يُفضّل العديد من مواطني الدول العربية تسجيل أبنائهم في المدارس الأجنبية لحمايتهم من مخاطر التكدس داخل فصول المدارس الحكومية، هذا بجانب انتشار الدروس الخصوصية، وضعف مستوى المعلمين، مع غياب الأنشطة والاعتماد على التحصيل الدراسي بالدرجات.
لكن مدارس الغرب لا تخلو من المشكلات؛ فمن التلاعب بالمصروفات الدراسيّة والتراخيص وتزوير الشهادات، إلى الكوارث بالمناهج التي انشغلت عنها الحكومات العربية، وهو ما كشفته الباحثة التربوية الدكتورة بثينة عبد الرؤوف في دراستها عن “مخاطر التعليم الأجنبي على هويتنا الثقافية”.
مناهج المدارس الأجنبية وخطورتها
وأشارت الباحثة إلى أن هذه المدارس الأجنبية تُطبّق أنظمة تعليمية أجنبية- حسب البلد الذى تتبع له كل مدرسة- ظهرت ونمت في ظلّ سياسات الانفتاح الاقتصادي والخصخصة وحرية رأس المال في الاستثمار بجميع المجالات بما فيها التعليم، ولا يقتصر هذا النوع من التعليم على المدارس التابعة للقنصليات والسفارات، إنّما قد يكون قسمًا أو فصلًا ملحقًا ببعض مدارس اللغات الخاصة.
وأوضحت “عبد الرؤوف” أن “هيئة التدريس من المدرسين والمشرفين والإداريين في هذه المدارس من الأجانب، رغم أنّ بعض الدول العربية تشترط ألا تزيد نسبة الأجانب في المدرسة على 10% من أعضاء هيئة التدريس، محذرة من أنّ المدارس منفصلة تمامًا عن المجتمعات العربية ولا تقع تحت طائلة أي قانون، علاوةً على صوريةِ الإشراف إذ تخضع لإشراف هيئات أمريكية تطبق عليها مقاييسها وأهدافها”.
وتضيف الباحثة: “عندما قمت بتحليل محتوى بعض مناهج المدارس الأمريكية في مصر فوجئت بأنّ بعض تلك المناهج تعمل على تحقير العرب، وأنه لا وجود لمادة الدين أو التربية القومية أو الجعرافيا والتاريخ المصري، في حين تدرس مواد الحرية الشخصية والجنسية، وقضايا الشواذ جنسيًّا، والأطفال يصلون إليها صغارًا جدًّا لم يستطيعوا بعد أن يخضعوا للهوية الثقافية لآبائهم ومجتمعهم، ويدخلون إلى منظومة المدرسة، ليتعلموا من خلالها معايير وقيم المجتمع الأمريكي الذي يختلف عن المنظومة الثقافية للأسرة والمجتمع الذي ينتمون إليه، ما يؤدي إلى صراع داخل الفرد لتشكيل الهوية، وعادة ما يرفض الأطفال في هذه الفترة الانتقالية ثقافة آبائهم والمجتمع الذي يعيشون فيه ويعتنقون ثقافة المجتمع المضيف”.
وعقّبت بأنها: “أجرت بحثًا صغيرًا على الطلاب حين أصدرت وزارة التعليم في مصر قرارًا بتدريس الدين واللغة العربية والتربية القومية عام 2011، لمعرفة مدى تأثر الطلاب بهذه المواد، ففوجئت بأن الطلاب لا يحضرون تلك المواد، وليس لديهم وعي بتاريخ البلاد أو حضارتهم ولغتهم العربية”.
وقد تطرقت دراسات عديدة لأزمة مناهج المدارس الدولية، فظهرت دراسة أجراها الدكتور أحمد ثابت، المتخصص في العلوم السياسية عن “الهوية العربية الإسلامية ودور المؤسسة التعليمية في تشكيلها”، من خلال عينة من طلاب الجامعة الأمريكية في مصر، حيث تبيّن وجود عددٍ من الظواهر أهمها أنّ 71.5% من الطلاب لا يعرفون لون العلم المصري أو ترتيب ألوانه، و27.5% يرغبون في الحصول على الجنسية الأمريكية، و75% يرون أن الوجود الأوروبي الاستعماري فى مصر كان تعاونًا وتنويرًا ولم يكن استعمارًا”.
