إنّ العمل على التخفيف من مشكلة قلق الامتحان لدى الطلاب، وتدعيم صحتهم النفسية، ضرورة تربوية يشترك فيها كل من البيت والمدرسة، فالأول يغرس أسس الصحة النفسية خلال السنوات التكوينية الأولى لحياة الطفل، أما المدرسة فهي ذات أثر تكويني مهم في حياة الصغير وشخصيته، ولا يقتصر دورها على مجرد تعليم المهارات الأكاديمية والعلمية.
ويرصد الباحثان أحمد رماضنية، ومختار غريب- جامعة عمار ثليجي بالأغواط- أهمية الصحة النفسية كواحدة من التحديات الصحية الكبرى التي تواجهها المؤسسات التربوية، وضرورة العمل على تخفيف القلق أثناء الامتحانات.
مفهوم قلق الامتحان ومظاهره
قلق الامتحان: هو نوع من القلق العام المرتبط بمواقف الامتحان، حيث تثير هذه المواقف في الفرد شعورًا بالانزعاج والانفعالية، وهو حالة انفعالية وجدانية مكدرة تعتري الفرد في الموقف السابق للامتحان أو في موقف الامتحان ذاته، وتتسم هذه الحالة بالشعور بالتوتر والتهديد والخوف من الامتحان ومتعلقاته، ومن مظاهر هذا القلق:
- الخوف والرهبة من الامتحانات بشكل عام.
- الخوف من الامتحانات الشفوية المفاجئة.
- التوتر قبل الامتحان.
- توقع تقديرات منخفضة أو الرسوب في الامتحان.
- الشعور بقصور الاستعداد للامتحان.
- الاهتمام الزائد والشك أثناء التحصيل خلال العام الدراسي.
- الارتباك والتوتر ونقص الاستقرار والأرق وفقدان الشهية أيام الامتحان وفي موقف الامتحان.
- نقص الثقة بالنفس.
- الرعب الانفعالي الذي يشعر الطالب بأن عقله صفحة بيضاء وأنه نسي ما راجعه بمجرد الاطلاع على ورقة الأسئلة.
- الإصابة بالصداع شديد عند استلام ورقة الأسئلة.
- نقص إمكانية المعالجة المعرفية للمعلومات.
- الشعور بالضغط النفسي للامتحان والعصبية الشديدة أثناء الإجابة في الامتحان.
- الاضطرابات الفسيولوجية أثناء أداء الامتحان مثل: سرعة ضربات القلب، وزيادة معدل التنفس، ارتباط المعدة، تصبب العرق.
- تشتت الانتباه وضعف القدرة على التركيز واستدعاء المعلومات أثناء أداء الامتحان.
- اضطراب العمليات العقلية: كالتّركيز، والذاكرة، والتفكير.
أسباب قلق الامتحان
توجد مجموعة من الأسباب التي تؤدي إلى مشكلة قلق الامتحان وتدفع بالتلميذ أو الطالب إلى الشعور بحالة عدم الارتياح أثناء أداء الامتحانات، من أهمها:
- الشخصية القلقة: قد تكون شخصية الطالب من الشخصيات القلقة، بحيث يصبح عرضة للقلق أثناء الامتحان أكثر من غيره لأنه يحمل سمة القلق، ومن المرجح أن يزيد هذا القلق لديه كموقف أكثر من غيره.
- عدم استعداد التلميذ للامتحان: يعد من أهم الأسباب التي تُؤدي بالتلميذ إلى حالة القلق أثناء الامتحانات، وذلك ناتج عن عدم المراجعة والتحضير الجيد وعدم التهيؤ النفسي والعقلي وعدم تهيئة الظروف البيئية والمنزلية.
- الأفكار والتصورات الخاطئة عن الامتحان: حيث يحمل التلميذ في ذهنه تصورًا خاطئًا عن الامتحان، يقوم على أساس أن الامتحان عبارة عن موقف تهديد للشخصية وهو المحدد للمستقبل، مما يكون في كثير من الأحيان سببًا لشعوره بالقلق.
- طريقة إجراء الامتحان: في كثيرٍ من الأحيان تكون طريقة إجراء الامتحانات دافعًا قويًّا لشعور التلميذ بالقلق، وذلك من حيث طبيعة الأسئلة وما تحاط به من سرية وتكتم وانشغال الجميع بها ما يبعث على الرهبة والخوف.
- عامل الأسرة: قد تكون الأسرة من بين الأسباب التي تُؤدي بالتلميذ إلى الشعور بالقلق أثناء الامتحانات، وذلك من خلال أساليب التنشئة التقليدية كالتهديد بالعقاب أو الحرمان من أمور معينة إذا لم ينجح، أو حرصها الزائد على مستقبله ما يُؤدي إلى خوفه من النتائج السيئة، وبالتالي الشعور بالقلق.
- المعلم: وذلك من خلال ما يبثه من خوف في أنفس التلاميذ من الامتحان أو استخدامها كوسيلة للعقاب في بعض الأحيان، وكذلك كون المعلم هو الذي يبني الامتحانات ويعدها ويشرف عليها.
