تناولنا في المقالين السابقين دليل المربي في المهام الإدارية والتربوية، في ا، والرحلة والمخيم التربوي، وفي الجزء الأخير نتطرق إلى دوره في الندوات العامة.
ثالثاً: المهام العامة
ونتناول في هذا البند بعض المبادئ العامة في وضع وتصميم برامج الندوات ثم نتناول الإعداد لندوة عامة على سبيل المثال.
أ – مبادئ عامة في وضع وتصميم برامج الندوات:
نتناول هذه الجزئية من خلال طرح عدة أسئلة ينبغي على من يتعرض لوضع وتصميم البرامج العامة وتنفيذها أن يجيب عليها:
لمن توضع البرامج؟ ومن الذي يضعها؟
فيجب معرفة جماعة المشاركين من العامة وأهدافها ومرحلة نمو أعضائها، وكذلك من الذي يضع البرنامج؟ فرد أم لجنة من الأعضاء، وبتوجيه أو بغير توجيه.
لماذا توضع هذه البرامج؟
وذلك مرتبط بالأهداف التي تسعى المؤسسة لتحقيقها.
ماذا تحتوي هذه البرامج؟
محتويات البرامج وأنواع الأنشطة التي تعمل على مقابلة حاجات المشاركين ومدى ملاءمتها للمؤسسة ووظيفتها ومدى اتفاقها مع قبول رغبات المشاركين.
متى يبدأ تنفيذ البرنامج؟
هل الوقت مناسب وهل يتعارض تنفيذه مع برامج أخرى بالمؤسسة؟
كيف يتم تنفيذ البرنامج وأدوار المشاركين في مفردات الأنشطة؟
وهذا يتطلب المواءمة مع إمكانيات المؤسسة وقدرات واستعدادات المشاركين وإذا كانت البرامج في غير مستوى المشاركين فينبغي تغييرها أو تعديلها.
ماذا بعد تنفيذ البرنامج؟
توضع معايير لنجاح البرنامج وكيف يمكننا أن نطور أنفسنا معاً
ب – ملاحظات حول كيفية الإعداد لـ الندوات عامة
أولًا: مهمة الإعداد:
- تحديد مواصفات جمهور الندوة.
- أن يكون للندوة موضوع محدد واضح ويحقق غرضاً من أغراض الجهة المنظمة لها وللجمهور الحاضر لها.
- اختيار المتخصصين في زوايا الموضوع المختلفة.
- إعداد مكان مناسب لإقامة الندوة حيث يمكن استيعاب الجمهور وإعداد التجهيزات اللازمة والصوتيات والإضاءة والتسجيل والتصوير… الخ.
- دعوة المتخصصين والاتفاق معهم.
- إعداد لجنة سكرتارية لتسجيل الندوة.
- التخطيط الإعلامي للندوة والإعلان عن موضوعها ومكانها وتوقيتها.
ثانياً: مرحلة التنفيذ:
وتتم بطريقتين:
1. طريقة الندوات ذات العرض الأولي:
وفيها يبدأ المنظم في عرض موضوع الندوة المحدد سابقاً وذلك بأن يمهد للموضوع بكلمة مختصرة ثم يقدم المتخصصين للجمهور حيث يقوم كل واحد منهم بإلقاء كلمة من الجانب الذي يدور حوله الموضوع فيتحدث المتخصصون أولاً ثم يسمح للجمهور بالمناقشات.
2. طريقة الندوات ذات المناقشة الأولية:
وفيها يتناقش ثلاثة أو أكثر من المتخصصين في الموضوع أمام الحاضرين لمدة قرابة عشرين دقيقة ثم يسمح منظم الندوة للجمهور بالمشاركة ويعرض الجمهور استفساراته ويقدم الأسئلة ثم يطلب من المتخصصين الرد على التساؤلات كل في مجال تخصصه.
ثالثًا: دور المنظم في الندوات:
- أن يجتمع مع متحدثي الندوة قبلها بوقت كافٍ ويحصل على موافقتهم على تقسيم منطقي للموضوع المطروح.
- تحديد النقاط العامة التي يتناولها كل عضو.