وكشفت دراسة ميدانية، للدكتورة سهير صفوت، عن أنّ الطلاب غير مُلمّين بالأعياد القومية الوطنية بقدر إلمامهم بالأعياد القومية الأمريكية، وذكرت على سبيل المثال، ما يجري لتعريف التلاميذ من خلال مواد شيّقة ورسومات جرافيك بتاريخ عيد اليهود وما لاقاه اليهود من عذاب وقهر حتى الخروج الكبير، هذا إلى جانب الاحتفال برأس السنة العبرية، وكيفية الاحتفال وصور عديدة للأسر اليهودية وأطفالهم يوقدون الشموع ويصلون.
وبالمثل رأى حسن السيد، أستاذ المناهج بكلية التربية، أنّ أساس وهدف التعليم هو الانتماء للوطن والأرض واللغة والدين، وهذه الأهداف غير موجودة بمناهج المدارس الدولية، وتُؤدي بشكل مباشر إلى تدهور اللغة العربية في المجتمع وهو ما حدث في الفترة الأخيرة، حيث بات أغلب شباب الجيل الجديد يتحدثون اللغات الأجنبية بطلاقة، لافتًا إلى أنّ الطالب بتلك المدارس يخرج للحياة وهو لا يعرف شيئًا عن عادات وتقاليد وتاريخ وثقافة المجتمع الذي يعيش فيه، ولا يُفكر مُطلقا في خدمة مجتمعه، وتصبح الهجرة هدفه.
حلول لمواجهة خطر المدارس الأجنبية
وتطرح الدكتورة بثينة عبد الرؤوف، عددًا من الحلول لمواجهة خطر المدارس الأجنبية الاستعمارية، عبر بحثها بعنوان “دور معلمي المدارس الدولية في تنمية الهوية الوطنية”، مُقدم إلى المؤتمر الدولي الثالث لمستقبل إعداد المعلم وتنميته في الوطن العربي، أبريل 2017، تضمن إعداد دورات تدريبية لمعلمي المواد القومية بالمدارس الدولية للتعرف إلى أساليب جذب الطلاب للاهتمام بالمواد القومية وكيفية تعزيز روح الانتماء لدى الطلاب، وبعث الروح القومية في تلك المدارس، وربط جميع الأنشطة المدرسية بالمجتمع المحيط واشتراك هذه المدارس في المسابقات المحلية، خصوصًا مسابقة الشعر والمسرح التي تُسهم في دعم اللغة العربية، مع عدم السماح للمدارس بالقيام بإجازات في المناسبات القومية للدولة التي تتبنى المدرسة نظامها التعليمى “إنجلترا، فرنسا، أمريكا، كندا”، واستغلال هذه الأيام بالقيام بأنشطة قومية.
وتابعت أنه من الضروري “دمج التلاميذ في المجتمع المحلي من خلال الأعمال الفنية والرحلات المدرسية للمناطق الأثرية ومعالم الدولة الحديثة، وتخصيص يوم في الشهر للمرحلة الابتدائية ورياض الأطفال، لاستضافة شخصية من المجتمع المصري، واستضافة الفعاليات الثقافية والمهرجانات المحلية في المدارس، خصوصًا تلك التي تملك إمكانيات ومساحات واسعة مع مشاركة الطلاب في هذه الفعاليات سواءٌ كان ذلك في الإجازة الصيفية أو الإجازات القومية للدول التابعة لها المدرسة، والسعي إلى جعل المواد القومية موادًا أساسية بالاتفاق مع جهات الاعتماد الأجنبية وأن تضاف درجات المواد القومية إلى المجموع في الشهادات العامة وعند الالتحاق بالجامعة”.
وشددت على ضرورة عمل برامج تثقيفية لأولياء الأمور عن كيفية مواجهة الآثار السلبية لإلحاق أبنائهم بالمدارس الدولية، مع الإشراف الدوري على هذه المدارس من قبل لجان مختلفة، وإلزام المدارس الدولية بتحية العلم، بالإضافة إلى إلقاء الأناشيد الوطنية في الطابور، ودعوة رموز الثقافة والمجتمع المحلي للمشاركة في الاحتفالات المدرسية أو الندوات التثقيفية للطلاب خصوصًا المرحلة الثانوية.
