المؤلف: د. عبد الله قادري الأهدل
تتعدّد أهداف المربّين والطلاب من العلم والتعلم، لكن يظل الهدف الأسمى للطرفين هو «تقوية الصلة بالله» من رحلة تحصيل العلم الذي ينفع الإنسان في الدنيا والآخرة، ويجعله أقرب إلى الله تعالى، ويرفع من مكانته في المجتمع، ويُكسبه المهارات والخبرات الحياتية، ويُساعده على فَهم دينه وتطبيق تعاليمه.
ويُبيّن الدكتور عبد الله قادري الأهدل من خلال كتابه (طل الربوة.. تربية الأستاذ الداعية لتلميذه) كيفية تقوية الصلة بالله- سبحانه وتعالى-، حيث أكد أنّ ذلك يبدأ بالإخلاص وهو تصفية العمل وتنقيته من شوائب الشرك بالله تعالى، الذي يقول: (إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء) [النساء: 47].
وفي الحديث القدسي يقول: (أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملاً أشرك معي فيه غيري تركته وشركه) (مسلم).
وقال النبي- صلى الله عليه وسلم-: “إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى” (البخاري مسلم). وقال- صلى الله عليه وسلم- في حديث جبريل: “الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك” (البخاري ومسلم).
ومما يُعين المربي (الأستاذ) على تحقيق الإخلاص في نفسه، ثم غرسه في طلابه، أن يذكر دائمًا، أنّ الإنسان مهما عظمت منزلته فهو مخلوق، وأن العظمة للخالق وحده، الذي إذا أراد شيئًا فإنما يقول له: «كن فيكون».
وتزيد قوة الصلة بالله، حينما يدرك المعلم والطالب أنّ التلقي من أجل العمل بالعلم، لا من أجل الثقافة والترف العملي والفكري، وإن كانت الثقافة ستحصل تبعًا، وتتوسع آفاق فكر العامل، وهكذا كان أصحاب رسول الله- صلى الله عليه وسلم-، فما كانوا يتجاوزون عشر آيات حتى يعلموهن ويعملوا بهن، وبفقد هذه الروح أو ضعفها في طلبة العلم، كثر المنتسبون للعلم وقلّ العمل، بل وأصبح الفساد الذي يأتي من بعضهم أكثر من الفساد الآتي من عامة الناس.
والله سبحانه قال عن اليهود الذين يعلمون ولا يعملون: (مثل الذي حملوا التوراة ثم لم يحملوها كمثل الحمار يحمل أسفارًا بئس مثل القوم) [الجمعة: 5].
وقال- عز وجل- عمّن لم يعمل بما علم في هذه الأمة معاتبًا ومنكرًا: (يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون، كبر مقتًا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون) [الصف: 2]. فعلى المربي أن يجتهد في تحقيق هذا المعنى في نفسه، وفي نفوس تلاميذه، حتى لا يكونوا نسخًا مكرّرة لغيرهم.
وتأتي موافقة الفعل للشرع ضمن عوامل تقوية الصلة بالخالق جل في علاه، وعدم الزيادة والنقصان فيه- أي اتباع الرسول- صلى الله عليه وسلم- والبعد عن البدع.
قال الله تعالى: (قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم) [آل عمران: 31]. وقال سبحانه: (وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرًا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم..) [الأحزاب: 36].
وقال النبي- صلى الله عليه وسلم-: “من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد” (البخاري ومسلم). وقال- صلى الله عليه وسلم-: “صلوا كما رأيتموني أصلي” (البخاري).
والإكثار من قراءة كتاب الله تعالى، مع تدبره وتفهم مراميه، وعرض الإنسان نفسه عليه، يقوي الصلة بالله، لأن البعد عنه يورث القسوة في القلب والغفلة عن الله، وكذلك، الإكثار من ذكر الله، قال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكرا كثيرا) [الأحزاب: 41].
ولا بُد من القراءة المستمرة في كتب السنة، وسيرة الرسول- صلى الله عليه وسلم، لتقوية الصلة بالله، لأنّ السنة تفسر القرآن وتكمل ما أراد الله من عباده، والرسول- صلى الله عليه وسلم- هو القدوة العليا للمسلم. قال سبحانه: (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا) [الأحزاب: 21].
