلنا أنا ووالده هذا العام.
السؤال: هل يمكن أن يكون الطلاق هو السبب في تدهور المستوى الدراسي لابني، وعدم إقباله على المذاكرة كما كان في السابق؟! وهل هناك حلول لتلك المشكلة؟
أعانك الله على تخطي مرحلة الانفصال على خير، وأخلفك خيرًا كثيرًا، وبارك لك في ولدك.
نضخم في وطننا العربي من نتائج الطلاق بشكل كبير. بمعنى أصح؛ نرمي على شماعة الطلاق كثيرًا من مشاكلنا، وربما يكون الطلاق في حالتك وحالات أخرى سببًا لانصلاح الحال، مثلما يكون سببا في تردي الأحوال أحيانًا.
لا يوجد ارتباط حقيقي بين الطلاق وبين تأخر المستوى الدراسي للأبناء بشكل عام، إلا أن احتمالات التأثر كبيرة وواردة.
وتتعدد صور غياب الأب على الرغم من أنه قد يكون حاضرًا بين أبنائه، ويترتب على ذلك آثار سلبية؛ كالأب الحاضر في الأسرة، ولكن وجوده يكون بشكل سلبي. فهو لا يشارك الأم المسؤوليات والتربية.
والأب المشغول دائما على الرغم من وجوده في البيت، والأب المريض.. والأب المسافر..
وكلها حالات يتواجد فيها الزوج في ميثاق الزواج؛ زوج على الورق كما يقولون، ولكن حضوره الحقيقي الفعال في حياة أسرته وأولاده يكاد لا يذكر!
وعلى غير ما سبق، كثيرًا ما نرى حالات انفصال يتعامل فيها الطرفان باحترام ومسؤولية شديدة تجاه أبنائهم. فبأي حال تصفين انفصالك؟!
هل تم بهدوء؟هل سبقه عواصف في البيت؟هل تخلى الوالد عن مسؤولياته تجاه ابنه؟!
نعم. قد تؤثر الأجواء السلبية التي تم فيها الانفصال على نفسية الولد. وبالتالي يتأثر مستواه الدراسي.
وعادة ما يلاحظ المدرسون حال طلابهم، ويبلغون الأهل بتأخر مستواهم. وكثيرًا ما يكون تأخر مستواهم الدراسي راجعًا لمشكلات بالبيت. وبمجرد زوال أسباب المشكلات في المنزل؛ تجد حال الطالب قد تحسن كثيرًا..
السائلة الكريمة:
طالما لمستِ تأخرًا في مستوى ولدك الدراسي، فعليكِ:
- إبلاغ والده، والنقاش بشكل محترم فيما يخص سياسة التعامل مع الابن. ولا يُدخل عاقل أولادَه في النزاع مهما بلغ سوء الشريك السابق. فقد استرعانا الله على أبنائنا، وسيسألنا عن رعايتنا لهم: (فكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته).
- عليك التحدث مع ابنك بهدوء، والإجابة على أسئلته بصدق واختصار.
- كما عليك إزالة مخاوفه إن وجدت، وبث الطمأنينة في نفسه.
- يفضل إبلاغ الأخصائية النفسية في مدرسته بما تمرون به من ظروف؛ فتضع عينها على ولدك، وتتابعه، وتدفع عنه أي أذى قد يستجد من أقرانه أو معلميه؛ يساهم في سوء حالته لا قدر الله.
- من المهم لك ولطفلك أخذ راحة وتغيير الجو بالتنزه أو السفر قدر استطاعتكم، مما يساهم في شحن طاقتك وطاقته واستعادة عافيتكم النفسية.
- كما نؤكد على أهمية عدم التركيز على مستواه الدراسي الآن؛ فهو ما زال في سن صغيرة، يستطيع تعويض ما فاته بإذن الله. الأهم أن نركز على أنشطة تعويضية؛ كلعب الرياضة، وممارسة أنشطة فنية تساعد في التنفيس عن الغضب، كالرسم والتلوين.. إلخ.
- ينصح المتخصصون مَن تعرض لتروما (صدمة نفسية) أن يحافظ على شكل روتين يومي: (مواعيد للنوم والاستيقاظ/ مواعيد وجباته الغذائية…إلخ)…فذلك مما يساعده على بث الطمأنينة في نفسه، فلا يشعر أنه معلق في الهواء، يسير بلا خطة وبلا هدف، لكن حسب ما يستجد من ظروف. ويترك هكذا للفراغ يأكل من روحه ومن متانته النفسية.
- اهتمي بنفسك وراعيها، حتى تستطيعي مراعاته؛ فالمنقذ يجب أن يرتدي ماسك الأكسجين قبل أن يسارع في إنقاذ من حوله، فتزودي نفسيًا وروحيًا ومهاريًا قدر المستطاع حتى تستطيعي مساعدة ولدك.
- لاتجعلي الواجبات المدرسية سببًا لتعقيد علاقتك به. وقد يساعدك تثبيت وقتها ومكان أدائها، ووجودك بجواره، بل أداء ما يشبه الواجب بجواره (كحفظك للقرآن على سبيل المثال أو قراءة كتاب)..قد يساعدك ذلك على اجتياز المشكلة، فيشعر بالمشاركة التي تحسن من نفسيته.
- كما نوصيك بأن تقبلي النقص بعض الشئ، كل ذلك يساعد في تحسن وضعه بلا شك بإذن الله تعالى.
- كما يمكنك إضافة أدوات مكتبية جديدة تحمسه وتكون سببًا لإقباله على أداء واجباته، وتخلق حالة من التجديد والتنويع فلا يمل.
- إن كان هناك صديق محبب إليه فأنصحك بأن يزوره ويقضي معه وقتًا في اللعب والمذاكرة، فالصديق النافع مهم في التخفيف من مثل هذه الحالات.
- التقرب إلى الله تعالى بالصدقات والدعاء؛ فنحن لا نملك إلا الأسباب، وما نحن إلا وسائل نيسر بيئة صحية لأبنائنا قدر استطاعتنا، والله وحده يصنعهم على عينه.
جعله الله قرة عين لك ولأبيه، ورزقك العون على ما كلفك به، وكوني على يقين بأنه سبحانه إذا كلف أعان.