في عالم غارق في المادية
وعقيدةٍ تنازعها أفكارٌ خبيثة
وشبابٍ يتخطفه اليأس والإحباط
وشكوكٍ تخترق حصون اليقين
وأصحابِ إيمان يخوضون الحرب كل يوم بحثا عن الصمود
في عالم كهذا..
لا بد للنفس من خندق تتداوى فيه من جراح المعركة
ومحطة تتزود فيها القلوب بما يعصمها من السهام
وموقف تتزود فيه الصدور بالإيمان الحصين..
هنا رمضان..
ليس شهرا للصيام وحسب..
بل نعمةً تتجلى فيها عظمة الإسلام وروعة بنائه..
ويُثبت فيها الإسلامُ للعالمين أن كتابَ الله حوى ما تحتاجه سلامة الإنسان النفسية والصحية..
قبل بحوث علماء النفس وأساتذة الاجتماع..
وأن الإنسان لا يسعه في هذه الحياة أن يجد الراحة..
إلا في العيش على المنهاج القويم..
{أَلَا يَعۡلَمُ مَنۡ خَلَقَ وَهُوَ ٱللَّطِيفُ ٱلۡخَبِيرُ}
هنا رمضان..
إذا كان الناسُ يحسَبون عامهم الجديد بمواقيت ميلادهم أو إطلالة الميلاد..
منحةٌ ذهبية تتكرر كل عام..
تعطيك فرصة للبدء من جديد..
وتتركك أمام منهلٍ صافٍ يغسل عنك كل ما يثقل كاهلك منذ الميلاد..
هنا رمضان..
حيث الجنة لا تنزل إلى الأرض إلا في قلوب الصائمين..
وحيث الإيمان الصادق يخالط بكاء المصطفين في التراويح والتهجد..
وحيث الرحمات تترى على المسبحين بحمد الله على موائد الإفطار..
يخبرنا الله أن كل عمل بن آدم له
إلا الصيام؛
فإنه لي
وأنا أجزي به!
الصيام جُنّة
وإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث
ولا يصخب
فإن سابّه أحد أو قاتله
فليقل: إني امرؤ صائم
والذي نفس محمد بيده
لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك
للصائم فرحتان يفرحهما
إذا أفطر فرح بفطره،
وإذا لقي ربه فرح بصومه!
هنا رمضان..
حيث كل الأجواء تدعوك للعودة
أبواب الجنة مفتحة
ومعاقل النار مغلقة
والشياطين قابعة في السلاسل والأصفاد
هنا رمضان
رحلة.. وأي رحلة!
أولها رحمة
وأوسطها مغفرة
وآخرها عتق من النار
ليلة صادقة واحدة منه تضعك على طريق الجنة
به ليلة لا تعرف الأيام مثلها
من قامها إيماناً واحتساباً
غُفر له ما تقدم من ذنبه
شهر كريم
من صام فيه يوماً في سبيل الله
باعد الله وجهه عن النار سبعين خريفاً!
باب للرحمات
وموسم مفتوح للغفران
قالت عائشة أم المؤمنين، رضي الله عنها:
يا رسولَ اللَّهِ
أرأيتَ إن وافقتُ ليلةَ القدرِ..
ما أدعو؟
قالَ: تقولينَ: اللَّهمَّ إنَّكَ عفوٌّ تحبُّ العفوَ فاعفُ عنِّي
هنا رمضان..
حيث تدفع مقدما تذكرة عبورك باب الريان
سر أبواب الجنة..
لا يدخله إلا الصائمون!
هنا رمضان..
مفتاح جنتك،
وبوابة وصولك،
وغاية إيمانك،
وفرصتك الذهبية التي يجب ألا تضيع ..
فتجهز واعمل
فالعاقل من تمسك بالفرصة،
فهلا استعدَدت لها؟