يحظى الكتاب المدرسي باهتمام كثيرٍ من الباحثين والمُربّين بوصفه الدعامة الأساسية التي يُستند إليها في التربية والتعليم، وذلك على الرغم من تباين الآراء حول دوره في العملية التعليمية والتربوية وتعدُّدها قديمًا وحديثًا، حيث يُعد المصدر الذي يُسهم إلى حدٍّ كبيرٍ في تزويد المتعلم بالخبرات والمهارات والقيم والاتجاهات التي تُسهم في إعداده إعدادًا متكاملًا للحياة.
ويُمثل هذا الكتاب، إحدى ركائز العملية التربوية الرئيسة المُهمة، وهو مُحور رئيس من محاور التربية، حيث يُؤثّر في جودة التّعليم ولا يقل أثره في نوعية التعليم عن المُعلّم، والبناء المدرسي، والإدارة، بل هو صلب العملية التربوية ويليه المدرس والطالب.
مفهوم الكتاب المدرسي وأهميته
ويُعرّف الكتاب المدرسي بأنه المرتكز الأساسي للتّعليم، والوسيلة التعليميّة والتربويّة المنظمّة التي تتكون من حصيلة خبرات ثقافيّة واجتماعيّة وفنيّة تستهدف فئة تعليميّة محدّدة بحيث تتوافق مع قدراتهم، وتتدرج المعلومات داخل هذا الكتاب من السهل إلى الصعب، وتهدف إلى رفع مستوى كفاءة الطلاب وخبراتهم.
ولم يقتصر دور الكتاب في المدرسة على كونه مرجعًا أساسيًّا للمعلومات في المقرّر الدراسي؛ بحيث يحفظ الطالب هذه المعلومات ويُقيّم من المدرّس، حيث اتسع هذا الدور ليشمل تفاعلاً بين الطلّاب لاكتساب المعلومات والمهارات من خلال الأنشطة الصّفّية ويقوم المعلّم بتوجيههم وإرشادهم.
وهذا الكتاب هو مصدر تعليمي مُصَمّم خصيصًا لمساعدة الطلاب في فَهم واستيعاب المواد الدراسية في السياق التعليمي، وهو واحد من أدوات التعليم الأكثر استخدامًا في العديد من نُظُم التعليم حول العالم.
وهو الوسيلة الأولى التي استخدمها الإنسان للتثقيف والتعليم، وسيظل شاهدًا على الحضارة الإنسانية، فلولا وجوده ما كان هناك علم أو تراكم معرفي يؤدي إلى التطور والرقي الحضاري، وهو الأداة المتاحة والممكنة التي تصل إلى التلميذ والمعلم في كل مكان.
وهو- أيضًا- مجموعة خبرات تربوية وثقافية واجتماعية ورياضية وفنية تُهيؤها المدرسة لطلابها بقصد مساعدتهم على النمو الشامل وتعديل سلوكهم، لذا فهو ينتقل من مجرد وسيلة تهتم بالجانب المعرفي المهاري إلى الاهتمام بالخبرات التربوية والثقافية والاجتماعية والرياضية والفنية من أجل إحداث التعديل في السّلوك.
وما زال هذا الكتاب وسيلة ناجحة لعرض المفاهيم والحقائق والتعميمات في مجال أي موضوع من الموضوعات الدراسية، وهو يتكامل مع وسائل التعليم والتعلم الأخرى بسهولة ونجاح، ولا يتعارض معها بأي شكل.
ويُعدّ أداة مرنة يُمكن استخدامها داخل الصف الدراسي وخارجه، وكذلك في التعلم الفردي، والتعلم الجمعي، ويمكن استخدامه في أي وقت من دون قيود، ويمكِّن بسهولة الاستجابة للتغييرات السريعة التي تطرأ على المعرفة، لأنّه يسهل تعديله بما يتمشى مع التغييرات.
شروط الكتاب المدرسي
ورغم اختلاف شروط الكتاب المدرسي من دولة إلى أخرى بحسب النصوص والمناهج التعليمية المعتمدة، فإنّ أبرز الشروط والمعايير العامة تتمثل في الآتي:
- الدقة: بأن تكون المعلومات والمحتوى المقدمة في الكتاب دقيقة وصحيحة، وبعيدة عن الأخطاء الواضحة والمعلومات المُضللة.
- التوجيه والتحفيز: بأن يكون الكتاب قادرًا على توجيه الطلاب وتحفيزهم لفهم واستيعاب المواد، وتشجيعهم على التفكير النقدي والاستقلالية.
- التوافق مع المنهج: فلا بد من تغطية المواد والمفاهيم التعليمية والتربوية التي ترغب المؤسسة توصيلها إلى الطلاب.
- الجودة البصرية: وهي تتمثل في الرسوم والصور التوضيحية الملائمة والجاذبة للطلاب.
- تقديم معلومات إضافية للمعلمين: حتى تساعدهم في تدريس المواد بفعالية.
- التحديث والمتابعة: بأن تكون قابلة للتحديث والتطوير بناءً على التطورات في المعرفة والتعليم، وهو من صميم دور الناشرين بأن يقدموا إصدارات جديدة بشكل دوري.
