إنّ تنمية سرعة البديهة لدى الأطفال من الأمور المهمة التي تساعدهم على التفكير السريع والمرن، ونجاحهم في الحياة الأكاديمية والاجتماعية، وفي الوقت نفسه تشعرهم بالقدرة على التعبير عن أنفسهم وحل المشكلات التي تُواجهم، وتساهم في تحسين مهارات التواصل وبناء علاقات اجتماعية قوية، وزيادة الابتكار والإبداع والتفكير خارج الصندوق، وتحسين الأداء الأكاديمي وحل المسائل الرياضية المعقدة.
مفهوم سرعة البديهة وخصائصها
وتعرف سرعة البديهة بأنها حسن التصرف في المواقف المفاجئة وغير المتوقعة، وقد يتمثل ذلك في قدرتك على الرد على الإهانة الموجهة إليك بطريقة مناسبة وذكية، أو في القدرة على الخروج من موقف صعب بذكاء وحكمة ودون توتر وانفعال.
ولسرعة البَدِيهة مجموعة خصائص على النحو التالي:
- التّحول إلى التّفكير السّريع: فالطفل سريع البديهة هو الّذي تكون إجابته سريعة ودقيقة، ما يدلّ على عُمق تفكيره وسرعته في مختلف المواقف، حيث أفضل الأجوبة تلك التي تكون صائبة وسريعة، وذات حجة وإيجاز في اللفظ.
- معرفة نتائج الإجابة: فالطفل الذي يتميز بهذه الصفة يُميز بين الجد والمزاح، ويختار إجابةً بديهيّةً على أن تكون ذات نتائج محتملة أو متوقّعة.
- تناسق جمل البديهيات: بحيث تكون جميعها ذات محتوى متناسق رفيع المستوى، وهذا التّناسق هو ذروة النضج من النّاحية العقليّة.
- الثّبات: وذلك من ناحية النّشاط العقلي، بحيث يكون أداؤه العقلي ثابتًا في مختلف الظّروف وبذلك تصبح البديهة عنده شيئًا تلقائيًّا وعفويًّا لا يتأثر بتغيّر المواقف.
وسائل تنمية سرعة البديهة
ويمكن تربية الطفل على سرعة البديهة وتطوير وبناء مهاراته، لا سيما أنه في الغالب لا يولد طفل غبي، ولكن في المقابل قد يتراجع معدل الذكاء لدى الطفل بعد فترة من العمر نتيجة مجموعة أسباب مختلفة، لذا من الضروري مساعدة الطفل على أن يصبح سريع البديهة من خلال الآتي:
- سرعة الرد على أسئلة الطفل: فتواصل أولياء الأمور مع الأطفال باستمرار والرد على أسئلتهم دون تأخير يُشجّعهم على أن يكونوا فضوليين لاكتشاف البيئة من حولهم، ومن الممكن للأب أو الأم البحث مع الطفل عن إجابة لتلك التساؤلات لتطوير قدرتهم على التفكير ومحاولة البحث عن إجابة.
- جعل التواصل ممتعًا: وذلك حتى لا يقلق الأطفال بشأن طريقة حديثهم، ويجب- أيضًا- خلق جو مريح وشيق يشعر فيه الطفل بالرّاحة وعدم التوتر أثناء الحديث معنا.
- اختيار الأنشطة التي يهتم بها الطفل: فمن الجيد اختيار الأنشطة التي يهتم بها الأطفال وليس الأنشطة التي يريد الوالدان ممارستها مع الطفل؛ لأنه سيكون من الصعب عليهم إقناعه بالالتزام بهذه الأنشطة، وتعد قراءة القصص من أهم الأنشطة التي يمكن أن تكون بين أولياء الأمور وأولادهم، لما لها من تأثير في تنمية خيالهم والتطور اللغوي لديهم.
- غذاء متوازن: يبحث الآباء دائمًا عن طرق أكثر وأفضل للحفاظ على أطفالهم وصحتهم ويأتي أهمية تقديم الأطعمة الصحية للطفل في مقدمة الأمور التي يجب أن يهتم بها الآباء، فقد تساعد التغذية الصحية وتقديم الفيتامينات والمعادن، على صحة دماغ الطفل، ونموه العقلي والجسدي وتقوية قدراته المعرفية، وعلى الجانب الآخر يجب تعليم الطفل الابتعاد عن السكريات والدهون والوجبات السريعة.
