رغم جاذبية التلفزيون والفضائيات وألعاب الفيديو، فإنّ مجلة الطفل ما زالت تحمل مزايا لا تُوفرها تلك الوسائل المستحدثة التي ثبت أنها تُحدث تأثيرات غير إيجابية على الطفل ومجمل سلوكياته وحياته، وما زال الطفل ينجذب إلى المجلّة مثلما ينجذب إلى الكتاب الخاص به على أرفف المكتبات، ولا يختلف التربويون على الفوائد الجمّه لمجلّات الأطفال ومدى قدرتها في لعب الدور التربوي المساند لكافة المؤسسات الأخرى.
وفي تقرير خاص للكاتبة حنان عطية، عن أثر المجلّة تربويًّا على الأطفال، أوضحت أهمية هذه الوسيلة في التربية والترفيه والتعليم، مشيرة إلى أنّ أول ظهور لها عالميًّا كان في فرنسا بين عامي 1747-1791، أمّا أو ظهور لها في العالم العربي فكان بمصر عام 1870 تحت عنوان (روضة المدارس المصرية).
أهمية مجلة الطفل في التربية
إنّ مجلة الطفل لها دور مؤثر ومهم في بناء شخصية الصغار، لأن الشخصية التي تُميز الأفراد، ما هي إلا نتيجة مجموعة من المؤثرات، منها مجموعة وسائل الإعلام بأنواعها التي تشكل أحد أبرز الوسائل التربوية وأكثرها تأثيرًا على شخصية الطفل والتي لا تتكون من فراغ، ولا تنمو من تلقاء نفسها بصورة عفوية أو ارتجالية، وإنما لا بُد لها من عوامل تؤثر فيها وتُصقلها وتُكونها وتُنميها.
ومجلّات الأطفال تعمل على ربط الطفل بتراث أمته وحضارتها، وخلق نوع من التقبل للمتغيرات الجديدة المقبولة دينيًّا، وإمداد الطفل بالمعلومات والمعارف التي تُعمق نظرته إلى الحياة وتنمى لديه القدرات العقلية المختلفة، بما فيها القدرات الإبداعية والابتكارية، إلى جانب تنمية وعي الطفل وإحساسه بمشكلات مجتمعة وأمته، وغرس الاتجاهات الإيجابية نحو البيئة.
وتفيد هذه المجلات في غرس الفضائل والقيم والصفات والعادات الحسنة، مع أهمية تنمية ثروة الطفل اللغوية وتمكينه من حفظ النصوص الجيدة؛ للارتقاء بلغة الطفل وقدرته على التعبير، وتنمية حب الاطلاع والرغبة في البحث والاستكشاف.
ولا شكّ أن هذه الأدوار التي تقوم بها المجلة تسهم في بناء شخصية متوازنة، هادفة، جادة، ناجحة، قادرة على التفكير بشكل سليم، وقادرة على بناء مجتمع متحضر ومثقف.
والمجلة الهادفة تُعد أداة ثقافية وتربوية وإعلامية وترفيهية لأبنائنا، وتغرس القيم والمبادئ في شخصية الطفل، لهذا يجب التركيز على تطوير وسائل الإعلام الخاصة والموجهة للطفل، وأن يصبح هذا التركيز تجارب حقيقية وجادة.
مشكلات مجلة الطفل
وفي دراسة للدكتور مالك إبراهيم الأحمد عن دور الإعلام في تربية الأطفال، لخص مشكلات مجلة الطفل في النقاط التالية:
أولًا: القلة العددية، حيث إن ما يقارب 80 مليون طفل (6-14) سنة تخدمهم 15 مجلة بمتوسط 20.000 نسخة، لا تتجاوز 400.000 نسخة بأي حال: كل 200 طفل يشتركون في نسخة واحدة من عدد واحد من مجلة واحدة!
ثانيًا: ضَعف المحتوى وغلبة الترفيهي على الهادف، حيث من خلال الرصد وضح أن:
- 50% مادة ترفيهية بحتة (تختلف من مجلة لأخرى).
- 25% مادة تعليمية/ تربوية (تميل للسوء والانحراف في الكثير من المجلات).
- 25% مادة محايدة ثقافية عامة.
- قلة الجيد من المجلات، فلا يتجاوز 20% من المتاح في السوق وبإصدار شهري.
- قلة المادة التربوية والدينية (لا تزيد عن 10%) في أغلب المجلات.
- غياب التوجيه السلوكي الإسلامي كالفضائل والسنن.
- تقديم القدوات السيئة: كالممثلين والمغنيين.
- إهمال المستوى العقلي والنفسي، فالكثير من القصص والمغامرات تتجاوز مستوى الأطفال وأعمارهم.
- كثرة المواد المترجمة من مجلات أجنبية، إضافة إلى المجلات الأجنبية المعربة (ميكي، سوبر مان، الوطواط).
- عرض بعض الشخصيات الخارقة- أحيانا- والتي تُضعف معالم القدوة الحسنة مثل: سوبرمان.. حيث يبلغ هذا الرجل ذروة القوة في المسلسلات والهزليّات الأمريكية، فيصبح نصف إله يخور ويثور ويضرب وينتصر باستمرار ولا يموت بتاتًا وهو محصن ضد الأمراض وضد الأخطار ويتغلب على كل المصاعب.
- عدم تقديم القدوات الصالحة وبطريقة مناسبة.
- عدم التكامل مع برامج المدرسة التعليمية.
ثالثًا: قلة المتخصصين في ميدان الكتابة والرسوم الفنية.
رابعًا: عدم تبني الجهات الإسلامية إصدار مجلات للأطفال عكس الكنائس والمؤسسات التنصيرية التي تصدر الكثير من المجلات.
