أنا متزوجة من سنه ونصف، عمري 21 عامًا وزوجي 32 عامًا، وهو من النوع الذي يتكلم مع كثير من البنات، وحدثت بيننا مشاكل في هذا الأمر، وفي كل مرة كان يعدني بالتوقف، لكني تفاجأت أن العلاقة تتطور أكثر، وحين أحدثه في الموضوع يرفض الكلام والنصيحة، ويرى دائمًا أنني صغيرة السن ولا أفهم شيئًا!
إلى أن تفاجأت أنه تعرّف على فتاة وتطورت العلاقة بينهما إلى الحرام والزنى، وهي الآن حامل منه! وأنا كذلك حامل منه! لا أستطيع الطلاق ولا أطيق الاستمرار ونفسيتي صارت سيئة للغاية.. ماذا أفعل؟!
الإجابة
وهل قبل السنة ونصف زواج، لم يظهر على زوجك أي انحرافات في سلوكه؟! لماذا نغض الطرف عن مقدمات الحرام، ثم إذا ما وقع ننصدم؟! الحرام له مقدمات ولا بد أنه وقع فيها أمامك ابنتنا الكريمة يوما ما.
نداء للأهل الكرام، تثبتوا واسألوا على المتقدم لبناتكم، ولا تقبلوا إلا من ترضون دينه وخلقه كما حثنا الشرع: “إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير”.
الطيبون للطيبات، فلماذا نقع في أسر خوف العنوسة أحيانًا ونقبل بأول المتقدمين، وبلا استخارة أو استشارة نكتفي بأحاسيسنا تجاه المتقدم! أو من لا يخشون الله ويشهدون بغير الحق،
زنا وفعل محرم، وعلى ذمته زوجة صبية حديثة عهد بالزواج، أي أن العلاقة الحميمة في أوجها وأفضل حالاتها كما هو مفترض ومتصور! هذا النمط مع الأسف لا يستغني عن الحرام هكذا بسهولة إلا أن يتوب توبة صادقة، ويرى بلاء فعلته وعاقبتها في الدنيا والآخرة، الزاني المحصن (المتزوج) حده الرجم في الإسلام فهل يعلم ذلك! الأمر يا ابنتي ليس هينًا، أعانكِ الله على هذا الابتلاء، ورفع عن عينك الغشاوة.
ما نقصد قوله أنه لابد وإن بدت بعض المقدمات وأنتم في مرحلة الخطوبة، فنهيب بالفتيات أو بالأهل ألا يتهاونوا ويستمروا في علاقة مقدماتها تشي بالسيئ، خادعين أنفسهم أنه سينصلح بالزواج!
الاستقامة يا ابنتي تأتي بالانشغال على القلب وليس بالزواج، فمن لم يخشَ الله قبل الزواج لن يخشاه بعده هكذا من تلقاء نفسه!
يقول المثل (نظارة الحب عمياء) هذا صحيح مع الأسف، تظل البنات تبرر أفعالًا من الواضح جدًا أنها غير منضبطة بدعوى هذه أول مرة، مرة ولن تتكرر، كل الشباب يفعلون هكذا! ثم تتكشف الحقائق تباعًا، بعدما ينطفئ وهج الزواج!
ابنتنا الكريمة: أمامك خيارٌ من اثنين، إما أن تعيني زوجك على نفسه، ويتوب لله توبة نصوحة، ويبدأ عهدًا جديدًا مع الله، وإما مفارقته إذا لم تجدي نية للتغيير.