- ترتيب الكلمات والوقت المسموح به لكل عضو.
- يجتمع مرة ثانية مع متحدثي الندوة قبلها مباشرة لمراجعة النقاط السابقة وما يتم الاتفاق عليه.
- في مستهل الندوة يعرض الفكرة العامة للموضوع في شكل عناصر جزئية يناقشها كل متحدث.
- يقدم متحدثي الندوة في إيجاز.
- يتفق مع إخوانه على الإجراءات التي ستتبع بما في ذلك أدوار المتحدثين والمشاركين.
- أثناء التنفيذ يعطي لكل متحدث وقتًا لبيان توضيحي موجز أو لنقد ما أو تعليق ويتيح لكل متحدث أن يوجه سؤالاً لأي متحدث آخر.
- عليه أن يحول الجو العام إلى مناقشة موضوعية بين الجمهور والمتخصصين مع امتصاص وتوجيه أي انفعال والإصرار دائماً على عدم الخروج عن الموضوع.
رابعاً: مرحلة التقييم:
تتم دراسة مدى نجاح هذه الوسيلة في تحقيق ما كانت تهدف إليه بأي وسيلة من الوسائل مثل:
الملاحظة: وذلك بملاحظة سلوك الجمهور ومدى ما حدث من تعديل فيه.
الاستبيان: فيتم عمل استبيان حول الموضوع يوزع على الجمهور قبل الندوة ثم يوزع بعدها لمعرفة مدى التغير الذي أحدثته الندوة في الجمهور.
المهام اللازمة لقيام المربي بمسؤولياته في إدارة الجلسات واتخاذ القرارات
أولاً: حول إدارة الجلسات
طبيعة العمل فى الجماعي في الإسلام يستلزم عقد جلسات على مستويات مختلفة من القيادة أو القواعد أو اللجان أو أجهزة أو أقسام حسب مجالات العمل والنشاط. وفي هذه الجلسات يتم دراسة القضايا المتعددة المتصلة بالعمل وتقليب وجهات النظر وتمحيصها ثم تصدر القرارات المناسبة التي تحقق المصلحة والأهداف المرجوة. لهذا صار لمثل هذه الجلسات أهميتها الكبيرة، ففيها ترسم الخطط وتحدد الوسائل ويحدث التقييم بعد الدراسة والمناقشة. وإن إدارة مثل هذه الجلسات فن دقيق وأمر حيوي يتوقف عليه نجاح هذه الجلسات فى أداء الغرض المنشود منها من عدمه. فأحياناً سوء إدارة الجلسة يعرض الوقت إلى الضياع دون جدوى أو إلى عدم الوصول إلى نتائج محددة أو استطراد في موضوعات خارج جدول أعمال الجلسة على حساب موضوعات أساسية، وربما يؤدي أحياناً إلى وقوع خلاف وتغير فى النفوس بين أفراد الجلسة.
لهذا ونحن نتعرض لموضوع إدارة الجلسات نقدم بعض الملاحظات والتوصيات التي تفيد في حسن إدارة الجلسات بما يعود بالخير والإنتاج بإذن الله:
قبل الجلسة:
- الجلسات التربوية أو الدعوة عبادة نبتغي بها مرضاة الله فنقبل على الجلسات كما نقبل على عبادة من العبادات بإخلاص النية وصفائها من كل شائبة، وجو السكينة وحضور القلب وكل ما من شأنه أن يساعد على قبول تلك العبادة والبعد عن كل ما يفسدها أو يحبط أجرها.
- لأهمية ما يبحث فى الجلسات وما يترتب عليه من نتائج، يجب الاهتمام بالإعداد لهذه الجلسات كي تتم فى الزمان والمكان المتفق عليه لننجز المطلوب منها فى حينه دون تأخير أو تعطيل.
- يلزم عند الاتفاق على الجلسة تحديد موعد بدئها وموعد انتهائها لينظم كل فرد أوقاته وأعماله، ولا يجوز تجاوز موعد الانتهاء إلا إذا احتاج إنهاء موضوع هام إلى وقت إضافي قليل لإنهائه.
