سواء كنا على مشارف عام دراسي جديد، أو على موعد قريب مع الامتحانات، تتردد أسئلة من قبيل “كيف نذاكر أقل ونحصل أكثر؟”، أو “ما خطوات المذاكرة الفعالة؟”، وغيرها من الأسئلة التي تُراود الكثير من الطلاب في الوطن العربي، سيما في ظل زيادة الأعباء المتمثلة في الدروس الخصوصية والدورات التدريبية والاطلاع على العديد من مصادر المعلومات.
من الطبيعي أن من يأكل كثيرًا يزداد وزنه، لكن في مجال تحصيل المعلومات يمكن لمن يذاكر قليلًا أن يحصل كثيرًا إذا سار على خطوات عملية تُمكّنه من الفَهم والتحصيل في أقل وقت ممكن، والرائع في الموضوع أن هذه الخطوات يأتي من بينها رصد مكافآت للتشجيع والحصول على راحة بعد كل نصف ساعة، بالإضافة إلى مجموعة أفكار، أبرزها مراقبة الوقت وعدم إهداره في تصفح وسائل التواصل الاجتماعي، واختيار مكان مناسب للمذاكرة.
كيف نذاكر أقل ونُحصِّل أكثر؟
وأثبتت دراسات عديدة أنه يُمكن أن نذاكر أقل ونحصل أكثر بوضع خطة تتضمن أفكارًا تُساعدنا في التحصيل السريع وعدم تشتيت الانتباه، وترتكز هذه الخطة على هذه النقاط:
- اختيار مكان مناسب للمذاكرة: حيث يفضَّل تخصيص مكان للمذاكرة يحتوي على مكتب لهذا الغرض، وفي حالة عدم توفر غرفة خاصة بالمذاكرة يمكن وضع “لمبة مذاكرة” فوق المكتب، وتشغيلها وقت المذاكرة فقط، لتحفيز العقل وإعطاء إشارة له بأن هذا الوقت مخصص للمذاكرة، ومن الضروري ألا نضع على هذا المكتب أي شيء آخر يشتت الانتباه.
- التعلم الفعال: ويكون وفق استراتيجية تصفح الكتاب أولًا من البداية للنهاية، وخلال هذه المهمة ننتبه إلى الصور والعناوين ورؤوس الموضوعات والفصول، وهو ما يكون لدى الدارس تساؤلات عن ما هو الذي يتحدث عنه هذا الكتاب، وماذا تشير الصور التي بداخله، وبالتالي حينما نبدأ المذاكرة بجدية تظهر هذه التساؤلات وتبحث عن إجابات عنها.
- الحقائق والمفاهيم: والمقصود بالحقائق هي المعلومات الخام في الكتاب، أما المفاهيم فهي عبارة عن تحليل لهذه الحقائق ليسهل حفظها واستذكارها على فترات متباعدة، فمن المهم جدًا معرفة ما وراء تلك الحقائق ولا نكتفي بحفظها دون فهمها، وهو ما يسمى “المعالجة العميقة”.
- تعليم المعلومات للآخرين: حيث يرى بعض العلماء في التربية أن أفضل طريقة للتعلم هي شرح المعلومات للآخرين، ومشاركة ما نتعلمه معهم، وقد نحتاج في تفعيل هذه الخطوات إلى المذاكرة وسط مجموعة من الأصدقاء، لكن يراعى أن يكون المكان بعيدًا عن الملهيات، مثل المكتبات العامة.
- ربط المعلومات بأشياء أخرى: وهي من الطرق التي توفر الكثير من الوقت في فهم المعلومات وحفظها وتذكرها، سيما إذا كانت الأشياء الأخرى التي نربط المعلومات بها محببة إلى القلب.
- النوم الكافي: وهي خطوة مهمة يجب على كل طالب الانتباه لها، لأن المخ يتذكر المعلومات في حالة راحة الجسم وحصوله على الوقت الكافي من النوم.
- أطعمة ومشروبات مهمة: ومنها القرفة، والقرفة بالجنزبيل، والنعناع، والنعناع بالقرفة أو أي نوع عصير، وبالطبع لا نكثر من القهوة والشاي، فمرة واحدة في اليوم تكفي، ولا بد من الابتعاد قدر الإمكان عن الوجبات السريعة أو الأكلات الثقيلة حتى لا نشعر بالخمول أو الكسل، ويفضل الإكثار من الفواكه والخضراوات.
- تنظيم الوقت: يجب تقسيم الوقت المتاح لدينا على المواد، ونحرص على إعطاء الوقت الأكبر للمادة التي لم نذاكرها من قبل، ويفضل عمل جدول لكل يوم، لإنجاز أكبر كم ممكن من المذاكرة، على أن يكون يتخلل هذا الجدول أوقات للراحة والأكل والصلاة والاستحمام والمشي للتخلص من الملل.
- تحديد أنسب وقت للمذاكرة: فمن المفضل اختيار أكثر الأوقات التي يكون فيها العقل نشيطًا لاستيعاب المعلومات، وبالتأكيد فإن وقت الفجر من أفضل الأوقات للاستذكار، ومن المهم تحديد المواعيد المهمة طوال الفصل الدراسي، وهي الخاصة بالكورسات والدروس لاستثناء هذه الأوقات من الجدول.
- تحديد المستوى: ويكون ذلك في كل مادة، حيث إن هناك بعض المواد التي تتطلب مجهودًا كبيرًا للفهم والاستيعاب، وهناك بعض المواد الأخرى سهلة الاستيعاب والاستذكار، ولا تحتاج إلى مراجعتها باستمرار.