ومن المفيد- أيضًا- قراءة سيرة صحابة الرسول– صلى الله عليه وسلم-، باعتبارهم النموذج البشري الذي طبق الاقتداء بالرسول- صلى الله عليه وسلم-، في أعلى صورة “جيل قرآني فريد”.
وتتطلب تقوية الصلة بالله، المحافظة على الفرائض المكتوبة، من صلاة وصيام وحج وزكاة وغيرها من الواجبات الأخرى، كبرِّ الوالدين وصلة الأرحام، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. قال تعالى: (ما تقرب إليّ عبدي بشيء أحب إليّ مما افترضته عليه) (حديث قدسي في البخاري).
ومن المهم الإكثار من نوافل الطاعات، التي تعد حاجزا منيعا، يحول بين الشيطان وبين تثبيط المؤمن عن القيام بالواجبات، كما أنها تكمل النقص الذي قد يحصل في الفرائض. “ولا يزال عبدي يتقرب إليّ بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها” (البخاري).
ومن أعظم النوافل التي ينبغي الحرص عليها، قيام الليل الذي حافظ عليه الرسول صلى الله عليه وسلم، وكان وقوده الذي يمده بالصبر على البلاء والامتحان، قال تعالى: (يا أيها المزمل، قم الليل إلا قليلا، نصفه أو انقص منه قليلا، أو زد عليه ورتل القرآن ترتيلا، إنا سنلقي عليك قولاً ثقيلا، إن ناشئة الليل هي أشد وطأً وأقوم قيلا) [المزمل: 1ـ6].
والأستاذ الداعية إلى الله، والطالب الذي يعد للدعوة إلى الله، في حاجة إلى تأمل هذه الآيات والعمل بهن، للقيام بأعباء الدعوة والتكليفات الإلهية.
وتقوية الصلة بالله تحتاج إلى مجاهدة النفس، للوصول إلى محبة الله تعالى ومحبة رسول- صلى الله عليه وسلم-، المحبة الصادقة التي أرادها الله، والتي عبر عنها رسول الله- صلى الله عليه وسلم- في قوله: “ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان، أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود في الكفر بعد أن أنقذه الله منه، كما يكره أن يلقى في النار” (البخاري ومسلم).
وقال تعالى: (قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم) [آل عمران: 31].
ومجالسة الصالحين مهمة لتقوية الصلة بالمولى- سبحانه وتعالى-، فهم يعينون على فعل الخير وترك الشر، قال تعالى: (ويوم يعض الظالم على يديه يقول يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلا، يا ويلتى ليتني لم أتخذ فلاناً خليلاً، لقد أضلني عن الذكر بعد إذ جاءني وكان الشيطان للإنسان خذولاً) [الفرقان: 27ـ29].
وعن أبي موسى الأشعري- رضي الله عنه- أن النبي- صلى الله عليه وسلم- قال: “إنما مثل الجليس الصالح وجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير، فحامل المسك إما أن يحذيك، وإما أن تبتاع منه وإما أن تجد منه ريحا طيبة، ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك وإما أن تجد منه ريحاً منتنة” (البخاري ومسلم).
ومن الضروري الجد والمثابرة في طلب العلم، من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وكتب أهل العلم الذين يتمسكون بهما، ولا يقدمون عليهما قول أحد كائنا من كان، والاجتهاد في كل علم نافع للطالب ولأمته.
وزيارة القبور تقوي الصلة بالله، لأنها تذكر بأصل الإنسان وقيمة الحياة الدنيا، والموت والبعث، والحساب، والدعاء للمؤمنين بالوارد.
من المهم- أيضًا- الإكثار من قراءة كتب الترغيب والترهيب، وصفة الجنة والنار، ونعيم القبر وعذابه، وأحوال يوم القيامة، ومصائر الأمم كقوم نوح وعاد وثمود، وكذلك الإحساس القوي بالمسؤولية الفردية أمام الله، عن عمله في هذه الحياة، وعن أهله وأولاده وأقاربه، وجيرانه وأصدقائه، بل هو مسؤول عن تبليغ دين الله إلى كل من يحتاج إليه، قدر استطاعته.
