السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
- هل الإسلام فضل الرجل على المرأة؟
- وما معنى وللرجال عليهن درجة؟
- وهل المرأة خلقت من أجل الرجل؟
- الرجل له الحق في التعدد وله الحور العين في الآخرة، والمرأة هي أكثر أهل النار وهي من تكفر بالعشير، والزوج مقدم على أهلها، له أن يمنعها من الذهاب لأهلها، فمن لديها بنات فقط عندما تحتاج من يعينها من بناتها تحتاج إذن زوجها في حين أنه لا يحتاج إلى إذن لبر أهله! ثم نقول استبشروا بالإناث؟!
- في القرآن: {لِّلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِن نِّسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ …}، ولكن الرجال: {… وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ …}، هي تصبر أربعة أشهر وهو له الحق في الضرب؟!
- حتى عندما نقول إن المرأة لها ذمة مالية، نجد الرجل يتحكم في خروجها للعمل ومهما وصلت من درجة علمية يتباهى بعض المشايخ بأن الرجل له حقوق الديكتاتور في الزواج! فهل هذا هو الإسلام؟!
أهلا بك ضيفة كريمة في المنتدى الإسلامي العالمي للتربية.
نسعد بتداول مثل تلك التساؤلات التي من ورائها حب الفهم، وليس حب التصيد، فلا غضاضة في أي سؤال يزيل اللبس والارتباك في فهم المقاصد والتشريعات.
نشير هنا إلى خطر أن نستقي أحكام الإسلام من تصرفات الأشخاص، وأن نقول بمظلومية المرأة نتيجة لأداء بعض الرجال المجحف غير العادل؛ فقواعد الشرع هي الحجة وليست تصرفات الأفراد.
فمن يكرم زوجته هو كريم بتمثله لتشريعات الإسلام، ومن ينقص الزوجة حقها، فالإسلام من تصرفه براء، فهونًا ونحن نحكم، لا نجعل الغضب من تطبيقات الفرد دليل على خلل المنظومة، فمن عرف الحق بالرجال حار في متاهات الضلال!
المنظومة والتشريع أوضحا الحقوق والواجبات وحثا على الفضل بين الزوجين، ومن فعل غير ذلك فمردُّ الأمر إلى سوء فهمه، أو نقص في تطبيقه.
خلقت المرأة من ضلع الرجل، وليس من أجل الرجل، بل كانت إيناسًا له من وحشة الدنيا، ومن بدء الخليقة إلى يومنا هذا، لا غنىً للمرأة عن الرجل، ولا غنى للرجل عن المرأة.
الزوجية موصوفة في القرآن بالمودة والرحمة : {… وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوّدَّةً وَّرَحْمَةً …}، كما أوصى الحبيب المصطفى الرجال بالنساء خيرًا؛ فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ فَإِنَّ الْمَرْأَةَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلَعٍ وَإِنَّ أَعْوَجَ شَيْءٍ فِي الضِّلَعِ أَعْلَاهُ، فَإِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهُ كَسَرْتَهُ، وَإِنْ تَرَكْتَهُ لَمْ يَزَلْ أَعْوَجَ، فَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ).
ثم نظم القرآن شكل العلاقة بين الزوجين ووضع حدودًا وقواعد لكل منهما، فحينما تحدث القرآن عن قوامة الرجل حدَّها بأمرين، قال الله تعالى: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ …}، فسر العلماء هذه القوامة على القيام بمصالح المرأة، فـ[قوَّام] صيغة مبالغة من قام، فهو المسئول وهو مقدم الرعاية وهو موفر الحماية وليس سجانًا ومتحكمًا كما يفهم البعض.
بل يوضح العلماء أنه إذا اعتلت صحة الرجل لأي سبب أصبحت المرأة هنا القيِّم بمعنى أن تؤول الحماية إليها، فقد تقرر المرأة على سبيل المثال أن تنتقل من منزل أرضي لمنزل آخر، لأن الزوج لا يقدر على حمايتها من لص وغيره، فلا يصح معارضة الزوج لها، لأنها ستكون المتصدرة إذا حدث لهم مكروه لا قدر الله.
نعم تأخذ رأيه أدبًا، وهو ليس من حقه الرفض أو التعنت، كذلك إذا تعذر في الإنفاق وكانت هي من تنفق، آلت كذلك القرارات والمسؤولية لها، إذًا فهي قِوَامَة ليست مُطْلقة، وهي قوامة ليست بغرض التشريف فقط، بل هي قوامة مسئولية وتكليف.