- يلزم الدقة فى تبليغ الموعد والمكان بحيث لا يحدث خطأ يترتب عليه عدم حضور البعض وقد يؤدي ذلك إلى عدم تكامل النصاب اللازم، وينبني على ذلك فوات فرصة اتخاذ القرارات اللازمة فى الوقت المناسب، بالإضافة إلى ضياع وقت وجهد الذين حضروا فى الموعد لعدم إتمام الجلسة.
- ضرورة تحديد جدول أعمال للجلسة، وكلما علم مسبقاً كلما ساعد على نضج المناقشة حوله ويراعى الالتزام وعدم الخروج عنه إلا لضرورة مرجحة.
- يجب على الأفراد الحرص التام على الحضور فى الموعد المحدد وعدم التخلف إلا لعذر قاهر حدث مع الإبلاغ المسبق ويحاسب من يتأخر عن الموعد دون عذر مقبول، وإهمال هذه المحاسبة يولد جوًا من التسيب والتساهل فى الحضور في الموعد فيتأخر بدء الجلسة ويضيق الوقت المقرر لها.
أثناء الانعقاد:
- حبذا لو حرص على بدئها بذكر الله والاستعاذة من الشيطان وكلمة لا تزيد عن خمس دقائق فيها تذكير وعظة وتوصية بآداب الحديث والنقاش وتحرى الحق والخير.
- على مسئول الجلسة الحرص على الوقت كي يتم جدول الأعمال خلال وقت الجلسة المحدد، فكثيراً ما تستغرق الموضوعات الأولى فى جدول الأعمال معظم الوقت وتتعرض الموضوعات الباقية – بسبب ضيق الوقت – إلى التسرع المخل فى بحثها أو إلى تأجيلها وكلا الأمرين غير سليم وله أضراره.
- من المهم أن ينظم المسئول عن الجلسة الحوار عند مناقشة الموضوعات بصورة حكيمة تجمع بين إنضاج الآراء لتبين وجه الحق فى الأمر المعروض واتخاذ القرار المناسب وبين المحافظة على الوقت.
- ينبه المسئول إلى ضرورة التركيز والاختصار فى إبداء الآراء وعدم تكرار ما سبق ذكره حفاظاً على الوقت ولإتاحة الفرصة للغير لإبداء رأيه. كما يراعى عدم الخروج عن صلب الموضوع فى استطرادات جانبية، وعلى المسئول أن ينبه ويحول النقاش إلى صلب الموضوع، ويكون حاسماً فى ذلك ولا يجوز لأحد أن يغضب إذا طلب منه التوقف فى الاستطرادات الجانبية، فالمجاملة فى ذلك تكون على حساب الموضوعات الباقية وصالح الدعوة.
- يراعى عدم مقاطعة الأعضاء بعضهم لبعض أثناء حديثهم فليس ذلك من أدب الحديث والنقاش ولكيلا يقطع عليهم تسلسل أفكارهم، وأحياناً تؤدي هذه المقاطعة إلى إثارة المتحدث وغضبه والسماح للشيطان بالمشاركة فى الجلسة فيفسدها، ويصعب حينئذ الوصول إلى الحق فى مثل هذا الجو.
- من أراد الحديث والتعليق على حديث غيره يرفع يده لتسجيل اسمه ليأخذ دوره فى الحديث، ويمكنه أن يسجل ملاحظاته فى ورقة عنده كي يرجع إليها عندما يتحدث.
- تراعى الآداب الإسلامية وألا تصدر ألفاظ فيها تجريح لأحد أو غيبة أو غير ذلك. ولو فرض وصدرت إساءة من أحد لآخر فلا يقابل ذلك الغضب للنفس وبروز أشخاصنا فوق مصلحة الدعوة بما يفسد جو الجلسة فلا تتحقق الأغراض المنشودة، ولكن في الصفح والعفو والتسامح مجال طيب، مع توجيه المخطئ من قبل المسئول عن الجلسة إذا كان الوقت والظرف مناسبين أو بعد اللقاء على انفراد حسب الحاجة.
