إن المنزل الذي يُعشش فيه النكد الزوجي تستوطنه الأمراض والعلل، وهو ما أكدته الأبحاث النفسية والطبية، فمن أهم ثمرات الحياة الزوجية السعيدة الصحة الجيدة ومقاومة العدوى وانخفاض احتمالات الوفاة بسبب الإصابة بالأمراض الخطيرة، بالإضافة إلى قلة حالات الاكتئاب والقلق والاضطرابات العقلية والذهنية.
وتشمل أسباب هذا النكد، الشعور بالقلق أو الاكتئاب، أو تدني احترام الذات، أو العُقد النفسية، والضغوطات الحياتية، وضعف التواصل ما يُؤدّي إلى سوء الفهم والمشكلات، وعدم التوافق في الطباع، والتدخلات الخارجية من الأهل أو الأصدقاء، ويتطلب علاج هذه المشكلة التواصل الفعال بين الزوجين وحل الخلافات بروح إيجابية، واستيعاب كل طرف للآخر.
مفهوم النكد الزوجي ومظاهره
وحالة النكد الزوجي تعني التعكير الدائم لصفو الآخر، وهو تماما كالحرب النفسية، وتختفي فيها لغة الحوار، ويرجِع سببها إلى أمور كثيرة منها الفراغ أو سطحية التفكير عند من يختلقه أو لتربية خاطئة خضع لها منذ الصغر، أو محاولة لجذب انتباه الآخر كانتقام منه على تجاهله لشريكه في الحياة مثلاً.
ويتجلى هذا النوع من النكد في مظاهر عدة، أبرزها:
- التذمر المستمر: حيث يُكثر أحد الزوجين أو كليهما من الشكوى والنقد، دون إيجاد حلولٍ جذريةٍ للمشاكل.
- التشاؤم وانتقاد كل شيء: حيث يُركز أحد الزوجين على الجوانب السلبية في الحياة، ويتجاهل الإيجابيات.
- إثارة المشاكل وتلفيق الاتهامات: حيث يُسعى أحد الزوجين إلى إثارة المشاكل وتلفيق الاتهامات لشريكه، دون سببٍ واضح.
- البرود العاطفي والجسدي: حيث يفقد أحد الزوجين أو كليهما الاهتمام بالعلاقة العاطفية والجسدية، مما يُؤثّر سلبًا على العلاقة الزوجية.
- المقارنة الدائمة: حيث يُقارن أحد الزوجين نفسه أو شريكه بالآخرين، ما يُشعره بالدونية وعدم الرضا.
- إهمال المشاعر واحتياجات الشريك: حيث لا يُبدي أحد الزوجين اهتمامًا كافيًا بمشاعر واحتياجات شريكه، مما يُشعره بالإهمال والوحدة.
- التعنت والرفض للحوار: حيث يُصر أحد الزوجين على وجهة نظره، ويرفض الاستماع إلى وجهة نظر شريكه، مما يُعيق حلّ الخلافات.
أسباب النكد الزوجي
وتتعدد أسباب النكد الزوجي الذي يهدد استقرار الأسرة لتشمل الآتي:
- غياب قنوات التواصل الحواري بين الزوجين: حيث تلجأ الزوجة لافتعال المشكلات لإثارة الرجل الذي لا يحرك ساكناً ولا يكترث بمشاعرها ولا معاناتها.
- معاناة الزوجة من النظرة الدونية من قبل زوجها: وإحساسها بأن حقوقها مهضومة لمجرد أنها أنثى، وأنها غير قادرة على جني أي مكتسبات، ما يجعلها تلجأ للشكوى وتصبح كثيرة التذمر والصراخ لعلها تجد متنفسا عن إحباطها.
- النشأة والتربية: فهي لها علاقة بهذا السلوك؛ حيث إن الفتاة التي تكبر وهي تشاهد أمها تستخدم هذا الأسلوب مع والدها تتشرب هذه السلوكيات وتبدأ لا شعوريا بتقليد أمها.
- طبيعة المرأة: فهي قد تكون عاطفية حالمة فتصطدم بالواقع حين تواجه الحياة الأسرية، حيث تعتقد الكثيرات أن الزواج شهر عسل دائم، ورومانسية لا تنتهي، وحين تدخل هذا العالم وتلمس حجم المسؤوليات الملقاة عليها وصعوبة الحياة بشكل عام يصيبها الاكتئاب ويدخل النكد حياتها الذي ينعكس تباعا على الزوج والبيت والأطفال.
