يُعدّ الشجار في المدرسة من وقت إلى آخر، أمر طبيعي يُمكن التعامل معه وإن كان صعبًا ومستنزفًا عاطفيًا أحيانًا، وهو ظاهرة تنتج عن تفاعلات الطلاب مع بعضهم البعض، فمثل أي علاقة إنسانية، قد تنشأ بعض الخلافات والمشاحنات، وبخاصة في سنّ مبكرة حيث لا يزال الطلاب يتعلمون كيفية التواصل بشكل فعال والتعامل مع المشاعر المختلفة.
وتتنوع أسباب هذه المشكلة، لتشمل اختلاف الآراء أو المشاعر أو السلوكيات، أو التنافس على النجاح الدراسي أو الانتباه أو الصداقة مع شخص آخر، أو سوء الفهم، أو الضغوط النفسية في المنزل أو المدرسة، لكن يمكن وضع حلول تربوية لمنع مثل هذه التصرفات وجعل المدرسة بيئة مناسبة للتربية والتعليم، بعيدًا عن العنف والشجار.
أسباب الشجار في المدرسة
ويرى العديد من الأكاديميين والتربويين ومُعدّي الدراسات والأبحاث أنّ أسباب تفشّي ظاهرة الشّجار في المدرسة تتلخص في النقاط التالية:
- عدم وجود وعي وَفَهم كافيين عند الطلاب لطبيعة وهدف المدرسة وعدم إدراكهم أنها تجمع علمي هدفه العلم وبناء الذّات.
- وجود خللٍ في الأساليب التّربوية المُتّبعة في المدرسة التي من شأنها تقوية الروابط بين الطلاب.
- سوء معاملة المدرسين للطلاب، وبخاصة اتباع أسلوب التّفريق ما يؤدي إلى نموّ مشاعر الغيرة والكُره بين الطلاب ويقود في النهاية إلى الصدام المباشر.
- الاختلاف في وجهات النّظر وفي الطبائع يُمكن أن يُولّد شرارة العنف.
- التنافس العلمي بين الطلاب أحيانًا يُولّد مشاعر الغيرة وهي بدورها تدفع الطلاب إلى التصادم.
- عدم وجود استقرار أُسَري داخل أُسَر بعض الطلاب وكثرة المشكلات الأسرية تشحن نفس الطفل وتجعله عصبيًّا ومضطربًا ما يدفعه إلى ارتكاب المُشاجرات مع أقرانه في المدرسة للتّنفيس عن الاحتقان الناتج عن توترات داخل أسرته.
- البعض يتبع أسلوب العنف لإثبات نفسه وهذا أمر مردّه إلى وجود شعور بالنقص في نفس الطفل، وهو ناتج عن سوء التّربية الأسرية للطالب.
- التّنافس على القيادة داخل الصف أو المدرسة ككل، أو التنافس في التحصيل الدراسي، أو ربما أخذ أغراض من الغير، والغيرة بين الطلاب، أو عدم التأقلم مع المحيطين.
- اتخاذ بعض الطلبة المشاجرات كأسلوب للتعبير عن نقص أو عدم مقدرة في التواصل بكفاءة مع زملائهم، أو إثبات الذّات بطريقة سلبية، والمزح والتعليقات بطريقة ساخرة، والنزعة القبلية واستخدام ألفاظ غير أخلاقية.
- طبيعة الطالب نفسه، الذي يتصف بالعنف تجاه زملائه وهذه النوعية تحتاج إلى جلسات إرشادية من المدرسة ودعم من الأسرة.
- ضعف النضج الفكري، وغياب المعرفة بقواعد السّلوك الطلابي، وضعف الإرشاد والتوجيه المدرسي والفعاليات والأنشطة اللاصفية، إلى جانب “الشللية” التي ترفع من وتيرة العنف.
- اضطراب سلوكي أو نفسي في شخصية الطفل الذي يتشاجر مع أقرانه.
- يفتعل بعض الأطفال الشجار من أجل محاولة لفت الأنظار.
- خللٌ في تربية الأبناء، سواء بالتدليل الزّائد، أو معاملتهم بقسوة.
- الاختلاف في طرق التربية والتنشئة الاجتماعية داخل الأسرة يؤدي إلى المشكلات بين الطلبة في المدرسة.
- غياب الروح الرياضية أثناء المنافسات يُولّد أحيانًا مشاعر الغيرة، التي بدورها تدفع الطلبة إلى التشاحن والتصادم.
- الاستخدام السيئ لوسائل التواصل الاجتماعي له دور كبير في التأثير السلبي على سلوك الطلبة داخل المدرسة.
- تشجيع ذوي الطلبة لأبنائهم بالدفاع عن أنفسهم وحماية اسم العائلة، وهو ما يُعرف اصطلاحًا بـ”خذ حقك بنفسك”.
