المسئولية في الإسلام تعني مسئولية الإنسان وحمله التبعة أمام الله تبارك وتعالى وكتابه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وأمام نفسه وأمام أسرته وذويه وأمام المجتمع الذي يعيش فيه وأمام الأمة الإسلامية كلها، وأمام الموقع الذي يعمل من خلاله في أي عمل كان.
تعريف المسؤولية
أولًا: في اللغة:
في المعجم الوسيط (المسئولية) بوجه عام تعني: حالُ أَو صفةُ مَنْ يُسْأَلُ عن أَمْرٍ تقع عليه تبعَتُه. يقال: “أنا بريءٌ من مسؤولية هذا العمل”. وفي المعجم الوجيز قاد الدابة قودًا وقيادة: مشى أمامها آخذًا بمقودها، وقاد الجيش: رأسه ودبر أمره.
وفي هذه المعاني إشارة لطيفة مفادها أن مكان القائد في المقدمة وذلك لكي يكون دليلًا لجماعته على الخير ومرشدًا لها إلى ما فيه صلاحهم وقدوة لأتباعه في سلوكه وإخلاصه وحكمته وتضحيته وكونه في المقدمة يستلزم ذلك أن يكون متميزًا عن جماعته معرفة ونباهة وورعًا وجرأة وتخطيطًا وتفرغًا لكي يتمكن من الوصول بهم إلى بر الأمان.
ونلاحظ هنا أن المسئولية والقيادة مترادفتان كل منهما تدل على الأخرى وتحل محلها.
ثانيًا: في نظر الإسلام:
ينظر الإسلام إلي مسئولية القيادة على أنها أمانة: {إِنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ عَلَى السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا} [الأحزاب: 72].
والأمانة في نظر الشارع واسعة الدلالة؛ وهي ترمز إلى معان شتى مناطها جميعًا شعور المرء بتبعته في كل أمر يوكل إليه وإدراكه الجازم بأنه مسئول عنه أمام ربه على النحو الذي فصله الحديث الشريف: (كُلُّكُمْ راعٍ، وكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عن رَعِيَّتِهِ، الإمامُ راعٍ ومَسْئُولٌ عن رَعِيَّتِهِ، والرَّجُلُ راعٍ في أهْلِهِ وهو مَسْئُولٌ عن رَعِيَّتِهِ، والمَرْأَةُ راعِيَةٌ في بَيْتِ زَوْجِها ومَسْئُولَةٌ عن رَعِيَّتِها، والخادِمُ راعٍ في مالِ سَيِّدِهِ ومَسْئُولٌ عن رَعِيَّتِهِ قالَ: – وحَسِبْتُ أنْ قدْ قالَ – والرَّجُلُ راعٍ في مالِ أبِيهِ ومَسْئُولٌ عن رَعِيَّتِهِ، وكُلُّكُمْ راعٍ ومَسْئُولٌ عن رَعِيَّتِهِ) رواه البخاري.
والقيادة هي العمل على التأثير في الناس وجعلهم يشتركون معًا في تحقيق هدف مشترك يرغبون كلهم في تحقيقه والقيادة بمثابة الرأس من الجسد تحدد الأهداف وتتجمع عندها المعلومات وتدرس وتفكر مستعينة بالكفاءات المتخصصة وتصدر التعليمات وتتابع التنفيذ، وبقدر ما تكون القيادة قوية ويقظة وعلى مستوى من الكفاءة بقدر ما تكون الحركة ويكون العمل والإنتاج، وتعطى صلاحية اتخاذ القرارات بقدر تحمل المسئولية والمحاسبة عن القيام بالواجبات، وللقائد دور أساسي في التأكد من أن المؤسسة تسير نحو تحقيق أهدافها دون انحراف عنها، وأن اللجان الداخلية تقوم بدورها.
أمثلة لمفهوم المسؤولية في حياة الصحابة والتابعين
دخلت فاطمة بنت عبد الملك على زوجها عمر بن عبد العزيز يومًا وهو جالس في مصلاه واضعًا خده على يده ودموعه تسيل، فقالت له ما بالك؟ وفيم بكاؤك؟ فقال: ويحك يا فاطمة إني قد وليت من أمر هذه الأمة ما وليت، ففكرت في الفقير الجائع والمريض الضائع والعاري المجهود واليتيم المكسور والمظلوم المقهور والغريب والأسير والشيخ الكبير والأرملة الوحيدة وذي العيال الكثير له الرزق القليل، وأشباههم في أقطار الأرض وأطراف البلاد فعلمت أن ربي سيسألني عنهم يوم القيامة وأن خصمي دونهم يومئذ محمدًا صلى الله عليه وسلم فخشيت ألا تثبت لي حجة فلذلك أبكي …).. ويقول أيضًا: (ألا وإني لست بقاض وإنما أنا منفذ، ولست بمبتدع وإنما أنا متبع ولست بخيركم وإنما أنا رجل منكم غير أنى أثقلكم حملًا ….).
