أنا عصبية لدرجة كبيرة، أتشاجر دائمًا مع زوجي أمام ابنتنا ولا نستطيع التحكم في انفعالاتنا أمامها، أحاول ضبط أعصابي لكنني أفشل، فما الحل؟
الإجابة:
لا نعلم هل المشكلة هي العصبية في التعامل مع الابنة أم عدم القدرة على إخفاء العصبية والخلاف مع الزوج أمامها، وعلى كلٍّ فالذي لا خلاف عليه هو أن العصبية سلوك عاصف بكل محمود حوله، وأيًّا مَن يكون الشخص الموجه له هذه العصبية، زوجًا كان أم ابنة فهي كالرياح العاتية التي لا تهدأ معها سفن ولا ركاب، وربما عليك بدلًا من الانشغال بإخفاء الشجار أن تنشغلي بالأسباب التي تُؤدي إلى مثل هذه الخلافات، فلعلها عرض لمرض أكبر يكمن علاجه في السعي لتحسين علاقتكما الزوجية وحل المشكلات العالقة بينكما، وفرض الاحترام فيها وتعلم أدب الخلاف.
أمّا عن معالجة العصبية، فإن البداية تكمن في أن تدركي خطورة هذه الطريقة في التعامل، فهي مما لا شك فيه تنال من استقرار الابنة النفسي وتفقدها الشعور بالأمان، كما أنها تعلمها أنه هكذا تدار الأمور وتحل المشكلات، بالصراخ والشجار والانفعال، ونخشى أن يكون أول تطبيق لهذا السلوك الذي تتعلمه الابنة منكما يتم تنفيذه معكما- أنت وأبيها-.
ثم بعد ذلك فإن مفتاح الحل هو التصرف بمسؤولية كافية، وإلزام النّفس حدها وعدم إطلاق العنان لها كي تتصرف كيفما شاءت، بل لا بُد من السّعي لتهذيب الأخلاق، وإن لم يكن الداعي لهذا هو الحرص على النفس والنجاة بها، فلا بُد من أن يكون الدافع هو التحلي بالمسؤولية التي تفرضها عليك الأمومة ومراعاة أمانة الله التي ائتمنك عليها، فالأمومة دائمًا تفرض على النفس التغيير، وما كان مقبولًا قبل أن تصبحين أمًا لا يصبح مقبولًا بعد أن صرت أمًا، ومعلوم أن من أكبر دروس الأمومة تعلم الحلم والصبر والأناة.
وتعلم الحلم والصبر يلزمه فهم ومراقبة وتعلم ومجاهدة، فهم للأسباب التي تدفعك للانفعال ابتداءً كيف تتجنبينها، ثم مراقبة نفسك جيدًا كي تفهمي علامات الانفعال لديك وكيف تستجيبين للغضب جسديًّا حتى يمكنك السيطرة على غضبك قبل التمادي فيه، لأنّ الناس يختلفون فيما بينهم في طرق الاستجابة للانفعال.
ثم تعلم العديد من الطرق العملية للتعامل عند الغضب، وتجريبها، وتدريب النفس عليها تدريجيًّا، كأن تذهبي فتتوضئين، أو تستعيذين بالله من الشيطان الرجيم، لحديث النبي- صلى الله عليه وسلم- عندما رأى رجلًا غاضبا: (إني لأعلم كلمة لو قالها لذهب عنه ما يجد، لو قال أعوذ بالله من الشيطان الرجيم)، تستطيعين مغادرة المكان، أو حمل نفسك على الصمت والسكوت كما قال المصطفى: (إذا غضب أحدكم فليسكت)، أو تتحكمين في الأفكار التي تسبب لك الغضب بتفنيدها أو قبولها أوإيقافها، كما يفيد أحيانًا تغيير الهيئة التي كنت عليها أثناء الغضب فقد قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: (إذا غضب أحدكم وهو قائم فليجلس فإن ذهب عنه الغضب وإلا فليضطجع)، كما ينصح باللجوء للعد التنازلي لما فيه من جهد ذهني يصرف عن سيطرة مشاعر الغضب أو ممارسة تمارين النفس واستنشاق الهواء المتجدد.
عليك- أيضًا- أن تعرفي الثواب الذي أعده الله لمن يستطيع أن يكظم غيظه، ثم تضعينه نصب عينيك ولو بأن تعلقي به لافتة، فقد قال الله تعالى: {وَسَارِعُوا إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ (133) الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ ۗ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (134)} (آل عمران)، وقد طلب رجل من رسول الله أن يوصيه فقال- صلى الله عليه وسلم-: (لا تغضب)، ولما ردّد الرجل طلبه عاد فقال- صلى الله عليه وسلم-: (لا تغضب)، عليكِ أن تفكري لِمَ اختار رسول الله من بين كل الوصايا والفضائل: (عدم الغضب)؟، ربما لأن الغضب يُسبب الكثير من المفاسد الدنيوية والأخروية، وهو ما يُفسّر توصية رسول الله بالاستعاذة من الشيطان الرجيم في حال الغضب لِمَا في هذا الحال من فائدة كبيرة يرجوها الشيطان من الإنسان عند غضبه.
وبحساب عقلي بسيط للمنافع التي قد تجنينها من الغضب والانفعال تدركين أنه ينطوي على الخسائر فقط، فكثيرًا ما لا يُنسى ما سببته العصبية والانفعال، وكثيرًا ما نفسد بها ما لا يمكن إصلاحه، ونكسر ما لا يمكن ترميمه، فلا هي تغير سلوكًا ولا تكسب قلبًا ولا تغير حالًا، مهما اتصف المرء معها بصفات أخرى حميدة.
وإذا تأملنا أسباب غضب رسول الله- ولنا فيه القدوة الحسنة-، لهانت في عيوننا الأسباب التي تدفعنا للغضب، فهو- صلى الله عليه وسلم- ورغم كونه أعز وأشرف الناس، لم يكن يغضب لنفسه قط إلا أن تنتهك حرمة من حرمات الله، وذلك بالرغم من كل ما مرّ على شخصه الكريم من مصاعب ومتاعب وظلم في سبيل دعوته.
ثم بعد كل هذا عليك ألّا تتخلين عن المحاولة والمجاهدة مهما أخفقت، ومهما أفلتت منك مواقف، بل قومي بتشجيع نفسك كُلّما اجتهدت في كظم غيظك ونجحت ولو كان موقفًا بسيطًا، شجعي نفسك ودوني ذلك الموقف، وما الذي أعانك فيه على كظم الغيظ فيه، وداومي على الدعاء وطلب العون من الله فبه الاستعانة أولًا وآخرًا.
1 comment
شكرا لنصائحكم، وأضيف ان عليها ان تتحكم في غضبها بالتنفس الصحي ،شهيييق من البطن و زفيير من الأنف.. وتستعيذ بالله من الشيطان الرجيم وتحاول ان لا تعاقب وهي غاضبة، وتدرب على كظم الغيظ 21 يوما بارسال رسالة الى الدماغ يوميا،(انا هادئة،أنا اتحكم في اعصابي)..وستتحسن باذن الله