معوقات المذاكرة الفعالة وأفكار للحلول
وإذا كنا قد أجبنا عن سؤال “كيف نذاكر أقل ونحصل أكثر؟”، فإن هناك بعض المعوقات التي تحُول بين الطالب والمذاكرة بفاعلية، وتُقلل درجة التركيز والاستيعاب، ما يُؤثر سلبًا على مستواه الدراسي، وهو ما نوضحه في النقاط التالية، بالإضافة إلى الحلول الناجعة.
- الأفكار السلبية: وهي من المعوقات التي تظهر أمام الكثير من الطلاب عن المواد الدراسية، وبالطبع تكون في الغالب نتيجة التأثر بآراء زملاء يؤكدون أن هناك بعض المواد الدراسية الصعبة، ولن يتمكن أحد من فهمها، ولا بد من التخلص من هذه الأفكار التي تقلل من الرغبة في المذاكرة، ويُنصح بالبدء في المذاكرة بعد أخذ راحة كافية، تمنحنا قدراً من الصفاء الذهني.
- تراكم المواد: فمن المؤكد أن تراكم المواد والموضوعات يُشعر بالإحباط ويُقلل من درجة الحماس والإقبال على المذاكرة، لذا يفضل المذاكرة أولاً بأول، لتتجنب الوقوع في هذه المشكلة.
- المُسليّات: وهي كثيرة، لكن لا بُد من الجلوس في غرفة مخصصة للمذاكرة، بحيث لا يوجد فيها تليفزيون أو بلاي ستيشن، أو حتى مجلات وكتب وروايات، منعًا للتشتت.
- العلاقات والأصدقاء: فمن الضروري أن يفصل الطالب بين أوقات المذاكرة والخروج مع الأصدقاء للترفيه، بحيث إذ جلس للمذاكرة لا يسمح بأي نشاط آخر غير الموجود في الجدول، وبالتالي يحافظ على وقته ويحصل أكثر في مدة قصيرة.
- تصفّح الإنترنت: وهي من المعوقات الكبرى التي تعيق كثير من الطلاب أثناء المذاكرة، فالكثير لديه حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي ويريد تصفحها كل ساعة، لكن المشكلة الكبرى هي الانغماس في عملية التصفح ونسيان الواجبات المهمة الأخرى، ويمكن التغلب على هذه المشكلة بالتدريب، بحيث يحدد الطالب لنفسه الوقت الذي يريد التصفح السريع فيه لهذه المواقع عن طريق “المنبه”، كما يمكن اللجوء إلى برامج أخرى تراقب الوقت وتنبه المستخدمين بضرورة التوقف عن استخدام الأجهزة الإلكترونية.
- المشكلات العائلية والشخصية: وهي من المعوقات التي يعاني من الكثير من الطلاب، ولا بد من عدم التفكير الدائم فيها حتى لا تحول بيننا وبين التركيز أثناء المذاكرة، ويمكن كتابة كل المشكلات التي تُزعجنا قبل البدء في المذاكرة، لتصفية الذهن وجعل العقل أكثر استعدادًا لاستقبال المعلومات.
- قلق الدراسة: وهي مشكلة يعاني منها بعض الطلاب، فتجعلهم في حالة انفعالية، ودائمًا ما يشعرون بالتوتر والضيق والخوف والإحساس بالعجز والفشل، ويمكن التغلب عليها بالراحة والتّفكر، والتدريب على الهدوء، وتغيير أماكن المذاكرة
- الضوضاء: وتكون ظاهرة أكثر في السّكن الجامعي، فبينما يذاكر البعض في سلام، يسمعون أصوات قهقهة عالية من أصدقاء آخرين أو أصوات أغان وموسيقى صاخبة دون وضع سماعات الرأس، وهو ما يتسبب في إزعاج الطلاب أثناء المذاكرة، ويمكن التغلب على هذه المشكلة بالذهاب كثيرًا إلى المكتبات للاستمتاع بالمذاكرة في جوّ هادئ، كما يمكن الجلوس في غرفة بعيدة عن الصخب وغلق الباب لعدم التأثر بالصوت المرتفع.
- النسيان: وهي من المشكلات التي يعاني منها الكثير من الطلاب، سيما قبل الامتحانات، وهو أمر طبيعي، ويجب على الطالب معرفة هذه الحقيقة، ولا يشغل نفسه بها كثيرًا لأنها في الغالب مجرد هواجس ناتجة عن القلق الزائد والخوف من الفشل، ويمكن التغلب على هذه المشكلة بالتسميع بعد المذاكرة مباشرة، مرارًا وتكرارًا، ليقف الطالب على مواطن القوة والضعف.
يُمكننا التغلب على معوقات المذاكرة بفاعلية، كما يمكننا المذاكرة بذكاء، للاستفادة من الوقت والتحصيل الجيد، من خلال تطبيق الخطوات والطرق السليمة في المذاكرة، ومحاولة تنقية الأجواء من المعوقات والمشتتات التي تُدخلنا في دائرة التسويف أو ضعف الإنجاز والتركيز.
المصادر والمراجع:
- أحمد أبو زيد: كيف تذاكر أقل وتذاكر بذكاء؟
- آلاء جابر: كيف أذاكر وأحفظ بسرعة؟
- موقع شبابيك: للطلاب.. 4 معوقات للمذاكرة الفعالة تجنبها.
- أحمد سامي: كيف تواجه مشتتات التركيز وتتخلص من معوقات المذاكرة؟
- جابر اليوسف: المذاكرة الفعّالة.