يأتي الإنسان إلى هذه الحياة مجردا من العلم والمعرفة وإن كان مزودا بالاستعداد والقوى والأدوات التي يمكن بها أن يعلم ويعرف، يقول تعالى: {وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [النحل:78]، يقول أبو الأعلى المودودي تعليقا على المنهج الذي تضمنته هذه الآية الكريمة: “إن هذه الكلمات لم يتنزل بها الوحي في كتاب الله لتعني فقط مجرد القدرة على الروية والسمع والتفكير؛ ذلك بأن السمع معناه إحراز المعرفة التي اكتسبها الآخرون، والبصر معناه تنميتها بما يضاف إليها من ثمرات الملاحظة والبحث، والفؤاد معناه تنقيتها من أدرانها ثم استخلاص النتائج منها، وكل هذه القوى إذا ما تضافرت بعضها على بعض نجمت عنها تلك المعرفة التي منّ الله سبحانه وتعالى بها على بني آدم، هذه المعرفة التي بها وحدها استطاع الإنسان أن يهزم بها سائر المخلوقات على هذه الأرض ويسخرها لإرادته وسلطانه”، فالسمع والبصر والعقل هي الأدوات التي يكتسب بها الإنسان معلوماته، وهي القنوات التي تصله بالكون الفسيح ليعرف أسراره، ويدرك شئونه وينتفع بما أودع فيه من نعم، والذين لا يستفيدون من تلك الأدوات لا يمكن تصنيفهم مع بني الإنسان، بل هم كالحيوانات حيث فاتهم ركب العلم كمقوم من مقومات الشخصية الإنسانية. يقول تعالى: {وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لا يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ} [الأعراف: 179].
التفكير الناقد ومهارات التفكير
التفكير الناقد في أبسط معانيه هو القدرة على تقدير الحقيقة ومن ثم الوصول إلى القرارات في ضوء تقييم المعلومات وفحص الآراء المتاحة والأخذ بعين الاعتبار وجهات النظر المختلفة، ويعرفه (مايكل سكريفن): “التفكير الناقد كفاءة أكاديمية مثل القراءة والكتابة ولا تقل أهمية عنهما والتفكير الناقد هو تفسير وتقويم بارع وفعال للملاحظة وللاتصال والمعلومات والبراهين”، وهدف التفكير الناقد هو إعداد الفرد القادر على فهم المعرفة والتعامل معها وتقييمها واختيار ما يكمل عملية البناء والتقدم.
ويدل مصطلح التفكير على كثير من المعاني؛ ويمكن تعريفه بأنه: “نشاط عقلي مرن يقوم به الفرد عندما تصادفه مشكلة معينة أو موقف غامض يحتاج إلى تفسير” وتتضمن عملية التفكير العديد من العمليات والخطوات التي تؤدي في النهاية إلى حل لمشكلة ما أو بناء خطة، والتفكير سلوك يأتي من خلال تفاعل الفرد مع بيئته وتأثره بها ومحاولته المستمرة في التعامل مع المواقف والمشكلات التي يواجهها، وهو قدرة من القدرات التي يشتمل عليها التنظيم العقلي المعرفي للفرد ويعتمد قدراته العقلية العامة.
ويمكن تصنيف مهارات التفكير إلى فئتين رئيسيتين هما: مهارات التفكير الدنيا والتي تعني الاستخدام المحدود للعمليات العقلية كالحفظ والاستظهار والتذكر، وهي عمليات من الضروري تعلمها قبل الانتقال إلى مستويات التفكير العليا. ومهارات التفكير العليا والتي تعني الاستخدام الواسع للعمليات العقلية، ويحدث ذلك عندما يقوم الفرد بتفسير وتحليل المعلومات ومعالجتها بعيداً عن الحلول أو الصياغات البسيطة للإجابة على سؤال أو حل مشكلة لا يمكن حلها من خلال الاستخدام الروتيني للعمليات العقلية الدنيا، هذا ويقع ضمن هذه الفئة مجموعة من أنواع التفكير ، كالتفكير الإبداعي والتفكير الناقد.
التفكير الناقد في التربية الإسلامية
التفكير فريضة أرسى أسسها الإسلام ورسخ مهاراتها في عقول أبنائه، فليس هناك دين أعطى العقل والتفكير مساحة كبيرة من الاهتمام مثل الدين الإسلامي، وعندما يخاطب القرآن الكريم الإنسان المسلم فإنه يركز على عقله ووعيه وتفكيره، ولأهمية التفكير للإنسان المسلم وردت كلمة تفكير أو مرادفاتها (يتفكرون – يبصرون – يعقلون – يتذكرون… إلخ ) مرات عديدة في القرآن الكريم.