- النوم الكافي: فحرمان الطفل من النوم يؤدي إلى تفاقم مشكلة قلة الانتباه وفرط النشاط، ما يؤدي إلى أعراض تشبه أعراض اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه. لذا يجب على الطفل أخذ قسط كافٍ من النوم خاصة الذين تتراوح أعمارهم بين 6 و7 سنوات فهم يحتاجون على الأقل للنوم تسع ساعات ليلاً.
- تعزيز الذاكرة: يُمكن تعزيز البديهة من خلال تمرين الذاكرة، ويُفضل تذكير النفس بأحداث اليوم قبل النوم، وهذا يساعد الطفل على تحسين الاستجابة السريعة للمعلومات.
- منح الطفل بعض الحرية: فقبل أن يبدأ الطفل في تعلم الرياضة، لا بد من منحه الفرصة للتحرك بحرية لتحفيز حواسه الخمس، فقد يساعد على سبيل المثال تحريك الذراعين والساقين إلى تحفيز الفص الجبهي وتعزيز تكوين نقاط الاشتباك العصبي، ما يُعزز القدرة على التفكير وحل المشكلات.
- ترك الطفل يواجه مشكلاته: فكلما زادت مشاركة الآباء مع أطفالهم، زادت قدرتهم على دعم نموهم العقلي والعاطفي، لكن من الضروري أن يدع الأهل الطفل يواجه مشكلاته البسيطة ويحلها بنفسه؛ إذ تُحفز مثل هذه المواقف دماغ الطفل على التفكير وإيجاد الحلول.
- ممارسة الرياضة: مثل السباحة أو المشي أو اللعب بالكرة، فهي تساعد في تدفق الدم إلى الدماغ وتعزيز وظائفه.
- التحدي: تقديم الطفل لتحديات جديدة ومواقف غير مألوفة لتدريب دماغه على التعامل مع المواقف بسرعة.
- التواصل الاجتماعي: والتواصل المستمر مع الناس يساهم في تنمية سُرعة البديهة من خلال التفاعل مع أفكار وآراء متنوعة.
- القراءة والتعلم المستمر: حيث يوسع التعلم قدرات العقل ويزيد من سرعة التفكير.
- طرح الأسئلة: فمن الممكن تشجيع الطفل على طرح الأسئلة والاستفسار عن كل ما يُثير اهتمامه.
- المناقشات العائلية: تخصيص وقت يومي لمناقشة مواضيع متنوعة مع الطفل.
- الألعاب الذهنية وحل الألغاز، والألعاب التفاعلية كلها نشاطات تساعد الطفل على التفكير السريع واتخاذ القرارات.
- زيادة المرونة الذهنية: وذلك من خلال تعلم لغة جديدة، حيث تساعد على زيادة مرونة الدماغ وتنشيط خلاياها.
- الاحتفال بالنجاحات: وهو ما يشجع الطفل على التركيز وإحراز المزيد من الإنجازات.
تعدّ تنمية سرعة البديهة لدى الأطفال ذوي الاستعداد الفطري مسؤولية هامة للآباء، فهي تسهم في تعزيز قدراتهم على التفكير السريع وحل المشكلات بفعالية، مما يمنحهم الثقة في مواجهة التحديات. توجيه هذا الاستعداد بأساليب تربوية مدروسة يعزز النجاح الأكاديمي والاجتماعي، ويساعد في بناء شخصيات متكاملة قادرة على تحقيق التوازن والنجاح. وعلى الرغم من أن هذا الدور ليس إلزاميًا، إلا أنه استثمار حكيم في مستقبل الطفل ومفتاح لتأهيله لمواجهة متغيرات الحياة بذكاء وثبات.
مصادر ومراجع:
- عبد الواحد الكبيسي: التفكير السريع أم المتأمل، ص 105-108.
- لمياء جمال: كيف تُنمين سرعة البديهة لدى الطفل؟
- موقع النجاح: سرعة البديهة: تعريفها، وخفاياها، وأهم طرق تنمية هذه المهارة.
- ماري هارون: فكي شفرات طفلك واكتشفي نوع الذكاء الذي يمتلكه.
- د. محمد عبد العليم: طرق تنمية سرعة البديهة.