وطفلك أو طفلتك القادمين للدنيا، سيتربوا برحمة الله، والله هو الرازق، وخير لهم ألف مرة من أن يحيوا مع أبٍ يفعل المحرمات، ذكريه بحديث رسول الله- صلى الله عليه وسلم- حينما جاءه فتى يستأذنه في الزنى! فعن عن أبي أمامة الباهلي: “أنَّ غلامًا شابًّا أتى النبيَّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم فقال: يا نبيَّ اللهِ أتأذنُ لي في الزنا؟ فصاح الناسُ به، فقال النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم قَرِّبوهُ، ادْنُ، فدنا حتى جلس بين يديْهِ، فقال النبيُّ عليه الصلاةُ والسلامُ: أتحبُّه لأُمِّكَ فقال: لا، جعلني اللهُ فداك، قال: كذلك الناسُ لا يُحبُّونَه لِأمَّهاتِهم، أتحبُّه لابنتِك؟ قال: لا، جعلني اللهُ فداك قال: كذلك الناسُ لا يُحبُّونَه لبناتِهم، أتحبُّه لأختِك؟ وزاد ابنُ عوفٍ حتى ذكر العمَّةَ والخالةَ، وهو يقولُ في كلِّ واحدٍ لا، جعلني اللهُ فداك، وهو صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم يقولُ كذلك الناسُ لا يُحبُّونَه، وقالا جميعًا في حديثِهما – أعني ابنَ عوفٍ والراوي الآخرَ -: فوضع رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم يدَه على صدرِه وقال: اللهمَّ طهِّرْ قلبَه واغفر ذنبَه وحصِّنْ فَرْجَه؛ فلم يكن شيءٌ أبغضَ إليه منه” أي: من الزنى.
أجاب الحبيب المصطفى هذا الفتى بالفطرة، هذا أمر تأباه الفطرة السليمة، أخبريه أيرضى هذا لأخته أو أمه أو خالته أو عمته، أو لو كنت حاملا في طفلة أيرضاه لها؟!
كما نوصيك بألا تتبعي عورته بالتجسس على أخباره، فقط عليك الدعاء له بالهداية، أما إذا ساق الله إليك معلومة من باب كشف الله له، فهذا أمر يختلف تمامًا عن التجسس المحرم!
يقول المصطفى صلى الله عليه وسلم:”يا معشر من أسلم بلسانه ولم يفض الإيمان إلى قلبه لا تؤذوا المسلمين ولا تعيروهم ولا تتبعوا عوراتهم، فإنه من تتبع عورة أخيه المسلم تتبع الله عورته، ومن تتبع الله عورته يفضحه ولو في جوف رحله”. وإذا كان هذا في جميع الناس فهو في الزوج أشد!
نعلم أن الأمر ليس سهلًا عليك ابنتنا الكريمة، وليس على الله بعزيز أن يتوب زوجك، فكم من عصاة أتوا إلى باب عفوه صادقين، فتغمدهم برحمته، وشملهم بعفوه، فإن كان يشعر بالذنب ويعترف بفعلته فهذا مؤشر جيد لبداية التغيير، وذكريه بستر الله عليه حتى الآن من أن يعرف المحيطون به فعلته، وأنك أيضًا ستكونين سترًا له إذا ما ارتدع وتاب وأناب وإلا سيكون للأهل معه وقفة تليق بما فعل.
وحتى يعود لا بد من تمهيد أرض صالحة وتربة إيمانية خصبة، وصحبة صالحة معينة، وأن يبتعد عن الأسباب التي تسهل له الوقوع في الحرام، وأن يشغل وقته بالعمل والتعلم، واشغلي نفسك أيضًا بتعلم أمور دينك، فهذه الأمور تنتشر بالقدوة والعدوى فحينما يراك مقبلة على كتاب الله حفظًا وتدبرًا سيتأثر حتمًا بمرور الوقت، أصلح الله لك حالك، وأراح بالك، وهدى زوجك للطريق القويم، وإن تاب زوجك وأناب، فاجعلي هذه المرحلة صفحة في حياتك منسية، لا تذكريه بها طالما استقام.
اللهم لا ترفع عنا سترك ولا تنسنا ذكرك.
1 comments
بارك الله لكم رد ناصح ومفيد انا استفد منه كثيرا كان عندكم الافاده لسؤالى انا شخصيا شكراً