يخضع الزفاف الإسلامي إلى آداب وضوابط شرعية انطلاقًا من أن الإسلام في تشريعاته الرّبانيّة لم يغفل قضيّةً إلا وعالجها علاجًا شافيًا، ووضع المنهج الصّحيح لها، فالمسلم حين يقدم على الزّواج يحرص على بناء بنيانٍ تقوم دعائمه وأسسه على التّقوى ورضا الرّحمن، لذلك سمّيت ليلة الزّواج بليلة البناء، وإنّ بداية بناء بنيان الحياة الزّوجيّة تبدأ من حفلة الزّفاف.
ولا بُد من أن يحرص المسلم على أن يكون زفافه خاليًا من المنكرات، فلا اختلاط بين النّساء والرّجال، ولا يستعمل المسلم في حفل زفافه ما حرّمه الله تعالى، ويمكن أن يُزفّ بالدّف الذي رخص باستخدامه النبي- صلى الله عليه وسلم- بالإضافة إلى الغناء المباح.
ضوابط وآداب الزفاف الإسلامي
وتتمثل الضوابط الشرعية والآداب التي حددها الإسلام من أجل إقامة الزفاف الإسلامي على الوجه الصحيح في النقاط التالية:
- يتم عقد الزواج بحضور ولي المرأة، وشاهدين عدلين، وأن يشهدا على العقد، وأن يتفق الزوجان على المهر، وشروط الزواج الأخرى.
- أن يكون حفل الزفاف بسيطًا، ويراعي الآداب الإسلامية، وأن يكون بعيدًا عن الإسراف والتبذير.
- إذا كان فيه ضرب دف أو غناء فيكون بما أحل الله وبكلمات طيبة لا تثير غريزة ولا تؤذي مشاعر.
- يمنع الغناء المحرّم فعلا واستماعا، وكذلك الموسيقى المحرّمة عزفًا واستماعًا.
- يُحرّم تزيُّن العروس وتبرُّجها أمام الرجال الأجانب، وكذلك رقصها.
- ومن المحرمات اختلاط الرجال بالنساء وما يحدث فيه من السلام، والمصافحة، والرقص بينهم.
- ويحرم شرب الخمور، وأكل لحم الخنزير.
- ويمنع لبس النساء العاري سواء أمام النساء أو الرجال.
- الابتعاد عن التبذير والإسراف في تكاليف الزواج، وما يتّصل بذلك في العرس، كالاستعانة ببعض المُغنيين أو المُغنيات وإعطائهم الكثير من الأموال، والابتعاد عن إقامة العرس في الأماكن التي تُكلّف أموالاً كثيرة.
- لا يصحّ للعروس أن تترك صلاة الفرض في يوم عُرسها؛ مخافة إزالة المساحيق أو الزينة التي تكون عليها، فتحتاط لذلك سابقا حتى لا تُضيّع الصلاة.
- تهيئة المكان المناسب للمدعوات مع معرفة أعدادهنّ، وحبذا أن يكون مكان النساء بعيدًا عن الرجال، حتى لا يسمع الرجال أصواتهن، وحتى تأخذ النساء راحتهن دون قيود.
- إعداد مكان مريح لمن يشتكي ألمًا أو به علة، والعناية بكبيرات السن من الحاضرات.
- الحرص على الأطفال ومن الأفضل أن يكون الأبناء الأولاد مع الأب، والبنات والصغار جدا يكونون مع الأم، وهذا هو الأفضل.
- يبدأ الحفل من بعد صلاة المغرب، بإلقاء كلمة ترحيبية، ثم أنشودة طيبة تبين مدى الفرحة والسرور، ثم إلقاء محاضرة تفيد الحاضرات بحيث تكون عن مثل هذه المناسبة ومن خلالها يتم الدعاء للعروسين وتكون قصيرة وغير مملة.
- المشاركة بالقصائد الجميلة والنوادر والملح والفكاهات التي لا تفسد الدين وتثري على الجو المرح والسعادة.
- القيام لصلاة العشاء، وبعدها تناول وليمة العرس، ويجب الحذر من الإسراف والتبذير أو العكس البخل والتقتير.
- إتاحة الفرصة كي تنصرف المدعوات باكرًا فذلك احترام لها ولأهل بيتها، فالسهر لا يفيد الإنسان إلا إذا كان عبادة.
- الحرص على أن تخرج النساء دون المرور من بين الرجال.
- لبس الملابس الجميلة والتزين والتطيب أمر لا خلاف فيه، بل هو المفروض لمثل هذه المناسبة السعيدة لكن في اللباس احتشام وحياء، ومن تحضر عليها الدعاء للعروسين، والمباركة وعليها احترام أهل الحفل ومن يحضره صغار كانوا أو كبار.
