قرّرت الشريعة الإسلامية أن طاعة الزوج في غير معصية ثوابه الجنة، إذ على الزوجة أن تطيع زوجها في كل ما يرضي الله- سبحانه وتعالى- وأن تجتهد في تلبية حاجاته، وتأتمر بأمره، فإنّ نادى لبت، وإن نهى أطاعت، وإن نصح استجابت، وإن غاب صانت.
وتعتمد طاعة الزوجة الصالحة للزوج على الثّقة بشخصه والإيمان بإخلاصه، والتشاور والتفاهم معه في كل الأمور، وهو ما يدعم كيان الأسرة وأحوالها ويزيد من أواصرها وقوتها.
مفهوم طاعة الزوج وحكمها في الإسلام
وبين الإسلام أن طاعة الزوج نوع من الإيمان والعبادة التي تحصل منها الزّوجة على رضا زوجها، ما دام ذلك في طاعة الله وفي كل ما يرضيه سبحانه، إذ على المرأة أن تُطيع زوجها في نفسِها، وتحفظَه في بيتِه ومالِه وعيالِه، وألَّا تأذنَ لأحَدٍ أنْ يدخل بيت زوجها وهو كاره، ولا يَنبغي أن يَتبادَرَ للأذهان أنَّ هذا الحق يعني عبوديةَ الزوجة للزوج.
وورد عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- أنه قال: “خير النساء تسُرك إذا أبصرت، وتُطيعك إذا أمرت، وتحفظ غيبك في نفسها، ومالك” (الطبراني، وصححه الألباني).
وهذه الطّاعة اعتبرها الله ضمن الفروض الإسلامية التي فرضها على عباده، فعن عبد الرحمن بن عوف- رضي الله عنه- أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قال: “إذا صلت المرأة خمسها، وصامت شهرها، وحفظت فرجها، وأطاعت زوجها قيل لها: ادخلي الجنة من أي أبواب الجنة شئتِ” (أحمد، وصححه الألباني).
ودلّ القرآن والسنة على أنّ للزوج حقًّا مؤكدا على زوجته، فهي مأمورة بطاعته، وحسن معاشرته، وتقديم طاعته على طاعة أبويها وإخوانها، بل هو جنتها ونارها، ومن ذلك: قوله تعالى: (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِم) [النساء:34].
وقال النبي- صلى الله عليه وسلم-: “لا يحل للمرأة أن تصوم وزوجها شاهد إلا بإذنه ولا تأذن في بيته إلا بإذنه” (البخاري). قال الألباني- رحمه الله- معلقا على هذا الحديث: “فإذا وجب على المرأة أن تطيع زوجها في قضاء شهوته منها، فبالأولى أن يجب عليها طاعته فيما هو أهم من ذلك مما فيه تربية أولادهما، وصلاح أسرتهما، ونحو ذلك من الحقوق والواجبات”.
وعن عبد الله بن أبي أوفى قال: لما قدم معاذ من الشام سجد للنبي- صلى الله عليه وسلم- قال: “ما هذا يا معاذ؟” قال أتيت الشام فوافقتهم يسجدون لأساقفتهم وبطارقتهم فوددت في نفسي أن نفعل ذلك بك فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: فلا تفعلوا فإني لو كنت آمرا أحدا أن يسجد لغير الله لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها والذي نفس محمد بيده لا تؤدي المرأة حق ربها حتى تؤدي حق زوجها ولو سألها نفسها وهي على قتب لم تمنعه” (صحيح ابن ماجة وصححه الألباني).
وإذا تعارضت طاعة الزوجة لزوجها مع طاعة الأبوين، قدمت الطاعة للزوج، قال الإمام أحمد رحمه الله في امرأة لها زوج وأم مريضة: طاعة زوجها أوجب عليها من أمها إلا أن يأذن لها”.
وأكد النبي- صلى الله عليه وسلم- أنّ عصيان المرأة لزوجها من أسباب دخولها النار، فعن ابن عباس- رضي الله عنهما- أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قال: “أريت النار فإذا أكثر أهلها النساء يكفرن قيل: أيكفرن بالله؟ قال: يكفرن العشير، ويكفرن الإحسان لو أحسنت إلى إحداهن الدهر، ثم رأت منك شيئًا قالت: ما رأيت منك خيرًا قط” (البخاري).
كيف تكون طاعة الزوج؟
وتكون طاعة الزوج التي فرضها الإسلام على الزوجة على النحو التالي:
-
الطاعة في غير معصية الله تعالى: حيث يتوجب على الزوجة طاعة زوجها ما لم يأمرها بمعصية، فإذا أمرها بما يخالف الشرع؛ فلا يجب عليها أن تطيعه، لأنّ الطاعة المطلقة لا تكون إلا لله- عزّ وجل-، كأن يأمرها أن تخلع حجابها، أو أن تترك صلاتها، أو أن يجامعها في حيضها؛ فهنا لا طاعة له.
