ابني في السابعة من عمره، ولديه قدرة عالية على توجيه التساؤلات، وأحيانا كثيرة أكون منشغلة فأرجئه إلى وقت آخر وأنسى أن أجاوبه، وفي أحيان أخرى قد أجاوبه إجابات سطحية لا تقنعه ولا ترضيه، فبم تنصحني؟
الإجابة:
بداية، فإن كثرة أسئلة الطفل لها دلالة على متانته العقلية وتنبّهه لمحيطه وقدرته على التعلم وإقباله على الاستكشاف، ومن ثَمّ فهي نعمة يجب أن نحسن التعامل معها، وبخاصة أنّها تُعد وسيلة مهمة لأبنائنا للتعلم وفَهم طبيعة الأشياء. كما أنه قد يعتمد عليها كطريقة للحصول على اهتمام والديه أو التأكد من وجوده.
لهذا، يجب أن تُغيري طريقة استقبالك لهذه الأسئلة بأن تُغيري بداية نظرتك لها وطريقة تفكيرك تجاهها، فالطفل لا يتعمد بهذه الأسئلة الإزعاج أو الثرثرة، لكنه ببساطة يفكر ويرغب في التعلم ولديه فضول للاستكشاف، لذا فإنه يجب عليك أن تَعتبري أنّ كل سؤال يطرحه ابنك هو كنز وفرصة قد لا تتكرر إن لم نُحسن التعامل معها، فإمّا أن يتوقف عن التساؤل وإما أن يظل يسأل لكن يوجه سؤاله لغير أمه وأبيه، وفي الحالتين هذه خسارة كبيرة.
فالابن حين يسأل أبويه هو دليل على ثقته فيهما، وأنهما مصدر معرفته ونافذة استكشافه للحياة، وحين يتوجه إليهم بالأسئلة فيجد تململًا أو تهربًا أو عدم اهتمام قد يهز هذا ثقته ويربك مفاهيمه.
في الوقت ذاته، ليس من المتوقع أن نمتلك دائمًا إجابات لأسئلة أبنائنا، فبعضها أسئلة غير منطقية بالنسبة لنا أو بديهية وأحيانًا لأننا لا نعرف إجابتها، وفي الحالتين يلزم تقديم إجابة شافية للابن، بالبحث عما لا نعرف إجابته، نخبره أننا سنحتاج للبحث عن هذه المعلومة، أجلسي طفلك بجوارك وابحثا معًا عن إجابة، في كتاب أو بالبحث عبر الإنترنت أو الاتصال بشخص يستطيع أن يقدم إجابة، هذا في حدّ ذاته يُعلمه أن الأب والأم ليسا دائمًا على علم بكل شيء وأن الأصل هو السعي والبحث وبذل الجهد للوصول إلى معلومة، ناهيك عن فائدة هذا التربوية في إشعاره بالاهتمام والثقة والانتماء للأسرة.
وليس من المتوقع – أيضًا- أن نكون دائمًا جاهزين للإجابة، إمّا لضيق الوقت أو الانشغال بأمور أخرى أو لوجود ضغوطات حياتية مختلفة، ومع هذا فيجب أن نسعى لأن يشعر الابن أن والديه ينصتان إليه جيدًا، فإن لم يستطيعا فعليهما أن يؤكدا له رغبتهما في سماعه لكن بعد الانتهاء من أمر ما يشغلهما أو في وقت آخر يقترحانه، ومن المفيد أن يكون لدى الأم أو الأب طريقة للاحتفاظ بأسئلة أبنائهم غير المجابة، فيدوّنان السؤال الذي لم يستطيعا الإجابة عنه من أجل تقديم إجابة لاحقة.
لو كان عائق الاهتمام بأسئلة أبنائنا مؤقتًا لقلنا إن الأمور ستتحسن بزواله، لكن أن يكون العائق هو الانشغال فإن هذا شيء لا يتغير مع الوقت بل يزداد، ولو انتظرنا أوقات تفرغنا لوجدنا حينها أن الأبناء قد استقلوا وما عادوا يسألون.
وختامًا، يجب أن نعلم أن الابن الذي يسأل كثيرًا يُسهل على والديه أحد المهام التي تقع على عاتقهم، لأنه لو لم يكن الطفل كثير التساؤل لوجب على الأبوين أن يكثروا هم من تقديم الأسئلة التي تثير ذهنه وتساعده على التفكير والتعلم والاستكشاف، تمامًا كما اعتمدت كثير من آيات القرآن الكريم على هذا الأسلوب الاستفهامي في توجيه العقول والقلوب وتزكيتها.
ومن المهم توسيع مجالات الخبرة والتعلم لدى الابن وتشجيعه على القراءة وقضاء أوقات للقراءة معه، لأن اتساع عالمه وكثرة اطلاعه يضمن تقديم إجابات بطريقة غير مباشرة لِمَا قد يَرِد إلى ذهنه من تساؤلات.