ابني في العاشرة من عُمره، وبدأ يتساءل عن أسئلة خاصة بالنمو الجسدي الظاهر والباطن، كيف أوجهه بطريقة إسلامية عن التغيرات التي تحدث له مثل الاحتلام، وحلق شعر العانة، وكل كم يوم، وغير ذلك من التغيرات والأمور التي هو مُقبل عليها؟
الإجابة:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله..
السائل الكريم.. أو السائلة الكريمة.. سنشير في هذه الإجابة بكلمة “الابن” لتدل على الذكر أو الأنثى، وننوه هنا إلى أن الأب هو المسؤول عن إيصال المعلومات أدناه إلى ولده، والأم هي المسؤولة عن إيصالها لابنتها؛ حتى نقدم لأبنائنا معلومات مهمة في مرحلة فارقة، مبنية على تأسيس مهم في الصغر.
وكما قيل فيما ينسب عن عُمر بن الخطاب- رضي الله عنه- “لاعب ابنك سبعا، وأدبه سبعا، وآخه سبعا، ثم ألق حبله على غاربه”.
فلن تستطيع أن تقدم له محتوى يليق بهذه المرحلة، من دون مصاحبته قبلها، وبرغم أن السؤال عن ابن العاشرة، فإن التنويه واجب على أهمية التأسيس للمعلومات الجنسية منذ الصغر.
فابن العامين: نسمي له أعضاءه التناسلية بأسمائها العربية.. ولا نتحدث عنها بأنها شيء مشين، ونفهمه حدود العورة، بتعويده على الستر أثناء تغيير ملابسه، وأثناء الاستحمام، ولا يتعامل معه في شأن جسده إلا الأم، فأحيانا تستعين الأم بالإخوة الكبار في أمور الطهارة وغيرها نتيجة لانشغالها، فيتعود الصغير على أن جسمه مباح، وهذا ما قد يُحدث كوارث لاحقا.
نسمح له باستكشاف أعضائه، إذا صادف أن شاهدناه مرة أو مرتين، فنعرف أن هذا مقبول إذا لم يتكرر كثيرا، وإذا تكرر كثيرا، نكشف أولا لنتأكد خلوه من أي مسببات صحية تستدعي تكرار هذا الفعل بصورة ملحوظة، وذلك قبل أن نقلق، وننعت الطفل بأن لديه ميولا مريبة!
وابن الخامسة: يبدأ في فهم الطهارة والنجاسة كتمهيد لأمور فقهية متعلقة بالمرحلة المقبلة، ونفهمه اللمسة المريحة واللمسة غير المريحة، وأن السلام بالأحضان والقبلات للدوائر القريبة جدا، ونفهمه ماذا يفعل إذا تعرض إلى إساءة جسدية، وكيف يحمي نفسه، وكيف يصرخ مستغيثا بالكبار، وندربه على طريقة الصراخ الملفت للانتباه.
ولا نتركه يتحرك في الشارع وحده، وإن لزم الأمر نعرّفه ألا يستجيب لنداءات الأغراب ولا يرد على مَن لا يعرفه.
أما ابن السابعة: فنحتفي بإتمامه السابعة ونبدأ تعويده الصلاة، وما يتعلق بها من أحكام الطهارة ففيها التمهيد لمرحلة البلوغ، وما يبطل الصلاة ويلزم الاغتسال، وما ينفع معه الوضوء فقط..
وغالبا ابن السابعة يكون قد بدأ استخدام وسائل الميديا المختلفة مع الأسف، فعلينا توجيهه بعدم مخاطبة الأغراب، وعدم مشاركة صوره معهم، وإبلاغ الأهل بأي شئ مريب.
ولخطورة الميديا في هذا الشأن، ثمة برامج تربط هاتف الصغير بهواتف الأهل، فيكون الأهل على دراية بما يفعله الأبناء أولا بأول، وبرامج أخرى تسمح له بتطبيقات ومواقع معينة وتحجب عنه أخرى.
وندرّبه على غض البصر عن القبيح، فيتعرض أبناؤنا على أقل التقديرات لفواصل إعلانية غير مناسبة، واقتراحات تقدمها مختلف الصفحات للاطلاع عليها، هذا ما يأتيه من غير بحث ولا بذل أية مجهود- ندعو الله أن يعافي أسماع أبنائنا وأبصارهم من كل حرام خادش لحيائهم- كما نعلمهم أن يستغفروا إذا ما وقعت أعينهم بقصد أو غير قصد على مشاهد محرمة، فيتعلم التوبة، ولا تورث الأعمال السيئة في قلوبهم غلظة، فيستمرؤون فعلها ولا يجدون حرجا في أنفسهم.
وإذا ما وصل الابن إلى الثامنة؛ فهو في مرحلة متقدمة من النضج العاطفي، تختبر فيها مشاعرهم بشكل مختلف عن ذي قبل، فيوصي التربويون بجلسة تربوية بحضور الأب والأم معا، عنوان هذه الجلسة “الاحتفاء بنضجه العاطفي”.
يرتب الزوج والزوجة لهذه الجلسة مسبقا، بتحديد المحاور التي يتحدثون فيها مع ابنهما، ويجهزان إجاباتهما عن الأسئلة المتوقعة.
يبلغان ابنهما بموعد الجلسة قبلها، ويختاران عبارات مريحة غير مضطربين، حتى لا تصل إلى الأبناء رسالة خاطئة، إذا ما ارتبط الحديث عن النضج العاطفي وما يستتبعه من أحاديث عن البلوغ بجو مليء بالتوتر.
