إنّ معرفة أساليب تنمية ذكاء الأطفال وتعليمهم المهارات المختلفة، يشغل بال كثير من التربويين وأولياء الأمور، خصوصًا أنّ التربية العقلية تعمل على تكوين جيل متعلم يحمل فكرة يعيش من أجلها ويدافع عنها، في إطار من الشرعية الدينية.
وفي بحثٍ تربوي لشريف عبد العزيز الزهيري، أكد أنّ التربية العقلية للأطفال لها أهمية قصوى في تشكيل شخصية قوية وزيادة الثقة في النفس، كما أن هذه التربية تكون من خلال مجالات تتواصل فيما بينها، حتى نصل بالنشء لأعلى درجات النضج العقلي والفكري.
أهمية تنمية ذكاء الأطفال
يتميّز الطفل الذكي عن الأطفال العاديين في قدرته الكبيرة على النطق المُبكر واستخدام اللغة بشكلٍ واضح، واليقظة غير العاديّة في مرحلة الطفولة، والقدرة على التفكير المُجرد المُبكر، والقراءة غالبًا في سن الرابعة.
وتتمثل أهمية تنمية ذكاء الأطفال خلال المراحل الأولى من العمر، في التركيز الجيّد وظهور علامات النبوغ، حيث تظهر على الأطفال اهتمامات تتجاوز- عادةً- عُمرهم، فهم يتمتعون بتركيز شديد على عكس صفات الأطفال قليلي الذكاء، وبهذا الأمر يكونون قادرين على عرض المواقف من وجهات نظر مُختلفة، وتطوير واستكشاف مناهج بديلة، وتطوير منتجات جديدة.
والذّكاء يعرفه البعض بأنه القدرة على التفكير السليم، أو وضع حلول للأزمات التي نواجهها، أو هو حاصل التخيّل، حيث إن كلًا من الخيال والذكاء طرفان مُهمان في نمو الطفل، كما أنه هو القدرة على تكيف الفرد مع المجتمع المحيط به، واكتساب المهارات والتعلم من خلال الاحتكاك بالأفراد ضمن المجتمع.
تنمية ذكاء الأطفال.. برنامج عملي
إنّ الذكاء كقدرة عامة، هو سرعة الفهم على الوجه الصحيح، أو هو القدرة على التعلم واكتساب الخبرة، والحكم الصحيح على الأمور، واستنتاج المقصود منها، لذا يجب على الآباء تنمية ذكاء الأطفال من خلال برامج تناسب ميولهم وقدراتهم واهتماماتهم، وهذا برنامج مقترح:
- إذا رأى الوالد أو المربي من ولده ذكاء، أو حيوية وحركة شديدة، فلا يحاول كبتها، بل يشجعه على استغلال هذه الطاقة. ولا بُد من العمل على تنمية الذكاء ببعض الأساليب، مثل أن يأمر الولد بشراء بعض احتياجات البيت، أو مقابلة الضيوف، مع التدرج في التكليف كلما زاد السن؛ ليرقى ذكاؤه.
- ويُمكن العمل على تنمية الذكاء، وشحن ذهن الولد لتنمو عنده ملكة الاستنتاج من خلال تعويده على التعبير عن نفسه، وإجابة أسئلته ولو كانت ساذجة، وتعليمه كيف يسأل، ومتى يسأل، وكذلك العمل على جلب الألعاب التي تنمي الذكاء، وترفع درجته ونهتم بجلب الألعاب التي تعمل على بث روح الابتكار والاختراع في المجال العلمي والمهني.
والذكاء يُكتسب من خلال التعليم الذي هو غاية التربية العقلية وأساسها الأول، ومعيارها للحكم على القدرات العقلية لأي إنسان كان، وليس المقصود بالتعليم الشهادة الدراسية. والبرنامج العملي لتعليم الناشئة يتضمن عدة نقاط هي:
- يغرس الوالد أولًا حب العلم في قلب الصبي؛ لينشأ على حبه؛ وذلك بقراءة الآيات والأحاديث التي تدل على فضل العلم والعلماء.
- العمل على استغلال ملكة الحفظ لدى النشء- التي تكون في أوجها في هذه الفترة- في حفظ أصول الدين، وأركان الإيمان، وأول ما يجب حفظه كتاب الله.
- العمل على إتقان اللغة العربية التي هي مفتاح العلوم كلها، وكلما كان الطفل متقنًا لغتَه كان ذلك سببًا في قدرته على إتقان أي علم من العلوم أسرع من أقرانه.
- إتقان إحدى اللغات الأجنبية، وذلك بعد العربية؛ لينشأ الولد على دراية بالعالم المحيط به؛ فينتفع بالعلوم النافعة، ويأمن من مخططات المكر والخداع.