أهمية المسئولية
يقول الأستاذ مصطفي مشهور في كتابه (القائد القدوة على طريق الدعوة):-
” وحينما نتعرض للحديث عن القيادة وأماناتها لا نقصر ذلك على القيادة العليا فقط ولكن نعني كل فرد في موقع مسئولية أيًا كان، ولا نغالي إن قلنا أن كل فرد في هذه الأمة يعتبر على ثغرة هو المسئول عنها …”.
فالمسئولية الذاتية توجب على كل فرد التحرك بالدعوة، ومسئولية التكليف توجب عليه تنفيذ ما يطلب منه، وأنه مسئول بين يدي الله عز وجل عن ذلك فمجزي بعمله، كما أنه بعد ذلك محاسب عن القيام بتكليفاته.
ولذلك حين اقترب المغيرة بن شعبة من عمر بن الخطاب رضي الله عنهما يشير عليه بعبد الله بن عمر ليسلمه الأمانة والزمام، انتفض عمر وقال: لا إرْبَ لنا في أموركم إني ما حمدتها (يعنى الخلافة) فأرغب فيها لأحد من أهل بيتي، إن كان خيرًا فقد أصبنا منه، وإن شرًا فحسب آل عمر أن يحاسب منهم رجل واحد ويسأل عن أمر أمة محمد.. ألا وإني قد جهدت نفسي وحرمت أهلي، وإن نجوت كفافًا لا وزر ولا أجر إني لسعيد).
المسئولية من الجانب الاجتماعي
لا يصلح القوم فوضى لا سراة لهم ولا سراة إذا جهالهم سادوا
أهمية وجود أمر لا يخفى، فإن مجموعة من الرجال دون رئيس مجموعة فاشلة وخاصة إذا كانت مكونة من عناصر ممتازة ذات مواهب فكلما كانت شخصيات الرجال قوية توجب وجود رئيس قادر على كسب احترامهم وتوجيه جهودهم نحو هدف دقيق مقبول من الجميع وإلا تبعثرت القوى وانطلق كل فرد في اتجاه معاكس للآخرين، فالجماعة دون رئيس كالجسم دون رأس، دونه تتبدد قواها في اتجاهات مختلفة، فالأعمال الكبيرة تتطلب جمع الجهود المبعثرة 1.
ارتباط المسؤولية بالجزاء
والمسئولية في الإسلام مرتبطة بالجزاء ارتباطا وثيقًا يجعل الجزاء ثوابًا أو عقابًا مترتبًا على العمل الذي يقوم به الإنسان بوصفه مكلفًا مسئولًا عما كلف به أمام الله تعالى: {يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ} [آل عمران: 30].
{وَكُلَّ إِنسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنشُورًا (13) اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا} [الإسراء: 13 – 14].
{وَتَرَى كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعَى إِلَى كِتَابِهَا الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (28) هَذَا كِتَابُنَا يَنطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنسِخُ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} [الجاثية: 28 – 29].
وترتبط المسئولية بالجزاء في الحديث الشريف: (إذا جمع الله الأولين والآخرين يوم القيامة يُرفع لكل غادر لواء يعرف به فيقال هذه غدرة فلان) رواه البخاري. وفي رواية: (لكل غادر لواء عند أمته يرفع له بقدر غدرته ولا غادر أعظم من أمير عامة) رواه مسلم. أي ليس أعظم خيانة ولا أسوأ عاقبة من رجل تولى أمور الناس فنام عنها حتى أضاعها 2.
ولذلك فإن أي موقع قيادي يعني تبعات وأمانات وليس أبهة وتشريفة، والقيادة في مجال العمل للإسلام أعظم تبعة وأثقل أمانة لأنه عمل في أعظم وأهم مجال خلق الناس من أجله وهو الدين الذي ارتضاه الله لعباده وهو الذي سيترتب عليه نتائج هامة وخطيرة سواء في الدنيا أو في الآخرة، وتزداد تبعة القيادة كلما اتسعت ساحة عملها وكلما ازداد عدد من تتعهدهم هذه القيادة.