-
المبادرة عند طلب الفراش: وذلك لقول الرسول- صلى الله عليه وسلم-: “إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه، فأبت، فبات غضبان، لعنتها الملائكة حتى تصبح” (البخاري).
-
التجمل وأخذ الزينة: فمن مقاصد الشريعة أن تتزين المرأة لزوجها، فلا تدخل عليه عابسة دائما، أو برائحة تنفره منها، كما يجوز لها التجمّل بكل ما هو مشروع؛ وذلك لقول النبي- صلى الله عليه وسلم- عندما سُئل: “أي النساء خيرٌ؟ قال: التي تسُرُّه إذا نظر، وتطيعه إذا أمر، ولا تخالفه في نفسها ومالها بما يكره” (صحيح النسائي).
-
حفظ نفسها وحفظ مال زوجها وأولاده: وأن تقوم بالرعاية المطلوبة حسب الأصول والعادات؛ وذلك لقول النبي- صلى الله عليه وسلم-: “والمرأة راعية على بيت زوجها وولدِه، فكلُّكم راعٍ، وكلُّكم مسؤول عن رعيَّتِه” (متفق عليه).
-
تجنب إدخال أيّ أحد في بيته إلا بإذنه: حيث يتوجب عليها ألا تأذن لأحد ممن يكره زوجها بدخول بيته، سواء أكان الضيف رجلاً أم امرأة أم أحداً من محارمها.
-
الاستئذان قبل الخروج من المنزل: فعلى الزوجة أن تأخذ إذن زوجها قبل الخروج من المنزل، وبعد ذلك يمكنها أن تذهب لقضاء حاجياتها، فإذا منعها زوجها من الخروج يمكنها أن تتحاور معه حول سبب المنع؛ متفهمةً وجهة نظره، فإن رفض فلا يحقّ لها مخالفة أمره.
-
استئذان الزوج في صيام التطوع: فصوم المرأة بغير إذن زوجها، يوقعه في حرج إن طلب معاشرتها، أو ربما كره عدم وجودها على مائدة الطعام؛ فإنها تأثم لو فعلت ذلك من غير رضاه، لأنّ حق الزوج فرض، فلا يجوز تركه بنفل.
-
المعاشرة بالمعروف: وعدم إيذائه بسوء الخلق أو التصرفات؛ لقول النبي- صلى الله عليه وسلم-: “لاَ تؤذي امرأةٌ زوجَها في الدُّنيا، إلاَّ قالت زوجتُهُ منَ الحورِ العينِ لاَ تؤذيهِ قاتلَكِ اللَّهُ، فإنَّما هوَ عندَكِ دخيلٌ يوشِكُ أن يفارقَكِ إلينا” (صحيح الترمذي).
-
حسن تبعل المرأة لزوجها: فمن حسن طاعة المرأة لزوجها ألا تقع عينه منها إلا على حسن، ولا يشم منها إلا طيبا.
-
احترام الزوجة لزوجها واحترام أهله: وأن تفرح لفرحه، وتحزن لحزنه، وأن تهيأ المنزل لقدومه وتحضر طعامه ولا تنغص منامه.
-
أن تسكن معه حيث يختار: إنّ من حقِّ الزوج على زوجته أن يسكنها حيث شاء، وينتقل بها حيث أراد، وليس للزوجة الامتناع عن ذلك ما لم تكن اشترطت عليه ذلك في عقد النكاح.
إن طاعة الزوج مفتاح المرأة المسلمة إلى الجنة، وهي مقدمة على طاعة الوالدين والإخوة، وإذا أرادت المرأة نجاح حياتها الزوجية عليها بالالتزام بهذه الطاعة التي تقوي الحب والتراحم وتواصل الحياة السعيدة.
مصادر ومراجع:
-
الألباني: آداب الزفاف، ص 282.
-
البهوتي: شرح منتهى الإرادات 3/47.
-
غادة الجوابرة: أيتها الزوجة .. طاعة الزوج مفتاح الجنة.
-
فاضل بشناق: الطاعة الزوجية.
-
الإسلام سؤال وجواب: طاعة الزوج مقدمة على طاعة الوالدين والإخوة.
-
شريف محمد جابر: هل على المرأة طاعة زوجها في الإسلام؟
-
أم عبد الرحمن محمد يوسف: حقيقة الطاعة الزوجية.
-
إسلام أون لاين: طاعة الزوج والإحسان للزوجة.