مما لا شك فيه أن التكنولوجيا تساعِد في التطوّر الفكري للأطفال في حال تم استخدام هذه الأجهزة بنوعٍ من الحذر، فالأطفال يجب ألا يجلسوا فتراتٍ طويلةٍ أمامها، كما أنّ على الوالدين مراقبة ما يفعله الأطفال أثناء استخدام هذه الأجهزة ومحاولة توجيههم إلى البرامج العلمية التي تزيد من قدراتهم ومهاراتهم.
لكن الواضح والجلي هو انعزال الأطفال على أجهزتهم فحسب، حيث عزفوا عن الخروج للعب بالكرة، أو مشاركة أصدقائهم أعمال ورياضات نافعة كالسباحة وركوب الدراجات؛ لانشغال كل واحد منهم بجهازه والألعاب المنتشرة عليه.
وفي هذا المقال تحاول الأستاذة منجية إبراهيم، أن ترصد أهم التحولات التي يخسرها الأطفال من عكوفهم على الهواتف الذكية، والتي قد تُخرج أجيالًا لا تعرف طبيعة ولا مسئوليات الحياة، ويجعل هذا في حالة عزلة انفرادية.
مهارات خسرها الأطفال
وفيما يلي ثماني مهارات اتصال خسرها الأطفال أو سيخسرونها إذا لم نجر بعض التغييرات الجِدّية:
1- القدرة على التحدث مع الآخرين:
ينمو الأطفال مع ميل نحو التواصل السريع مع تفويت فرصة التواصل الفعلي الرصين مع الآخرين، في هذا الوقت وبسبب ارتباطهم بالتكنولوجيا، يفوّتون الكثير من الفرص في التحدث مع أهلهم، وسرد قصصهم والقيام بالمغامرات الحية ومشاركة المشكلات والتحديات التي تواجههم.
2- القدرة على التفكير والتواصل الفوري:
أغلب أنواع الاتصال التي تحدث عبر الأجهزة تمر بمراحل أو عبر وسائط، مثل رسالة بريد إلكتروني، رسالة نصية، ولكن التواصل وجهاً لوجه يتطلّب أن نكون عفويين، وأن نفكّر بطريقة فورية.
تؤدي الثقافة التي تتمحور حول التواصل عبر الأجهزة -التي تركز على النصوص تحديداً- تؤدي بأطفالنا إلى تحرير اتصالاتهم والتحكم فيها، بينما يصبح التواصل الشخصي مع الآخرين حرجاً؛ لأننا لا نعرف كيفية التفكير والتحدث بسرعة بداهة.
3- التواصل وقراءة السلوكيات غير اللفظية:
عندما نتواصل بشكل أساسي عبر رسالة نصية أو بريد إلكتروني، فإننا نفقد القدرة على التعرف على السلوكيات غير اللفظية وقراءتها في الآخرين، أو التعرف على لغة الجسد، وكما يقال كثيراً: “إن التواصل غير اللفظي صوته أعلى من التواصل اللفظي”.
4- القدرة على التركيز مع الآخرين:
عندما ننفق الكثير من الوقت على هواتفنا، فإننا نفقد القدرة على الاهتمام والتركيز مع الآخرين. أحد أصدقائي يعمل مدرّساً في مدرسة ثانوية، لاحظ عندما بدأ التدريس أول مرة أن التلاميذ في فصوله كانوا يتحدثون إلى بعضهم البعض في الفصل الدراسي وفي الممرات، أما الآن فلم يعد التلاميذ مهتمين بالحديث مع بعضهم بعضاً، وأصبحوا منشغلين جميعاً بهواتفهم، في هذه العملية، أصبحنا أكثر تركيزاً على احتياجاتنا بدلاً من احتياجات الآخرين.
5- الكشف عن حقيقة ما نشعر به:
أصبح بإمكاننا -بسهولة- الاختباء وراء عالم الكلمات والرموز التعبيرية، ما جعل التواصل وجهاً لوجه صعباً للغاية، وساهم في إخفاء ما نشعر به حقاً.
6- التفاعل وجهاً لوجه:
في بعض الأحيان نحتاج فقط إلى النظر إلى شخص ما في عينيه، والبكاء على كتف شخص ما، والضحك مع شخص ما، أو الحصول على عناقٍ مطمئن أو منحه، أو التربيت على الكتف، لكن كلما زاد اعتمادنا على الاتصالات المكتوبة أو النصية، زاد تفويتنا لفرصة الجلوس مع أصدقائنا، والاقتراب الجسدي منهم وتشجيع المودة بيننا وبينهم.
7- القدرة والرغبة على الاستماع:
لا يتمتع الأطفال بالقدرة على الاستماع إلى الآخرين، في الوقت نفسه الذي يستمعون فيه إلى الموسيقى أو العروض أو الألعاب على أجهزتهم، وهم في الحقيقة لا يفتقرون إلى القدرة فقط، بل يفتقرون للرغبة للاستماع أيضاً، يختار الأطفال تجاهل الآخرين أو عدم الاكتراث بهم بدلاً من الانخراط معهم في أحاديث ونقاشات.