- يحدث الخلاف أحيانًا بين الطلاب لمجرد كسر الملل وإضفاء بُعد آخر للعب والاحتكاك مع بعضهم البعض.
- وقد يحدث الخلاف لفرض السيطرة أو القوة على بقية الأطفال المتواجدين في المحيط، وقد يكون ذلك من الأكبر على الأصغر أو الأصغر على الأكبر أو صاحب الشخصية القيادية على الباقيين.
- عدم تخصيص وقت كافٍ للصديق، فكثيرًا ما يشعر الأصدقاء بحاجة ماسّة إلى رؤية بعضهم، والحديث عمّا يجول في خاطرهم، لذا عندما يعتذر أحد الأصدقاء بشكل متكرر عن تلبية هذا الطلب، وعدم تخصيص جزء من وقته للاستماع إلى صديقه، تحدث مشكلات بينهما.
- الكذب كثيرًا، فلكي تنجح أي علاقة صداقة، يجب أن يكون الصّدق أساس الحديث والعمل فيها، فالصديق الذي لا يصدق في كلامه، سيبقى دائمًا موضع شكٍّ أمام أصدقائه، وقد تكثر بينهم المشكلات بسبب كذبه المتكرر.
- تقليد سلوك الكبار أو التعلم منهم، فالأطفال شديدو الملاحظة وعندما يرون الكبار من ذويهم أو من يرونهم قدوة لهم يستخدمون الشجار في حل خلافاتهم ومشاكلهم فإنهم سوف يقلدون هذا السلوك.
حلول مشكلة الشجار بين الأصدقاء
والحد من مشكلة الشجار في المدرسة يتوقف على عدد من الوسائل والحلول أبرزها ما يلي:
- سرعة التحرك لاحتواء أي شجار ينشأ بين الطلاب وعدم إهمال الأمر كي لا يتفاقم.
- دراسة الحالة النفسية للطلاب العنيفين ومثيري الشّغب من خلال اختصاصيين تربويين ونفسيين لمعرفة أسباب الشّجار.
- التواصل مع أولياء الأمور والتعاون معهم لوضع أفضل الحلول لهذه المشكلة.
- تحسين الأساليب التربوية والتوعية للطلاب.
- الاهتمام بطريقة تعاطي المدرسين مع الطلاب والابتعاد عن الأساليب التي تُؤدّي إلى التفرقة والإهانة للبعض.
- تخصيص حصص تربوية وتأهيلية للطلاب في محاولة لتفريغ شحنات الغضب في نفوسهم.
- إشراك جميع الطلاب في نشاطات غير منهجية الهدف منها غرس روح التعاون فيما بينهم، والتدرب على مهارات اجتماعية يمكن استخدامها أثناء التعامل مع الآخرين، مثل الاستئذان والاعتذار والحوار.
- مناقشة الأسباب التي أدت إلى الشجار، ومناقشة الطرق التي يُمكن استخدامها لحل الخلاف.
- تشكيل لجان ومجالس طلابية للاستماع إلى الطلاب والتحدث والتحاور معهم وليس التحدث إليهم بصيغة الأمر، وغرس القيم الإيجابية وأهمية العلاقات الاجتماعية الصحية.
- التعاون مع أصحاب الخبرة في مجال المحاضرات وورش العمل، واستخدام التكنولوجيا في صناعة أفلام قصيرة تُبيّن مخاطر المشاجرات على الطالب نفسيًّا واجتماعيًّا وأكاديميًّا.
- حثّ أولياء الأمور على الاهتمام بعملية التنشئة والتربية الأسرية، وترسيخ القيم والعادات الإيجابية وتدريب الأبناء على الاعتدال والوسطية في التعامل مع الآخرين.
- تعزيز السلوك الإيجابي وتكريمه من خلال إنشاء برنامج مكافآت تحفيزي للطلبة على سلوكهم الإيجابي، وتقليل ساعات التدريس ليتاح المجال أمام المعلمين ليتفرغوا إلى تقديم التوجيه والنصح للطلاب.
مشكلة الشجار بين الطلاب في المدارس، يُمكن حلّها والسيطرة عليها من خلال تهذيب سلوك الطلاب، وخَلْق بيئة مدرسية أكثر إيجابية وفعالية، لأنّ العنف الطلابي عواقبه وخيمة إذا ما تمّ التعامل معه في مهده، ولا شك أنّ الحل لا بُد من أن يشارك فيه الجميع، سواء الأسرة أو المدرسة أو الدولة.
مصادر ومراجع:
- أيمن خطاب: خطوات اتبعيها عند وقوع شجار بين الأصدقاء.
- عبد الله متولي: ظاهرة العنف بين طلاب المدارس.. إلى أين؟
- موقع النجاح: كيف نتعامل مع مشكلات الأصدقاء في المدرسة؟
- محمد محسن: المشاجرات الطلابية سلوكيات بريئة تقود إلى قفص الاتهام.
- محمد خلفان الصوافي: العنف المدرسي.