أثر العلمانية على التربية والثقافة الإسلامية
بعد خروج الاحتلال من البلاد الإسلامية زرع فيهم بذورًا طويلة المدى لإضعاف وتبعية هذه البلاد له، فاخترع الوسائل، وكثف الجهد، ليطوع العالم الإسلامي وَفق رؤيته الخاصة، ومن ذلك إنشاء المدارس الأجنبية الاستعمارية.
وفي الدراسة التي أعدتها الباحثة نورة محمد عبد الله العويشز عن “آثار العلمانية على التربية في العالم الإسلامي” تناولت فيها الآثار التي تعيشها أمتنا الإسلامية اليوم جراء العلمانية، أحد وسائل الاحتلال في تغيير ثقافة وهوية الأمة.
وتعمل العلمانية على منازعة الإسلام في سلطانه الثقافي وتسلب المسلمين حقهم في إقامة نظام حياتهم وفقًا للإسلام بوصفه عقيدة وشريعة ومنهج حياة، وهو أمر يعز على كل مسلم محب لدينه، غيور عليه، يسعى لنصرته، ويجاهد لإعلاء كلمته. وتؤثر العلمانية على التعليم في العالم الإسلامي، على النحو التالي:
1. سعت العلمانية إلى قتل روح الابتكار لدى التلاميذ عن طريق تقرير طريقة التعليم بالحفظ والتلقين ليبقى المسلم عالة على الغرب فيما يحتاج إليه من ابتكار.
2.قتل روح الانتماء إلى الأمة الإسلامية عن طريق إقصاء التعليم الديني بتقليص الفترة الزمنية للمادة الدينية ووضعها آخر اليوم الدراسي، وقد لا تؤثر في تقديرات الطلاب، في بعض دول العالم الإسلامي، ومن الأمثلة الحديثة- أيضا- الإعلان الذي ظهر في موقع جامعة الملك عبد الله عن طريقة التعليم في المدارس الدولية التابعة لها من المراحل التمهيدية إلى الثانوية يفيد محتواه عدم وجود مكان للعلوم الشرعية وإنما الاكتفاء ببرنامج موسع للغة العربية، وكذلك تدريس الموسيقى كمادة منهجية.
3. ازدراء التعليم الديني بازدراء معلميه وطلابه، وقد عُمد إلى إقفال الوظائف الجيدة أمام خريجي الأقسام الدينية وحصر وظائفهم على التدريس أوالوعظ أو المأذونية، وخفض رواتبهم بما يجعلهم دون خريجي الجامعات غير الدينية بمراحل، ذكر علي جريشة في كتابه (الاتجاهات الفكرية المعاصرة) أنه: “منذ أوائل القرن العشرين إلى ثلثه كان راتب خريج الجامعة غير الإسلامية يزيد على خريج الجامعة الإسلامية أربعة أضعاف، فبينما كان خريج الأزهر يتقاضى ثلاث جنيهات، كان خريج الجامعة المصرية يتقاضى اثني عشر جنيهًا”.
ففي مصر والسودان كان “كرومر” المعتمد البريطاني يرى: “أن على التعليم الديني في المدارس أن يقتصر على المعلومات الأولية، وأنه لا لزوم لأي زيادة على ذلك، لأن الزيادة تشكل خطورة لا مبرر لها”.
وقد أصبحت اللغة الإنجليزية هي لغة التعليم في شبه القارة الهندية بعد الاحتلال البريطاني، وذلك في المراحل العليا من النظام التعليمي الذي أسسه البريطانيون، وترتب على ذلك أن أصبح التعليم إلحاديًّا في طبيعته، وبالتالي نفرت منه جماهير المسلمين وقاطعوه، ولما كان التعليم هو الوسيلة الوحيدة للحصول على وظيفة مثمرة فقد ظل معظم المسلمين غير مؤهلين للتقدم الاجتماعي، ما أدى إلى حرمانهم اقتصاديًّا.
أمّا في في ماليزيا، فلا تعترف الحكومة بأهمية التعليم الديني في البلاد وتراه شيئًا خاصًّا بالأفراد، وفي تركيا استطاع مصطفى كمال أن ينتزع الإسلام من مناهج التعليم، وحول المدارس الدينية إلى مدنية واستخدم الأبجدية اللاتينية في كتابة اللغة التركية بدلاً من الأبجدية العربية.
