إن العظمة التي جاء بها القرآن الكريم لا تقتصر على الاعتقاد الصحيح وتوحيد الخالق سبحانه فقط، بل عظمته تجاوزت آفاق الحياة التي لا حد لها، بتقويم سلوك النّفس وتصحيح السلوك والمعاملات.
أثنى الله على عباده المتصفين بالرحمة فقال تعالى: {ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ * أُولَٰئِكَ أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ}، قال الطاهر بن عاشور: "خص بالذكر من أوصاف المؤمنين، تواصيهم بالصبر، وتواصيهم بالمرحمة، لأن ذلك من أشرف صفاتهم بعد الإيمان".
لمعلم القرآن الكريم منزلة عظيمة عند الله- تبارك وتعالى-، لذا فعليه أن يتصف بصفات أهل هذه المهنة ذات الخيرية، حتى يكون قدوة للتلاميذ الذين يتعلمون على يديه.
من هنا كانت تربية الطفل على الاهتمام بالرياضة البدنية وزرع روح الفتـوة والقـوة في نفسه مبدأ أساسيا من مبادئ إعداد الأجيال مع حكمة الأخلاق والتصرف .. وبناء الأمة، وبالإضافة إلى ذلك فإن روح القوة والفتوة لها الأثر البالغ في رعاية صحة الطفل والناشئ .. وتنمية شخصيته.
من بين أهم المباحث التي اهتمت بها المحاضن التربوية والفكرية في الحركة الإسلامية، قضية ربط المسلم بالقرآن الكريم، وإعادة الاعتبار إلى كتاب الله تعالى كأهم مكون من مكونات العقيدة، والدليل الأساسي للمسلم في هذه الحياة، ويعتبر هذا الكتاب "إنُّهُ القرآن.. سِرُّ نَهضتِنا"، خطوة جيدة في هذا الاتجاه، ولكن الكتاب في حقيقة الأمر لم يقف عند هذه القضية فحسب؛ بل إنه، وفي فصوله السبعة، تناول عددًا من القضايا الإسلامية ذات الطابع العام، مثل واقع الأمة الإسلامية، وأهمية التمسك بالقرآن الكريم من أجل وحدة الأمة، وإعادة النهوض بها.
سجل الشيخ الغزالي خلاصة نظراته وتأملاته في كتاب الله العظيم في هذا كتاب في صورة مجموعة مقالات مكتوبة بلغة سهلة القراءة والفهم. سيجد القارئ فيها جملة معارف حسنة عن القرآن المجيد، تضمنت ثمرات من غراس الأئمة الأقدمين والعلماء المحدثين، وشـدها جميعا نظام يوائم الأسلوب الذي استحلاه المثقفون اليوم، وألفوه في مجالي العلم والأدب.
ولم ينس أن يمس قـضـايا دينيـة واجـتـمـاعـيـة تشغل بال المسلمين خاصة، وبال العالم كله، فإن العلم المعزول عن الواقع لا سبيل له في قلبه على حد تعبيره، خاصة وأن القرآن نفسـه كتاب لا يستطاع عزله عن الحياة أبدا. وهل نزل إلا ليخطئ أو يصوب من أفكارها؟ وإلا ليمحو أو يثبت من أحوالها؟
وهكذا تنوعت أشكال الحوار القرآني وأصنافه بتنوع مقاصده، ليواكب الحاجات الفطرية الإنسانية، فكان منه الحوار الخطابي بأشكاله التسعة: من تذكيري وتعبدي، وإيماني (موجه إلى الذين آمنوا)، وإنساني، ونبوي (موجه إلى النبي -ص-)، و....