في أحد المؤتمرات، في دولة غربية، قام أحدهم بإلقاء شبهة قوامة الرجل على مسامع الحاضرين، فسأله الضيف: إذا دخل لص بيتك من سيقوم لمواجهته وحماية الأسرة؟ فكانت الإجابة من المعظم: الرجل.
تجتمع أكثر الثقافات عمليًا وفعليًا على صدراة الرجل للحماية والرعاية، فمن يلقي بهذه الشبهات يجتزئ الكلام من النص، ويصبغه بمعان دخيلة لأغراض كثيرًا ما تكون خبيثة.
أما عن قوله تعالى: {… وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ …}؛ ففسرها ابن عباس ترجمان القرآن وحبر الأمة بأن الدرجة تعني الصفح من الرجل لامرأته عن بعض الواجب عليها، وإغضاءه لها عنه، وأداء كل الواجب له عليها، فقد جاء هذا الجزء من الآية تزييلا للآية: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ ۚ وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَن يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِن كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۚ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَٰلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلَاحًا ۚ وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ ۗ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} (البقرة: 228).
ذكر الشرع حقوق وواجبات المرأة بالمعروف حينما قال: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الذِي عَلَيْهِنَّ بِالمَعْرُوفْ}، ثم ذكّر الرجال بأنه يمكنهم التخلي عن حقهم في رد المرأة دون علمها في فترة العدة، أعطى الشرع الزوج هذه الدرجة في الرد بدون علم الزوجة حفاظًا على الأسرة، لعلم الشرع بنفسية المرأة من تصريحها بطلب الطلاق أحيانًا وإرادتها للعود حقيقة، في نفس الوقت يذكّر الرجل بالتنازل عن هذا الحق إذا لم يجد قبولًا من الزوجة، فلن تستقيم الزوجية إذا ظلت المرأة على موقفها من الغضب وعدم اللين.
إذًا؛ الأهداف في الشرع متسقة مع بعضها دائمًا ولا يتعارض تشريع مع تشريع، ولا يتحيز الشرع للرجل عن المرأة، سبحانه يعلم ما يصلح هذا ويصلح ذاك فيضع لكل حالة التشريعات التي تصلحها.
حينما نشتري جهازًا نتبع تعليمات التشغيل المرفقة على الكتالوج، ومن يقرر إعمال عقله بعيدًا عن تعليمات المصنع يجد مصاعب ومشكلات، فلماذا ندير ظهورنا لنصوص وتشريعات نعلم أنها ما كانت إلا لعلم الله بما يصلحنا! نعم، نُعمل العقل تفكرًا وتساؤلًا، ولكن في حدود يقيننا في واضع المنهج جل في علاه.
وعن مقارنتك بين الآيتين: {لِّلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِن نِّسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ …}، و:{… وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ …}، تتسائلين مستنكرة عن المزايا التي حباها الشرعُ للرجل من هجر وخصام وعظة وضرب، وأن المرأة عليها أن تتحمل هجر أربعة أشهر، وكأن لسان حالك، ماذا إذًا في يد المرأة؟!
أولًا: حينما منح الشرع الزوج هجر زوجته كان من باب التأديب لها، ولن يستخدم رجل عاقل هذا التشريع إلا في ضرورة، ولم يترك الشرع المدة مفتوحة، فحدد الشرع المدة بناءً لعلمه سبحانه وتعالى بالوقت الذي تطيق فيه الزوجة البعد عن الزوج، كما شدد على الزوج أن يومًا واحدًا فوق ذلك ليس من حقه، بل تستطيع المرأة أن تشتكي الزوج للقاضي ويخالعها فورًا وتتزوج غيرَه من غير عدة جديدة، حتى لا يتلاعب الرجل بزوجته، فيحفظ بذلك لجميع الأطراف حقوقها.
أما عن الآية الثانية، فهي تتحدث عن الشروع في خيانة زوجية، لم يبدأ الشرع بالضرب، بل قال سبحانه وتعالى: {… فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ …}، ينتقل الزوج في حال شكه في بداية خيانة، بين الوعظ أولًا ثم الهجر حتى ترتدع الزوجة، فإن استمرت في الاعوجاج يأتي دور التلامس بالجسد، أكثر المفسرون على أن الضرب للتنبيه على جدية الأمر كوخز في الكتف، ضرب بطريقة غير مؤلمة وغير مهينة، يقول ابن عباس- رضي الله عنه-: “ضرب بالسواك”.