- إذا كان فيه ضرب دف أو غناء فيكون بما أحل الله وبكلمات طيبة لا تثير غريزة ولا تؤذي مشاعر.
- ألا يتسبب طول الوقت في الفرح الإسلامي إلى ضياع صلاة الصبح على أهل العرس والمدعوين.
- الحضور في الوقت المحدد، وهو ما يساعد على تجنب أي تأخيرات غير ضرورية.
- تهنئة العروسين بمناسبة زواجهما، سواء شخصيًا أو عن طريق إرسال بطاقة أو رسالة.
- الدعوة إلى الله تعالى في حفل الزفاف، وتذكير الحضور بأهمية الزواج والأسرة في الإسلام.
- يُحسن تعبير العروسين عن شكرهما وامتنانهما للحاضرين والمشاركين في الحفل.
- إذا كان العرس هو يوم البناء، فمن السنة أن يصطحب الرجل زوجته إلى بيته، وأن يؤنس دخولها إلى هذا البيت، ويقدم لها شرابًا، ويفضل أن يكون من اللبن، ويصليا معًا ركعات لله، إذا أراد أن يأتيها يقول: “اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا”.
رسائل لمن يرغب في حضور حفلات الزفاف
ومن يرغب في حضور حفلات الزفاف الإسلامي عليه الالتزام ببعض الرسائل، وهي:
- الحرص على عدم وُجود مُحرّمٍ أو مُنكرٍ في مكانِ الدّعوة؛ كوجودِ الرّاقصات، أو الغِناء الفاحش، أو الخُمور، لِقول النبيّ -عليه الصّلاةُ والسّلام-: “ومَن كان يؤمنُ باللهِ واليومِ الآخِرِ فلا يَجْلِسْ على مائدةٍ يُدَارُ عليها الخمرُ” (أحمد والترمذي).
- أن يُعيِّن الدّاعي المدعو بِدعوته، فلو لم يُعيِّن فلا يلزمهُ الإجابة، لأنَّها دعوة عامّة، على خلاف لو خصّصه بالدّعوةِ فعليه إجابتها.
- ألّا يكون في إجابة الدّعوة ضررا على المُجيب؛ كوجوده في سفرٍ يَصعبُ من خلاله الوصول إلى الدّعوة، أو أن يُكلِّفه ذلك تكاليف فوق طاقته.
- استئذان المرأة زوجها، فلا يجوز لها حضور دعوة عامّة أو خاصة إلَّا بعد أخذ إذن صريح من زوجها، وهذا الضابط خاص بِالنِّساء.
- في حالةِ وجود المحرّمات يُنظر إن كان يستطيع الإنكار والتغيير؛ فيكون قد أصاب أجرين، أجر إجابة أخيه المُسلم، وأجر تغييره للمُنكرِ، وإن كان لا يستطيع التغيير أو الإنكار؛ فلا يجوز له الحُضور.
- ألّا يكون الداعي ممّن يُسن أو يجبُ هجره؛ كالفاسق أو المُبتدع الذي يُجاهر بفسقه أو بدعته، وذلك إذا كان بعدم حضور الشخص المدعو فائدة وخير، وأمَّا إن كان عدم حضوره للدعوة يعود عليه بالشرّ والكراهة فيُجيب الدّعوة.
- أن يكون طعام الداعي وماله حلالاً، فلا يجوز الإجابة على الأكل الحرام؛ كلحم الخنزير، أو بكسب مالٍ حرام؛ كالرّبا، لِقولهِ -تعالى-: (إِنَّما حَرَّمَ عَلَيكُمُ المَيتَةَ وَالدَّمَ وَلَحمَ الخِنزيرِ وَما أُهِلَّ لِغَيرِ اللَّـهِ بِهِ) [البقرة: 173].
وبما أن حفل الزفاف الإسلامي يُمثِّل المدخل السعيد للحياة الزوجية، فعلى المؤمن والمؤمنة أن يتحرَّيا رضا الله تعالى بحيث يعيشان حالة الفرح والسرور والسعادة من دون أن يرتكبا محرَّما والعياذ بالله، خصوصًا مع ما ابتلى الكثيرون في عصرنا ومجتمعنا من سلوكيات تُخرج حفل العرس من الدائرة الشرعية الحلال إلى ما حرّم الله تعالى.
مصادر ومراجع:
- هدى بنت سلطان: مخالفات بعض النساء في الحفلات والأفراح.
- إسلام أون لاين: من آداب الأفراح الإسلامية.
- المجلس الإسلامي للإفتاء: ما هي ضوابط الأفراح في الشريعة الإسلامية؟
- الشيخ أحمد بن حسن المعلِّم: أفراحنا: سنن ومنكرات
- محمد بن يعقوب الكليني: فروع الكافي 5/366.
- الشيخ إسماعيل حريري: الأعراس بين الشرعية والإشكالية.