تقوية الصلة بين الأستاذ والتلاميذ
وإذا كانت تقوية الصلة بالله- سبحانه وتعالى- على رأس الغايات والأهداف، فإنّ تقوية الصلة بين الأستاذ والتلاميذ مهمة وهدف منشود، ويمكن أن يتم ذلك من خلال:
- التعارف: وهو من الآداب الإنسانية العامة، التي لا تستغنى عنها الأمم والأفراد، ولا يمكن تحقيق العلاقات التعامليّة بدونه، لذلك كان التعارف من أهم الآداب الإسلامية التي أبرزها القرآن في سورة الحجرات. قال تعالى: (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم) [الحجرات: 13].
- والتعارف الإسلامي، لا بُد أن يثمر الأخوة الإسلامية الحقة، والمحبة المتبادلة الصادقة، فعلى الأستاذ أن يحقق التعارف بينه وبين طلابه، ويتعرف إلى مشكلاتهم، ليحاول حل ما قدر عليه منها، ويعمل على إيجاد التعارف بينه طلبته بعضهم مع بعض كذلك.
- التناصح: ومن العوامل التي تقوي الصلة بين الأستاذ وطلبته، أن يتواصى معهم بالحق، فلا يسكت عن منكر وخطأ يراه في طالب، بل يسرع في نصحه سرا، فإذا اقتضى الأمر نصحه علنا نصحه.
- ويدربهم- أيضا- على أن يتَناصحوا فيما بينهم بحكمة ولطف وتواضع؛ لأنهم إذا لم يحققوا التناصح فيما بينهم، وهم في ميدان التلقي والطلب، فسيكون الأمر كذلك عندما يدخلون في ميدان العمل والممارسة، وفي ذلك ما فيه من خطورة على مستقبل العمل للإسلام.
- وعلى الأستاذ أن يتقبل نصح طلبته له أيضا، فهو بشر يخطئ ويصيب مثلهم، وإن كان المفروض أن يكون أقل خطأ وأكثر صوابا، وعليهم أن ينصحوه ولا يترددوا في نصحه بأدب ولطف، والأفضل أن يكون نصح الطالب لأستاذه على سبيل الإشكال والاستفسار.
- وعلى الجميع أن يكون هدفهم من النصح، محبة الخير للمنصوح عن إخلاص وتواضع لا عن رياء وتكبر وتشهير.
- وبالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يستقيم أمر المسلمين، وبدونهما تضطرب الأمور، وتنشر الفوضى والظلم، ويسيطر الفسقة والطغاة.
- التعاون على البر والتقوى وحل المشكلات التي تعترض الأستاذ وطلبته: وهذا يقتضي مكاشفة الطلاب الأستاذ، ومكاشفة بعضهم بعضا بمشكلاتهم، حتى يتعاونوا على حلها، لأن الفرد الذي تعترضه المشكلات في حياته فيخفيها في نفسه، لا يتمكن إخوانه من معاونته على حلها لعدم معرفتهم إياها.
- الإسراع في حل أي خلاف: فقد يحدث بين الطلبة أو بينهم وبين الأستاذ خلاف، وعندئذٍ عليهم حله بالصلح مع التزام العدل، والابتعاد عن الإثارة والدعاوى الباطلة، أو التهم التي لا حقيقة لها، هرباً من الاتصاف بصفة المنافق (إذا خاصم فجر) (البخاري ومسلم).
- حفاظ الأستاذ على مواعيده، وعدم تأخره عنها، وكذلك حفاظ التلاميذ على مواعيدهم مع أستاذهم، أو مواعيد بعضهم مع بعض بكل عناية ودقة، وعدم التساهل في ذلك لما فيه من المحاذير الكثيرة ومنها: الاتصاف بصفات المنافقين التي حذر منها الرسول صلى الله عليه وسلم، وتضييع الوقت على الآخرين، تفويت فرص قد لا تعوض من الخير.
- حفاظ الأستاذ على كتمان سر طلبته: فلا يليق بالأستاذ إفشاء أسرار طلبته، بل عليه كتمانها، كما لا يليق بالطلبة، إفشاء أسرار أستاذهم ولا سر بعضهم بعضا، فيجب على كل أخ عدم إفشاء سر أخيه، بل لا يجوز له إفشاء سر زوجته بل سر نفسه الذي يستره الله عليه.
