شوق لا ينقطع .. وحنين لا يتلاشى
وأرواح ترفرف عند قدوم هذه الأيام المباركة
فكم نتمنى لو تعانق أجسادنا ستائر الكعبة المشرفة
وتلامس شمسُ عرفة وجوهَنا
وتهون المشقة ويزول الجهد بالأجر والقبول
فالحج ركن من أركان الإسلام الخمس
وفريضة افترضها الله تعالى على عباده لمن استطاع إليه سبيلا
وموسم تعليمي على الأمة المسلمة أن تستفيد منه
وأن تخرج منه بأكبر قدرٍ من الفوائد والمنافع
ومن جلائل الدروس والعظات التي يتضمنها الحج
استشعار المسلمِ عظمَ حرمةِ أخيه المسلم
وأنها حرمةٌ لا تقل حرمة عن البيت الحرام والبلد الحرام والشهر الحرام
وفي صحيح البخاري أنّ النبي صلى الله عليه وسلم خطب في الناس يَومَ النَّحْرِ، قالَ: أتَدْرُونَ أيُّ يَومٍ هذا؟، قُلْنَا: اللَّهُ ورَسولُهُ أعْلَمُ، فَسَكَتَ حتَّى ظَنَنَّا أنَّه سَيُسَمِّيهِ بغيرِ اسْمِهِ، قالَ: أليسَ يَومَ النَّحْرِ؟ قُلْنَا: بَلَى، قالَ: أيُّ شَهْرٍ هذا؟، قُلْنَا: اللَّهُ ورَسولُهُ أعْلَمُ، فَسَكَتَ حتَّى ظَنَنَّا أنَّه سَيُسَمِّيهِ بغيرِ اسْمِهِ، فَقالَ أليسَ ذُو الحَجَّةِ؟، قُلْنَا: بَلَى، قالَ أيُّ بَلَدٍ هذا؟ قُلْنَا: اللَّهُ ورَسولُهُ أعْلَمُ، فَسَكَتَ حتَّى ظَنَنَّا أنَّه سَيُسَمِّيهِ بغيرِ اسْمِهِ، قالَ أليسَتْ بالبَلْدَةِ الحَرَامِ؟ قُلْنَا: بَلَى، قالَ: فإنَّ دِمَاءَكُمْ وأَمْوَالَكُمْ علَيْكُم حَرَامٌ، كَحُرْمَةِ يَومِكُمْ هذا، في شَهْرِكُمْ هذا، في بَلَدِكُمْ هذا، إلى يَومِ تَلْقَوْنَ رَبَّكُمْ، ألَا هلْ بَلَّغْتُ؟، قالوا: نَعَمْ، قالَ: اللَّهُمَّ اشْهَدْ، فَلْيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الغَائِبَ، فَرُبَّ مُبَلَّغٍ أوْعَى مِن سَامِعٍ، فلا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا، يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ.
وبهذا الحديث يثبت لنا النبي صلى الله عليه وسلم
أن رعاية الذمة ووجود الإحساس بحرمات الله
وتعميق هذا الإحساس في النفوس مقصد من مقاصد الحج
رحلة إيمانية وأخلاقية وتربوية “فاصل صوتي”
من عظيم فضل الله علينا ومنته أن جعل عقيدتنا وشريعتنا
من الروافد الأساسية في تربية النفس وتقويمها والرقي بها نحو مدارج الكمال ومعالي الأمور
ولهذا فإن للحج آثار تربوية على الفرد والأمة خاب وخسر من لم يدركها
فبالحج تتأصل وتتأكد قضية التوحيد في النفوس، فنية الحج خالصة لله سبحانه
وهو ما أكده ربنا عز وجل في كتابه حين قال: ﴿ وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ… ﴾.
وبالحج يتربى العبد على تعظيم شعائر الله وإجلالها ومحبتها
وإكرام أهلها والتحرج من المساس بها أو هتك حرمتها
كما أن الحج يربي المسلم على الأخلاق الحسنة والصفات الحميدة
حيثُ إنكارُ الذات وتجاوز أغلالها والاندماج في المجموع في اللباس والهتاف وفي التنقل والعمل
والتربية على التواضع حين لا يمتاز أحد عن أحد وليس لحاج خاصية أو ميزة عن غيره من الحجاج
والتربية على الصبر على مشقة الطاعة، والتربية على البذل والسخاء
وبالحج يتذكر الإنسان يوم القيامة والآخرة
حيث التجرد من المخيط وترك الزينة: يذكر بالكفن وخروج العباد من قبورهم حفاةً عراة
والترحال والتعب والازدحام مع العطش والعرق: يذكر بمواقف عرصات القيامة وحشر العباد.
وفي الحج تتربى النفس على النفرة من المعاصي واجتناب الذنوب
وتتربى على الاجتهاد في الطاعات واستغلال الوقت
روح تتجدد
قوّة الجانب الروحي لدى الفرد المسلم تجعله يقظا بشكل شبه دائم
فتتحول بذلك حتى عاداته إلى عبادات في ميزان الله عز وجل
على عكس الغافل فإنه حتى عباداته تتحول إلى عادات لا ينال من ورائها شيئا لأنها لا روح فيها
وكما قال أحد السلف: (عادات أهل اليقظة عبادات، وعبادات أهل الغفلة عادات)
والحج أكبر فرصة لتتجدد روح المسلم وترتقي عزيمته تجاه عبادة المولى عز وجل
ففريضة الحج تحث الإنسان على التزود بالتقوى، التي هي وصيةُ الله عزَّ وجل للبشر أجمعين؛ وذلك لأنها جامعةٌ لكل خير
كما أنها تجعل المسلم يتوب ويعود ويقبل على ربه، يدعوه ويرجوه، فلا إله غيره ولا معبود سواه
وبالحج تتزكى الأنفس والروح بطاعة الله والإقبال على خالق الخلق
فطوبى لمن قُبِل حجُّه، وتبدّل حالُه بعد الحج إلى أحسن حال
وخرج من حجِّهِ بدروس في الأخلاق وتزكية النفس، وفَقِه مقاصدَ هذه الفريضة العظيمة
ليكونوا خلفاء الله في الأرض ويحملوا أمانته. تابعونا على الفيسبوك: https://www.facebook.com/MONTADAELTAR… تابعونا على تويتر: twitter.com/montdatarbawy تابعونا على انستجرام: instagram.com/montadaeltarbia/ تابعونا على التليجرام: https://t.me/montdatarbawy#يا_دعاة_الخير