تتطلّب عملية تربية الطفل الكفيف صبرًا ورعايةً وَفَهمًا لاحتياجاته الخاصة، والتواصل معه بلُغة واضحة ومباشرة، ووصف الأشياء والأفعال بدقة له، وتشجيعه على القيام بالأشياء بنفسه، وتوفير الأدوات اللازمة لذلك.
وهذا الطفل قد يواجه تحديات كثيرة في حياته، لذا فمن الأفضل من مساعدته في التغلب عليها، وتوفير الفرص لتَعليمه وتّطوير مستواه، بالإضافة إلى الاهتمام بالرياضة، والدعم العاطفي، والتشجيع على التعبير عن مشاعره.
صعوبات تواجه الطفل الكفيف
ويواجه الطفل الكفيف صعوبات قد تُؤثّر على اندماجه في المحيط من حوله، ومن هذه الصعوبات:
- التناقض بين المنزل والعالم الخارجي: ففي بيته يجد التساهل والتسامح الشديدين، بينما مع أصدقائه ورفاقه يجد القسوة، ما يدفعه للانسحاب وممارسة بعض الأنشطة الفردية والتحليق فى عالم الخيال وأحلام اليقظة كوسيلة دفاعية تعويضية لشعوره بالعجز.
- رفضه يد العون: فالكَفيف في محاولته الاستقلال عن الجماعة التي تمد إليه يد العون يواجه العديد من المصاعب، فتنمو لديه مشاعر الحقد والعدوانية تجاه المحيطين به.
- الشعور بالقلق: ويشعر الكفيف نتيجة الصراعات والمواقف التي تمر به، بنوعٍ من القلق، فهو يخشى أن يُرفض ممّن حوله بسبب عجزه، ويخشى أن يَستهجِن النّاس سلوكه ويستنكرون أفعاله، وهو في خشية دائمة من أن يفقد حب الأشخاص الذين يعتمد أمنه على وجودهم.
- نقض المعلومات والخبرات: وهو من التحديات التي تواجه الكفيف، لأنه يعتمد في المعلومات على مجرد السماع والوصف من الآخرين، وبالتالي لا يمكنه التحقق من صدقها بسهولة.
- القصور في الحركة: وهذا يُمثل للكفيف إعاقة مزدوجة، فهو لا يرى فقط، بل إنّ حركته مُقيّدة لأنها ترتبط بالبصر، فيضطر أن يعتمد على غيره في الانتقال من مكان إلى آخر.
- القلق من المستقبل: يُفكّر الكفيف كثيرًا في المستقبل وكيف سيُواجهه بعجزه الذي يقيد حركته وانطلاقته وتفكيره وتصوره.
- الانطواء والعزلة: وهي نتيجة قد تكون حتمية في كثير من حالات فاقدي البصر، نتيجة الخوف من الآخرين، والإحساس بالعجز، وقسوة البعض عليهم، لا سيما في البيئة الخارجية التي تتمثل في المدرسة أو في بيئة العمل بعد ذلك.
- التأخر الدراسي: ويكون ذلك في بادئ الأمر عند وصول الكفيف إلى المدرسة، وقد يحدث هذا التأخر بعد ذلك، نتيجة عوامل مؤثرة على شخصية الكفيف.
- عدم التوافق مع البيئة المحيطة: حيث يُبدي الكفيف مظاهر من التمرّد على النظام الذي حوله، ويظهر ذلك في تشاجره مع زملائه أو المقربين منه.
- قصور في الاعتناء بالنفس: فقد يحتاج الكفيف إلى مساعدة في أداء بعض المهام اليومية مثل الأكل واللباس ولم يجد ما يساعده بالقدر الكافي.
- عدم وجود بيئة داعمة: سواء في المنزل أو المدرسة، وهو ما يُؤثر سلبًا على نمو الطفل الكفيف.
- عدم توفر الأدوات والتكنولوجيا المساعدة: وهو ما يزيد من صعوبات المكفوفين.
- المعتقدات الخاطئة: فقد يتعرض الطفل الكفيف إلى التمييز والاستبعاد بسبب المعتقدات الخاطئة حول الإعاقة.
خطوات تربية الطفل الكفيف ورعايته
وتربية الطفل الكفيف ورعايته عملية تتطلب الالتزام بخطة ممنهجة تتلخص في هذه النقاط:
- توفير الأمان النفسي: وهو ما ينعكس على الكفيف بتحسين مفهوم الذات لديه، وتقبله لإعاقته وعدم الشعور بالدونية.
- تعليمه القراءة والكتابة بطريقة برايل: حيث يستخدم الطفل حاسة اللمس في القراءة وبالتالي لا ينتظر أي شخصي للقراءة له، ولا يعتمد على حاسة السمع فقط للتعلم، فتزداد معارفه ويتسع خياله.
- تدريبه على الحركة: ليشعر بالأمان أكثر، ويتحرّك من عزلته التي تقوده إلى الانطوائيه وكراهية من حوله.
- تدريب حواسه الأخرى: والأسرة هي المسؤولة الأولى عن هذه المهمة التي تكسف الطفل مهارات التكيف الاجتماعي وتمكنه من الاتصال بالبيئة المحيطة به، كما تكسبه الخبرة والمعرفة، وتلقي المثيرات المختلفة وفهمها والاستجابة لها.
