يُعدّ المسجد رأس المؤسسات التّربوية والاجتماعية وأقدمها، والمَحضن التربوي الأول للفرد والمجتمع، والامتداد الطبيعي للبيت الذي تعيش فيه الأسرة، لذا نجد أنّ النبي- صلى الله عليه وسلم- لم يستقر به المقام عندما وصل إلى حَيّ بني عمرو بن عوف في قباء، حتى بدأ ببناء هذا الصرح التّربوي العظيم، ليكون أول مسجد بُني لعموم الناس.
لقد أراد النبي- صلى الله عليه وسلم- من بناء هذا الصرح، توحيد صفوف المسلمين في إطار أخوي اجتماعي واحد، يستطيع فيه توجيه وتوحيد العمل التربوي للجماعة النّاشئة، كما أراد من خلاله توحيد مصدر المعرفة والتلقي لتصبح العملية التربوية أسهل وأكثر فعالية، وهذا ما حدث بالفعل مع جيل الصحابة- رضي الله عنهم.
مكانة المسجد في الإسلام
ومكانة المسجد في الإسلام كبيرة، حيث نوّه القرآن الكريم لها، وبالمثوبة الكبرى للمشتغلين بعمارته، فقال الله- عزّ وجل-: (فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ * رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ) [النور: 36-37] .
والمساجد مبعث النور في دنيا الظلمات الحالكة، ومصدر الحياة في بيداء الحياة الموحشة، حيث يؤهل المسلمين للحياة النافعة الكريمة، ويحثهم على التقوى والتطهير، ويطالبهم ألا يدخلوه إلا بطهارة أبدانهم وقلوبهم، لذا كان أول عمل قام به النبي- صلى الله عليه وسلم- حينما وصل المدينة هو بناء مسجد، قال تعالى: ﴿لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ﴾ [التوبة: 108].
والذهاب إلى المساجد لأداء الصلوات والتفقه في الدين والاستماع على كلام الله- سبحانه وتعالى- وكلام النبي- صلى الله عليه وسلم-، دليل على إيمان المسلم بالله واليوم الآخر، يقول- عز وجل-: (إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ) [التوبة: 18].
والله- سبحانه وتعالى- مالك كل شيء، نسب المساجد إليه، فليست هي لأحد سواه، كما أن العبادة التي كلف الله عباده إياها لا يجوز أن تصرف لسواه، قال تعالى: (وَأن المَسَاجد الله فلا تَدعُوا مَعَ الله أحدًا) [الجن: 18].
وأكد النبي- صلى الله عليه وسلم- هذه المكانة الكبيرة للمساجد، فروى البخاري ومسلم عن أبي هريرة- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: “صَلَاةُ الجَمِيعِ تَزِيدُ علَى صَلَاتِهِ في بَيْتِهِ، وصَلَاتِهِ في سُوقِهِ، خَمْسًا وعِشْرِينَ دَرَجَةً، فإنَّ أحَدَكُمْ إذَا تَوَضَّأَ فأحْسَنَ، وأَتَى المَسْجِدَ، لا يُرِيدُ إلَّا الصَّلَاةَ، لَمْ يَخْطُ خَطْوَةً إلَّا رَفَعَهُ اللَّهُ بهَا دَرَجَةً، وحَطَّ عنْه خَطِيئَةً، حتَّى يَدْخُلَ المَسْجِدَ، وإذَا دَخَلَ المَسْجِدَ، كانَ في صَلَاةٍ ما كَانَتْ تَحْبِسُهُ، وتُصَلِّي- يَعْنِي عليه المَلَائِكَةُ- ما دَامَ في مَجْلِسِهِ الذي يُصَلِّي فِيهِ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ له، اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ، ما لَمْ يُحْدِثْ فِيهِ” رواه البخاري.
وأشار النبي الكريم إلى وعد الله- سبحانه وتعالى- لمن بنى له بيتًا في الأرض- أي بنى مسجدًا لله تعالى- بأن يبني له بيتًا في الجنة، فعن عثمان بن عفان- رضي اللهّ عنه- قال: سمعت النبي- صلى الله عليه وسلم- يقول: “مَن بَنَى مَسْجِدًا بَنَى اللَّهُ له مِثْلَهُ في الجَنَّةِ” (البخاري).
وروى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة- رضي الله عنه- أن النبي- صلى الله عليه وسلم- قال: “أَحَبُّ البِلَادِ إلى اللهِ مَسَاجِدُهَا، وَأَبْغَضُ البِلَادِ إلى اللهِ أَسْوَاقُهَا”. وعن أبي هريرة- رضي الله عنه- عن النبي- صلى الله عليه وسلم- قال: مَن غَدا إلى المسجدِ أو راح، أعدَّ اللهُ له نُزُلًا من الجنَّةِ كلما غدا أو راح” (البخاري ومسلم).