وعلى الأستاذ أن يدرب طلبته على ذلك، ويبين لهم أن ذلك مهم في حياة دعوتهم، سيما في الدول الكافرة المعادية للإسلام وللحكم بكتاب الله.
خطوات الدرس في المسجد
والحلقات المسجديّة مهمة في تقوية علاقة المربيّن والطلاب بربهم وتقوية علاقتهم ببعضهم، ومن المهم أن يُراعى فيها الآتي:
- قراءة بعض آيات القرآن الكريم وتفسيرها من كتب مثل: (تفسير ابن كثير، أو في ظلال القرآن)، وينبغي أن تكون الآيات مناسبة للمقام، فالتّرغيب- مثلاً يناسبه آيات الوعد والثواب وصفة الجنة وصفات المؤمنين، والترهيب يناسبه ذكر الوعيد وصفات النار وأعمال الكافرين- وهكذا.
- مناقشة عامة لما مضى في الدرس الماضي: وذلك بذكر ما تم كما ينبغي، وما لم يتم، مع ذكر العوائق التي اعترضت الطالب ومناقشة حلّهاـ وعلى المقصر أن يعترف بتقصيره إن حصل دون جدال، ويعتذر ويعد بعدم التقصير مستقبلا.
- وعلى الأستاذ وبقية الطلبة قبول العذر وعدم التأنيب، فإن تكرر فليُعالج بالحكمة والأسلوب المناسب في الزمان والمكان المناسبين.
- البدء في دراسة الفصل المقرر: وينبغي تنوع الدراسة، تنوعا يحقق هضمه من جميع الحاضرين ومن الممكن أن يذكر الأستاذ النقاط الرئيسية للدرس الجديد، ويطلب من كل طالب الكلام على جزئيات كل نقطة على حدة، أو يطلب من كل طالب ذكر بعض النقاط الرئيسة، ثم يقسم الجزئيات على الطلبة كل واحد يتلكم على بعضها.
- وعليه تتبع التلخيص أو الإجابة على الجزئيات، ليعلق في آخر الأمر على ما يراه يستحق التعليق، وللأستاذ أن يكلف أحد الطلبة القيام بالتدريس إذا رآه أهلاً لذلك، ليمرن طلبته على التدريس، ويصحح لهم ما يقعون فيه من خطأ.
- وعلى كل طالب أن يحضر النقاط التي أشكلت عليه في كراسته، ولا يبدأ بالسؤال عنها، بل ينصت ويناقش إلى أن ينتهي الأستاذ من البحث الذي فيه نقطة الإشكال، فإن فهم من خلال المناقشة فبها وإلا سأل أستاذه.
- وعلى الأستاذ أن يجيب بوضوح إن كان عنده علم بذلك، وإلا طلب التأجيل ليبحث، وإذا كان عند بعض طلبته علم، فعليه أن يمكنه من إبداء ما عنده ليَحصل التعاون بينه وبين طلبته.
- وعلى الأستاذ أن يحضر أسئلة على النقاط الصعبة، لتنبيه الطلبة على فهمها، وأن يسرع بالإجابة أو المساندة عليها إذا أحس عجز الطالب أو الطلبة عن الإجابة، فغرَض الجميع الإفادة والاستفادة، مع التواضع وعدم الترفع على الآخرين.
- ومهم أن يعوِّد الأستاذ طلبته في ختام الدرس على الإدلاء بما سمعوه، من الأخبار المهمة المتعلقة بالعالم الإسلامي أو غيره، وذكر المجلات الإسلامية، التي ينبغي اقتناؤها، وقراءة ما ورد في ختم المجلس.
- ولا ينبغي أن يضن الأستاذ أو طلبته بالوقت للدراسة، فخير الأوقات ما استغل في طاعة الله لا سيما ما يعود نفعه لعامة المسلمين.
- ومن الضروري أن يكون الأستاذ ملما إلماما واسعا بالدروس التي يلقيها لطلبته، متمكنا من فهم مسائلها تمكنا كاملا أو قريبا منه، وأن يتوسع في المراجعة في الكتب المناسبة.
