تلعب الإذاعة المدرسية دورًا رئيسًا في بناء شخصية الطلاب وصقلها وجعلها أكثر اجتماعية، عبر التواصل بينهم وبين المعلمين في بيئة المدرسة، وفي الوقت نفسه تغرس السلوكيات التربوية الإيجابية في الطلاب، وتربي فيهم القُدرة على الحديث مع المستمعين بجُرأة ولباقة بعيدًا عن الارتباك والخوف والانطواء.
وتمثل الإذاعة أبرز الوسائل الإعلامية المسموعة التي تُخاطب الأجيال المتعاقبة في ذروة نموهم، وتتخذ من الساعات الصباحية الأولى أفضل الأوقات اليومية وأخصبها طابعًا لها، لتحقيق الأهداف التربوية المرجوّة منها بشكل كامل، ولتعطي انطباعًا للطلاب عن مسار يومهم عبر الفقرات الإذاعية المُعَدّة.
مفهوم الإذاعة المدرسية
وتُعرف الإذاعة المدرسية بأنها عبارة عن مجموعة فقرات يقدمها الطلاب تحت إشراف معلميهم، وذلك قبل بدء اليوم الدراسي، وهي واحدة من سبل تنمية مهارات الطلاب المعرفية والاجتماعية بطريقة تفوق الطُرُق التقليدية للدروس، وهي عادة تبدأ باستهلال بسيط من آيات القرآن الكريم، ثمّ الحديث النبوي الشريف، وبعد ذلك تتوالى فقرات الإذاعة لتقدم للطلاب معلومات مكثفة وسهلة الوصول إلى الأذهان وقائمة على العديد من المؤثرات الحسية سواء كانت سمعية أم بصرية، لذا فإن الإذاعة المدرسية من الأساليب التربوية التي تُنمّي العديد من المهارات لدى الطلاب.
ويجري توزيع أداء الإذاعة في المدرسة بالتنسيق مع المعلم المُشرف، بحيث تكون كل يَومٍ على صفّ مُعيّن بشكل دوري، ويجري التدرب جيّدًا عليها لإلقائها بشكل صحيح ودون أي أخطاء معلوماتية أو لغوية، ولا بد من مُوافقة المعلم على جميع الفقرات قبل طرحها، ويمكن استغلال هذه الإذاعة لإحياء ذكرى ما، أو مناسبات دينية واحتفالات وطنية.
أهداف الإذاعة المدرسية تربويا وسلوكيا
وتهدف الإذاعة المدرسية إلى ترسيخ عدد من السلوكيات التربوية لدى الطلاب، أبرزها ما يلي:
- إزالة الرهبة أمام الأعداد الكبيرة من الجماهير وبالتالي تقوية شخصية الطلاب بالتخلص من مشاعر الخجل والتوتر والقلق، التي قد تختلج بها نفوسهم أثناء إلقاء الفقرات.
- علاج للطلاب المصابين بالعزلة، حيث تُوفّر لهم بيئة تفاعلية ينخرطون من خلالها بالمحيط من حولهم.
- تقوية الجانب الثقافي للطلاب، من خلال ما يدرسونه في مناهجهم من فقرات متنوعة مثل قراءة وحفظ القرآن الكريم، والأحاديث النبوية الشريفة والحِكَم والأمثال والأشعار وفقرات “هل تعلم؟” وغير ذلك من الفقرات النافعة.
- تسهم في تحفيز الطلاب للبحث وتطوير معلوماتهم، والتفكير بطريقة إبداعية؛ حيث كل طالب يشترك في الإذاعة تكون له فقرة يعدها بالكامل، وبالتالي تظهر تميزه بين فريقه الإذاعي.
- وتدفع الإذاعة التلاميذ إلى الاهتمام بما يدور حولهم من أحداث، ويتجلى ذلك في الفقرة الإخبارية.
- إثراء العلاقة بين الطلاب والمدرسين وتقويها، وهو ما يؤدي في النهاية إلى احترام الطلاب للمعلمين والتجاوب معهم في العملية التعليمية.
- تشجيع الطلاب على إدارة برامج الإذاعة ليكتسبوا خبرات علمية في استعمال الأجهزة والمكبرات الصوتية.
- التواصل بين إدارة المدرسة والطالب من خلال توجيه الرسائل والتعليمات عبر الإذاعة.
- إثراء الجانب الديني لدى الطلاب لسماعهم يوميًّا آيات من القرآن الكريم، وأحاديث نبوية بفقرات الإذاعة.
- تعلم الطلاب الأخلاق القويمة والسلوكيات الحسنة، وما يعود عليهم من نفع عند الالتزام بها.
- تدريب الطلاب على الإنصات إلى كل ما هو هام ومفيد، والتدبر والتفكر فيما يُطرح من موضوعات.
- استماع الطلاب للغة العربية الفصحى يوميًّا، ما يقوي لديهم ملكة الإلقاء والنطق الصحيح.
- تشجيع الطلاب على التنافس البناء عن طريق المسابقات التي تكون من ضمن فقرات الإذاعة، من خلال فقرة الأسئلة الموجودة في البرنامج المُعَدْ.
- تدريب المتعلمين على المهارات اللغوية الأساسية والضرورية مثل، حُسن الداء، ومهارة الإلقاء، وجودة الأسلوب ودقته، وإتقان اللغة، والطلاقة اللغوية اللفظية، وتقديم الأفكار بطريقة لفظية متكاملة المعنى.
