تُعدّ تربية الأطفال من المهام الصعبة، سيّما في ظل الأوضاع الحاليّة التي تشهد تفشيًا للجريمة والعنف وفقدان البراءة، لذلك فإنّ التربية الإيجابية هي الحل لتنشئة الأبناء تنشئة سليمة، يكون للوالدين فيها دور إرشاد وتوجيه وقدوة في الخير والصلاح.
وهذه التّربية المطلوبة تُعزز مهارة الفاعلية في العلاقات والانضباط الذاتي والقدرة على التحكم في النّفس وفَهم المشاعر الشخصية، كما تُحثّ على كل ما يُنمّي المشاعر الإيجابية لدى الطفل وفي الوقت نفسه تُنحّي المشاعر السلبية جانبًا.
مفهوم التربية الإيجابية
التربية الإيجابية هي “مجمل الأساليب التي تُنمي مهارات الطفل اللغوية، والحركية، والعاطفية، والسلوكية بطريقة بناءة”، ويرى آخر أنّها تعني معرفة الآباء بمراحل نمو أبنائهم وطُرق التعامل مع كل مرحلة، وتفسير وتوجيه وتقويم سلوكهم بطرق سليمة دون تعرضهم للضرر النفسي الذي قد يصدر عن بعض الآباء دون دراية منهم.
وبالتالي فهي ليست مُتمثّلة في البحث عن سبيل للعقاب عند القيام بسلوك سيئ، بل طريقة لتدريب وتوجيه وإعداد الطفل ليُفكّر من البداية بشكل إيجابي وإذا واجهته مشكلة يكون أول مَن يُفكر في الحلول(1).
أهداف التربية الإيجابية
وأهداف التربية الإيجابية كثيرة، وآثارها تتضح في سلوكيات الطفل سواء مع نفسه أو مع الآخرين، ومن هذه الأهداف:
- زرع قيمة الانضباط الذاتي في الطفل فيستطيع التّصرف بشكل سوي دون الحاجة إلى مراقبته، إذ أن سلوكه صادر عن قناعة شخصية.
- مساعدة الطفل لينمو نموًّا سليمًا، وبناء شخصية تتمتع بالإحساس والالتزام والاهتمام، وتتبوأ مكانها في المجتمع.
- تعليم الطفل الاعتماد على نفسه، وتوطيد العلاقة بينه وبين والديه والآخرين، وجعل العلاقة الرابطة بينهم مبنية على الاحترام.
- أداة لتعديل وعي المجتمعات والشعوب من حيث قيمها وثقافتها وعاداتها وأعرافها؛ بل في جميع مورُوثاتها، فهي عملية يجري فيها تعزيز العاطفة، والشعور، والتنشئة الجسدية السّوية عند الطفل.
- تزويد الأطفال بالأدوات اللازمة لاتخاذ خيارات جيّدة، كما أنها تُغذّي احترام الذّات والإبداع والقدرة على التّعايش مع الآخرين(2).
فوائد تربية الأبناء بالطرق الإيجابية
وتُخلّف التربية الإيجابية فوائد عديدة من خلال خلق بيئة وسلوك إيجابي في المنزل، ومن فوائدها:
- أنها تدرب الطفل على الاعتماد على نفسه.
- تعمل على نمو رابطة بين الطفل والوالدين مبنية على الاحترام، مع تعلم التعاطف والشعور بالأمن.
- سبب في الحد من السلوك السلبي، ومحاربة شعور الحرمان الاجتماعي والاقتصادي الذي قد ينشأ فيه بعض الأطفال.
- تشجع التنمية الشخصية، مع تقليل حالات الاكتئاب في مراحل وسنوات نموه.
- تعزز المهارات المعرفية والاجتماعية والعاطفية، وتساعد الأطفال على فَهم وتنظيم العواطف.
- تزيد من إبداع الأطفال(3).
ولا شك أن اتباع الوالدين أو المربين أسلوب التحكم في تربية الأطفال، يُؤدي إلى أثر سلبي على استقلالية شخصية الطفل ونموه السليم، كما أن العقاب يجعل الأطفال يُؤجّلون السلوكيات غير الصحيحة لوقت آخر بسبب خوفهم، أو ليحظوا بالمكافآت، أو خوفًا على سلامتهم في حالة الإيذاء البدني.
وهناك عينات من الآباء هم سبب رئيس في ظهور أمراض نفسية لدى الأبناء، فتعامله معهم يرتكز على إظهار الشدة والقسوة في لفظه وفعله، غير أن العقاب هو أحد الوسائل الإصلاحية إذا استخدم بطريقة صحيحة فكل طفل بحاجة إلى الانضباط كي يسلك سلوكًا مقبولًا تجاه الآخرين ويتعلم معنى حدود الحرية، وأحياناً يكون العقاب أمرًا لا مفر منه عندما يتجاوز الطفل حدود الأدب وتستنفد كل المحاولات في الإصلاح(4).