4. تدريس النظريات والأفكار في مجال التربية والتعليم وعلم الاجتماع والنفس في جامعات العالم الإسلامي من وجهة نظر غربية ملحدة، وقد يتعصب لها معلموها وكأنها حقائق لا تقبل النقض أو الرد.
5. الدعوة إلى الاختلاط في مراحل التعليم المختلفة وتهوين أضراره بالزعم أن العلاقات التي تنشأ بين الجنسين هي علاقات بريئة وأن على أولياء الأمور تقبلها باعتبارها جانباً من جوانب النمو الجسمي والنفسي للشاب والفتاة، وقد ابتليت غالب الدول الإسلامية بالتعليم المختلط في جميع مراحل التعليم.
تأثير التعليم الأجنبي في وسائل الإعلام والقيم
ولقد تسبب التعليم في المدارس الأجنبية والاستعمارية في العديد من البلدان العربية في وسائل الإعلام والقيم والأخلاق، كالآتي:
1. تشوهت صورة الإسلام والمسلمين في وسائل الإعلام بإظهارهم كمتخلفين ورجعيين ومتزمتين، واتهم الإعلام الإسلام بسبب أخطاء بعض أهله، وبمرور الزمن أخذت هذه الصورة النمطية- التي تتمثل في التشدد والتزمت والغباوة أحيانًا- مكانها في ضمير شريحة كبيرة من المجتمع وتسببت بالتالي في تنفير الناس من الدين.
2. تهوين وسائل الإعلام المختلفة للحرام وتجرئة المسلمين عليه، مثل: العلاقات المحرمة، وشرب الخمور، وعقوق الوالدين باعتبارها حرية شخصية، وعملاً بالمبدأ العلماني: “تمتع بالحياة فأنت تعيش مرة واحدة”.
3. تأثر بها الكتاب المسلمون وظهر صنف يدعو إليها ويروج لأفكارها.
4. قلبت العلمانية المفاهيم، فعلى سبيل المثال: ظهر جماعة من المثقفين العرب المتأثرين بالعلمانية يشجعون الوقوف مع الاحتلال الأمريكي للعراق وأن أمريكا إنما تريد “تحقيق الإصلاح في الدول العربية” بل إنه أثناء العدوان الأخير على غزة كان هناك جماعة من الكتاب العرب الذين يؤيدون ما يفعله الصهاينة في غزة وينشرون آراءهم عبر الصحف العربية.
5. صرف المسلمين عن قضايا الأمة وإشغالهم بالتوافه من برامج ومسلسلات وأغانٍ هابطة.
وبشأن الجانب القيمي والأخلاقي، فقد ساوت العلمانية بين الإسلام وما عداه من الأديان المحرفة والوضعية، كما أن اقتناع العقلية العلمانية بأنه لا يوجد في مجال العقائد والشرائع حقائق فكرية ثابتة وإنما آراء قابلة للأخذ والرد أوصل بعض المسلمين إلى الشك في اليقينيات وعدم الاعتقاد بوجود الله، أي الإلحاد.
وقد حاول العلمانيون رفض الدين بتقسيمه إلى إسلام سلفي وإسلام تجديدي ويقصدون بالسلفية عدم مواكبة العصر أو الجمود، أما التجديدية فهي الملائمة لهذا العصر، المتوافقة مع معطياته، ومعلوم أن الإسلام كلٌ واحدٌ لا يتجزأ ولكن هذه إحدى الطرق لرفض الإسلام التي لا يجرؤون على القول بها علنا.
وهمّشت العلمانية الدين وجعلته مسألة شخصية خاصة بالإنسان، ونتج عن ذلك إقصاء فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في أغلب دول العالم الإسلامي ومحاربة هذه الفريضة عند إقامتها. كما طوعت العلمانية الخطاب الديني وفق رؤيتها فأذابت مفهوم الولاء والبراء، وحرفت النصوص الشرعية عن طريق تقديم شروح مقتضبة أو مبتورة لها، فتبدو كأنها تؤيد الفكر العلماني، أو على الأقل لا تعارضه.
وعززت التمرد على القيم في نفوس أتباعها ومعتنقيها عن طريق مفهومها الخاطئ لمبدأ الحرية الشخصية وساهم ذلك بانتشار الفساد الأخلاقي في المجتمع المسلم، كما عززت مبدأ “الميكافيللية” القائل بأن (الغاية تبرر الوسيلة) أي الأنانية والبحث عن المنفعة الشخصية ولو على حساب الآخرين، وهذا يصادم مبادئ الإسلام القائمة على الإيثار والتضحية وأن يحب المرء لأخيه ما يحبه لنفسه، كما يساعد هذا المبدأ على انتشار الضغينة والأحقاد.