- تعمل على زيادة معلومات المستمعين وتجدد ثقافتهم، وتنمي لديهم دقة الملاحظة والمتابعة والفهم والتحليل والنقد وفنيات التقويم ومهارات الاستماع.
- تتيح للمدرسين مُعالجة مَن يسيطر عليهم الخجل، والانطواء، وبعض نواحي النقص.
- دعم العلاقة بين المدرسة والبيئة المحيطة.
- خدمة المناهج الدراسية بربط بعضها بالبعض الآخر.
- تغرس في نفوس الطلاب روح المسؤولية في مخاطبة الجموع.
- اكتشاف المواهب والقدرات لدى الطلاب، ومنها التمثيل المسرحي والخطابة وإلقاء القصائد الشعرية، واكتساب المهارات القيادية.
- تعزز روح المواطنة والانتماء والولاء للقيادة، لكونها وسيلة اتصال تتيح لجميع الطلاب المشاركة في التعبير وإبداء الآراء في المناسبات الوطنية.
- مد الطلاب بمزيج من النشاطات، والانطلاق بجدية لما تحتويه من فقرات متنوعة، رياضية وثقافية، تثير الدافعية ليوم مفعم بالحيوية والجدية.
- فرصة لتعريف الطلاب والإدارة والمعلمين بأنفسهم، وتقوية روابط الألفة بينهم بواسطة مبادلة المعلومات والرسائل الإذاعية، والتعريف بمشكلات الطلبة وتوجيههم نحو القيم الإيجابية المجتمعية والوطنية.
شروط نجاح الإذاعة في المدرسة
ولا بد من توافر مجموعة شروط لنجاح الإذاعة المدرسية من بينها ما يلي:
- مشاركة أولياء الأمور في معظم أنشطة الإذاعة، على أن تكون ضمن تخصصاتهم بحيث يجري من خلالهم إثراء المناهج على اعتبار أنهم مصادر بشرية.
- أن تبتعد الإذاعة عن استخدام الوسائل والصور التقليدية، بل يجب عليها أن تستخدم أنماطًا جديدة في التقديم الإذاعي.
- تهيئة الفرص أمام أكبر عدد ممكن من الطلاب، حيث يمكن تخصيص صف دراسي معين؛ لأن يقدم برامجه الإذاعية كاملة خلال أسبوع.
- الالتزام بالأوقات المحددة لكل فقرة من فقرات البرامج الإذاعية المقدمة، ومن المهم ترتيب الفقرات حسب الأهمية، بحيث يكون أهم ما يجب تقديمه في الإذاعة هو تقديم الأخبار المتعلقة بالمجتمع المدرسي، ثم الأخبار التي تهم الطلاب سواء كانت محلية أو أخبار إقليمية.
- التأكيد على أن تكون البرامج الإذاعية منبثقة من المجتمع المدرسي، وبالتالي تكون مرتبطة بجميع المراحل العمرية المختلفة.
- اشتراك الطلاب في عملية التخطيط والتنفيذ للبرامج الإذاعية لتساهم في نجاحها.
- انبثاق البرامج من المجتمع المدرسي، وأن تساير مراحل الطلاب المختلفة.
- أن تراعي فيما تقدمه للطلاب من فنون إذاعية، الشكل والمضمون الذي يتناسب مع مستوى النضج العقلي والمعرفي لهم، إلى جانب إشباع وإرضاء رغباتهم وميولهم وحاجاتهم المختلفة.
- عدم تكرار الموضوعات التي تُطرح في الإذاعة، والتطوير الدائم في فقراتها وتجنب جعلها روتينًا مملًا لا يستفيد منه الطلاب.
- تعزيز التعاون بين الطلاب المسؤولين عن تحضير فقرات الإذاعة المدرسية، بعقد الاجتماعات بينهم وإنتاج أفكار مبدعة، لأن التحضير لتلك الفقرات يحتاج إلى جهد كبير والكثير من الوقت.
- ضرورة اشتمال الإذاعة على فقرات متنوعة بين دينية وإخبارية ووطنية وفنية وعلمية وتربوية ووجود مسابقات وجوائز للتكريم.
- الحرص على إخراج الفقرات بشكل سهل وسلس، فيسهل على جميع الطلاب الفهم بمختلف المراحل الدراسية.
إن الإذاعة المدرسية فرصة لإبراز الذات، والكشف عن مكنونات الإبداع في مجالات مختلفة، لذا من الضروري الابتكار فيها، حتى لا تصبح مجرد روتين يومي، منحصر في دائرة منغلقة على فقرات مكررة، لأن أهدافها التربوية وغايتها عظيمة، فهي تسهم في زيادة المعلومات لدى الطلاب، وتربي فيهم الشجاعة وإبداء الرأي والابتكار وتحسين اللغة العربية، وتعالج في الوقت نفسه الخجل والإحراج والانطوائية، وتثري العلاقة بين الطلاب والمدرسين وتقويها، وتشجع الطلاب على التنافس البناء عبر المسابقات.
مصادر ومراجع:
- راندا عبد الحميد: تعريف الإذاعة المدرسية.
- موقع أبحاث: شروط نجاح الإذاعة المدرسية.
- مريم قاسم: أهداف الإذاعة المدرسية وشروطها.
- مريم سعيد: أهداف الإذاعة المدرسية.
- محمود الشرقاوي: الإذاعة المدرسية وأهميتها.
- بسمة عزبي: كيف نستفيد من الإذاعة المدرسية؟