أنا شاب بحكم عملي اتنقّل في كثير من البلدان، رأيت أمرًا منتشرًا بين بعض الشباب الملتزمين والدعاة، وهو أنّ أسلوب الحديث بينهم أصبح غير مناسب حيث يستخدمون ألفاظًا غير لائقة.اب
لا أنكر أنَّ لكلِّ شخص زلاته، ولكن ما أثار غيرتي هو المكانة التي هُم فيها، والدور المُلقى على عاتقهم ومع ذلك أسلوبهم أصبح في تدنٍّ مستمر.
الإجابة:
الدعاة أو مَن أسمتهم الرسالة الشباب الملتزمين هُم جزء لا يتجزأ من المجتمع يظهر فيهم ما يظهر في المجتمع من مشكلات، والألفاظ السيئة تُعد من الظواهر التي عمّت بها البلوى في أوساط الشباب فيما بينهم وعلى منصات التواصل الاجتماعي، بعدما غاب دور كثير من منافذ التربية بل وانتشرت في المقابل في الإعلام بجميع صوره لغة متدنية، بالإضافة لما يُعانيه الشباب من مشكلات لا يستطيعون التعبير عنها فيلجأون للتعبير عن استيائهم تجاهها بهذه الطريقة.
البعض يستند في ذلك إلى قول الله تعالى {لا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ …} إلا أنّ إطلاق هذا يحول الأمر لعادة لا يمكن التخلص منها فيكون هذا دأبه حتى في غير مظلمة.
هذا بالطبع غير مقبول من أي شخص فما بالك بالقدوات أو من يعملون على تبليغ الدعوة، الذي نظنه ونعتقده أن سلوكًا كهذا استثناء لا يمكن تعميمه، إلا أننا ومع ذلك نذكر من باب {وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ} بقول رسول الله “ليس المسلم بالطعان ولا اللعان ولا الفاحش ولا البذيء” وقوله – صلى الله عليه وسلم- “المسلم مَن سلم المسلمون من لسانه ويده”.
وهنا يأتي دور فضيلة التناصح بين المسلمين، فما دمتَ توقعت من شخص خيرًا وظننت فيه خيرًا فسمعت منه ما لا يسرك فعليك بنصحه وتحذيره ما دمت تعتقد في تأثيره على مَن حوله.
كما أنبهك للحذر من تعميم حكمك على الشباب الملتزم والدعاة، لأنّ التعميم في حد ذاته خطأ قد يتم الوقوع فيه فيؤثر على استقبالك من بعضهم وقد يجعلك متحفزًا وربما أحيانًا متصيدًا لأخطائهم، وإن كان متفهم دافع الغيرة للحق والحفاظ على القدوات من الرسالة.
وهذا ينقلني إلى النقطة الثالثة وهي أن تُعوّد نفسك أن تتوقع الخطأ من أي أحد فليس لأحد عصمة أو قدسية، حتى لا تُصدَم في أحد ويصير مدخلًا للشيطان يجعلك به يائسا من أهل الإيمان، فاعلم كما قال الإمام مالك إن: “كل يؤخذ من كلامه ويرد إلا صاحب هذا القبر” – والمقصود هنا بالطبع رسول الله صلوات الله وسلامه عليه- وأن “الحق لا يعرف بالرجال وإنما يعرف الرجال بالحق”.