لدي طفلان أحدهما في السابعة والآخر في الخامسة من عمره، وزوجي الحمد لله من عائلة طيبة ويصلي وحافظ للقرآن، لكنه عنيف جدًّا معي ومع الأطفال، ودائم الشجار، وبالنسبة للطفلين فهو لا يطيق شجارهما ولا أصواتهما العالية سواء كانت بكاء أو ضحكًا أو لعبًا أو شجارًا، ويضربهما بقسوة، وينعى حظه فيهما أنهما غير هادئين مثل بقية الأطفال، ويلقي باللائمة دائمًا عليّ، ويطلب منّي أن أسكتهما أو أن يضربهما، وحاولت أن أغير طباع الطفلين لكن ذلك ليس سهلًا، فهما ليسا عاقلين بالدرجة التي تجعلهما يفهمان ما أريد أن أقول.. الأخطر الآن أن الطفل الكبير أصبحت تنتابه نوبات غضب تجعله يضرب رأسه في الحائط بشكل هستيري، وأنا حائرة، أحاول أن أهرب بالطفلين إلى بيت عائلتي بعيدًا عن زوجي كي يهدأ، ولكن بمجرد عودتنا تبدأ كرة غضبه وصراعه مع الطفلين من جديد، وأنا تعبت، علمًا أن زوجي قد فقد عمله منذ 6 أشهر، ويمكث في البيت طيلة الوقت.
السؤال: هل الخلافات بيني وبين زوجي هي سبب ما وصل إليه ابني ذو السبع سنوات من هذه الدرجة من العصبية؟ وهل شجار الطفلين وعنفهما مع بعضهما ردة فعل لحالة التوتر العائلي التي نعيشها؟ وهل حالتنا العائلية المتوترة تلك قابلة للعلاج؟ وهل الحالة التي وصل لها ابني الأكبر لها علاج؟
الإجابة:
السائلة الكريمة..
توقفت أمام إقرارك بصلاح حال زوجك من حفاظه على الصلاة وحفظه للقرآن، ووصفك إياه بأنه عنيف معك ومع أبنائه!
الصلاة والقرآن يهذبان النفس ويحضانها على السكينة، فيترجمان في سلوك رحيم وودود.
أما وأن حال زوجك ينافي ما تحثنا عليه الصلاة والقرآن من فضائل الأخلاق، (خلق الرحمة)، فيجب مراجعة حاله في الصلاة وتذكيره برفق أن العنف مع الأطفال لا يستقيم مع مقيم الصلاة وحافظ القرآن، ولعل من المناسب إرسال مقاطع صوتية تحثه على معاني الرحمة، فالتوجيه المباشر قد يأتي بنتائج عكسية.
طفلاك في السابعة والخامسة، أي في مرحلة المصاحبة والملاعبة، لا الضرب والتعنيف.
للأسف بعض البيوت تؤثث على حرمان الطفل من حقوقه في اللعب والانطلاق، فنؤسس مكانًا للضيوف متخم بالأثاث، وننسى حق الأطفال في اللهو واللعب، فيجب أن تكون ثَمة مساحة ينطلق فيها الأبناء بعيدًا عن مكان ووقت راحة أبيهم، وإذا لم يكن في البيت متسع؛ فحقه في الخروج للمنتزهات محفوظ لا تقصير فيه.
ولا يعد الذهاب إلى بيت الأب حلًا، هكذا تحلين مشكلة زوجك وقد تتسببين بإزعاج أهلنا الكبار.
والأطفال بحاجة إلى تفريغ طاقتهم في رياضة مناسبة حتى إذا ما انطلقوا خارج المنزل كانوا أكثر هدوءًا داخله، وقلّت حالة الصدام بينهم وبين بعضهم البعض وبينهم وبين أبيهم.
نعم، المشكلات بينك وبين زوجك قد تؤثر على الحالة المزاجية والعصبية للأولاد كما تمتد التأثيرات لنواح عديدة كاضطرابات النوم، ونقص الشهية والانطواء، والتيه ما بين الصواب والخطأ، فكلاكما قدوة لهما وكلاكما يغضب!
لكن وضع برنامج متنوع لهما خارج المنزل وداخله يُهدئ من الوضع كثيرًا؛ فقسّمي نشاطهما في المنزل بين اللعب بالمكعبات، والبازل، والتلوين، والرسم.
كما نخصص لهما وقتا للعب بالماء (كالمكث في البانيو مع مراقبتهما خصوصًا أيام الحر فله فوائد عديدة)، فالأطفال في هذه المرحلة بحاجة إلى الملاطفة والملاعبة، وبرغم عصبية الوالد عليهما إلا أن إعداد بعض الألعاب الجماعية المناسبة، قد يخفف حالة العنف من أبيهم تجاههما، فالاندماج في لعب منظم معهما يقلل من العصبية وكأنه إقرار بشكل غير مباشر من الوالد بحاجتهما إلى اللعب، وحقهما في إحداث بعض الفوضى.
الأم دائمًا عليها دور كبير، وثوابه عند الله عظيم، فبتجديد النوايا نجدد مسؤوليتنا عن صلاح حال البيت ورعايتنا لأولادنا؛ فكلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته، ومن الأمور التي تضبط المزاج العام للأسرة، الخروج للتنزة، وبرغم عدم عمل الزوج مدة ٦ أشهر فما زال الخروج وتغيير الجو مع هذه الظروف عملًا غير مستحيلٍ، فالحدائق العامة والخروج للطبيعة يحسّن المزاج فلا تحرمي أسرتك من أمور طيبة نتيجتها ملموسة ولها تأثير بالغ.
ونؤكد أن عدم عمل الزوج له تأثير قوي على سوء المزاج العام، ويحتاج الزوج إلى كلمات الدعم والتشجيع والمشاركة في التفكير في بدائل لفرص العمل ولا بد لكل مشكلة نهاية وفرج بإذن الله، يكون هذا يقينك ويقينه، ومن العبث أن نُحمّل الأطفال عواقب أمورنا، فنتقي الله فيهم حتى إذا ما أتى فرج الله ما نكون خسرناهم، وعساه الفرج أن يكون قريبا.
وأخيرًا إذا لم تلحظي تغيّرًا ملموس في عصبية الطفل الأكبر بعد اتباع هذه الإرشادات فترة من الوقت، يمكنك مراجعة مستشار نفسي يساعدك في تعديل سلوك الطفل، وإشاعة حالة الحب والوئام بينك وبين أبيهم وبينك وبينهما كفيلة بإصلاح كثير مما فسد، والله المستعان وعليه التكلان.