وبسبب العلمانية ظهرت الفئة “الأمينة على التراث الاستعماري” التي عرفها الدكتور عدنان زرزور بأنها: “تطالب بالنموذج الثقافي الغربي وتفرضه على نفسها وتشجع مجتمعها إليه، وربما قاومت هذه الفئة عوامل “الأسلمة” أو “الاستعراب” وهي الحالة التي يمكن وصفها بالأمانة على التراث الاستعماري، والتي تمثل أشد صور الخيانة للأمة والدين والثقافة”.
لقد سعت العلمانية إلى إفساد المرأة المسلمة كمدخل لإفساد الأمة، وفهم العلمانيون ذلك منذ وقت مبكر فعملوا على إفساد المرأة المسلمة عن طريق تغذية فكرة ظلمها بسبب الإسلام وأنه بخسها حقها بعدم مساواتها مع الرجل في الميراث، وأن المجتمع الإسلامي مجتمع ذكوري يحابي الرجل ويميل معه ويهمش المرأة.
كيف نتحدى العلمانية؟
ولا بُد من مواجهة تحديات العلمانية التي تؤصلها المدارس الأجنبية والاستعمارية في البلاد العربية، فإذا أردنا تعليم اللغة العربية للأطفال، وصناعة جيل مرتبط بلغته وهويته التي هي أساس الحضارة والرقي؛ فالأسرة عليها دور كبير، وكذلك المدارس والجامعات، والمساجد، ووسائل الإعلام:
أولًا: الأسرة:
- أن يحرص الوالدان على التحدث بالفصحى في حدود معينة.
- تشجيع الأبناء على القراءة والاطلاع بالعربية.
ثنايًا: المدارس والجامعات:
- العناية باللغة العربية والعمل على نشرها خارج الوطن العربي.
- أن تكون اللغة العربية لغة التدريس.
- إيجاد مصطلحات عربية أصيلة تستوعب كل المصطلحات العلمية الحديثة.
- تكوين الشعور للاعتزاز باللغة العربية وبأهميتها التراثية والإسلامية.
- وضع خطوات عملية للتعامل مع الازدواجية اللغوية.
- العمل على إعداد معلم اللغة العربية إعدادًا شاملًا.
- توجيه المعلمين والطلاب إلى التكلم بالفصحى.
ثالثًا: المسجد:
- أن يلتزم إمام المسجد وخطيبه فصاحة اللغة في خطبه ومواعظه وكلماته.
- أن يحرص رواد المسجد على أن يكونوا قدوات صالحة في سلامة اللغة.
- إلقاء الكلمات الوعظية والتربوية بعد الصلوات في بعض الأيام لترسيخ أهمية اللغة.
- استخدام لوحات المسجد لعرض ما يحث على الاهتمام باللغة العربية.
- أن يخصص خطيب المسجد بعض خطبه للحديث عن اللغة العربية وأثرها.
رابعًا: وسائل الإعلام:
- أن تستمد رسالتها من التصور الإسلامي للإنسان والكون والحياة.
- التصدي لأساليب التحدي اللغوي، والرد على الأفكار المنحرفة.
- تقديم النماذج المضيئة من العلماء والمفكرين والأدباء.
- الالتزام باللغة العربية تحدثًا وكتابةً في جميع ما تقدمه.
وبهذه الوسائل يمكن أن نتحدى العلمانية التي تحاول المدارس الدولية في البلاد العربية غرسها في الطلاب والطالبات الملتحقين بها، وفي هذا تقول الدكتورة نجوى الفوال- الرئيس الأسبق للمجلس القومي للبحوث الجنائية والاجتماعية في مصر: “إن الجيل الجديد من خريجي التعليم الأجنبى ليس لديهم معرفة كافية بتاريخنا والاهتمام بالقضايا التي يعيشها المجتمع، نحن نرى جيلا معولما يهتم بقضايا عامة بكل المجتمعات وليست خاصة فقط بمصر نتيجة مناهج دراسات اجتماعية تركز على قضايا إنسانية عامة وتبعد الطالب عن أن يعيش واقعه وبالتالى ليس لديه الاهتمام بعد انتهاء اليوم الدراسى أن يتابع الشأن العام فى بلده، بل يراها قضايا بعيدة عن اهتماماته، وبخاصة أن الإعلام يلعب من جانبه دورا في هذه المنظومة الإعلامية المغيبة لتناول عميق لقضايا المجتمع المصرى.