وقال النبي- صلى الله عليه وسلم- فيما رُوي عن أبي هريرة- رضي الله عنه-: سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ يَومَ القِيَامَةِ في ظِلِّهِ، يَومَ لا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ: إِمَامٌ عَادِلٌ، وَشَابٌّ نَشَأَ في عِبَادَةِ اللَّهِ، وَرَجُلٌ ذَكَرَ اللَّهَ في خَلَاءٍ فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ، وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ في المَسْجِدِ، وَرَجُلَانِ تَحَابَّا في اللَّهِ، وَرَجُلٌ دَعَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ إلى نَفْسِهَا، قالَ: إنِّي أَخَافُ اللَّهَ، وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فأخْفَاهَا حتَّى لا تَعْلَمَ شِمَالُهُ ما صَنَعَتْ يَمِينُهُ” (البخاري ومسلم).
وحثّ النبي- صلى الله عليه وسلم- على نظافة المساجد وحُسن العناية بها, وجعل لذلك أجرًا عظيمًا وثوابًا كبيرًا، فعن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ- رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ- صلى الله عليه وسلم-: “عُرِضَتْ عَلَيَّ أُجُورُ أُمَّتِي، حَتَّى الْقَذَاةِ يُخْرِجُهَا الرَّجُلُ مِنَ الْمَسْجِدِ، وَعُرِضَتْ عَلَيَّ ذُنُوبُ أُمَّتِي، فَلَمْ أَرَ ذَنْبًا أَعْظَمَ مِنْ سُورَةٍ مِنَ الْقُرْآنِ، أَوْ آيَةٍ، أُوتِيَهَا رَجُلٌ ثُمَّ نَسِيَهَا” (أو داود والترمذي).
ومما يدل على مكانة المساجد، شهود الملائكة لها، والأمر بتنزيهها من الروائح الكريهة، لئلا تتأذى منها الملائكة والمصلون، كما في حديث جابر- رضي الله عنه- قال: “نَهَى رَسولُ اللهِ- صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ- عن أكْلِ البَصَلِ والْكُرَّاثِ، فَغَلَبَتْنا الحاجَةُ، فأكَلْنا مِنْها، فقالَ: مَن أكَلَ مِن هذِه الشَّجَرَةِ المُنْتِنَةِ، فلا يَقْرَبَنَّ مَسْجِدَنا، فإنَّ المَلائِكَةَ تَأَذَّى ممَّا يَتَأَذَّى منه الإنْسُ” (مسلم)
وروت السيدة عائشة- رضي الله عنها- أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- “أمر ببناء المساجد في الدُّور، وأن تُنَظَّف وتُطَيَّب” (الترمذي وأبو داود)، وكان- صلى الله عليه وسلم- يُصلّي لذوي الأعذار في بيوتهم، في مكان منها ليتّخذوه مسجدًا، كما في قصة عتبان بن مالك الأنصاري- رضي الله عنه-، وكذلك صلى في مليكة جدة أنس بن مالك” (مسلم).
وشيّد الصحابة الكرام المساجد حسًّا ومعنى ممتثلين قول ربهم: (إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللّهِ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاَةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلاَّ اللّهَ فَعَسَى أُوْلَئِكَ أَن يَكُونُواْ مِنَ الْمُهْتَدِينَ)، فكانت هذه الأماكن الطاهرة تعني لهم كل شيء، فهي أرض طاهرة للعبادة، ومدارس للعلم، وملتقى للأدباء والشعراء، ومقرات للتداوي من الأمراض والجراح، ومأوى للتائبين.
دور المسجد في تربية الفرد والمجتمع
ويلعب المسجد دورًا مهمًّا في تربية الفرد والمجتمع المسلم، فهو يُساهم في نشر الوعي الديني والثقافي، ويُساعد على تكوين جيل صالح قادر على بناء مجتمع متماسك ومتطور، ومن أهم أدوار المسجد في تربية الرد والمجتمع ما يلي:
- تربيّة النّاس على الإيمان بالله واليوم الآخر: يقول تعالى: (إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ) [التوبة: 18].
- تلقين النّاس الدّينَ وتفقيهِهم فيه: وليس كالمسجد مكان يُنَاسبُ الجميعَ لتلقّي أمر دينهم، فليكن من اهتمامات القائمين على توجيه النّاس في المساجد تعليمُ العباد ما يجب عليهم في الدّين، من عبادات ومعاملات، وعلاقات، وحقوق.
