السلام عليكم.. عندي مشكلة مع زوجي الذي لديّ منه ابن وابنة، تزوجنا لمدة سبع سنوات، لم تكن الأمور مستقرة لأن زوجي للأسف مدمن خمر. حاولت بكل الطرق لكن لا فائدة، الوضع كل يوم يزداد سوءًا. أبنائي يكبرون وصاروا يفهمون، في البداية كان يشرب الخمر ويأتي متأخرًا وينام، الآن صار يأتي وأبنائي مستيقظين، تعبت من النصح دون جدوى.
الأسبوع الماضي جاء فاقدًا للوعي وكان ابني مريضًا وصار يصرخ بكلام قبيح ويتهمني بالخيانة ويدفع أبواب الغرف. تعب أبنائي وصاروا يصرخون ثم ضربني أنا وابنتي على الأرض. هو لا يصلي ولا يغتسل من جنابة. لا أنكر أنه قائم بمستلزمات البيت من مأكل وغيره. لكن لا يقوم بواجباته كأب. دائمًا أحاول الصبر من أجل أبنائي لكن أن يُكْرِهُني وهو فاقد للوعي دون أن يراعي حق الزوجية وهو يقول أنه سيأخذ حقه في الفراش ولو رغمًا عني لم أتحمل، أخذت أبنائي وذهبت لبيت أهلي وأنا محطمة داخليًّا وخارجيًّا، هو الآن يرسل لي كي أرجع للبيت ويرفض أن يأتي كي نضع النقاط على الحروف وأبنائي يرفضون أن أقابله، فماذا أفعل؟
الإجابة:
الزواج يا أختي رباط بين زوجين نسجت حبائله بالسكن والمودة والرحمة: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ}، بالطبع لا تحقق كل الزيجات القدر الكافي من هذا السكن لكن على الأقل يكون هناك قدر مقبول يعين على الاستمرار في الحياة الزوجية.
أحيانًا من كثرة ما ندور في حلقة مفرغة نصاب بما هو أشبه بالدوار، ويلزم الأمر طاقة فوق المعتادة كي يستطيع المرء انتشال نفسه من تلك الدوامة، ما تحكين عنه وضع لا يجب أن يستمر بحال من الأحوال. لا يوجد طرف واحد مستفيد من هذا الوضع، لا الزوج الذي استمرأ أفعاله ولا يجد حتى الآن وازعًا للتوقف، ولا أنتِ وأنت تشعرين أن أبسط حقوقك كزوجة غير موجودة، ولا الأبناء الذين يكبرون في ظروف قد تترك ندبات يصعب مداواتها لاحقًا لا قدر الله، لذا لا بُد من كسر هذه الدائرة باختيار من اثنين، إما عدم الانفصال لكن في الوقت نفسه عدم العودة إلا بشروط على رأسها الذهاب لمصحة أو بدء خطوات للعلاج، وتحكيم العقلاء من أهله وإشهادهم على ذلك، وتخير من يتابع منهم حاله ويشد من أزره، ولا تعودين قبل أن تصبحين في مأمن على نفسك وأولادك مهما ضُغط عليك للعودة. وهذا الاختيار تسلكينه إن كان لا يزال لزوجك رصيد في قلبك، أو ترغبين في إعطائه فرصة أخيرة للاختيار بين بيته وحياة مستقيمة أو أن يكمل في طريقه الحالي – هداه الله-، أو أنك ترتأين مصلحة ما تعلمينها أنت في الاستمرار.
أو الخيار الثاني وهو الانفصال بالمعروف، تسترين عيبه وتحفظين سره لكن تفري بنفسك وأبنائك قبل أن تتشوه نفوسكم أكثر من ذلك، وبخاصة إذا كنت قد أعطيته هذه الفرصة سابقًا فلم يستغلها.
قد يكون هناك خيار ثالث وهو الاستمرار والعودة مع مزيد من الصبر وأنت الوحيدة التي تعلم ما لديك من رصيد للصبر والتحمل يساعدك في اختيار هذا الطريق، يتطلب هذا الكثير من الدعاء له بالهداية ومد يد العون ومعالجة ما يمر بك من مواقف أولًا بأول حتى لا تنهكي سريعًا وتخور قواك وتفقدي ثقتك بنفسك.
وإن كان تصعيد الوضع لما هو عليه الآن من تركك بيت زوجك واللجوء لبيت أهلك من الهام جدًا أن يأتي بثمرة ويحقق نفعًا وعلاجًا، فبحجم الخطوة التي اتخذت لا بُد من أن يكون حجم التغيير المتحقق، وإلا لصار من المعتاد أن تلجئي إلى بيت أهلك ثم تعودين منه خالية الوفاض فتفقد هذه الوسيلة أثرها في إشعاره بحجم المشكلة ومدى سوء الوضع وتفقدين أنت أحد نقاط قوتك في تغيير الوضع.
الحياة الزوجية أختي السائلة علاقة قائمة على الأخذ والعطاء، تختلف عن العلاقة بالأبناء على سبيل المثال حيث قد يستمر العطاء دون الحصول على مقابل لكن في الحياة الزوجية تحتاج الزوجة لمردود حتى تشعر بالقدرة على الاستمرار، وليس المردود بشيء مادي بل قد يكون قيمة كالاحترام أو كلمة طيبة أو ود أو أمان. فانظري ماذا تضيف لك علاقتك بزوجك وماذا تأخذ منك ثم قرري بعدها، ثم انظري هل بعلاقتك يستقيم حال البيت وتستطيعان معًا تأدية واجبكما تجاه الأبناء الذين هم أمانة في أعناقكم أم أن تجنيب الأولاد مشاهد كدخول أبيهم عليهم في حالة سكر صارخًا وضاربًا وشاتمًا أوجب؟