- التدريب على التواصل الاجتماعي: بما يجعل الطفل فاقد البصر مرتبطا بالمجتمع الذي يعيش فيه، ويتفاعل مع المواقف والأحداث الاجتماعية.
- الحديث معه باستمرار: سواء ونحن نسير معه أو وهو يتناول الطعام، فذلك يُشعره بالأمان وبالقرب منه.
- التواصل معه جسديا: بالمسح على رأسه، وإمساك يده بلطف والتربيت على كتفه وعناقه، وحمله على الكتف.
- تعريفه على الأشياء: خصوصًا التي من المقرر أن يستخدمها ويتعامل معها، وهو ما يُشعره بالأمان.
- معاملته كطفل طبيعي: بدمجِه في الأنشطة العائلية ليتَفاعل معها، مثل المساعدة في إعداد العشاء أو ترتيب الأطباق على الطاولة، ما يعطيه شعورًا بالإنجاز الذي ينعكس عليه إيجابيّا.
- اللعب مع أشقائه وأصدقائه: وهذا يُساعده على تعزيز تواصله مع المجتمع من حوله، لكن ذلك يتطلب التأكيد على الأقران بألا يتركوه وحيدًا أثناء اللعب.
- تعليمه الإيماءات الاجتماعية: فلا يستطيع الكفيف تقليد الإيماءات الاجتماعية تلقائيًّا، مثل السلام وإلقاء التحية باليد، لذا من المهم تعليمه هذه المهارات، وتوعيته بعدم فعل بعض السلوكيات، مثل وضع الأصبع بالأنف.
- تعليمه كيفية الرّد على الأسئلة المحرجة: ويكون ذلك من خلال إعطاء إجابات هادئة وواثقة، على سبيل المثال إذا قال أحدهم “ألا ترى هذا؟”، فيرد: “لا أستطيع رؤيته، هل يمكنك قراءته لي أو وصفه؟”.
- إعاقته مصدر قوته: فعلينا أن نشعر الطفل بأن إعاقته لا تعني الفشل، وأنه بإمكانه القيام بالكثير من الأشياء حتى لو اضطر إلى القيام بها بشكل مختلف قليلًا.
- تعريفه على أطفال مشابهين لوضعه: فهذا يساعده على السعي إلى تحقيق الأهداف التي حققوها.
- ممارسة الرياضة المفضلة: ومن ذلك السباحة أو الجري أو كرة الهدف، بالإضافة إلى بعض الأنشطة الأخرى مثل الغناء وكتابة الشعر والصناعات اليدوية، والسفر، وغير ذلك.
- احترامه: فالطفل فاقد البصر يحتاج إلى انتباه أكثر من غيره وشعوره بالدفء والحنان والتقبل والاحترام والترحيب ما يزيد من إقباله على التعامل مع الآخرين.
- إعطاؤه وقتًا كافيا في التعلم: فهو يعتمد على السمع واللمس للتعرف واكتساب المعرفة، لذا فهو يحتاج وقتًا أطول من غيره للتعرف إلى الأشياء.
- نبتعد عن الشفقة: فالإعَاقة البصرية قد تُصيب أي شخص، فلا حاجة لإظهار الشفقة والانزعاج أو إشعار الأهل بالرّثاء لحاله.
- الحديث معه بصوت منخفض: لأن ارتفاع الصوت يؤذيه ويؤدي إلى مضايقته.
- نُشعره بوجودنا ومُغادرتنا: فعند الدخول إليه في الغرفة نُشعره بوجودنا، وذلك بإخراج بعض الأصوات، لأنه لا يرانا حين ندخل عليه، وإذا أردنا المغادرة نُعلمه بذلك.
- لا نُغرقه بالمساعدات: خصوصًا في الحالات التي يُمكنه القيام بالعمل بمفرده، حتى لا نجعل منه شخصًا عاجزًا عن القيام بأبسط الأفعال.
- إعلامه بالتغيير: فإذا تم تغيير أثاث الغرفة أو تحريك أي قطعة من مكانها الذي اعتاد عليه الكفيف، نُعلمه بهذا التغيير، تجنبًا لأي صدمات غير متوقعة.
إذا كان الطفل الكفيف يُواجه تحديات وصعوبات تختلف عن غيره من الأطفال المُبصرين، فإن مساعدة الوالدين والمربين له تجعله يتغلب على هذه التحديات، بل ربما يُصبح طفلا مميزا ومتفوقًا دراسيًّا، ولديه القدرة على التعامل مع الآخرين والتواصل معهم بكل سهولة.
مصادر ومراجع:
- د. نادر أحمد جرادات: الطفل الكفيف، ص 95-102.
- عبد الحكم مخلوف: تربية المعوقين بصريًّا.
- د. صلاح الدين السّرسي: الطفل الكفيف.. شخصيته وأساليب معاملته.
- د. إياد عبد العزيز الرياحي: كيف يتعامل الأهل مع الطفل الكفيف؟
- رحاب ولي الدين: كيف أتعامل مع طفلي الكفيف؟