- التربية على الأخلاق: فللمسجد حرمة وصيانة عن كل ما يؤذي الناس والمصلين من اللغو الباطل والمشاحنات، لذلك كانت أحاديث النبي- صلى الله عليه وسلم- تحض على احترام المساجد وقدسيتها، لتقوم بدورها في تهذيب أخلاق الناس؛ ففي الحديث: “من سمع رجلًا ينشد ضالة في المسجد فليقل: لا ردها الله عليك؛ فإن المساجد لم تبن لهذا” (مسلم).
- التربية الاجتماعية: فلا شك أنّ المساجد لها خاصية فريدة تميزها عن سائر المؤسسات في جانب التربية الاجتماعية؛ فهي تجمع الناس من جميع الطبقات خمس مرات يوميًا، وفيه يتعرف الطفل على جيرانه، ونظرائه في السن من أهل الحي والمناطق المجاورة، ويتعود على الاختلاط برفقة صالحة طيبة، وكذلك الحال مع الكبار.
- جامعة للتعليم: حيث يتخرج فيه الأكفاء بعد المرور بالمراحل التعليمية المختلفة لإقامة الدولة الإسلامية، وقد أشار الله- سبحانه وتعالى- إلى حكمة تنزيل الوحي مفرقًا على رسوله- صلى الله عليه وسلم- وهى أن يعلمهم ما يلزمهم من أحكام دينهم على مَهَل وتؤدة، ليرافق العلمَ العملُ، بخلاف ما إذا نزل دفعة واحدة، فإن تكليفهم كل ما فيه من إيمان وعمل، وفروع أحكام كالجهاد، قد يشق عليهم، قال تعالى: (وقرآناً فَرقناهُ لتقرأهُ على النَّاس عَلَى مُكْثٍ، وَنزَّلْنَاهْ تنْزِيلا) [الإسراء: 106].
- دار للفتوى والقضاء: فقد كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يجلس لأصحابه في المسجد فيسألونه، ويجيبهم، وسبق أن رجلاً سأله عن الميقات بالنسبة للمحرم فأجابه، وكان ذلك في المسجد، وكان الصحابة- رضى الله عنهم- بعده، ومنهم الخلفاء الراشدون، يفتون ويقضون في المساجد، وبهذا كان المَسْجد دارا للفتوى ومحكمة للقضاء.
- ساحة للتدريب على الفروسية: فكان مسجد رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يشهد دعوة المصطفى- صلى الله عليه وسلم- أصحابه فيه، لحثهم على الجهاد في سبيل الله ومنه ينطلقون، وفيه يُرتبون، بل لقد ترك بعض جنود الإسلام يتدربون فيه على السلاح، وهو ينظر إليهم، بل أذن لزوجه عائشة- رضي الله عنها- أن تنظر إليهم من خلفه، وعندما رآهم عمر انتهرهم وحصبهم، فأمره الرسول- صلى الله عليه وسلم- أن يتركهم.
- مقر للشورى: وكان الرسول- صلى الله عليه وسلم- يستشير أصحابه في الأمور الخطيرة في المَسْجِد، ومن ذلك استشارتهم في أصحاب الإفك كما روت السيدة عائشة- رضى الله عنها- أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- خطب الناس فحمد الله، وأثنى عليه، وقال: “ما تشيرون عليّ في قوم يسبون أهلي، ما علمت عليهم من سوء قط” (البخاري ومسلم).
- مقر لاستقبال الوفود والمفاوضات: فكثر عدد الوافدين إلى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وبخاصة بعد فتحه مكة، وإسلام ثقيف، وفراغه من تبوك، ولم يكن لرسول الله- صلى الله عليه وسلم- مكان يستقبلهم فيه سوى مسجده.
- تربية الأبناء: فأهمية المساجد لا تقف عند الكبار فحسب، وإنما كذلك لأبناء المسلمين الصغار، فقد حث النبي- صلى الله عليه وسلم- على تربية الأبناء على حب المساجد، واصطحابهم إليها؛ ليتربّوا في رحابها، فتُهذّبَ أرواحهم، وتثقّف عقولهم، وتزكى نفوسهم، قال- صلى الله عليه وسلم-: (مُروا أولادَكم بالصلاةِ وهم أبناءُ سبعِ سنينَ واضربوهُم عليها وهمْ أبناءُ عشرٍ وفرِّقوا بينهُم في المضاجعِ) (أبو داود وصححه الألباني)، ولم يمنع النبي- صلى الله عليه وسلم- الأطفال من المساجد، فعن أبي الله هريرة- رضي الله عنه- قال:- “كنَّا نصلي مع رسول الله- صلَّى الله عليه وسلَّم- العشاء، فإذا سجد وثب الحسن والحسين على ظهره، وإذا رفع رأسه أخذهما بيده من خلفه أخذًا رفيقًا، فوضعهما وضعًا رفيقًا، فإذا عاد عادا، فلما صلى وضعهما على فخذيه” (أحمد والحاكم).