8- القدرة على إقامة الحجج:
عندما يعتاد الأطفال على التواصل المُختصر، فإنهم يفقدون القدرة على بناء البراهين والحجج، ترتكز حياة الإنسان البالغ على التفكير العميق، وتجميع الأفكار المتماسكة التي تعتمد على بعضها البعض، ولكن تعلّمُ أطفالنا للتواصل المختصر مع الرموز التعبيرية، والكلمات المختصرة، والصور الفكاهية عبر الوسائط التكنولوجية، بدلاً من الكلمات، يمكن أن تعيقهم عن تجميع الأفكار أو الحجج الأعمق.
أعراض الإدمان التكنولوجي:
- التعلق بالأجهزة الإلكترونية.
- عدم رغبة الطفل فى اللعب مع الأطفال الآخرين.
- عدم رغبة الطفل في الخروج للأماكن المفتوحة.
- تمسك الطفل بالبقاء فى أماكن ألعاب الفيديو.
- تغير طباع الطفل بالعناد والتشنجات والتوتر.
- فقدان التركيز لدى المراهقين.
- الإهمال الدراسي الواضح.
- خلق حجج وأعذار طوال الوقت.
- البحث عن مصدر أموال للعب في أندية ألعاب الفيديو.
- التحايل والكذب أحيانًا للتخلص من تساؤلات الأم والأب.
- فقدان الشهية ونقصان الوزن.
- العصبية والإفراط فى تبرير المواقف.
أسباب إدمان التكنولوجيا:
- تأثير المحيط والأصدقاء ومن حوله واتخاذهم قدوة.
- روح المنافسة والتحفيز الذي تولده تلك الألعاب.
- توفر الألعاب الإلكترونية في متناول الجميع وبسهولة
- الاعتماد على الألعاب الإلكترونية عند الانشغال عن الطفل.
- عدم وعي الأهل بعلاقة الطفل بالألعاب الإلكترونية.
- تفريغ الطفل لطاقته وملء فراغه العاطفي والمادي
- الهروب من الواقع بقضاء الوقت أمام الألعاب الإلكترونية.
وسائل علاجية:
- زيادة وقت اللعب مع أطفالك: بالاستمتاع والضحك والتنافس معه، علمه الكثير من الخبرات التي يحتاجها واعمل على زيادة وعيه بكل ما تجده خاطئًا في هذه اللعبة، من جهة أخرى هكذا ستكون على علم تام بالألعاب التي تشغل طفلك بحيث تتأكد من كونها آمنة على أفكاره ونفسيته وتناسب عمره، أم أنها قاسية عنيفة ويمكن أن تكون ذات تأثير سلبي مدمر على النفسية.
- تنظيم برنامج للعب الأطفال: حتى لا يدمن طفلك على لعبة محددة بحيث لا يتمكن من تمرير يوم من دون قضاء الوقت في لعبها، ويكون البرنامج بإشراف تام منك، فيجب بشكل أساسي أن تختار الألعاب الآمنة التعليمية الهادفة، ومن ثم تحدد الوقت الذي سيقضيه في لعب كل لعبة منها، بالإضافة إلى تغييرها وتجديدها.
- التحدث مع الطفل بشكل واضح حول أضرار الألعاب الإلكترونية وممارستها بشكل مفرط.
- تجنب الحرمان التام ولا تشعر طفلك بأن إبعاده عن لعبته المفضلة هو عقاب، وأخبره أنه يمكنه أن يلعبها دون أن يفرط في قضاء الوقت الكبير الذي كان يكرسه لها في السابق.
- حدد ساعات اللعب المسموحة بوضع جدول ساعات تجده مناسب لأطفالك ولكن الأهم أن يتم الالتزام به لعلاج إدمان الأطفال على الألعاب الإلكترونية.
- زيادة وعي طفلك بإدمان الألعاب: فبدلًا من تحديد عدد الساعات المسموحة لهم وانتهى الأمر.. اشرح لهم لماذا؟ واشرح تفاصيل الإدمان وأخطاره وناقشه معهم ستجد الكثير من الاستجابة وقد تكون الحلول التي يقترحونها ذات فاعلية في العلاج.
- تسليط الضوء على الأضرار الجسدية من جراء إدمان التكنولوجيا؛ كفقدان الشهية، ونقص الوزن، والإمساك المزمن، وآلام الرقبة وغيرها.
- تسليط الضوء أيضا على الأضرار النفسية لهذه الألعاب؛ كالقلق، والتوتر، والعصبية، والاكتئاب، والعدوانية، والتأخر الدراسي، وإهمال التواصل.
جوانب مشرقة للتكنولوجيا
التكنولوجيا ليست كلها شر، لكن لها جوانب مشرقة على طفلك إذا أحسنت توجيهه لها، خاصة في ظل التقدم التكنولوجي الذي يشهده العالم.
كما أنها تعمل على تطوير مهاراته الإبداعية وطريقته في فهم العالم المحيط به من أكثر من جانب في الوقت عينه، وينمي خياله الإبداعي، ويفرغ عن طاقته ومشاعره. ولكنها مفيدة عند استخدامها بحدود وقبل أن تتحول إلى إدمان.