كيف نستفيد من المجلات في تربية الصغار؟
وحتى نستفيد من مجلة الطفل في العملية التربوية، ويصبح لهذا الوسيلة دورها الفعّال في تشكيل الوعي لدى الصغار وتنمية مهاراتهم، وتزويدهم بالقيم والأخلاق، لا بد من مراعاة الآتي في أي مجلة:
- ضرورة اختيار المواد بعناية ودقة مع أهمية التركيز على الاختيار السليم للغة والأسلوب المستخدم.
- ولا بد من اختيار هيئة مسؤولة عن تحرير المجلة، مع أهمية التركيز على إصدارها بمستوى عالٍ من الكفاءة.
- يجب أن يكون العاملون في صحافة الأطفال على قدر عالٍ من الفهم لطبيعة هذه الفئة العمرية وخصائصهم الديموغرافية، مع أهمية التركيز على دراسة خصائص الأطفال ونفسيّتهم.
- لا بُد من احتواء المواد الصحفية الموجهة للأطفال على جميع الموضوعات المختلفة التي تؤدي إلى إشباع حاجات الأطفال.
- ولا بُدّ من الإشارة إلى أنَّ الأطفال في مرحلة 3-6 سنوات، تكون المواد المقدمة لهم على شكل صور ورسوم بينما السّنوات التي تكون من 6 سنين فما فوق، تكون المواد مصوَّرة ومصحوبة بالكلام الموجز.
- المواد الصحفية الموجهة للطفل يجب أن تشمل على أسلوب يشجعه على التفكير الإبداعي والعلمي في التعامل مع الأشياء.
- لا بد- أيضًا- من توفير الفرص أمام الطفل في تحرير المواد المقدمة له، ليساعده ذلك على تقوية العلاقة بينه وبين المجلة الخاصة به، بالإضافة إلى تمكينه من الكتابة بشكل مستمر لها، مع أهمية التركيز على حثَّه على المتابعة والتواصل على اعتباره صديق للمجلة.
- ولا بُدّ من التركيز على الأهداف التثقيفية التي لا يمكن أن تتحقق بشكل منعزل ومنفصل.
- يجب التركيز على استخدام القوالب الفنية المختلفة بالإضافة إلى التنوّع في المضامين المتناولة. ضرورة تحديد واختيار الشخصيات، التي تُسهم في تحقيق الأهداف والأغراض التي تسعى إليها مجلّات الأطفال.
- ضرورة التوازن ما بين القصص المصورة وبين باقي مواد المجلة؛ بحيث لا تكون القصص المصوّرة هي الغالبة على صفحاتها.
- من الضروري القيام بالاستفادة من الفنون الحديثة، سواء في التصميم أو في الطباعة أو الإخراج.
- التركيز والاهتمام بالثقافة العلمية، على أن يجرى تخصيص مساحات واسعة للثقافة العلمية في مجلات الأطفال، وبالتالي المساهمة في تبسيط العلوم للطفل وتقديم وصف شامل للابتكارات والاختراعات العلمية في الحياة اليومية.
مواد يجب أن تحتويها مجلة الصغار
وتشمل مجلة الطفل النموذجية على مواد متنوعة تسهم في التربية الأخلاقية والثقافية والإبداعية، ومن هذه المواد:
- المواد الثقافية: وتشمل القصة والقصيدة، والمسرحية والمعلومة والمسابقة الثقافية، والاستطلاع المصوَّر، ولا بُدَّ للمادة الثقافية أن تكون مناسبة لمستوى الأطفال، مؤثِّرةً في مشاعرهم وسلوكهم مشوِّقة بأساليب عرضها، ومبتعدة عن الأساليب المباشرة.
- المواد العلمية: وتضمُّ الأخبار والمعلومات التي تدور في فلك المكتشفات الحديثة والتطوّرات التكنولوجية، والمعارف الإنسانية المختلفة.. الخ. وشرط هذه المواد أن تكون- أيضا- مناسبة للأطفال، وأن تعمل على رفع مستوى معارفهم العلمية والمعلوماتية، وأن تنمي قدراتهم الذهنية، وتحثّهم على الإبداع والابتكار والتفكير الحرّ، وتكسبهم القدرة على حل المشكلات بالطرق الموضوعية.
- مواد التسلية والترفيه والألعاب: وتأخذ هذه المواد أشكالاً متعدِّدة ومتنوِّعة من الطرائق والأساليب، كالألعاب المتجدِّدة مثل: المتاهات، والكلمات المتقاطعة، والفروق بين الصور المتشابهة، والألغاز والأحاجي والطرائف والابتسامات.. الخ.
- مساهمات القرّاء: وتُسهم هذه المساحة بشكل كبير في تعزيز التواصل بين المجلة وقرّائها من الأطفال، وتسمح لهم بالتعبير عن ذواتهم وإبداعاتهم، وتحقِّق مشاركة الطفل فيما يُقدّم له.
- الرسوم: وهي لا تأتي لمجرَّد التزين والتشويق، ولا كعامل جذب وإبهار فحسب، إنما كوسيلة للتعبير وعنصر مكمل لمواد المجلة؛ يعمل على ترابط أجزائها وسد الخلل أو النقص فيها، كما أن الرسوم- التي لا تقل أهمية عن الكلمة في المجلة- تترك أثرًا كبيرًا في تشكيل الوعي التذوقي.
المصادر والمراجع:
- ما هي المبادئ التي يجب مراعاتها في مجلات الأطفال؟ .
- صحافة الأطفال.. مفهومها أهميتها شروطها .
- مجلات الأطفال في العالم العربي .