عن أبي يعلى معقل بن يسار رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (ما من عبد يسترعيه الله رعية يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته إلا حرم الله عليه الجنة) متفق عليه. وفي رواية: (فلم يحطها بنصحه لم يجد ريح الجنة) أي لم يصنها. وفي رواية لمسلم: (ما من أمير يلي أمور المسلمين ثم لا يجهد لهم وينصح لهم إلا لم يدخل معهم الجنة). وعن أبي ذر رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله ألا تستعملني؟ فضرب بيده على منكبي ثم قال: يا أبا ذر إنك ضعيف، وإنها أمانة، وإنها يوم القيامة خزي وندامة إلا من أخذها بحقها وأدى الذي عليه فيها) رواه مسلم.
آداب المسئولية
وما يجب أن يعرفه الكبير والصغير وأن يكون جزءاً من تربيتنا أن المسئولية عندنا خدمة ليس إلا، فعلى المسئولين أن يكونوا أكثر خلق الله تواضعاً للمؤمنين وخدمة لهم حتى في صنع الطعام والرعاية. إن الأخ الأكبر بمثابة الأب والأم الصادقين لا تجد عندهما عزوفا ولا اشمئزازًا من ابنهما ولا يأنفان من خدمته ولا من أكل بقية طعامه، هذا كله مع المحبة والمودة والرحمة بهذه الروح يتعامل الأخ الأكبر مع الأصغر في السن والعضوية.
ونستخلص عدة آداب من نهج النبي صلى الله عليه وسلم وتوجيهه:
- الاحترام والتقدير المتبادل الخالص لوجه الله والنابع من شعور التعبد إلى الله والتقرب إليه وحسن التعامل مع الآخرين ويصاحب ذلك حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مَن أطَاعَنِي فقَدْ أطَاعَ اللَّهَ، ومَن عَصَانِي فقَدْ عَصَى اللَّهَ، ومَن يُطِعِ الأمِيرَ فقَدْ أطَاعَنِي، ومَن يَعْصِ الأمِيرَ فقَدْ عَصَانِي، وإنَّما الإمَامُ جُنَّةٌ يُقَاتَلُ مِن ورَائِهِ ويُتَّقَى به، فإنْ أمَرَ بتَقْوَى اللَّهِ وعَدَلَ، فإنَّ له بذلكَ أجْرًا وإنْ قالَ بغَيْرِهِ فإنَّ عليه منه) متفق عليه. وعلى القائد أن يصاحب قول أبي بكر رضي الله عنه (لقد وليت عليكم ولست بخيركم).
- أدب الحديث والحوار كما علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فالمتحدث يقبل بوجهه إلى من يحدثه ويوضح الألفاظ بصوت مناسب مع تجنب العبارات والألفاظ غير اللائقة وعلى السامع أن يقبل بوجهه لمحدثه ويوليه انتباهه من غير مقاطعة ولا مراء ولا جدال، وكل يحرص على الوصول إلى الحق والخير مع افتراض كل منهما الخطأ في رأيه كما يفترض فيه الصواب.
- تبادل النصيحة: الواجب ألا تحول مواقع المسئولية مهما تدرجت دون تبادل النصائح والتواصل بهدف تسديد العمل وتلافي السلبيات والأخطاء مع قبول النصيحة بكل رحابة صدر وحرص على الفائدة كما في الحديث الشريف: (الدِّينُ النَّصيحةُ الدِّينُ النَّصيحةُ ثلاثًا. قالوا: لمنْ يا رسولَ اللهِ؟ قال: للهِ ولكتابِهِ ولرسولِهِ ولأئمَّةِ المسلمينَ وعامَّتِهم) مع مراعاة آداب وحسن اختيار الظرف والأسلوب كما في الحكمة القائلة: (أدّ النصيحة على أكمل وجه واقبلها على أي وجه) وكما في أخرى: (من وعظ أخاه سراً فقد زانه ومن وعظه علانية فقد فضحه وشانه).
- تبادل الحب والعاطفة الأخوية.. أدنى مراتبها سلامة الصدر وأعلاها الإيثار، فإن أخطر داء يؤثر على العمل الإسلامي هو داء الفرقة والخلاف، ولا يؤدي الخلاف في الرأي إلى إفساد الود: {وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلإِنسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا} [الإسراء: 53].
- ويوجهنا الرسول صلى الله عليه وسلم إلى إفشاء السلام وطلاقة الوجه والتهادي والتزاور وكذلك العفو والإحسان. ولا ينبغي أن تستغل العاطفة ولا يعتمد عليها في التقصير وعدم المحاسبة.