وترى “الفوال” أنّ الموضوعات والقصص المختارة في مادة القراءة ليس بها خصوصية المجتمع المصرى، أما في زماننا فكنا ندرس قطع قراءة عن صميم المجتمع. وللأسف لا تركز المواد الدراسية على تنمية الوعي عند الصغير، لهذا نرى جيلاً عازفا عن المشاركة في الشأن العام، بعيدا عن القضايا الحقيقية.
عجز التعليم الحكومي في البلاد العربية
تفتقر وزارات التعليم في الوطن العربي إلى التمويل اللازم لتطوير مناهجها التعليمية وكوادرها الأكاديمية، وأدى هذا الإفلاس إلى الانغماس في أنماط التدريس التقليدية القائمة على التلقين والحفظ، والتي تجعل مرحلة التعلم مهمة صعبة ومملة في ظروفها الحالية، وهذا ما جعل المدارس الأجنبية الخيار الأول للطلبة.
وبشكل عام، هناك تضاءل في الأموال المخصصة لقطاع التعليم في البلاد العربية، فمن بين 150 بلدًا، أنفق 41 بلدًا 6% من ميزانيته على التعليم، وأنفق 25 بلدًا أقل من 3% من الناتج القومي الإجمالي وهذا وفق إحصائية خرجت في عام 2011م.
بينما تُعد المدارس البريطانية أكبر التجمعات في الشرق الأوسط، إذ تضم نحو 97 مدرسة مُوزعة على 13 دولة، ويدرس فيها نحو 95 ألف طالب وطالبة ويعمل بها 6900 مدرس، وبسبب عجز التعليم الحكومي على طرح تصورات جديدة واستيعاب ثورة المعلومات، تفضل العائلات المدارس الدولية التي تقدم خدمة التعليم لأطفالهم بطريقة عصرية وبدرجة أرقى من مستوى المدارس الحكومية، وهذا بالرغم من كل التكاليف التي تدفعها العائلات مقابل ما تقدمه العملية التعليمية في هذه المؤسسات، التي تعتمد على المشاركة والتفكير النقدي والنقاش الهادف واستخدام المراجع في الأبحاث، التي تحفز الطالب على خوض تجربة تعليمية فريدة.
ومثال على هذه المؤسسات، فإن مجموعة المدارس البريطانية في البلاد العربية تُعد أكبر التجمعات في الشرق الأوسط، بالتعاون مع 89 مدرسة أخرى في المنطقة، وتتراوح هذه المدارس بين مراحل الحضانة والابتدائية والثانوية.
ويرى خبير العلاقات الدولية، وأستاذ العلوم الأساسية في جامعة ورقلة، بوحنية قوي، أن وجود مؤسسات تعليم أجنبية في البلدان العربية يعطي صورة عن انفتاح تلك الدول على مؤسسات التعليم الأجنبية، وهو مؤشر أيضًا على درجة التلاقح الثقافي والعلمي الإيجابي، وهذا يتيح التعلم بأنماط مختلفة ومتطورة من خلال تجربة أساليب التربية والتدريس الجديدة واتباع منهجيات تعليمية على أسس متقدمة عبر الانفتاح على اللغات الأخرى والمهارات الأكاديمية المختلفة.
ويؤكد الباحث “بوحنية” ضرورة إيجاد عناصر التنافس الإيجابي بين المؤسسات الوطنية والأجنبية، معتمدة على سياسات من طرف الدولة الحاضنة لهذه المؤسسات التي يتوجب عليها اعتماد آليات قانونية ودستورية وتشريعية، تجعل هذه المؤسسات لا تتجاوز الخصوصية الثقافية والتعليمية للوطن العربي، للتقيد بإعطاء القيمة الحقيقية لتاريخ المنطقة وتراثها وخصوصيتها التربوية والتعليمية، وبالتالي تفادي النظرة الدونية للخصوصية اللغوية والتعليمية العربية.