كيف نعيد الدور الريادي للمساجد؟
ويُمكن إعادة دور المسجد في الإسلام من خلال مجموعة خطوات وإجراءات تربوية، منها:
- الاهتمام بالجانب التربوي للمسجد: بالتركيز على تربية الفرد المسلم وتنمية قدراته، من خلال تقديم برامج تعليمية وثقافية واجتماعية تُلبّي احتياجات المجتمع المسلم.
- المشاركة المجتمعية: حيث يهتم الجميع بدعم المساجد، وتوفير الموارد اللازمة لها، من خلال مساهمات الأفراد والجمعيات الخيرية.
- إقامة حلقات للتحفيظ وللعلم الشرعي: وهي مفيدة للكبار والصغار، حيث تخرج منها كثير من العلماء الأجلاء على مر العصور.
- تنظيم المسابقات: فمن الممكن تنظيم المسابقات العلمية والثقافية في هذه الأماكن الطاهرة، لتحفيز الطلاب على التعلم والإبداع.
- إقامة البرامج الاجتماعية والخدمية: بهدف مساعدة المحتاجين وحل مشكلات المجتمع.
- تطوير مناهج التعليم بالمسجد: بحيث تنسجم مع متطلبات العصر واحتياجات المجتمع، وأن ترتكز هذه المناهج على القيم الإسلامية الحميدة، والأخلاق الفاضلة، والمهارات اللازمة للحياة.
- توظيف الأساليب الحديثة: ويكون ذلك في الخطب والدروس لتعزيز التفاعل بين المعلم والمتعلم، وتسهيل عملية التعلم.
- إعداد وتأهيل الأئمة والخطباء: بتزويدهم بالمهارات والخبرات اللازمة لتقديم البرامج التربوية والتعليمية.
- إقامة دار نسائية: بحيث تكون ملحقة بالمسجد أو قريبة منه بما يعود على النساء بالنفع في الدنيا والآخرة، حيث تتعلم فيها أمور دينها وتحضر فيها اللقاءات الاجتماعية.
- إعادة إحياء الدروس العلمية: ويكون ذلك في المناسبات وعقب الصلوات وفي يوم الجمعة، لتعليم الناس أمور دينهم، وحل مشكلاتهم.
- جمع التبرعات والصدقات للمحتاجين: والمقصود هو الدعم المالي المتواصل للمحتاجين من الأسر الفقيرة القاطنة بالحي، ولدعم المشاريع الخيرية أو لقضايا المسلمين في الخارج.
- تعويد الصبيان على ارتيادها: خصوصًا المميزين منهم؛ مع تعليمهم آداب المسجد، وكان الصبيان المميِّز منهم وغير المميِّز في عهد السلف يدخلون المسجد، ولا ينبغي تنفير الأولاد من بيوت الله بحجة أنهم مصدر إزعاج للمصلين، أو سبب لذهاب الخشوع في الصلاة.
- إنشاء مكتبة بالمسجد: للاستعارة والمطالعة تحت إشراف طلبة العلم المميزين، على أن تحتوي مستلزمات إقامة الدروس العلمية، والدورات الشرعية.
- تعيين أئمة وخطباء من أهل العلم والصلاح: وهو عنصر مهم في استعادة دور المساجد، يقول النبي- صلى الله عليه وسلم- “يؤمُّ القوم أقرؤهم لكتاب الله” (مسلم).
إن مكانة المسجد في المجتمع الإسلامي تَجْعله مصدر التّوجيه الروحي والمادي، فهو ساحة للعبادة ومدرسة للعلم وندوة للأدب، وهو- كذلك- بوتقة تنصهر فيها النفوس وتتجرّد من علائق الدنيا وفوارق الرّتب والمناصب وحواجز الكبر والأنانية وسكرة الشهوات والأهواء، ثم تتلاقى في ساحة العبودية الصادقة لله- عز وجل.
مصادر ومراجع:
- ابن كثير: البداية والنهاية 3/209.
- د. فرغلي جاد أحمد: الدور التربوي للمسجد، ص143-144.
- الندوة العالمية للشباب الإسلامي: كتاب الإسلام والحضارة ودور الشباب المسلم، ص 513.
- ابن حجر العسقلاني: الإصابة في معرفة الصحابة 1/143.
- د. بدر عبد الحميد هميسه: تنبيه العابد إلى فضل المساجد.