- سهولة القراءة والفهم: ويكون ذلك بكتابته بلغة وأسلوب ملائمين للفئة العمرية المستهدفة، ليساعد على سهولة القراءة والفهم.
- تقديم مصادر إضافية: بحيث يحتوي على أمثلة توضيحية وتمارين تفاعلية وأنشطة تعليمية تزيد من قيمته التعليمية.
- منطقية: فهي تقدم المعلومات بطريقة منطقية ومنظمة، ما يجعلها سهلة الوصول والفهم، وغالبًا ما تتبع ترتيبًا مناسبًا للمواد الدراسية.
- تكون ملائمة للأعمار: فلا بُد من أن تكون مصممة لمختلف مستويات التعليم والأعمار، ما يسمح للطلاب بالتقدّم تدريجيًّا من مستوى إلى آخر.
- تنوع الموضوعات: بتغطية مجموعة متنوعة من الموضوعات الدراسية التي تشكل وجدان الطالب وتغذي عقله وتزيد من ثقافته وتؤهله تربويا.
دور الكتاب في التربية والتعليم
ويلعب الكتاب المدرسي دورًا حاسمًا في التربية والتعليم، حيث يعد أحد أهم الأدوات التعليمية في العالم، ومن أهم أدواره:
- عرض الخبرات التعليمية بصورة منطقية تناسب مطالب النمو ومبادئ التعلم لدى الطلاب.
- تنمية القدرة لدى الطلاب على القراءة.
- المساعدة في مراجعة المادة الدراسية في أي وقت.
- توفير الفرص المتعددة والكافية للطلاب في تنمية ميولهم وقدراتهم وحاجاتهم ورغباتهم.
- تمكين الطلاب الاندماج والانسجام والتوافق مع بيئتهم المحلية.
- المساهمة في حل مشكلات المجتمع بصورة علمية.
- تقديم معلومات ثرية وشاملة تمكن الطلاب والمعلمين من الوصول إلى المعرفة في مختلف المجالات مثل: العلوم، والتاريخ، والأدب، والرياضيات، واللغة، وغيرها.
- توجيه الطلاب نحو المعرفة والمفاهيم الأساسية في موادهم الدراسية.
- تقديم معلومات موثوقة، حيث يجري مراجعتها ومراقبتها بعناية.
- تعزيز التفكير النقدي، حيث يحتوي على تحليلات وآراء متنوعة، وبالتالي فهو يشجع على التفكير النقدي وتطوير القدرة على التقييم واتخاذ القرارات.
- تقديم مصادر للبحث، حيث يمكن للباحثين والمعلمين استخدام الكتب للعثور على معلومات مرجعية وقواعد لأعمال البحث.
- توحيد المناهج: فهو يستخدم لتوحيد المناهج الدراسية في نظام التعليم الوطني، ويساعد في تحقيق التماثل في مستوى التعليم وضمان أنّ الطلاب يتعلمون المفاهيم والمعرفة الأساسية المتعلقة بالمواد.
- تعزيز الذاتية: فهو يُشجع على القراءة الذاتية والتعلم المستمر، ويُمكّن الأفراد من زيادة معرفتهم في مجموعة متنوعة من المواضيع.
- مساعدة المعلمين: بحيث يمكنهم الاعتماد على هذا الكتب كأداة تعليمية أساسية وتوجيه لطلابهم.
- السماح بكتابة الملاحظات: وهي من الطرق التي تثبت المعلومات في عقل الطلاب.
- السماح بالإعادة والمراجعة: وهو من أهم أدواره، حيث يمكن للطلاب والمعلمين الرجوع إليه في أي وقت للتأكد من معلومة أو مراجعتها.
من هنا، فإنّ الكتاب المدرسي يلعب دورًا مهمة في عملية التربية والتعليم، حيث يُوجّه الطلاب ويقدم لهم المعرفة الأساسية الدقيقة والمناسبة لأعمارهم وفق منهج متدرج ومتنوع ومعروض بطرق جذابة، وفي الوقت نفسه فهو يساعد المربين في تدريس المواد بفعالية وتوصيل المعلومات بأفضل الطرق، مع فرصة للمراجعة مرات عديدة وتدوين الملاحظات المهمة، لكن لا بُد من الالتزام بشروطه حتى يخرج في أفضل ثوبٍ ليُشجع الطلاب على التفكير النقدي والتحليل.
مصادر ومراجع:
- خالد مغفور: تعريف مفهوم الكتاب المدرسي.
- محسن علي عطية: المناهج الحديثة وطرائق التدريس، ص 313.
- محمد عبد الرحيم عدس: نهج جديد في التعلم والتعليم، ص 27.
- إيمان عبد الكريم ذيب وآخرون: سلسلة المرجع في المناهج وطرائق التدريس للتخصصات الإنسانية والعلمية، ص 267.
- رحيم علي صالح: المنهج والكتاب المدرسي، ص 162.
- الموسوعة العربية: الكتاب المدرسي.