- يلزم أن يراعي كل فرد عدم إصراره على رأيه معتقداً أنه وحده الصواب، ولكن يفترض فى رأي غيره الصواب، ولا يجوز أن يضيق أحد إذا لم يؤخذ برأيه وعلى الجميع الالتزام بالرأي الذي ينتهي إليه وعدم الحديث برأي آخر.
- يراعى عدم امتداد الجلسات والمناقشات مدة طويلة لما يترتب على ذلك من إرهاق للذهن والأعصاب. وقد يؤدي ذلك إلى عدم التركيز والوصول إلى الرأي الأسلم، كما قد يؤدى تعب الأعصاب إلى صدور ألفاظ غير لائقة وخلاف ونزاع يفسد جو الجلسة وإذا استدعت الظروف مواصلة البحث فى موضوع لأهميته فيلزم أخذ وقت للراحة وتجديد النشاط ثم تستأنف الجلسة.
- أحياناً تؤخذ القرارات بالتصويت، فليكن معلومًا أن إبداء الرأي أو إعطاء الصوت لرأي بذاته أمانة وشهادة، وكذلك من يعطي صوته فى انتخاب أفراد في مستوى من مستويات المسئولية أو القيادة فعليه تحري مصلحة الدعوة دون مجاملة لأحد أو تحكم لعاطفة، ونذكر بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من استعمل رجلًا على عصابة وفيهم من هو أرضى لله منه فقد خان الله ورسوله والمؤمنين”.
- قبل ختم الجلسة تراجع النتائج والقرارات ويحدد موعد ومكان الجلسة القادمة.
- يراعى ختم الجلسة بالدعاء المأثور: “سبحانك اللهم وبحمدك نشهد ألا إله إلا أنت نستغفرك ونتوب إليك”.
بعد الانتهاء:
يحافظ على أمانات الجلسات ولا يذاع إلا ما يتفق عليه، ويتابع تنفيذ ما اتخذ من قرارات.
ثانياً: حول اتخاذ القرارات
المقصود بعملية اتخاذ القرارات هي: الاختيار القائم على أساس بعض المعايير لبديل واحد من بديلين محتملين أو أكثر، والأساس فيها اختيار تصرف معين بعد دراسة وتفكير.
تختلف أنواع القرارات من حيث نطاق القرار ومدى عموميته، ومن حيث أثره ومدى إلزامه ومن حيث قابليته للإلغاء ومن حيث برمجته واتخاذه من خطط موضوعه من عدمها.
ومن أساليب اتخاذ القرارات:
الخبرة: وذلك باستخدام الخبرة السابقة فى التوصل إلى القرار المطلوب ويكتفي فى ذلك بتطبيق قاعدة أو سياسة للعمل.
التجربة والخطأ: بتجربة حل معين ثم تعديله أو تغييره بناء على السلبيات التي تكتشف مع التطبيق وتستخدم عند عدم توافر معلومات عن المستقبل وصعوبة التنبؤ بنتائج حل معين.
اتباع منهج موضوعي: وقوامه التفكير المنطقي غير المتحيز وتتضمن خطوات عملية اتخاذ قرار بشأن مشكلة ما هي:
- تشخيص المشكلة وتحديد الهدف، ولتحديد المشكلة يجب الإجابة على مجموعة أسئلة: ما نوع المشكلة؟ كيف نشأت المشكلة؟ ما هي النقطة الجوهرية في المشكلة؟ لماذا نريد حل المشكلة؟ متي يجب أن تحل؟ وما هي المشاكل المترتبة على عدم الحل؟ وما المشاكل التي تترتب على الحل؟ ومن الضروري التفرقة بين المشكلة السطحية والمشكلة الحقيقية، فالأولى سهلة التمييز والثانية تحتاج إلى خبرة وذكاء.
- تحديد البدائل الممكنة: وفي هذه المرحلة يكون الطرح لعدة تصرفات تصلح جميعاً لبلوغ الهدف بدرجات متفاوتة وهذه المرحلة تستلزم التفكير الابتكاري والقدرة على التخيل مع تقييم كل بديل وتحديد المزايا والعيوب المتوقعة لكل تصرف.
- اختيار أفضل حل (البديل الأمثل) يكون هو القرار ثم يحول إلى عمل فعال يتفاعل معه المعنيون.