ويحرص كل الحرص على عدم ظهوره بمظهر المتردد في فهم المسائل، حتى لا تضعف ثقة طلابه به، وحتى لا يكون قدوة لهم في عدم إتقان مادة الدرس. كما أن عليه ألا يتردد عن قول: (لا أدري) فيما لا يعلم.
نصائح من الأستاذ للتلميذ
ومن المهم أن يقدم الأستاذ نصائح للتلاميذ لتعينهم على تقوية صلتهم بالله- جل وعلا-، ويكون ذلك من خلال الآتي:
- الجد في الأمور والبعد عن الهزل والهَازلين.
- الحرص على فهم عقيدة السلف الصالح من كتبهم، وبالأخص كتب شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم.
- التعمق المستمر في فهم كتاب الله وسنة رسوله، عن طريق قراءتهما المباشرة والتدبر وقراءة التفسير، وعلومه والحديث وعلومه.
- البُعد عن التعصب، فالحق أحق أن يتبع، وليس أحد من الناس معصوما إلا من عصمة الله، وهو الرسول صلى الله عليه وسلم، ويجب رد ما اختلف فيه إلى الله ورسوله.
- تطهير المجالس من أقذار الغيبة والنميمة، وتجريح الأفراد والجماعات، فالوقت يجب أن يستغل في بناء الطالب وتعويده على الالتزام بالأدب الإسلامي، والتنفير عن الوقوع في أعراض الناس.
- لا مانع من ذكر السلبيات التي تؤثر على سير الدراسة أو الدعوة، بقصد التحذير من الوقوع فيها.
- عدم تضييع الوقت فيما لا ينفع أو فيما هو مهم على ما هو أهم، فضلاً عن تضييع الوقت فيما يضر، فمن صفات المؤمنين (وإذا مروا باللغو مروا كراما) [الفرقان: 72].
كيف يتقدم الطلاب في دراستهم؟
ويتقدم الطلاب في دراستهم ويرتقون من خلال مجموعة عوامل، تأتي على النحو التالي:
- أن يكون أستاذهم قدوة حسنة في التقدم والارتقاء.
- أن يفهموا دروسهم- المنهج المقرر- أولاً بأول، فهما دقيقا شاملاً مع التطبيق العملي لما درسوه، فالتطبيق العملي يثبت العلم وعدمه يسبب النسيان.
- الاهتمام بقراءة كتاب معين في كل علم، قراءة دقيقة من أوله إلى آخره، مع الفهم وحفظ القواعد والنصوص اللازمة، حتى يكون هذا الكتاب بمنزلة المتن لهذا الفن.
- إعداد موضوعات وبحوث مناسبة لمراحل الدراسة، وتكليفهم إعداد شيء من ذلك.
- تعيين بعض الكتب للمطالعة المستمرة وأخرى للتلخيص.
- أن يكونوا على صلة بما يجدُّ من الكتب والموضوعات والمجلات والجرائد المناسبة والحوادث المعاصرة.
- تنمية روح المسؤولية فيهم والاستقلال، لا التبعية والتقليد، مع ترسيخ التواضع فيهم والاعتراف بالفضل لأهله.
- متابعتهم متابعة دقيقة، ووضع كل منهم في مكانه المناسب، في الوقت المناسب.
- أن يقبل كل استفسار أو استشكال أو شبهة أو نقد أو اقتراح، ويناقش من تقدم بذلك مناقشة هادئة موضوعية مقنعة، ويسلم لصاحب الحق ويشكره على ذلك، مع ملاحظة ألا يكون همّ الفرد هو مجرد النقد أو القدح وإنما مراده المصلحة والوصول إلى الحق.
- تشجيعهم على القيام بجولات مستمرة للدعوة العملية.
وعلى الجميع أن يحاسبوا أنفسهم، كل بمفرده كل ليلة قبل النوم، لمعرفة ما وقع فيه من الأعمال التي لا تليق بالمسلم، والتوبة إلى الله منها، لينطبق عليه قول الرسول- صلى الله عليه وسلم-: “الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك” (البخاري ومسلم).