- العمل على إتقان القراءة والكتابة، عن طريق تأصيل حبهما في قلب الفتى: بإعداد مكتبة صغيرة في البيت؛ فرؤية الكتب تحبب الطفل فيها، مع مراعاة عدم إجبار الطفل على القراءة والكتابة قبل الرابعة أو الخامسة، وتكون بداية التعليم بتحفيظ الحروف الهجائية، وبعض الكلمات الصغيرة المكتوبة بصورة جذابة، ويكون أول ما يكتب له ليقرأه ويكتبه شهادة التوحيد.
- ويجب على الوالد والمربي مراعاة مسألة الفروق الفردية بين الأولاد، وأن العقل حاسة مثل باقي الحواس يتفاوت فيها الناس بين قوي وضعيف.
الميول العقلية والفكرية
وترتبط عملية تنمية ذكاء الأطفال بما يُعرف بالميول العقلية، وهي عبارة عن استعدادات فطرية عند الفرد للاهتمام بنشاط معين يوليه شغفه وانتباهه وتركيزه، ويرتبط به وجدانيًّا، ويُسخّر له كل طاقاته الذهنية أو الجسدية. ويجب على الآباء والمربين مراعاة ما يلي في توجيه الميول العقلية للطفل:
- مراقبة ميول الطفل ومواهبه وهواياته واحتياجاته؛ كي يستطيع الوالد التعرف على الوجهة السليمة لهذه الميول، والتوجيه اللازم لها، وتقويمها في حالة انحرافها.
- مراعاة المستوى العقلي للطفل، والمستوى السِّني للميول العقلية عنده أي مراعاة مراحل النمو العقلي.
- ومراعاة طاقة الطفل في التعلم، وتوجيه ميوله العقلية.
- إظهار الاهتمام الكامل والرعاية الشاملة للطفل صاحب الميول العقلية العالية؛ لأن ذلك طريق إظهار العلماء والأذكياء، وكثير من أصحاب المواهب والقدرات تم إنهاؤهم تربويًّا بعدم الاهتمام والرعاية.
وتربط هذه العملية بالتربية الفكرية، التي تُعد ربط الإنسان منذ صغره بالفكرة التي يعيش لها، والمبادئ التي يجاهد في سبيلها. والخطوات المقترحة للبناء الفكري ترتسم كما يلي:
- أن يعمل الوالد على تلقين ولده في مرحلة الطفولة المتأخرة (بعد سبع سنوات) حقائق الدين الإسلامي، وأنه الدين الحق، وأنه سبيل الفلاح في الدنيا والآخرة، وأن كل ما يخالف دين الإسلام باطل.
- يعرّف ولده مخططات أعداء الدين، والمذاهب الهدامة الباطلة التي تحارب الدين، ويروي له قصص التآمر عبر التاريخ للقضاء على الإسلام.
- أن يربي الوالد في ولده النظرة الصحيحة للإنسان وحقيقته، كونه مخلوقًا من تراب، ومع ذلك فهو أكرم المخلوقات؛ لقدرته على التعلم والمعرفة، والتمييز بين الخطأ والصواب عاجلًا وآجلًا، وأن حياته ليست هملًا ولا عبثًا.
- أن يربي الوالد ولده على النظر في الكون الفسيح من حوله، والتدبر فيه وما فيه من آيات وعجائب، وما فيه من لون وضوء وحركة وصوت؛ وهي مكونات الوعي الجمالي عند الطفل.
أن يربى الوالد ولده على أن الحياة مرحلة أولى، واختبار يجتازه الإنسان؛ فمن ينجح ينتقل للحصول على الجوائز في الآخرة.
نصائح مباشرة
وهناك بعض النصائح المباشرة التي يمكن الاستفادة منها يوميًّا في مجال تنمية ذكاء الأطفال سريعًا، حيث أثبتت الدراسات المتعددة أنّ الأطفال الذين يجري تغذيهم من حليب أمهاتهم هم الأكثر تمتعًا بدرجات عالية من الذكاء، هذا بالإضافة إلى بعض النصائح الأخرى وهي:
- دفع الطفل إلى ممارسة الرياضة وتحريك جسده قدر الإمكان ورفع مستوى نشاطه الجسدي؛ لينعكس إيجابا على نشاط الدماغ.
- زج الكتب والدفاتر والقصص المصورة بين ألعابهم ليعتاد الطفل على الكتاب.
- اختيار ألعاب مفيدة للأطفال ومحفزة للنشاط الذهني.
- تحميل الطفل جزء من مسؤولياته والطلب منه التفكير في أمر يخصه ومن ثم اتخاذ القرار المناسب.
- تشجيع الطفل على ممارسة هواياته.
- الاهتمام بغذاء الطفل وتنويعه وتناول الأغذية الغنية بالمعادن والفيتامينات والابتعاد قدر الإمكان عن الأطعمة الجاهزة.
- استثمار فضول الأطفال، وحسن التعامل معه.
المصادر والمراجع:
- تنمية ذكاء الطفل .
- النجاح في تربية الطفل: 6 طرق فعّالة لتنمية ذكاء الطفل في سنٍ مبكر .
- كيفية تنمية الذكاء عند الأطفال .