إرثٌ بلا صندوق
بغيرِ مال ولا وصيةٍ ولا حقوقْ
هو إرثٌ لا تُملأ به الجيوبْ
مالكُه ليس بأبٍ ولا هو من الجدودْ
صاحبُ الإرثِ خالقٌ حكيمٌ ودودْ
إرثُ الدعوةْ
إرثٌ توارثَ حملُه خيرُ خلقِ اللهِ قاطبةْ
رسلٌ مؤيدونَ مِنَ السماءِ بالوحيْ
قدَّرَ اللهُ أن يختمَ تشريفَهمْ بخيرِهم
محمدٍ صلى الله عليه وسلم
الذي أكملَ الرسالةْ وأدى الأمانةْ
ثم انقطعَ من بعدِه النزولْ
على أن تَحمِلَ أمتَه أمانةَ التبليغِ من بعدِهْ
حثَّ هُوَ أمَّتَهُ على ذلكَ فقالْ:
)بَلِّغُوا عَنِّي وَلَوْ آيَةْ(
حَمْلُ الرسالةِ من بعد الرسلْ
والدعوةِ إلى اللهْ
هما سرٌّ من أسرارِ خيريةِ أمةِ محمدٍ صلواتُ اللهِ وتسليماتُه عليهْ
أخبرَنَا بذلك ربُّ العزةِ بقولِهْ
)كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَ أْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُ ؤْ مِنُونَ بِا للَّه (ِ
هذا التناهي عن المنكرْ تخلتْ عنْهُ أممٌ سبقتْنَا
فكانَ بابَ خروجِها من رحمةِ اللهْ
إِذْ )كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِ ئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ(
جزاؤهمْ من جِنسِ عملِهمْ
فما تناصَحْنا بالخيرِ ودعوةِ بعضِنا للحقْ
إلا تراحُمًا بيننا
وحُبًا في الخيرِ لبعضِنا
وخَوفًا من سوءِ العاقبةِ التي قَدْ تنالُ العاصيَ منَّا
وإنْ كانتِ الأفواهُ طيلةَ الوقتِ لا تكفُّ عنِ الكلامْ
فإنَّ خيرَ ما خرجَ منها وأنفعَهُ
هو ما كانَ به المرءُ داعيًا إلى اللهْ
)وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْ لًا مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّه وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ(
اِستصْحِبِ العُدَّةْ
)البلاغ لا الجواب( )تظهر مكتوبة فقط بلا قراءة(
كلُّ داعٍ إلى اللهِ يعلمُ أنه محاسبٌ على البلاغِ لا الأثرْ
فالداعي المتعلقُ بالاستجابةْ
يُعرِّضُ نفسَه لرياحِ اليأسِ تعصفُ بهْ
لكنَّ النَّابِهَ هو من يتذكرُ دائمًا قولَ اللهْ
)فَ إِنْ أَعْرَضُوا فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَ لَا غُ(
)الوقت و الدعوة( )تظهر مكتوبة فقط بلا قراءة(
والدعوةُ كلمةٌ كانتْ أو فِع لًا
قد تجدُ طريقَها بيسرٍ كلما قلتْ الحواجزُ على القلوبْ
فإن تعددتِ الحواجزُ والموانعْ
فالزمنُ عنصرٌ لا يُنسى في معادلتِها
وقد تُزالُ الغِشاوةُ عنِ العيونِ والرَّانُ عن القلوبْ
بعدَ مُضِيِّ السنواتِ بإذنِ اللهْ
مراعاةُ الزمنِ ليسَ معَ ا لِا ستجابةِ والمردودِ فقطْ
بلْ في تخيِّرِ زمنِ النصيحةِ أيضًا
كما قال ابنِ مسعودٍ
)كانَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَتَخَوَّلُنا بالمَوْعِظَةِ في الأيَّامِ، كَراهَةَ السَّآمَةِ عَلَيْنا(
)كن حكيمًا( )تظهر مكتوبة فقط بلا قراءة(
