تُعدّ الندوة التربوية وسيلة لزيادة الرصيد الثقافي عند السامع وتعمق فكره عن موضوع بعينه، وتمكنه من الإلمام بأطراف مشكلة من المشكلات، والتعرف إلى أنسب الحلول لها، وهي تهتم بسرعة إيصال المعلومات إلى المشاركين، وتؤثر في تعديل اتجاهاتهم وسلوكهم، وتنمي بعض المهارات لديهم، مثل القدرة على التحليل وطرح السؤال، والمحاورة، وتعرفهم بالاختصاصيين وأهل الخبرة، وتجعلهم على صلة بالميدان التربوي.
أهداف الندوة التربوية وأنواعها
وأهداف الندوة التربوية كثيرة، ويكاد يكون الهدف الفكري الثقافي هو هدف الأهداف؛ لأن المتغيرات في الحياة الإنسانية مستمرة؛ ولأن مواكبة هذه المتغيرات والقدرة على مواجهتها أمر ضروري بل بالغ الأهمية.
ولكن مع وضوح هذا الهدف فإن هناك أهدافًا أخرى تحققها الندوة نشير منها إلى ما يلي:
- تكوين وعي ثقافي مستنير عند الحاضرين عن قضية مهمة من القضايا التي تهم المجتمع في حاضره أو في مستقبله.
- تيسير التعرف على أساليب مناسبة لعلاج مشكلة من المشكلات، ومن وجهات نظر متعددة، للوصول إلى علاج هذه المشكلة أو المشكلات.
- تعرف الحاضرين على طائفة من العلماء والمتخصصين في مجالات متعددة، واستثمار هذه المعرفة وتوظيفها عند الحاجة إليها.
- تيسير التقاء عدد كبير من السامعين والمشاهدين في مكان بعينه، لما في ذلك من إحداث تعارف وتفاهم وبناء روابط وعلاقات بينهم.
وتتنوع هذه الندوة بين كونها بحثية أو عامة، على النحو التالي:
- الندوة البحثية: وفيها يقدّم كل عضو بحثًا يخضع للمناقشة بعد إلقائه، وهذا البحث يُعَدُّ سلفًا، وتكون مهمة مدير الندوة تنظيم إلقاء البحوث، وإدارة الحوار، وموضوع الندوة البحثية المغلقة يكون تخصّصيا يقتصر على المتخصصين في موضوع الندوة.
وعادةً تكون الجهة الداعية إلى هذه الندوة علمية، أو مؤسسة ثقافية، أو منظمة دولية متخصصة، وتُنشر الأبحاث بعد انتهاء الندوة، وهي شكلان: ندوة بحثية مغلقة تكون دون جمهور، وعادة ما يأخذ هذا النوع من الندوات الطابع السري ولا يُراد للجمهور معرفة ما يجري فيها، وتكون عادة في البحوث غير المكتملة والرسائل الجامعية ذات النتائج الخاصة.
أما الشكل الآخر للندوة البحثية فهو الشكل المفتوح الذي يكون بحضور الجمهور مثل الندوات التي تُقام في المؤتمرات وورش العمل، ويكون للجمهور حضور فاعل فهو لا يستمع فقط بل يشارك في الحوار.
- الندوة العامة: وفيها يشارك الجمهور عادة بشكل واسع، لأن موضوعاتها تهم الجمهور مباشرة ولا يوجد فيها موضوعات سرية كما الندوة البحثية. والجمهور فيها يشارك في الحوار وهو عنصر أساسي فيها لا يقل عن الأعضاء المشاركين. مثل: الندوات التلفزيونية والإذاعية.
إعداد الندوة التربوية
ويُمكن الإعداد قبل الندوة التربوية إعدادًا جيدًا يبدأ من تحديد مواصفات الجمهور، ثم اتباع الآتي:
- أن يكون للندوة موضوع محدد واضح ويحقق غرضًا من أغراض الجهة المنظمة لها وللجمهور الحاضر لها.
- اختيار المتخصصين في زوايا الموضوع المختلفة.
- إعداد مكان مناسب لإقامة الندوة حيث يمكن استيعاب الجمهور وإعداد التجهيزات اللازمة والصوتيات والإضاءة والتسجيل والتصوير … الخ.
- دعوة المتخصصين والاتفاق معهم.
- إعداد لجنة سكرتارية لتسجيل الندوة.
- التخطيط الإعلامي للندوة والإعلان عن موضوعها ومكانها وتوقيتها.