من جهتها، ترى بثينة إبراهيم، مؤسسة أكاديمية الإبداع الأمريكية في الكويت، التي درس أولادها في مدارس أمريكية ويتقنون اللغة العربية بطلاقة، أن “القضية تكمن في البيئة الأولى التي ينشأ فيها الطالب أو الطفل، وهي الأسرة، فالأصالة تأتي من الأسرة، وتعليم اللغة العربية يأتي من الأسرة، والحفاظ على الهوية الإسلامية يأتي من الأسرة.
وتشير “بثينة” إلى وجود الكثير من طلاب المدارس الحكومية التي تدرس مناهجها باللغة العربية، إلا أن طلابها لا علاقة لهم بالهوية العربية، وتضيف “هناك مميزات كثيرة في المدارس الدولية لا نزال نفتقدها في مناهجنا مثل المواد الإدارية والتكنولوجية والطاقم المتمرس. وهذا ليس انبهارًا بالغرب أو بمنهجه، وإنما اعتراف بمميزات هذه المؤسسات”.
وفي ظل هذه المنافسة في مجال التعليم على السيطرة على أفكار الطلاب أو انتمائهم أو حتى أموالهم، فالتعليم الحكومي العربي يحتاج إلى تطوير سياسته للحاق بهذا الموكب الذي تقوده المدارس الخاصّة والدولية، فالمشكلة الحقيقة تكمن في ضآلة التمويل المادي والحريات الأكاديمية المحدودة التي يقع ضحيتها أجيال يعيشون في دول مشغولة بقضاياها وصراعاتها السياسية.
ويقول الدكتور حازم راشد، أستاذ المناهج ووكيل كلية التربية بجامعة عين شمس: إن انتشار التعليم الأجنبي في مصر، نتيجة ضعف التعليم الحكومي وضعف إمكاناته وعدم تقديمه خدمة جيدة وتفشي ظاهرة الدروس الخصوصية وكلها عيوب تعزز من فرص التعليم الأجنبى.
وأضاف: بالطبع أنا لا ألوم رجل الأعمال الذي يبحث عن الربح والاستثمار في التعليم، لكني أوجه اللوم إلى كل طرف مسؤول من الحكومة عن تدهور التعليم في مصر، وكذلك لا بُد من ألا تمنح وزارة التربية والتعليم التراخيص لهذه المدارس إلا إذا توافرت الشروط من حيث العدد والمحتوى والمدرسين والشهادات التي تمنحها تلك المدارس. فلا بُد من أن نتفق من حيث المبدأ على أن أي بلد في العالم لديها تعليم أجنبي، لكن التعليم بالخارج له عدة ضوابط من حيث كم المدارس والمحتوى وعدد المواطنين ونسبة الأجانب.
ويؤكد “راشد” أن هناك بعض الدول تُقصِر التعليم الأجنبي على الجاليات وأبناء العاملين بالسلك الدبلوماسى، وفى حالة مصر هناك بعض المدارس تقدم شهادات غير معترف بها في بلادها، وهناك مدارس تُدرس مناهج تحمل قِيَما وأنماط سلوك غريبة على مجتمعنا الشرقي وهو ما يمثل خطورة على الثقافة الوطنية وتنتج طفلا مشوها ثقافيا ووطنيا يكون فريسة سهلة للصراعات.
وأشار إلى أنه من الغريب حقا ألا يلتفت أحد إلى الآثار السلبية لتدريس المواد باللغة الأجنبية، فأي دولة متقدمة تقدم التعليم بلغتها الأم، لكن علينا أن نُفرق بين تدريس اللغة الأجنبية والتدريس باللغة الأجنبية، وبالطبع أؤيد أن يتعلم الطفل لغة أو أكثر ولكني أرفض أن تطمس المناهج الأجنبية الهوية المصرية، مؤكدًا أن استمرار الوضع الحالي سيؤدي للأسف الشديد إلى تعدد الانتماءات الثقافية للجيل القادم حسب نوعية التعليم الذي تلقاه في المدارس وحتمًا سينتج التعليم الأجنبي جيلاً مشوهًا ثقافيًّا ووطنيًّا.
المصادر والمراجع:
- المدارس الأجنبية في الوطن العربي تآكل ثقافي أم تحاور حضاري؟ .
- المدارس العالمية الأجنبية الاستعمارية تاريخها ومخاطرها .
- بين أزمات «الحكومى» وبريق «الأجنبى».. مأزق التعليم في مصر .