- مواقف التقويم ذاتها: بمجرد ما يشعر الفرد بأنه موضع تقويم في أي موقف من مواقف الحياة فإن ذلك يشعره بالقلق، والتلميذ هو كذلك إذا شعر أنه موضع تقويم وامتحان فإن مستوى القلق سيرتفع لديه.
- التعلم الاجتماعي من الآخرين: التلميذ قد يكتسب سلوك قلق الامتحان من الأفراد الآخرين، وذلك عن طريق تقليد ومحاكاة لنموذج القلقين من التلاميذ وخاصة المؤثرين منهم.
تأثير القلق أثناء الامتحانات على عقل الطالب
يُؤثر قلق الامتحان على الذاكرة التي تنقسم إلى ثلاث عمليات رئيسية، وهي: الاستقبال، التخزين، الاسترجاع. والقلق يؤثر على كفاءة العمليات الثلاثة، لذلك حين يكون التلميذ قلقًا يشعر بأنه لا يستطيع التركيز، ولا يستطيع الاحتفاظ بالمعلومات الواردة للمخ، بالتالي استعادة المعلومات المخزنة.
ويؤثر هذا النوع من القلق على التفكير السليم للطالب، لذلك يمكن أن تحدث حالة تسارع للتفكير دون سيطرة أو تحدث حالة انغلاق وتوقف.
كما يتسبب في ظاهرة فراغ العقل، فبعض التلاميذ يبذلون جهدًا كافيًا في المذاكرة، ولكنهم في بعض الأوقات- وبخاصة قبل الامتحان بأيام قليلة أو أثناء الامتحان- يشعرون وكأن عقولهم أصبحت فارغة تمامًا من المعلومات، وهذا ما يؤدي بهم إلى حالة من الانزعاج تصل أحيانًا إلى درجة الهلع.
وبعض الطلاب يرون ورقة الأسئلة كأنها بيضاء تمامًا أو سوداء تمامًا، وهذه الحالة نتيجة لدرجة عالية من القلق، ويكفي التلميذ أن يجلس لبعض الوقت ويحاول استعادة هدوئه وسوف يجد أن باب الذاكرة ينفتح بالتدريج، وأنه أصبح قادرًا على استرجاع المعلومات شيئًا فشيئًا، فالأسئلة نفسها تُعد مفاتيح للذاكرة المختزنة.
إجراءات عملية لخفض التوتر أثناء الامتحانات
يقترح بعض الأخصائيين النفسيين بعض الإجراءات العملية لخفض قلق الامتحان والتوتر الزائد في هذه الموف، نستعرض أهمها كالتالي:
- تطوير قدرات الطالب على الفهم وحل المشكلات.
- مساعدة الفرد على الشعور بالأمن والثقة بالذات.
- التدرب على الاسترخاء.
- الحديث الإيجابي مع الذات.
- تقديم المساعدة في الدراسة.
- تشجيع التعبير عن الانفعالات.
- تحسين عادات الدراسة.
- التدريب على مهارات الامتحان.
- التغذية الصحية والسليمة للتمكن من الدراسة والاستيعاب.
- واختيار الزملاء المجدّين الذين لا يضيّعون أوقاتهم، فالصاحب ساحب.
- عمل جدول للامتحان وتقسيم المواد لدراستها بشكل منتظم.
- وقراءة المادة التي ستُدرس قراءة فهم في البداية ومن ثم تلخيصها.
- الاستيقاظ مبكرًا لصلاة الفجر والدراسة، لأنها من أفضل الأوقات.
- ولا بُد من الاستعداد للامتحان، من خلال:
- عدم السهر طويلا، لأنّ السهر يرهق الجسم ويتعبه ويخرج الإنسان عن التركيز في الدراسة.
- الابتعاد عن شرب المنبهات كالشاي والقهوة، لأن مثل هذه المنبهات تأخذ من قدرة الطالب وتركيزه واستيعابه.
- عدم تناول الأقراص المنبهة فهذه أمور غير طبيعية تدفع الطالب إلى السهر ومن ثم عدم قدرته على المواصلة في الدراسة.
- أخذ قسط من وافر من النوم لأن النوم يريح الجسم وكذلك العقل من التفكير وبالتالي يتجدد نشاط الإنسان وتعود إليه حيويته.
- المحافظة على وجود حالة من التهيؤ النفسي الطيب للتعامل الجيد والفعال مع موقف الامتحان وكذلك المحافظة على الاتزان الانفعالي والابتعاد عن التوتر والقلق.
إنّ قلق الامتحان والتوتر الزائد مشكلة يتعرض لها كثير من الطلاب في المراحل التعليمية المختلفة، ولا بُد من السيطرة عليها من خلال تضافر جهود الأسرة والمدرسة معًا، حتى لا يصاب الطالب بمشكلات أكبر، سيما أنّ الامتحانات ترتبط بالمصير وتحديد المستقبل.