وقد عني الإسلام بتكوين العقلية الواعية الناقدة القادرة على الحكم على الأشياء بميزان الشرع والعقل السليم، ومن شواهد ذلك ما قرره علماء الحديث واشترطوه لقبول الرواية عن بني إسرائيل، حيث ذكر الشافعي رحمه الله أن إباحة الشارع الرواية عنهم في قوله صلى الله عليه وسلم فيما رواه البخاري عن عبد الله بن عمرو: “…وحدثوا عن بني إسرائيل”، أن ذلك “مقيد بما يجوزه العقل وما يمكن وقوعه فأما فيما تحيله العقول ويحكم فيه بالبطلان ويغلب على الظنون كذبه كالكذب على الذات الإلهية أو إلصاق التهم الباطلة بالأنبياء عليهم السلام ونحو ذلك فليس من هذا القبيل”. (ابن حجر: فتح الباري)، ولذا نجد أهل العلم رحمهم الله ينظرون إلى كثير مما يقفون عليه من حكايات وأقوال بنظر الناقد البصير، فهذا الذهبي رحمه الله لما ذكر الحكاية العجيبة التي فيها أنه لما مات الإمام أحمد بن حنبل أسلم في يوم موته عشرون ألفا وقيل: عشرة آلاف من اليهود والنصارى والمجوس، قال: هذه حكاية منكرة… ثم العادة والعقل تحيل وقوع مثل هذا وهو إسلام ألوف من الناس لموت ولي من أولياء الله ولو وقع ذلك لاشتهر ولتواتر؛ لتوفر الهمم والدواعي على نقل مثله، بل لو أسلم لموته مائة نفس لقضي من ذلك العجب، فما ظنك؟! ولما أورد في ترجمة الإمام المقرئ محمد بن أحمد البغدادي الخياط أنه بلغ عدد من أقرأهم من العميان سبعين ألفا، قال معقبا هذا مستحيل والظاهر أنه أراد أن يكتب (نفسا) فكتب (ألفا)، ومن لقن القرآن لسبعين ضريرا فقد عمل خيرا كثيرا.
وهذا يبين مدى تحرر العقل البشري في التربية الإسلامية من قيود الوهم والخرافة وتربيته على أخذ الأمور بالحزم وبنائها على أصول ثابتة والاعتماد في ذلك كله على الكتاب والسنة اللذين هما مصدر المعرفة الأولى في حياة المسلم، وطرح كل ما يخالفهما أو يشكك في مصداقية نصوصهما ثم يأتي بعد ذلك إعمال العقل السليم في الاستفادة مما عند الآخرين بعد فحصه وعرضه على ميزان النقد العلمي لأخذ النافع وترك الضار، وبذا يكون البناء الفكري للإنسان المسلم مضبوطا بضوابط تعمل على ترقيته ونموه وتحميه من التخبط والحيرة.
مَشاهد من التفكير الناقد
في كتابه (التفكير الناقد) يروى (آلك فشر) قصة طريفة يقول: “شاهدت الصديقتان (ب) و (ش) تقريرا إخباريا تلفزيونيا، وتحدث مقدم البرنامج الأمريكي عن شدة دقة الصواريخ الأمريكية، وكيف أنها تبحث عن الحرارة داخل مداخن الأبنية لتفجرها، وكيف تقوم صواريخ باتريوت باعتراض صواريخ سكود وتفجرها في الجو قبل أن تصل لأهدافها، وعلقت (ب) بإعجاب على دقة هذه الأسلحة وأبدت ارتياحها لامتلاك أمريكا لها، غير أن (ش) -التي كانت تدرس الإعلام- لم تكن واثقة مثل (ب) وعلقت قائلة: إن صور الصواريخ التي تخترق المداخن قام بتصويرها الجيش الأمريكي (وهو جهة غير محايدة) ولم يخبرنا كم من الصواريخ أخطأ الهدف، وتابعت (ش) قائلة: ومشاهد صواريخ باتريوت التي تعترض صواريخ سكود في الهواء لا يمكن أن يفسرها إلا خبير عسكري؛ ليوضح إذا كان وميض الانفجار ناتج عن اعتراض باتريوت لصاروخ سكود أم نتج عن انفجاره قبل أوانه المحدد، وواضح أن المراسل قد سلط الضوء على تفسيرات الجيش للمشهد لغرض الدعاية، وتابعت (ش): إن سبب شكها في مصداقية هذه التقارير أنها درست تقارير مشابهة عن حروب أخرى تبين بعد ذلك زيفها وأنها كانت تبث لأهداف أخرى ليس من بينها توضيح الحقيقية”. ولعلنا نذكر صور (الفيديو جيم) التي كانت تبث على قنوات فضائية مصرية على أنها صور لعمليات سلاح الجو المصري، إنها مواد تعرض لخداع العامة والحصول على تأييدهم بمضامين زائفة.