- ألا يولي من يسأل الولاية لنفسه فعن أبي موسى رضي الله عنه قال: دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم أنا ورجلان من بني عمي فقال أحدهما: يا رسول الله: أمرنا على بعض ما ولاك الله، وقال الآخر مثل ذلك، فقال: (إنا والله لا نولي هذا العمل أحداً سأله أو أحداً حرص عليه) رواه الشيخان وأبو داود والنسائي.
- لا مجال للتشبث بموقع قيادي إذا ترجحت المصلحة في تركه لمن هو أولى به ولا مجال للأسى أو التغير أو التحول إذا أعفي أحد من موقع مسئولية: (إنها أمانة وإنها يوم القيامة خزي وندامة، إلا من أخذها بحقها وأدى الذي عليه فيها) رواه مسلم.
إجراءات عملية للتحلي بآداب المسئولية
- يتخذ لنفسه أخاً يستنصحه فيما يراه عليه.
- يسأل إخوانه عن أدائه كما فعل السابقون: [قل لي بربك ولا تكذبني كيف تجد عمر؟ – أتحسب أن الله عني راضٍ؟ أتراني لم أخن الله ورسوله فيكم؟].
- أن يحدد لنفسه بضعة آداب يشارط نفسه عليها؟
- يراقب معلميه وأساتذته السابقين يسجل شيم أدبهم.
- أن يرصد السلبيات التي يلحظها ويسر بها إلى أصحابها ويتحسسها في نفسه.
- أن يذكر الإيجابيات التي يلحظها ويذكرها في إخوانه ويقدّرها في نفسه.
- يكلف ببعض الأعمال والمواقع ثم يتبادل هذه المواقع المختلفة مع إخوانه.
- يستشار ويقدم رأيه عند المحاسبة، ويوجه عند المجاملة على حساب الدعوة.
- يزور ويهدى إخوانه خاصة من يختلف معهم في الرأي.
دروس من قصة عزل خالد بن الوليد
ويحفظ لنا التَّاريخ ما قاله أبو عبيدة في مواساة خالد عند عزله: [… وما سلطان الدُّنيا أريد، وما للدُّنيا أعمل، وإِنَّ ما ترى سيصير إِلى زوالٍ وانقطاعٍ، وإِنَّما نحن أخوان، وقُوَّامٌ بأمر الله عزَّ وجل، وما يضير الرَّجل أن يلي عليه أخوه في دينه، ودنياه، بل يعلم الوالي: أنَّه يكاد يكون أدناهما إِلى الفتنة، وأوقعهما في الخطيئة لما تعرض من الهلكة إِلا من عصم الله عزَّ وجل، وقليل ما هم].
وعندما طلب أبو عبيدة من خالدٍ أن ينفِّذ مهمَّة قتاليَّةً تحت إِمرته؛ أجابه خالد قائلاً: أنا لها ـ إِن شاء الله تعالى ـ وما كنت أنتظر إِلا أن تأمرني! فقال أبو عبيدة: استحييت منك يا أبا سليمان! فقال خالد: والله لو أُمِّر عليَّ طفلٌ صغيرٌ لأطيعنَّ له، فكيف أخالفك وأنت أقدم منِّي إِيمانًا، وأسبق إِسلاماً، سبقت بإِسلامك مع السَّابقين، وأسرعت بإِيمانك مع المسارعين، وسمَّاك رسول الله صلى الله عليه وسلم بالأمين، فكيف ألحقك، وأنال درجتك، والآن أُشهدك أنِّي قد جعلت نفسي حبساً في سبيل الله تعالى، ولا أخالفك أبداً، ولا وليتُ إِمارةً بعدها أبداً. ولم يكتف خالد بذلك فحسب بل اتبع قوله بالفعل، وقام على الفور بتنفيذ المهمَّة المطلوبة منه.
وقد عمل خالد بعد عزله تحت إِمرة أبي عبيدة نحواً من أربع سنوات، فلم يعرف عنه: أنَّه اختلف عليه مرَّةً واحدةً، ولا ينكر فضل أبي عبيدة، وسمو أخلاقه في تحقيق وقع الحادث على خالدٍ، فقد كان لحفاوته به، وعرفانه لقدره، وملازمته صحبته، والأخذ بمشورته، وإِعظامه لآرائه، وتقديمه في الوقائع الَّتي حدثت بعد إِمارته الجديدة أحسن الأثر في صفاء قلبه، صفاءً جعله يصنع البطولات العسكريَّة النَّادرة، وعمله في فتح دمشق، وقنَّسرين، وكان في حاليه سيف الله خالد بن الوليد.
