ما بين تعظيمِنا شهرَ اللهِ المحرمَ رجب
وشوقِنا لشهرِ اللهِ المعظمِ رمضانَ
يغفلُ الكثيرون عن شعبانَ
شعبانُ الذي تنبَّه له نبيُّ الهدى
فأوصانا فيه بكثرةِ الصيامِ
ففيه تُرفعُ إلى اللهِ أعمالُ العامِ
هو موسمُ الختامِ لصحائفِنا وحصادِ أعمالِنا
وكما قالَ رسولُ اللهِ:
(أحبُّ أن يُرفع عملي وأنا صائمٌ)
فكنْ متأسيًا بالحبيبِ ولا تَسِرْ في ركابِ القوم
فتفزعُ إذا كثُرَ المقبلون!
وتُدبِرُ إذا قَلَّ الطائعون!
بعضُ الطاعات ما تميزتْ إلا لغفلةِ الناسِ عن أوقاتِها
كقيامِ الليلِ حين يَقِلُّ المناجون ويَكْثُرُ النائمون
فيصيرُ فضلُه لهذا عظيمًا
والأخلصُ لقلبِك أن تتعبدَ حين يغفلُ الناسُ عن العبادةِ
فينصلحُ قلبُك بالتسترِ والخفاءِ
وتنصلحُ علانيتُك بصلاحِ سريرتِك
وإنه لشاقٌّ على النفسِ الطاعةَ بلا مُعين
فاغتنمْ شعبانَ طمعًا في أن يكون أجرُك على قَدْرِ نَصَبِك
كان بعضُ السلفِ الصالحِ يغلقُ حانوتَه إذا دخلَ شعبانُ
ليتفرغَ لقراءةِ القرآنِ في شهرِ القراء
وليتطهرْ من أدرانِ الحياةِ ومشاغِلها
به تحصُل التَّقْدِمَةُ لرمضانَ
وتعتادُ النفسُ فيه على الصيام
فلا تُذهِبُ مشقةُ البدنِ سُمُوَّ الروحِ في رمضانَ
لذا حين سُئِلَ رسولُ اللهِ عن أيِّ الصيامِ أفضل بعدَ رمضانَ
قال: (شعبانُ تعظيمًا لرمضان)
فقد صامَ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ مُعظمَهُ
كما قالت أمُّ المؤمنينَ عائشةُ
(ما رأيتُ رسولَ اللهِ استكملَ صيامَ شهرٍ إلا رمضانَ
وما رأيتُه أكثرَ صيامًا منه في شعبان)
بل إنه كان يتعاهدُ أصحابَه في صيامِه
فقد سَأَلَ أحدُ الصحابةِ
(هل صمتَ من سَرَرِ شعبانَ شيئًا)
قال: لا
قال: (فإذا أفطرتَ فصُمْ يومَيْنِ مكانَه)
دلالةً على أن الصيام في شعبان أفضلُ مما سواه عدا رمضان
رمضانُ سباقٌ للعتقِ والفوزِ بالجنات
وكلُّ سباقٍ يلزمُه للسبقِ تهيئةٌ وإعدادٌ
ومنزلةُ شعبانَ من رمضانَ كمنزلةِ السننِ الرواتبِ من الفرائضِ
فهَيِّئْ قلبَك بدوامِ التوبةِ والذكرِ والاستغفارِ
وأَزِلْ ما عَلَا مصحفَك من ترابٍ
داوِمْ على قراءةِ وِردٍ من القرآنِ
ضعْ أهدافَك لرمضانَ من الآن
وتزوَّد في شعبانَ بالعلمِ النافعِ عن رمضانَ
فضلِه وفضائلِه
صِل من قَطعتَ من الرحمِ وصَالِحْ من خاصمْتَ
اسقِ نبتَتَك في شعبانَ حتى تحصدَ ثمرَها في رمضانَ
فإنَّ لربِّكُمْ في أيامِ دهرِكم نفحاتٌ فتعرضُوا لها
لعلَّه أن يصيبَكم نفحةٌ فلا تشقوْنَ بعدَها أبدًا
1 comments
اللهم بارك لنا في شعبان و بلغنا رمضان.
شكرا جزيلا لكم على هذا التذكير.