يقول (جوستاف لوبون) العالم الفرنسي والمختص في علم النفس الجماعي في كتابه سيكولوجية الجماهير: “الجماهير غير ميالة كثيراً للتأمل، وغير مؤهلة للمحاكمة العقلية، ولكنها مؤهلة جداً للعمل والانخراط”. هكذا هم عموم الناس؛ إنْ لم يكن لهم نصيب من التربية النقدية تمكنهم من ممارسة التفكير الناقد.
السمات الشخصية المؤهِّلة للتفكير الناقد
تشير الدراسات إلى وجود علاقة بين القدرة على اكتساب مهارات التفكير الناقد وبعض سمات الشخصية كالانفتاح العقلي والمرونة والاستقلالية في اتخاذ القرار وتقدير الذات المرتفع والثقة في النفس، ولكي يكون الفرد ناقداً فإن ذلك يتطلب منه نبذ الأحكام المسبقة، كما يستلزم ذلك قدراً من الشك التأملي تجاه الافتراضات القائمة، وقدره على تحري التحيز والتحامل وتحديد مصداقية مصدر المعلومات والتعرف على المغالطات، و مهارة في التمييز بين الفرضيات والتعميمات وبين الحقائق والادعاءات، ومن خصائص المفكر الناقد أيضاً أنه:
– يحاول فصل التفكير العاطفي عن التفكير المنطقي.
– لا يجادل في أمر ما عندما لا يعرف عنه شيئاً.
– يعرف متى يحتاج إلى معلومات أكثر حول شيء ما.
– يستفسر عن أي شيء يبدو غير معقول أو مفهوم.
– يبحث عن الأسباب والبدائل.
– يأخذ جميع جوانب الموقف بنفس الأهمية.
– يتعامل مع مكونات الموقف المعقد بطريقة منظمة.
وفي ظل ثورة الاتصالات وعصر الإنترنت والسماوات المفتوحة الذي تشهده البشرية الآن لابد من أن يتسلح الأفراد بمهارات التفكير الناقد؛ مما يكسبهم المرونة والموضوعية في حل المشكلات، والانفتاح العقلي والاستقلالية في اتخاذ القرارات، وكذلك فإن التفكير الناقد يعالج مشكلات التعصب والجمود وتأثيرات الثقافة الضارة؛ حيث يجعل الفرد أكثر قدرة على التمييز بين النافع والضار وأكثر انفتاحا وتقبلا للآخر.
مهارات التفكير الناقد
تعددت آراء الباحثين في تحديد قوائم مهارات التفكير الناقد، ونختار من هذه القوائم قائمة (عزو إسماعيل عفانة) وهذه القائمة تتكون من أربعة مهارات أساسية للتفكير الناقد وتنطوي تحت كل منها قائمة من المهارات الفرعية وبيانها كما يلي:
أولا: مهارة إيجاد الافتراضات:
ويقصد بها البحث في الأفكار والمعلومات المسلم بصحتها في مسألة ما بهدف الوصول لفهم واستيعاب أعمق للمشكلة، وبالتالي حل المشكلة أو البرهنة على صحة الحل، وتنطوي تحت هذه المهارة عدة مهارات فرعية منها:
أ- معرفة الافتراضات: وهي المهارة في جمع وتصنيف الحقائق والمفاهيم والقواعد والمبادئ التي تشكلت بفضل خبرات المتعلم والآخرين عند تنفيذ عمليات التفكير المتنوعة والمرتبطة بموضوع معين.
ب- التنبؤ: ويقصد به المهارة في قراءة البيانات أو المعلومات المتوفرة والاستدلال من خلالها على ما هو أبعد من ذلك في الزمان أو الموضع.