وفي قنِّسرين جاء العزل الثاني لخالدٍ، عندما بلغ أمير المؤمنين أنَّ رجالاً من أهل الآفاق قصدوا خالداً لمعروفه، منهم الأشعثُ بن قيسٍ الكندي، فأجازه خالدٌ بعشرة آلاف، وكان عمر لا يخفى عليه شيءٌ في عمله، فكتب عمر إِلى قائده العامِّ أبي عبيدة يأمره بالتَّحقيق مع خالد في مصدر المال الَّذي أجاز منه الأشعث تلك الإِجازة العامرة، وعزله عن العمل في الجيش إِطلاقًا، واستقدمه المدينة، وتم استجواب خالد، وقد تمَّ استجواب خالد بحضور أبي عبيدة، وترك بريد الخلافة يتولَّى التحقيق، وترك إِلى مولى أبي بكر يقوم بالتَّنفيذ، وانتهى الأمر ببراءة خالدٍ، وعندما قدم على أمير المؤمنين عمر بن الخطاب سأله: من أين هذا الثَّراء؟ قال: من الأنفال، والسُّهمان، ما زاد على السِّتين ألفًا فلك، فقوَّم عمر عروضه فخرجت إِليه عشرون ألفًا، فأدخلها بين المال. ثمَّ قال: يا خالد! والله إِنَّك عليَّ لكريمٌ، وإِنَّك إِليَّ لحبيب، ولن تعاتبني بعد اليوم على شيء. وكتب عمر إِلى الأمصار: إِنِّي لم أعزل خالداً عن سخطةٍ، ولا خيانةٍ، ولكنَّ النَّاس فُتنوا به، فخفت أن يوكلوا إِليه، ويبتلوا به، فأحببت أن يعلموا: أنَّ الله هو الصَّانع، وألا يكونوا بعرض فتنةٍ.
وعندما مرض خالد مرضه الذي مات فيه دخل عليه أبو الدَّرداء فقال له خالد: يا أبا الدرداء، لئن مات عمر؛ لترينَّ أموراً تنكرُها. فقال أبو الدرداء: وأنا والله أرى ذلك، ولما حضرته الوفاة، وأدرك ذلك؛ بكى، وقال: لقد طلبت القتل في مظانِّه، فلم يُقَدَّرْ لي إِلا أن أموت على فراشي، وأوصى أن يقوم عمر على وصيَّته.
رحم الله خالد رضي الله عنه ونعم سلوكه والتزامه أثناء القيادة وبعد عزله منها.
صفات ومعايير المسئول عند الإخوان المسلمين
الصفة في اللغة: هي الحالة التي يكون عليها الشيء ويتميز بها. والمعايير: هي نماذج متصورة لما ينبغي أن يكون عليه الشيء.
فينبغي تحديد ما يجب أن يكون لدى المسئول من صفات وتصور لمعايير هذه الصفات، والصفات إما أن تكون فطرية أو مكتسبة، وتقسم إلى أربع صفات أساسية:
الصفات الروحية:
ونعني بها عمق الإيمان لدى الإنسان وصفاء روحه من الشوائب التي تحول بينها وبين الشفافية وحسن الصلة بالله. وتظهر هذه القدرة الروحية في الإنسان إذا توفر فيه:
- الالتزام بما فرض الله سبحانه وتعالى، والإقبال على الله والتقرب إليه بالنوافل.
- التسامح وسعة الصدر وتقبل الآخرين.
- حب الناس وحب الخير لهم.
- وأن يكون محبوبًا بين الناس.
أما ضعف الروحانية فيؤدي إلى:
- عدم القدرة على مواصلة العمل الحركي التربوي والتنظيمي وتصبح الدعوة عبئًا ثقيلًا على القلب والنفس.
- يؤدَّى العمل كعمل حزبي يخلو من معاني الأخوة الإيمانية فترى الغلظة والجفاف في التعامل.
الصفات العقلية:
ونعني بها الذكاء، والذكاء أنواع:
- منه ذكاء فطري: وهو القدرة على معالجة المعاني والرموز.
- ذكاء عملي: وهو القدرة على معالجة الأشياء والأعمال.
- وذكاء اجتماعي: وهو القدرة على معالجة الأشخاص في المواقف الاجتماعية.
ومن تتوفر فيه هذه الأمور تجد له قدرة على التحليل والتركيب، وقدرة على التمييز والاختيار، وقدرة على مواجهة المواقف المختلفة ومواجهة الجديد منها بنجاح، وتجده ذو قدرة على حل المشكلات الجديدة بوسائل مبتكرة، وتجده بعيد النظر في عمله ليتلافى ما يمكن أن يقع فيه من قصور أو فتور، وهذه صفة من صفات الرجاعين إلى الحق الذين لا يغترون بما يعملون.