يبدأ الوالدان، بتعريف ابنهما بعنوان المرحلة التي يمر بها، من ميل فطري إلى الطرف الآخر، مختلف عن الإعجاب الطفولي في المرحلة السابقة بزميل أو زميلة.
فتبدأ المشاعر تكون أكثر نضجا، والحديث عنها أكثر حياءً، ويبدأ الوالدان في حكاية قصة زواجهما، ويسهبان في آداب التواصل مع الطرف الآخر، والحدود الشرعية للاختلاط، ويطلقان ضوءًا أخضر بأن صدورها تتسع للاستماع له في أي وقت والإجابة عن أسئلته وتساؤلاته مهما كانت.
كما يُوصي التربويون باحتضان الابن في نهاية هذه الجلسة، فتصل إليه رسالة بالاحتواء والقبول والحب اللازم للتمهيد للمرحلة المقبلة.
وبدخول الابن إلى العاشرة؛ نكون قد غطينا سابقا الجوانب المختلفة (جنسيا/عاطفيا/دينيا/مجتمعيا)، فيكون الحديث من الأب لابنه أم الأم لابنتها متوقع، وفي إطار من الحب والتفاهم.
نحتفي بإتمام الابن العاشرة من عمره، أي أنه شرعًا اختتم مرحلة التدريب على الصلاة، لحديث رسول الله- صلى الله عليه وسلم- “مُرُوا أولادَكم بالصلاةِ وهم أبناءُ سبعِ سِنِينَ، واضرِبوهم عليها وهم أبناءُ عشرِ سِنِينَ، وفَرِّقُوا بينهم في المضاجعِ”.
ويكون بلوغه سن العاشرة مناسبة طيبة، للتمهيد لمرحلة البلوغ، وذلك بالتأكيد على شروط صحة الصلاة، من طهارة الثوب والبدن.
فنبدأ بإدخال المعلومات التي تخص مرحلة البلوغ، من اشتداد عوده، وخشونة صوته، ونمو شعر الإبط والعانة، كعلامات متقدمة، وتختتم بالاحتلام، ونفهّمه، أن هذه التغيرات تحدث بشكل تدريجي، وفيها فروق فردية، فبعضهم يبلغ عند الثانية عشر، وبعضهم يتأخر لأكثر من ذلك فلا داعي للقلق.
ومن الجميل إحضار أدوات نظافة شخصية، تُعطى كهدية له في تلك المناسبة، يصطحبها، ونوضح كيفية الطهارة وسنن الفطرة في إزالة شعر الإبط والعانة، لحديث أبي هريرة- رضي الله عنه- قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: “الفِطْرَةُ خَمْسٌ -أَوْ خَمْسٌ مِنَ الفِطْرَةِ-: الخِتَانُ، وَالِاسْتِحْدَادُ، وَنَتْفُ الإبْطِ، وَتَقْلِيمُ الأظْفَارِ، وَقَصُّ الشَّارِبِ”.
والمَسنُون في إزالة الشعر هو نتف الإبط، وحلق العانة، ومن لم يقوَ على نتف الإبط جاز له الحلق بالموس أو غيره.
ويوضح له أنّ السُّنة فِعل ذلك كل أسبوع، فقد ثبت عن أنس- رضي الله عنه- أنه قال: “وُقِّتَ لنا في قَصِّ الشَّارِبِ، وتَقْلِيمِ الأظْفارِ، ونَتْفِ الإبِطِ، وحَلْقِ العانَةِ، أنْ لا نَتْرُكَ أكْثَرَ مِن أرْبَعِينَ لَيْلَةً”.. ويسن- أيضا- أن نعمل سنن الفطرة يوم الجمعة، فهو عيد المسلمين، فيتعود أن يحرص على النظافة الداخلية، كما يحرص على النظافة الخارجية.
وإذا كان الأب مؤهلا لشرح التغيرات الجنسية وكيفية عمل الجهاز التناسلي، فمن الجميل أن يتلقي الأبناء منا هذه المعلومات حتى نكون لهم مرجعا آمنا، وإلا فليستعن الوالد بفيديوهات علمية متاحة على الإنترنت لشرح تلك المعلومات، وقد يجد ابنه لديه دراية ببعضها من خلال دراسة مناهج العلوم في المدرسة، فيؤكد الوالد الصحيح من المعلومات، ويكمل عليها.
وبالرجوع إلى حديث “مُرُوا أولادَكم بالصلاةِ وهم أبناءُ سبعِ سِنِينَ” نجد في آخره سُنّة التفريق في المضاجع بين الإخوة، والحد الأقل في التفريق، التفريق في الغطاء، والأفضل منه النوم في أسرة منفصلة، اتقاء الملامسة الجسدية وما يستتبعها من استثارة للشهوة، فنحفظ على أبنائنا عفّتهم وطهارتهم، باتباع هدي المصطفى- صلى الله عليه وسلم-.
وبهذا نكون قد مهدنا لمرحلة مهمة، وأسهمنا في إعداد ابن يافع مكلف، متوازن عاطفيا ونفسيا ودينيا، ومرجعيته ما أنشأه عليه أبواه، مصداقا لقول رسول الله- صلى الله عليه وسلم- :”كلُّكم راعٍ وكلُّكم مسؤولٌ عن رعيتِهِ”.
1 comments
جميل بارك الله بكم .