ت- اتخاذ القرار: وهو عملية عقلية مركبة تهدف لاختيار أفضل البدائل أو الحلول المتاحة في موقف معين، وتتضمن استخدام العديد من مهارات التفكير العليا كالتحليل والتقويم حيث تؤخذ بشكل منطقي، ويتضمن الالتزام بخطوات مدروسة ومتدرجة وتستخدم معايير كمية ونوعية للحكم على البدائل التي قد يكون من بينها أكثر من بديل واحد مقبول.
ثانيا: التفسير: ويقصد به المهارة في استخلاص النتائج والتعرف على التضمينات، وقد يكون موضوع التفسير مادة مكتوبة أو مسموعة أو مرئية، وتتضمن مهارة التفسير المهارات الفرعية التالية:
أ- مهارة تنظيم البيانات: وهي إحدى مهارات جمع المعلومات وتنظيمها ويقصد بها عرض البيانات بطريقة تعمل على تسهيل فهمها وإدراك العلاقات التي تربط بينها من أجل التوصل إلى استنتاجات حولها بسهولة ويسر.
ب- خطوات الحل: ويقصد بها عملية تفكير مركبة يستخدم المتعلم فيها ما لديه من معارف ومهارات من أجل القيام بمهمة غير مألوفة وفق سلسلة من العمليات العقلية المنظمة التي توصله إلى نتيجة صحيحة.
ت- البرهنة: وهي القدرة على استرجاع المعلومات والمعارف والتعميمات ذات الصلة من أجل التوصل إلى تحليل وتركيب وإثبات صحيح لحل مشكلة ما.
ثالثا: مهارة تحديد المغالطات الرياضية: وهي المهارة في تحديد الأخطاء في عمليات التفكير الموصلة إلى معرفة ما، وتشتمل على ثلاثة أنواع من المغالطات هي: المغالطات المنطقية والمغالطات الاستدلالية والمغالطات الاستقرائية.
أ- المغالطات المنطقية: التفكير المنطقي هو التفكير الذي يستند إلى قواعد واستراتيجيات معينة تهدف إلى توليد معرفة جديدة عن طريق الاستنباط أو الاستقراء وما يخالف ذلك يعتبر مغالطات منطقية.
ب- مغالطات استدلالية: الاستدلال هو عملية تفكير تتضمن وضع الحقائق أو المعلومات بطريقة منظمة أو معالجتها بحيث تؤدي إلى استنتاجات أو قرار لحل مشكلة ما، وما يخالف ذلك يعتبر مغالطات استدلالية.
ت- المغالطات الاستقرائية: والاستقراء هو عملية استدلال عقلي تستهدف الوصول إلى استنتاجات أو تعميمات غالبا ما تتجاوز حدود الأدلة المتوفرة وهو بطبيعته موجه لاستكشاف القواعد والقوانين وإيجاد حلول جديدة لمشكلات قديمة أو تطوير فرضيات جديدة.
رابعا: التفكير التقييمي: وهو عملية عقلية تستهدف التوصل إلى إصدار حكم حول قيمة الأفكار أو الأشياء وسلامتها ونوعيتها وفق محكات أو معايير محددة، وتتضمن مهارة التفكير التقييمي المهارات الفرعية التالية:
أ- مهارة الاستنتاج: ويقصد به القدرة على تعرف الفرضيات والآراء والمفاهيم والتعميمات والتمييز بين درجات احتمالية صحة أو خطأ نتيجة ما للقصور في ارتباطها بمفاهيم أو تعميمات أعطيت لها.
ب- مهارة المناقشة: وتمثل قدرة الفرد على الحوار وتقديم الأدلة والبراهين على صحة حجته أمام حجج وأدلة أخرى من أطراف آخرين، قد تتفق أو تختلف معهم ولكن في النهاية قد يصلون إلى حل مشترك لمسألة ما.
ت- مهارة تكوين الحجة: وهي القدرة على إيجاد الدليل أو السبب الذي يدعم به الرأي أو القرار أو الاعتقاد لحل مسألة ما.
خطوات ومراحل التفكير الناقد
تمر عملية التفكير الناقد عبر عدد من المراحل المتسلسلة، والنجاح في المراحل الأولى يساعد على تحقيق النجاح في المراحل التالية، وهذه المراحل هي:
المرحلة الأولى: مرحلة الملاحظات: وتتطلب هذه المرحلة تفحص كل المعلومات والبيانات المتعلقة بالقضية محل النظر.
