متزوجة ولدي طفلة، من أول زواجي وأم زوجي لا تحبني مع أنها لم تر مني إلا كل خير، تزوجت بعد فترة قصيرة من تعرفي على زوجي، وحملت في ابنتي أول الزواج مباشرة، كانت تحدث بيني وبين زوجي الخلافات العادية، لكنه تغير كثيرًا بعد ولادة ابنتي، ويعايرني أني لا أرضعها كما النساء، وهو لا يصرف عليّ كما المفروض أن يفعل الأزواج مع الزوجات، كنت ألتمس العذر له وأقول إن الأسعار غالية.
يوما ما تركني أمام بيتهم، بكيت وقلت له: ليس أمام أهلك. دخلت أمه عليّ وقالت: لن تمكثي في البيت دقيقة واحدة بعد الآن. جارتنا كانت تسمع إهانتهم لي وتقول لي: اصبري، معكِ طفلة صغيرة.
كلمة: “اذهبي إلى بيت أهلكِ” لا تفارق لسان زوجي، ونتشاكل على أتفه الأسباب، وفي إحدى المرات فاجأني بورقة الطلاق، بكيت كثيرا وطلبتُ منه ألا يطلقني وقلت له: ابنتي صغيرة، وأنا أيضًا صغيرة 23 سنة فقط.
عايرني وقال: لو بكيتِ بدل الدموع دم فلن تأخذني فيكِ شفقة! وأعادني إلى بيت أهلي مرة أخرى وقال: المرأة إذا ضربها زوجها على خدها الأيمن تدير له خدها الأيسر. وأرسل لي ورقة الطلاق.
دموعي لم تجف من على خدي! أخبروني يا معشر الرجال، هل أنا مخطئة وأستحق كل ما يجري لي؟!
هوني على نفسك ابنتنا الكريمة، واحمدي الله على الخلاص من زوج لا يتقي الله فيك حسبما رويتِ لنا، في الخلافات العادية لا نصدر مسألة الكرامة في تعليقنا، إعلاءً لمفهوم الصلح بين الزوجين، وعدم استسهال هدم البيوت، أما وأن زوجك قد طلقك مرتين، فاسمحي لنا أن نسألكِ: ماذا تنتظرين بعد ذلك؟!
استرجعي- قولي: إنا لله وإنا إليه راجعون اللهم أجرني في مصيبتي واخلفني خيرًا منها- يخلفك الله خيرًا منه.
سامح الله أم زوج أعانت على إفساد ذات البين حسبما نقلتِ لنا، هذا بيت أركانه متصدعة، الأصل أن الأم في حياة الأبناء تنصحهم أن يتقوا الله في بنات الناس، أما وقد انقلب دورها للتحريض فلا خير في بقائك مع أهل ليسوا بأهل!
نعلم أن تجربة الطلاق ليست أمرًا هينًا، أعانكِ الله على التخلص من تبعاته المؤلمة، وحينما تذهب سكرة الخبر وترجعي للفكرة كما يقول المثل (ذهبت السكرة وجاءت الفكرة)، ستدركين أن الله نجاكِ من حياة مليئة بالانتقاص وعدم التراحم وكثرة الإيذاء، وطفلتك ستكبر بعون الله لك، هدى الله أباها، إذا ظلم أمها مرة نرجو له أن يتوب ويتقي الله في رعيته المستخلف عليها ولا يظلم ابنته مرة أخرى بعدم وجودها في حياته إنفاقًا ورعايةً، فنوصيكِ ابنتنا الكريمة أن تتقي الله في الانفصال بعدم حرمانه من رؤية ابنته.
نعلم أن حقوق المرأة بعد الطلاق في مجتمعكم مكفولة بإذن الله في القانون فلا تجعلي صغر سن ابنتك وحداثة سنك تعيدك إلى كرة الزوجية مع هذا الزوج مرة أخرى دون أن ينصلح حاله، وخذي وقتك في التعافي قبل أن تُقدمي على تجربة جديدة، حتى لا تظلمي نفسكِ مرتين، وتأملي في أخطاء اختيارك للزوج في المرة الأولى حتى لا تعيدي تكرار الأخطاء.
كما نهيب ببناتنا أن يتريثوا ويسألوا أهل الثقة، مع إطالة فترة الخطبة حتى نتلافى المفاجآت قدر الإمكان، فهذه الفترة بالأساس لاكتشاف شريط الحياة وليس للخروج والتسلية.
ننصحك فيها أن تبتعدي كل البعد عن متابعة أخباره وذلك أسلم لصدرك وأدعى لتخلصك من الذكريات المؤلمة، وكوني على ثقة أن الظلم عاقبته وخيمة، فكوني مطمئنة بالله، ودعكِ مما فعل، المهم أن تكوني قد أديتِ ما عليك كزوجة في هذه الفترة، أو على الأقل تكونين قد خبرتِ الحياة بشكل أفضل مما يعينك على الإقدام على تجربة الزواج مرة أخرى بنضج ووعي.
يقول الله عزو وجل: {وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلا مِنْ سَعَتِهِ وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعًا حَكِيمًا} (النساء: 130)، كم حكت صاحبات تجارب مثلك، عن سعة الله ورزقه إياهم بعد الانفصال، فاجعلي هذا اليقين يملؤك، وأن عوض الله وكرمه آت آت، لكن نوصيك بعدم التعجل في دخول تجربة جديدة، فلتأخذي استراحة محارب كما يقولون، تُلملمين فيها شعث نفسك، وإذا تلمستِ في نفسك احتياجا لمراجعة استشارية نفسية فلا تتأخري، فكم ساعد اللجوء إليهم في سرعة التعافي وفهم النفس بشكل أفضل، المهم أن تتحقي من تجارب هذه الاستشارية مع أخريات، فالساحة تمتلئ بالغث والسمين، ختمت رسالتك بسؤلك “معشر الرجال هل أنا مخطئة؟!”، وكأن بسؤالك هذا تحاولي أن تجدي إجابة لسؤال آخر “هل هذا مما يرضى به الرجال؟!”، لا يا ابنتنا الكريمة، الرجال الأفاضل ما أكثرهم ولا يرضون بالمهانة للنساء، ولا يعني مرورك بهذه التجربة أن تكون هذه هي نظرة الرجال لبنات الناس، الرجال بحق ينفذون وصية رسول الله في نسائهم، فقد وصاهم المصطفى صلى الله عليه وسلم أن يتقوا الله في النساء فإنهن أسيرات عندهم، قال الحبيب المصطفى في خطبة الوداع- آخر ما خطب-: “استوصوا بالنساء خيرا”، كما يعلمنا الحبيب المصطفى مخاطبًا الرجال، أن إذا أحب زوجته أكرمها وإذا كرهها لم يظلمها!
بارك الله لك في ابنتك وأعانك على تربيتها تربية قويمة بعيدة عن كره أبيها وكره جنس الرجال، وأخلفكِ زوجًا حنونًا عطوفًا يتقِ الله فيكِ، فلا تملي الدعاء، فالله وحده يجعل من بعد العسر يسرًا.