“مكثت شهراً لا يجف لي دمعٌ ولا اكتحل بنوم “
بتلك الكلماتٌ عبرت أم المؤمنين عائشة عن مكنون الألم المدفون بداخلها
الناتج عن كلمةٍ قيلت إفكاً من غير تثبّت
فتبينوا ان تصيبوا قوماً بجهالة
فتصبحوا على ما فعلتم نادمين
………………………………
والتثبت قبل النقل والإشاعة في دين الله واجب
فالكلمة قد تكون أشفى من الدواء وأطيب من المسك
بها تلتئم القلوب المتباغضه
وبها تُجبر الخواطر المكسوره
وبها يُقبل العباد على الله تعالى
والكلمة قد تكون أحدُّ من السيف وأمرُّ من العلقم
بها تفترق القلوب المتآلفة
وبها تُنتهك الحُرُم المصونة
وبها يبتعد العباد عن الله تعالى
…………. ……………..
والتبين سمتُ دينٍ ونهجُ حياه
_ به يطمئن القلب إلى الإيمان
” فلما تبين له قال أعلم أن الله على كل شيء قدير”
_ وبه يقترب الفعل من الصواب
” يا أيها الذين آمنوا اذا ضربتم في سبيل الله فتبينوا
ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمنا
تبتغون عرض الحياة الدنيا “
_ وبه يُحفظ اللسان من الطغيان
” يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا
أن تصيبوا قوما بجهالة
فتصبحوا على ما فعلتم نادمين “
………………………………..
والتثبت قرين الحكمة والأناة وعدو العجلة والجهل
فالحكيم لا يحرم نفسه لحظه أناة
يزن فيها الأمور قبل الخوض بها
ويتبين فيها الكلام قبل النطق به
فيبرأ ويُبرِأ
والجاهل يُتبِعُ أذنه كل ناعق
ويتلقى القول بلسانه
فيَضِل ويُضِل
“فالتأني من الله والعجلة من الشيطان “
…………………………………..
وأحذرُ ما يجب ان يحاذِر المرء
_ القول على الله من غير تثبُّت
“قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن
والاثم والبغي بغير الحق وان تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا
وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون “
_ والنقل عن رسول الله من غير تبين
“من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار”
_و ترديد أقوالٍ للعلماء من غير ثُبُتٍ او سند
ففي كل ذلك هدمٌ للدين ونشرٌ للبدعة
وحجبٌ عن الحق وجرأةٌ على الله
قال صلى الله عليه وسلم
“من افتى الناس بفتيا من غير ثَبتٍ
فإنما اثمه على من أفتاه”
……………………………………..
وللناس في حق الناس حقوق لا يصونها الا التثبت والتبين
_ فلا تسمع لقولٍ في أخيك من غير بينة
فالقول من غير بينة كذب والانصات للكذب حمقٌ وبله
“لولا جاءوا عليه بأربعة شهداء
فإذ لم يأتوا بالشهداء فاولئك عند الله هم الكاذبون “
فان سمعت في أخيك قولاً لا بينة فيه فلا تنقل
“فبحسب المرء من الكذب ان يحدث بكل ما سمع”
” اذ تلقونه بألسنتكم وتقولون بأفواهكم ما ليس لكم بي علم وتحسبونه هيناً وهو عند الله عظيم “
وعين الظلم أن تعاقب من غير ثُبُت
أو أن تحاكم من غير سؤال
فالعدل سبحانه يعاتب قبل ان يعاقب
ويسأل قبل ان يحاسب
” وجعلوا الملائكه الذين هم عباد الرحمن اناثا
اشهدوا خلقهم
ستُكتب شهادتهم
ويسألون “
…………………………………
والأحرى بالمسلم للمسلم ظن الخير
وتجنب الخوض من غير حاجة مُلحة
” لولا إذ سمعتموه ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيرا وقالوا هذا افق مبين “
“ولولا اذ سمعتموه قلتم ما يكون لنا أن نتكلم بهذا
سبحانك هذا بهتان عظيم”
والخوض في حق اخيك دون حاجه من تتبع العورات المنهي عنه
…………. ……………
ومن أقبح القبح
ان تفرح بالريبة في حق أخيك فتنشرها
حتى من غير دليل
وتسوؤك الحسنة في حق أخيك فتدفنها
حتى مع الدليل
ما بال قومٍ ليس عندهمُو ..دينٌ وليس لهمو عهدٌ اذا أتُمِنوا
ان يسمعو ريبةً طاروا بها فرحاً…منا وما سمعوا من صالح دفنوا
…………………….
فإن كنت لابد ناقلًا فاعلم
أن المسلم إما أن يقف على الأمر بنفسه
أو أن يتوقف عن الأمر حتى يبين
وليس بينهما إلا أن ينقل عن عدلٍ ثقة دينٍ مأمون
يقدر الدليل والسند
واحذر ان تنخدع بصلاح من تنقل عنه
فالغفلة والعجله والكذب أدواء قد يتلبس بها الصالح
فالحذر الحذر
……………………………..
وختاماً
إن اعتدت أخى على القول من غير تثبت
فالتوبة عما فات والعزم على عدم العود
“يعظكم الله أن تعودوا لمثله أبدا ان كنتم مؤمنين”
وإن اكثر ما يشتغل من الانسان لسانه
فألجمه بالذكر والحاجة من الكلام
ونقل الدليل قبل القول
والكلام في واقعنا سائل والحق مبهم والباطل منتشٍ
” سيكون في آخر أمتي أناس يحدثونكم ما لم تسمعوا أنتم ولا آباؤكم………. فإياكم وإياهم
…………………..