كما أنه يدرك فقه الدعوة وطبيعتها ومراحلها وأنواعها، ويدرك فقه الداعي من حيث أهليته لممارسة الدعوة، ويدرك فقه المدعو من حيث التعرف الدقيق عليه وعلى مدى صلاحيته للمشاركة في حمل أعباء الدعوة في صبر واحتساب.
يسهل عليه استيعاب المستجدين وتوجيههم وتوفير المستلزمات الأمنية والتربوية لمواصلة السير مع الدعوة. كما أنه في المجموعات غير المتجانسة يستطيع إيجاد قاسم مشترك بينهم يجعلهم متقاربين والارتقاء بهم في ظل روح الحيوية والنشاط والجدية والتنافس. كما أنه يكون أوعى من غيره بسياسات المناوئين المعلنة منها والخفية.
الصفات الاجتماعية:
ونقصد بها أن يكون الفرد ذا مجهود اجتماعي منظم بهدف ضمان تقدم وحل المشكلات الاجتماعية التي تواجهه. ومن معايير ذلك:-
- أن يكون ذا إسهام في التعامل الاجتماعي وعدم الانعزال.
- أن يكون ذا قدرة على التأثير في الآخرين دون خصام أو تنازع معهم.
- أن يكون له قدرة على التأثير في الناس وجذبهم نحو الحق.
- أن يكون له قدرة على التكيف والانسجام مع الآخرين.
- كما يجب أن يكون لديه فقه التصنيف بمعاييره وأسسه وأهدافه، ذا معرفة بطباع الناس وتقدير إمكانياتهم ويستطيع تسكين الناس في أماكن العمل الملائمة لهم.
الصفات القيادية:
ونعنى بها أن يكون الفرد ذا قدرة على معاملة الناس معاملة تؤثر في سلوكهم وتوجههم نحو هدف معين مع تقبل الناس لذلك طاعة وثقة واحترامًا دون إكراه أو تسلط أو خداع أو تمويه.
- كما أنه يبذل جهدًا مع الأفراد في الأعمال الجماعية دون ضيق أو تذمر وإنما يكون ذلك مع لذة بالعمل وانشراح به واحتساب عند الله، مع قدرة على توريث الأفراد أفضل الصفات للذين يعملون من أجل الإسلام.
- كما نجد أنه ذو قدرة على حل المشكلات وإزالة المعوقات والقضاء على المؤثرات التي قد تصيب العاملين فتؤدي إذا لم تعالج إلى تعويق العمل وتشتيت الجهود، كما تجده يفقه القيادة في العمل الإسلامي ويفرق بينها وبين الرئاسة والزعامة في عرف الناس، وتجده ذا قدرة على إحداث أثر في الناس في زمن محدد، وتجده يرشح الأفراد لأعمال تحتاج إليها الدعوة ترشيحًا موضوعيًا دقيقًا، يحافظ على الانضباط في أداء الأعمال كما أنه يعطي القدوة من نفسه في هذا الانضباط، وتجده يقوّم ويتابع ويبتكر ويجدد ويصدر القرار المناسب في الزمن والمكان المناسب.
أمثلة من المسئولين الذين توفرت فيهم الصفات والمعايير على مر التاريخ:
- الصفات الروحية:
يحكى الأستاذ عمر التلمساني في كتابه (ذكريات لا مذكرات) عن الأستاذ البنا فيقول:
“حضرت حفلًا بالمنزلة مع الإمام الشهيد وعند النوم دخل الإمام البنا سريره وأرخى ناموسيته وفعلت مثلما فعل على السرير الآخر والتعب والإجهاد قد بلغ مني مداه فاعتراني قلق، وبعد خمس دقائق تقريبًا سألني فضيلته: هل نمت يا عمر؟ قلت ليس بعد، ثم كرر السؤال فترة بعد فترة؛ حتى ضقت بالأمر، وقلت في نفسي: ألا يكفيني ما أنا فيه من إجهاد وقلق حتى تضاعف عليّ المتاعب؟ ألا تدعني أنام؟ فصممت ألا أرد على أسئلته موهمًا إياه أنني نمت، فلما اطمأن إلى نومي نزل من سريره في هدوء كامل وعند الباب أخذ القبقاب بيده وسار حافيًا حتى وصل إلى دورة المياه حيث توضأ وأخذ سجادة صغيرة وذهب بها إلى آخر الصالة بعيدًا عن الغرفة التي ننام فيها وأخذ يصلى ما شاء الله له أن يصلى، ونمت ما شاء الله لي أن أنام “.