التدريب على تنظيم الرحلات
ولا ينبغي للأستاذ أن يغفل، تدريب طلبته على تنظيم الرحلات لما في ذلك من الفائدة لهم على تحمل المسؤولية، وخدمة الآخرين والإيثار والتضحية، ويمكن تدريب الطلاب على ذلك من خلال تعيين مجموعة منهم، وتكليفهم التخطيط للرحلة، مع توجيههم بما يلي:
- تحديد المكان والزمان (استعدادا وبدأ وعودة).
- تحديد وسيلة النقل.
- عدد المشتركين حسب الظروف والحاجة.
- المال الكافي.
- المنهج الثقافي وتوزيعه، مع مراعاة شموله ومناسبته، ويُعْنَى بالهدف الذي أنشئت الرحلة من أجله.
- تعيين الأساتذة الذين يمكن الاستفادة منهم.
- تقسيم المشتركين في الرحلة إلى لجان، كل لجنة تقوم بمهمة محددة واضحة، مع الحث على التعاون العام.
- إرشاد أعضاء الرحلة إلى ما ينبغي اتخاذه، من الحيطة في الملابس والبسط والأغطية أو غير ذلك.
- ينبغي ألا تستمر مجموعة واحدة من الطلبة في التخطيط للرحلات كلها، بل يكون ذلك بالتناوب، بحيث يعلم أن هذه المجموعة أجادت فهم التخطيط والتنظيم للرحلات، فتكلف بعدها مجموعة أخرى وهكذا.. وليتمكن الأفراد كلهم أو أغلبهم من التدرب على ذلك.
- وقت الرحلة.
- يجب أن يوضح المُكَلِّف مراده توضيحاً كاملاً، وعلى المكلَّف فهم ذلك وتوضيحه لمن يبلغهم عن الرحلة، وعلى الأفراد المبلَّغين فهم ذلك أو التأكد منه بالاستيضاح.
- على كل واحد من أعضاء الرحلة أو مجموعة منها، عدم تجاوز اختصاصهم حتى لا تضطرب الأمور وتتمكن الفوضى، فالنظام في حاجة إلى الالتزام، ومعرفة كل فرد أو جماعة حدودهم.
- على كل لجنة حلّ مشكلاتها بوساطة رئيسها، وفيما بينها وإذا لم يتمكنوا، فليرفعوا أمرهم إلى المسؤول المختص حتى تسير الأمور بانتظام.
- ولا بد في الرحلة الخلوية ـ والليلية منها بالأخص ـ من كلمة سر يعرف بها الدخيل من الأصيل.
ويتلخص مشروع منهج الرحلة في:
- مُدراسة القرآن الكريم وشيء من تفسيره.
- تلخيص بعض الكتب أو كتابة بعض البحوث في موضوعات معينة، تقرأ في الرحلة على أن يكون التكليف بذلك قد سبق بوقف كاف.
- القراءة في بعض كتب الحديث، لا سيما كتب الترغيب والترهيب.
- قراءة تراجم بعض الشخصيات الإسلامية من الأنبياء والصحابة والدعاة والمجاهدين، للاستفادة من حياتهم التطبيقية علماً وعملاً ودعوة وتحملاً.
- الإكثار من ذكر الله الوارد مطلقاً ومقيداً.
- مذاكرة بعض المشكلات التي تعترض الطلبة في سيرهم الدراسي أو الدعوة إلى الله وحلها.
- القيام ببعض التمرينات الرياضية المفيدة.
- الزيارات العادية وذوات الأسباب، مع تحين الأوقات المناسبة وعدم التثقيل على المزور.
- تبادل الهدايا.
- أداء صلاة الجماعة في مسجد واحد.
- اغتنام أي فرصة للقاء والاجتماع، ولو كان قصيراً كصلاة الجماعة والركوب في سيارة واحدة.
الكاتب في سطور:
هو الدكتور عبد الله بن أحمد قادري الأهدل، يمني الجنسية، درس الشريعة في الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، وعمل بالإشراف التربوي والتدريس بالجامعة نفسها، وله العديد من المؤلفات التربوية والدعوية والشرعية منها: (أثر التربية الإسلامية في أمن المجتمع الإسلامي – الدعوة إلى الإسلام في أوروبا – المسؤولية في الإسلام – دور المسجد في التربية – الكفاءة الإدارية في السياسة الشرعية – الجهاد في سبيل الله.. وغيرها مما طبع وما هو تحت الطبع).