مرحلة التنفيذ
وتتم مرحلة تنفيذ الندوة التربوية بطريقتين، هما:
- طريقة الندوات ذات العرض الأولي: وفيها يبدأ المنظم في عرض موضوع الندوة المحدد سابقًا وذلك بأن يمهد للموضوع بكلمة مختصرة، ثم يقدم المتخصصين للجمهور حيث يقوم كل واحد منهم بإلقاء كلمة من الجانب الذي يدور عن الموضوع فيتحدث المتخصصون أولًا، ثم يسمح للجمهور بالمناقشات.
- طريقة الندوات ذات المناقشة الأولية: وفيها يتناقش ثلاثة أو أكثر من المتخصصين في الموضوع أمام الحاضرين لمدة عشرين دقيقة ثم يسمح منظم الندوة للجمهور بالمشاركة ويعرض الجمهور استفساراته ويقدم الأسئلة ثم يطلب من المتخصصين الرد على التساؤلات كل في مجال تخصصه.
دور منظم الندوة
ويتمثل دور منظم الندوة التربوية في النقاط التالية:
- أن يجتمع مع متحدثي الندوة قبلها بوقت كافٍ، ويحصل على موافقتهم على تقسيم منطقي للموضوع المطروح.
- تحديد النقاط العامة التي يتناولها كل عضو.
- ترتيب الكلمات والوقت المسموح به لكل عضو.
- يجتمع مرة ثانية مع متحدثي الندوة قبلها مباشرة لمراجعة النقاط السابقة وما يتم الاتفاق عليه.
- في مستهل الندوة يعرض الفكرة العامة للموضوع في شكل عناصر جزئية يناقشها كل متحدث.
- يقدم متحدثي الندوة في إيجاز.
- يتفق مع إخوانه على الإجراءات التي ستتبع بما في ذلك أدوار المتحدثين والمشاركين.
- أثناء التنفيذ يعطي لكل متحدث وقت لبيان توضيحي موجز أو لدفع ما أو لنقد ما أو تعليق ويتيح لكل متحدث أن يوجه سؤالًا لأي متحدث آخر.
- عليه أن يحول الجو العام إلى مناقشة موضوعية بين الجمهور والمتخصصين مع امتصاص وتوجيه أي انفعال والإصرار دائمًا على عدم الخروج عن الموضوع.
مرحلة التقويم
وتتم مرحلة التقويم في الندوة التربوية في نهاية المطاف، حيث تجري دراسة مدى نجاح هذه الوسيلة في تحقيق ما كانت تهدف إليه بأي وسيلة من الوسائل مثل:
- الملاحظة: وذلك بملاحظة سلوك الجمهور ومدى ما حدث من تعديل فيه.
- الاستبيان: فيتم عمل استبيان حول الموضوع يوزع على الجمهور قبل الندوة ثم يوزع بعدها لمعرفة مدى التغير الذي أحدثته الندوة في الجمهور.
وربما كان اقتصار الندوة في التربية على الجانب الثقافي الفكري مما يقلل من شأنها إذا قورنت بوسائل التربية الأخرى التي تتعامل مع جوانب أكثر شمولًا في شخصية المتربي، لكنها على الرغم من ذلك تشتد الحاجة إليها غالبًا لأن العصر الذي نعيشه عصر الثقافة والفكر والتطور والتغير المستمر، والثقافة هي التي تمكن الإنسان أكثر من غيرها من التوجيه والقيادة والتأثير.
وإذا أضفنا إلى ذلك أنها أكثر مناسبة لشريحة الشباب بشكل خاص وضح لنا أهمية الندوة بالنسبة لهذا القطاع العريض.
إن الندوة التربوية تتم بأسلوب من أساليب الإشراف التربوي، ويستعان بها في تطوير بعض المفاهيم أو تعديلها، ويناقش في هذه الندوة القضايا التعليمية، وفق خطة تبدأ من مرحلة الإعداد ثم التنفيذ، وفي النهاية تتم عملية التقويم، وهي تنتهي إلى قرارات، وتوصيات، ويشترك عدد من القادة التربويين الذين يعرضون لقضية، أو موضوع محدد، ثم يفتح المجال بعد ذلك للمناقشة الهادفة المثمرة للحاضرين.
المصادر والمراجع:
- خالد سالم الجبري: أساليب الإشراف التربوي : الندوة العلمية التربوية.
- ريم محمد: أنواع الندوات وأهميتها.
- إسماعيل مرجي: الندوة التربوية..قراءة في كتاب: مسار مادة التربية الإسلامية.
- المؤسسة السورية للدراسات: الندوات.. مفهومها وآليات تنظيمها والأهداف المرجوة منها.
- وسام طلال: ما مفهوم الندوة؟