- الصفات العقلية:
يحكى الأستاذ عمر في كتابه (الملهم الموهوب) فيقول:
“في مركز من المراكز شعبة يرأسها ناظر مدرسة إلزامية، وانتقل إلى هذا المركز أخ أكثر علمًا من الناظر، والإخوان يهمهم مصلحة الدعوة قبل المناصب والألقاب، وبعد أيام قال نائب الشعبة للوافد الجديد: يا أخي إنها أمانة فأنت أحق بحملها منى بعلمك ومكانتك فاقبل رئاسة الشعبة وارحمني يرحمك الله، فرفض الآخر وفى إصرار قائلًا: إن أهل مكة أدرى بشعابها، وصمم كل منهما على رأيه ورفعا الأمر إلى فضيلة المرشد، فقال لنائب الشعبة لماذا تصر على أن يكون أخوك هو نائب الشعبة؟ فقال إنه أعلم منى فالرياسة شرعًا من حقه. فقال الإمام هب أنه قبل وزاول عمله وأخطأ فمن يصلح خطأه؟ وأنت كما تقول دونه علمًا. فابق في مكانك فإن أخطأت أصلح لك خطأك. أليس هذا صحيحًا؟ قال نعم. وانتهى الأمر بهذه البساطة وهذه الحنكة”.
– يكتب الأستاذ عمر التلمساني عن الأستاذ الهضيبي أنه إذا تخاصم لديه أخوان بادرهما بعبارته المعروفة عنه (إذا كنتما عاجزين عن إصلاح ذات بينكما، فكيف تصلحان ذات بين الآخرين).
- الصفات الاجتماعية:
يقول الأستاذ عمر التلمساني عن الأستاذ البنا في كتابه (الملهم الموهوب):
“إن الله واتاه قدرة عجيبة في مخاطبة الناس مع مختلف طبقاتهم وثقافتهم وأعمارهم رأيته يتحدث في مدرسة العباسية الابتدائية وتحدث فما طرفت عين لطفل ولا ملّ منهم واحد ولا تشاغل عن الاستماع إليه، ولا قام واحد منهم بحركة توقف ذلك الفيض الذي أمتعهم به فضيلته ودعي إلى حفل بمناسبة المولد النبوي في بولاق (حي يشتهر بالفتوات والأقوياء) فكان يبين لهم أن القوة الجسدية الهائلة لم تأت إلا نتيجة التمتع بقوة روحانية خارقة والتزام كامل بأوامر الله واجتناب نواهيه، وبلغ من إعجاب أحد الفتوات في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذه الناحية أن صاح معبرًا عن إعجابه: “اللهم صلِّ على أجدع نبي” وانتهى الحفل وبايع الكثيرون منهم الإمام.
أما إذا تحدث مع العمال حسبته ربيب العدد والآلات والمعامل والمصانع والخبير بالنقابات العمالية وينتقدها في رفق لاهتمامها بحالة العمال المادية دون الاهتمام بحالتهم المعنوية والروحية.. ويقول عنه أيضًا: كان يحرص على أن يوفر لكل رفاقه في الرحلات كل ما يستطيع من ضروب الترويح والمسامرة الطاهرة البريئة.. ويقول: كان يشعر المشايخ أنه تلميذ لهم وهو أستاذهم، وأنهم أساتذته وهم تلامذته، يخاطب الصغير منهم والكبير بأبرع آيات الأدب والتواضع مشعرًا من يخاطبه أنه يتلقى منه ويتعلم على يديه، ما أحرج يومًا عالمًا أو أوقفه موقف المخطئ ولكنه كان يصل إلى ما يريد منهم.
ينادى الأخ المحب أن تعالى أمسك بذراعي فإني تعب، وهكذا يحقق الأخ أمنيته أن يكون إلى جوار مرشده.