مبادئ تربية الأبناء بالطرق الإيجابية
من المبادئ التي تُساعد في تعزيز نمو الطفل وصقل شخصيته بالتّربية الإيجابيّة:
- الاحترام: ترتكز التَّربية بالطرق الإيجابية على تعليم الطفل أهمية الاحترام المتبادل، والموازنة بين نموذج الحزم واللطف، فالحزم يكون باحترام الكبار واحترام متطلبات الموقف واللطف يكون باحترام الطفل واحتياجاته.
- الإنصات الفعال وحسن الاستماع للطفل: ويكون ذلك دون قهر وإيجاد حلول للمشكلات ومساعدة الطفل على إيجاد حلول لجميع مشكلاته، وذلك بالاعتماد على نفسه.
- التشجيع المستمر: ويكون هذا مع مراعاة عدم المديح الدائم، فالتشجيع يُعزز قدراته لكن المديح قد يعلمه الغرور أو القعود عن الاستمرار في المحافظة على النجاح والتطور.
- تربيته على مساعدة الآخرين: ويكون ذلك سواء من ماله أو وقته أو جهده أو معاونة الضعيف ومساعدة الفقراء.
- تربيته على أن لكل فعل رد فعل ومدى أثره على نفسه وعلى نفسية الآخرين وعدم الاستهانة بمشاعره واحترام استقلاليته.
- تقدير أفكاره وشكره على مجهوداته واجتماعات الأسرة الدورية والاجتماعات الخاصة بالطفل وأحد والديه التي تناقش ما يمر به الطفل ويشغل فكره، وأيضًا العناق الصامت(5).
وسائل التربية الصحيحة الإيجابية
كثيرةٌ هي الوسائل التربوية التي ينتج عنها التربية الإيجابية الصحيحة للأطفال، ومنها:
- الحب والاهتمام: فالطفل يحتاج دائمًا إلى الشعور بالحب من الوالدين.
- الاستماع: حيث يحتاج الطفل لأن يسمع له والداه دون أن يفرضا الرأى عليه أو ينشغلا عنه بالحياة، لذا من الضروري تخصيص وقت للجلوس مع الأبناء للتحدث إليهم عن أحلامهم وأصدقائهم ومشكلاتهم والأمور التي أُنجزت خلال يومهم.
- القواعد: من المهم أن يتعلم الطفل تنظيم وقته، فهذا يعطيه الشعور بالأمان، ويعلمه النظام، وكيفية أداء المهام بالوقت المطلوب.
- يحتاج الوالدان إلى ملاحظة اتساق وتناغم سلوكهم مع الأبناء، فممارسة التدليل الزائد والحماية المفرطة واستبدالها بالعقاب والشدة المفرطة أمر يُربك الطفل ولن يدرك سبب العقاب.
- استخدم الاتصال غير اللفظي، فالنّظرات الجادة تحمل بذاتها رسالة إنكار، خصوصًا في الأشياء الصغيرة وغير المهمة.
- التحفيز: يجب تشجيع الأبناء على العمل بطريقة إيجابية وعدم نقدهم طوال الوقت، حيث يحتاج الأبناء إلى سماع الكثير من كلمات التشجيع على مدار اليوم.
- القدوة: يجب أن يكون الوالدان على قدر كبير من القدوة، لأن أبناءهما يقلدونهما في تصرفاتهما وسلوكياتهما.
- الدعم: لا بُد من ترك الأولاد بعض الوقت دون توجيهات وأوامر، ومراقبتهم من بعيد ليختبروا بعض الأمور بأنفسهم.
- المواهب: فعلى الوالدين اكتشاف مواهب أبنائهما ودعمها والسعي لتطويرها، وتوفير كل ما يساعدهم على ذلك.
- تحويل الأخطاء إلى فرص تعلم: فالطفل لن يتوقف على الخطأ، لذا يجب على الوالدين استثمار ذلك الخطأ وتحويله إلى فرصة يستفيد منها الطفل.
- عدم تغذية انفعال الطفل بأي وسيلة، مع تجنب ردود الفعل السلبية وإظهار الاهتمام الإيجابي به.
- كل الأطفال تسيء التصرف في بعض الأحيان، فلا نتوقع أن يتصرف الطفل بمثالية دائمًا، فهذا يجعلنا نشعر بالإحباط وخيبة الأمل وهذا بالتبعية ينتقل له.
- عدم الاستسلام، فكل مشكلات الطفل يُمكن حلّها بروح الدُّعابة والحكمة والمثابرة مع بعض الدعم والتشجيع(6).
المصادر والمراجع:
- سوزان حسني: التربية الإيجابية.. طريقتها وأساليبها، 16 يناير 2019.
- التربية الإيجابية: 31 أغسطس 2021.
- إبراهيم رشيد: ، 2017.
- مبارك عامر بقنه: التربية بالعقاب.
- أسماء عبد الحميد: التربية الإيجابية: 8 مبادئ بسيطة تصنع شخصية عظيمة، 11 نوفمبر 2016.
- أهم أسس التربية الإيجابية السليمة:، وانظر: آلاء توفيق: التربية الإيجابية.. أسس ومبادئ تصنع شخصية عظيمة لطفلك، 10 مارس 2021.