وكلُّ داعٍ عليه أنْ يتمكنَ أو لًا من بضاعتِه فيَعِيها
ثم يُبدعُ بعدَها في تسويقِها
مصطحبًا الحكمةَ والموعظةَ الحسنةْ
يفتحُ بهما القلوبَ لشرا ئِها
فيخاطبُ كُ لًّا على قدرِ عقلِهْ
ولا يقولُ كُلَّ ما يعرفُ لِكُلِّ مَنْ يعرفْ
يقولُ البخاريُّ في تفسيرِ قولِ الله: )وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ(
)الربانيُّ الذي يُربِّي الناسَ بصغارِ العلمِ قبلَ كبارِهْ(
أيْ ما وضحَ من مسائلِهِ وليس ما دقَّ منها
يخططُ ويرتبُ لدعوتِه ثم يُقيمُ نفسَهُ ويتابِعْ
)الطريق ليس هينًا( )تظهر مكتوبة فقط بلا قراءة(
والداعي يعلمُ أنَّ طريقَه محفوفةٌ بالمصاعبِ والمتاعبْ
فلم يكنْ يومًا طريقَ الدعاةِ مفروشًا بالورودْ
كذلك لم تَكنْ طُرُقُ الأنبياءْ
الذينَ ذاقوا صُنوفَ السخريةِ والإيذاءْ
يُسَرِّي ربُّ العالمينَ عن حبيبِهِ محمدْ
فيُعدِّدُ له كيفَ كُذّب مَنْ قبْلَهُ مِنَ الرسلْ
)وَ إِن يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعَادٌ وَثَمُودُ ) 42 ( وَقَوْمُ إِبْرَاهِيمَ وَقَوْمُ لُوطٍ ) 43 ( وَ أَصْحَابُ
مَدْيَنَ وَكُذِّبَ مُوسَىٰ…(
عِلمُ الداعي بهذا يَشُدُّ من أزرِهْ
كزرْعٍ نبتَ وسطَ الأعاصيرِ فما زادَتْهُ إلا ثباتًا
)الأقربون أولى( )تظهر مكتوبة فقط بلا قراءة(
كلُّ داعٍ مخاطبٌ بقولِ اللهِ تعالى )وَ أَنذِرْ عَشِيرَتَكَ ا لْأَقْرَبِينَ(
يبد أُ بالقريبِ قبلَ البعيدْ
إِذْ كلما كان الداعي قريبًا ممن يدعوهْ
يعرفُ حالَهُ وهمَّهُ .. مدخلَهُ وأسلوبَهْ
دعاهُ على بصيرةْ
)قُلْ هَٰذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّه عَلَىٰ بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي(
من ذلك مراعاةُ الأماكنِ والأفهامِ والأزمانْ
)عيون على الآخرة( )تظهر مكتوبة فقط بلا قراءة(
الداعي إلى اللهِ لا ينتظرُ أجرًا دُنيويًا
فهي ليستْ وظيفةً من وظائفِ الدنيا
في هذا إثباتٌ لإخلاصِهْ
ومصداقيةٌ لدى من يدعُوهْ
وكثيرًا ما قالَها الرسلُ والأنبياءُ لأقوامِهمْ
) لَا أَسْ أَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا(
لمَّا كانَ سحرةُ فرعونَ في وظيفةٍ دنيويةْ
سألُوهْ ) أَ ئِنَّ لَنَا لَأَجْرًا إِن كُنَّا نَحْنُ الْغَالِبِينَ(
لكنْ بعدَ أنْ أنارَ اللهُ قلوبَهمْ بالإيمانِ قالُوا
)فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَٰذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا(
)أنت المرآة( )تظهر مكتوبة فقط بلا قراءة(
كلُّ داعٍ لا ينسى كذلك أنه مِرآةُ دعوتِهْ
فالناسُ قبل أن يَسمعوا قولَهُ يرقبونَ فِعلَهْ
وحالُ رجلٍ في ألفِ رجلْ أبلغُ من قولِ ألفِ رجلٍ لرجلْ
فالمسئوليةُ على الداعي إلى اللهِ كبيرةْ
حذرًا ألا يكونَ فتنةً لغيرِهْ
يفعلُ ذلك بلا تكلفٍ أو اصطناعْ
بلْ يسيرُ مُصلِحًا نفسَهُ داعيًا غيرَهُ في آنٍ واحدْ