- الصفات القيادية:
يقول الأستاذ عمر عن الأستاذ البنا في نفس المصدر السابق:
“دعاه أحد الإخوان إلى الغداء في بلد من أعمال مركز شبين القناطر فأجاب الدعوة، وكان لابد أن يمر من شبين القناطر، وغاب على الداعي أن يدعوني إلى تلك المأدبة، وكنت في ذلك الحين محاميًا ولي مكتب في شبين القناطر، فلما وصل الإمام الشهيد إلى شبين القناطر أوقف سيارته في أحد الميادين وأرسل من يستدعيني من المحكمة فجئت على عجل قلت خيرًا؟ قال: اركب، قلت إلى أين؟ قال إلى عزبة فلان لنتناول الغداء هناك، قلت متحرجًا، ولكنني لم أدع يا فضيلة المرشد، قال وأنا لا أستطيع أن أذهب إلى أي مكان من هذه المنطقة دون أن يكون المسئول عنها معي، قلت: ولكنك أنت المسئول عنا جميعًا وتجب طاعتك على كل من عداك في الجماعة وما كان لرئيس أن يستأذن مرؤوسًا، قال: ذلك في الشئون العامة أما في هذه المسائل فمسئول المنطقة هو صاحبها والرأي فيها رأيه ولئن لم يراع رئيس الجماعة وضعية المسئولين في الجماعة كان الأمر إلى الفوضى أقرب منه إلى النظام. قلت: جزاك الله خيرًا على هذا الدرس العملي فقد بلغت فيه الغاية، فسر حيث دعيت ترعاك عناية الله، قال إما أن تركب وإما أن أعود، قلت هو الأمر إذًا؟ قال: فسره كما تشاء، قلت: إذًا أركب.
وكان درسًا عمليًا لم تلق فيه محاضرة ولا مقدمات ولا تفصيلات ولكنه على أثمن ما يكون إلقاءً وفى ألين ما يكون تلقيًا … هل رأيت في هذا الدرس تعسفًا من المسئول أو طاعة عمياء من الجندي؟!
تدريبات عملية
ونورد فيما يلي بعض الجوانب العملية للتدريب على اكتساب وتنمية الصفات.
في الجانب الروحي:
- يكلف بإعداد خواطر أو كلمات أو دراسة في مكانة الروح في الإنسان وكيفية تنقيتها من الشوائب ووصلها بالله تبارك وتعالى، ويلقي ما أعد على إخوانه بعد مراجعته.
- يكلف بزيارة بعض أصحاب البلاء (مستشفى – عجزة – مسنين – معاقين).
في الجانب العقلي:
- يكلف بتلخيص كتاب معين أو عمل بحث مفيد يناقش فيه ثم يلقيه على إخوانه مع تعليقه عليه.
- يكلف بمتابعة بعض الأحداث ويطالب بتحليل الحدث ومعرفة أسبابه والظروف التي حدث فيها ثم يستنتج بعض النتائج المتوقعة.
- يطالب باقتراح حل أو حلول لبعض المشكلات التربوية أو الاجتماعية أو خلافه، ومناقشته فيها.
- يكلف بالإشراف على ندوة أو دورة بحيث يضع لها برنامجها ويختار المشاركين فيها متحدثين ومستمعين ويطلب منه إعداد تقرير يتضمن الإيجابيات والسلبيات وكيف كان موقفه في هذا أو ذاك.
في الجانب الاجتماعي:
- تكليفه بالإشراف على مجموعة تقوم بعمل اجتماعي في البيئة التي يعيشون فيها، كتعهد مسجد بالنظافة أو خلافه.
- مطالبته بوضع برنامج لبعض الأعمال الاجتماعية مثل: حصر المساجد واحتياجاتها – حصر عدد الأرامل والمحتاجين والأيتام والعاجزين عن العمل تمهيدًا لأعمال البر، حصر عدد النوادي وأماكن التجمع وكيفية الاستفادة منها وإفادتها.
في الجانب القيادي:
- يكلف بتبليغ معلومات دقيقة ولها طابع السرعة في إبلاغها للناس.
- يكلف ببعض الأعمال الإدارية التي تتسم بسرعة التنفيذ ثم بعمل يحتاج إلى وقت طويل نسبيًا.
- يكلف بدراسة مشكلة فيها خلاف بين طرفين أو اختلاف في وجهتي نظر ويقترح لها حلًا ويبرره ويناقش فيه، ويتعرف على مدى تأثيره في هذين الطرفين واحترامه لرأي كل طرف وإلى أي مدى استطاع أن يعدل من وجهتي النظر المختلفتين.
- يكلف بإعداد تصور للأسباب والاحتياطات التي توفر الأمن النفسي الاجتماعي لعمل ما وللعاملين، بحيث لا يستسلم للمحاذير الأمنية ويعطيها أكثر من حقها فيتوقف عن العمل، وفى الوقت نفسه لا يتجاهلها من باب الشجاعة وعدم المبالاة فيتوقف العمل كذلك، ويناقش باستفاضة للوقوف على وجه الصواب في ذلك.