المرحلة الثانية: مرحلة تفحص الحقائق: وفيها يتم تحديد الحقائق والمعلومات التي تتميز بدرجة عالية من المصداقية والموضوعية.
المرحلة الثالثة: مرحلة الاستدلال: وتتطلب اختبار الحقائق المستخلصة من المرحلة السابقة.
المرحلة الرابعة: مرحلة الافتراضات: وتتطلب تكوين عدد من الافتراضات حول القضية محل النظر.
المرحلة الخامسة: مرحلة تكوين الآراء: ويقوم الدارس في هذه المرحلة بتطوير آرائه حول القضية محل النظر وفق قواعد المنطق.
المرحلة السادسة: مرحلة تكوين الحجج: ويتم في هذه المرحلة تحديد الحجج والأدلة والبراهين حول الموقف المتخذ من القضية محل النظر.
المرحلة السابعة: مرحلة التحليل الناقد: وتتطلب هذه المرحلة تحديد الملاحظات والحقائق والاستدلالات والافتراضات والآراء والحجج السابقة وتحليلها ليتمكن الدارس من تكوين موقف واضح يستطيع به مواجهة الآخرين.
معايير التفكير الناقد
معايير التفكير الناقد هي المواصفات العامة المتفق عليها لدى الباحثين والتي يتم أخذها أساسا في الحكم على نوعية التفكير، ومن أبرز هذه المعايير:
1- الوضوح: وهو من أهم معايير التفكير الناقد باعتباره المدخل الرئيس لباقي المعايير، فإذا لم تكن العبارة واضحة فلن نستطيع فهمها ولن يكون بمقدورنا الحكم عليها.
2- الصحة: ويقصد بها أن تكون العبارة صحيحة وموثقة وقد تكون العبارة واضحة ولكنها ليست صحيحة.
3- الدقة: ويقصد بها استيفاء الموضوع حقه من المعالجة والتعبير عنه بلا زيادة ولا نقصان.
4- العلاقة بالموضوع: ويقصد بها مدى الارتباط بين السؤال أو المداخلة أو الحجة وبين القضية محل النظر.
5- العمق: ويقصد به أن تتناسب المعالجة الفكرية للقضية محل النظر مع تعقيدات هذه القضية وتشعبها.
6- اتساع الأفق: ويقصد به أن يؤخذ في الاعتبار جميع جوانب القضية محل النظر.
7- المنطقية: ويقصد به أن تكون الأفكار منظمة ومتسلسلة ومترابطة بطريقة تؤدي إلى معنى واضح أو نتيجة مترتبة على حجج معقولة.
وفي ظل التغيرات السريعة والمتلاحقة التي تشهدها المجتمعات اليوم أصبح التفكير الناقد من أهم الأهداف التربوية التي يجب العمل على تحقيقها، وتتضح أهمية التفكير الناقد في اتخاذ القرارات في مثل هذه المجتمعات، فكثيرا ما تقوم النتائج على افتراضات خاطئة، وكثيرا ما يكون الاستنتاجات غير مبنية على شواهد كافية أو مقبولة، وكذلك استخدام المنطق المشوه لتأييد وجهات النظر الخاصة؛ كل ما سبق جعل من المهم أن يبذل التربويين جهدهم لتعلم وتعليم مهارات التفكير الناقد ونشرها حتى تكون ثقافة مجتمعية سائدة.
المراجع
1- آلك فشر: التفكير الناقد ترجمة ياسر العيتي.
2- جوستاف لوبون: سيكولوجية الجماهير.
3- سعيد عبد العزيز: تعليم التفكير ومهاراته.
4- عدنان العتوم وآخرون: تنمية مهارات التفكير .. نماذج نظرية وتطبيقات عملية.
5- عزو عفانة: استراتيجيات تدريس الرياضيات.
6- فتحي جروان: تعليم التفكير مفاهيم وتطبيقات.
7- نادر خليل أبو شعبان: تنمية مهارات التفكير الناقد.
8 – ابن حجر: فتح الباري.
9- أبو الأعلى المودودي: تفهيم القرآن.
10- حسين بن نفاع الجابري: النقد التربوي في المنهج الإسلامي.
11-
12- محمد بن أحمد الذهبي: معرفة القراء.