كمايوضح المفسرون أن فعل الأمر في القرآن ليس معناه دائمًا الإلزام، فيأتي كثيرًا بمعنى الجواز، والإباحة، إذًا؛ الضرب جاء في سياق الحديث عن الخيانة، وجاء قبله الموعظة والهجر، وحدد بألا يكون ضربًا مؤلمًا أو مهينًا، فهو ضرب ليس على الإطلاق هكذا، بل إنه في بعض البلدان إذا ضرب الزوج زوجته بعيدًا عن هذا السبب واشتكت الزوجة الزوج للقاضي، يأمر القاضي بضرب الزوج.
فالزوج الذي يستخدم الضرب وسيلة، ينافي ما جاء في الشرع، ولنا في رسول الله القدوة الحسنة، ففي حديث عائشة رضي الله عنها قالت: “ما ضَرَبَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ شيئًا قَطُّ بيَدِهِ، وَلَا امْرَأَةً، وَلَا خَادِمًا؛ إلَّا أَنْ يُجَاهِدَ في سَبيلِ اللهِ، وَما نِيلَ منه شَيءٌ قَطُّ، فَيَنْتَقِمَ مِن صَاحِبِهِ؛ إلَّا أَنْ يُنْتَهَكَ شَيءٌ مِن مَحَارِمِ اللهِ، فَيَنْتَقِمَ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ” (رواه مسلم)؛ فمن انحرف عن الهدي فالعيب كل العيب منه.
السائلة الكريمة: حينما منح الشرع المرأة الحق في العمل، وجعل لها ذمة مالية، ووصى الرجل والمرأة ببر أهليهم سواء بسواء، ربط هذا البر بقيد تنظيمي فقط، فجعل الأولوية الأولى للزوجة رعاية بيتها، ولا يعني هذا أبدًا أن تتأخر عن بر أهلها وصلة رحمها، وإذا منعها الزوج فلسوء منه وليس لعيب في الشرع.
أحيانًا حينما يرى الزوج تقصيرًا في البيت وفي حقوقه، يستخدم سلاح المنع، لكن ما نظنه في الشخص القويم، المتبع المنهج أنه يكرم أهل الزوجة من باب إكرامه للزوجة نفسها، يقول صلى الله عليه وسلم: “ما أكرمهن إلا كريم”.
تلك الأمور إذا تناولناها بميزان الحقوق والواجبات فقط، قد يحدث تناوش وتنازع، لأن التقصير في الواجبات أمر قد يحدث كثيرًا لضيق الوقت أو ضيق الصدر أحيانًا، فوجب حينها أن يتعامل الطرفان بالفضل، والمرأة الذكية تستطيع أن تحصل على لب الرجل بمنتهى السهولة، إذا علمت مداخله، واتقت الله فيه، ستجزى بالإحسان إحسانًا يقينًا.
السائلة الكريمة: تعج الساحة بالكثير الذي يفسد على المرء دينه وعقيدته، فنشر مثل تلك الشبهات دون الإجابة عليها يجعل المرء في ضيق من أمره، ويفسد على الراضين بحالهم معايشهم، فحري بنا أن ننتبه لكل ما يقال ونمرره على عقولنا، ونسأل عما نرتاب فيه، ونفهم عن الله بما أنزل إلينا من كتاب وسنة، لا بما يتفلسف به البعض إفتراءً بغير بينة.
النساء وصية رسول الله لآخر وقت في حياته، كما خطب في حجة الوداع، فاجتهدي أن تكوني على درب الحبيب وأن تكوني صاحبة أذن واعية تفرقين بين الغث والثمين، وأن تكوني على يقين بأن ما نزل من عند الله لخير العباد حقًا، وما دون ذلك فهو من أجل التشكيك والتعطيل وصرف الذهن عن المراد منا.
جعلنا الله وإياكم ممن يقبلون على ربهم وكلهم يقين في أنه سبحانه لا يفعل بنا إلا خيرًا.
فاللهم اجعلنا عند مرادك منا، واهدِ رجالَ ونساء المسلمين لشرعك وألف بين قلوبهم وأصلح ذات بين الأزواج، سبحانك أنت ولي ذلك والقادر عليه.