- نصائح الصديقات: وهي تلعب دورا- أحيان كثيرة- في استخدام “النكد” كأسلوب لتحصل الزوجة المهضومة على ما تريد من زوجها.
- الرتابة والملل: فهما يخيمان على عش الزوجية ويشيعان جوًا من النكد.
وسائل للعلاج
ولا شك أن تراكم مشاعر الغضب بين الزوجين وغياب البوح والتواصل، يؤدي إلى حالة النكد الزوجي وإثارة المشكلات باستمرار، وهو ما يتطلب اتباع عددٍ من الوسائل التربوية لعلاج المشكلات، ومنها:
- على الزوجين أن يرفعا شكواهما لبعض أولًا بأول بكلمات واضحة وصوت مسموع ونبرة ودودة.
- فتح حوار بين الطرفين بشأن احتياجات كل طرف من الآخر بلا حياء.
- عدم استمرار الزوجين في العناد فهو أكثر الطرق فعالية لإشاعة النكد في المنزل.
- لا لدور الضحية، فيجب ألا يكون أحد الأطراف دائم الإصرار على رأيه، ولا أن يكون الطرف الآخر دائما متنازلا عن أفكاره.
- على الزوج أن ينتبه إذا اختفت الابتسامة عند الزوجة، فهي بذلك تصدر رسالة سلبية وتنبيه، وبالتالي على الزوج تفهم مشاعرها ومعرفة سبب المشكلة.
- على الزوج ألا يتبادل مع زوجته الصمت، لكن عليه فتح مجرى للحوار حتى تعود أجواء العلاقة إلى طبيعتها.
- الامتناع عن توجيه الكلمات اللاذعة أو الساخرة وبخاصة على الشكل فهي أقوى سبب يُمكن أن يشعل الخلافات الزوجية.
- لا للتعامل بندية، فهذا كفيل باستمرار المشاحنات بين الزوجين.
- على الزوجة مراعاة حالة زوجها فور عودته للمنزل، فلا تبادر بإبلاغه الأخبار السيئة.
- وعلى الزوجة ألا تهمل زوجها بحجة البيت والأولاد، وعليها مراعاة مطالبه الحياتية والعاطفية.
- على الزوجة التحدث والبوح إلى الزوج، وألا تعتقد بأن الزوج يتجاهل متاعبها عن قصد أو بسوء نية، لكن ببساطة لأنه لا يعرف.
- على الزوجة مراعاة كرامة زوجها وقدرته على الكسب الحلال وعدم مقارنته بغيره من أقرانه من أصحاب الدخول الأعلى أو المزايا المعيشية الأرحب.
- يمكن للزوجة أن تحدد كل ما يضايقها من زوجها، وتنتهز لحظات الصفاء، وتبوح له بها.
- ومن المهم أن تتوقف الزوجة عن المحاسبة والمواجهة والمعاتبة والمساءلة والمحاكمة، فالرجل لن يتغيَّر بحسن التعامل واللطف.
- استقبال كل طرف للآخر بالابتسامة والضَّمِّ والقُبْلة ثم المدح والثناء على البيت والأولاد.
- على الزوجة التحلي بالصبر فما تفعله ليس سهلاً، وأهم شيء أن تدخل الرياضة في روتين يومها خاصة المشي لأنه يساعد على تغيير المزاج إلى الأفضل بجانب تحسين حالة الجسم بشكل عام، وعليها أن تتثقف وتقرأ في موضوعات تدعم علاقتها بزوجها.
- ولا بد من أن يكون الزوجٍ نبيه ورقيق، فبإشارة مهذَّبة، وتلميح راقٍ، يغير مزاج الزوجة إلى الأفضل، مهما كان تعبها وألمها.
- على كلِّ زوجة وزوج أن يكون متفهِّمًا بعُمق بقلْبه وعقْله ورُوحه المعاني الحقيقيَّة لأعظم كلمتين: المودَّة والرحمة.
- يدعو كل زوج وزوجة بالسكينة والهدوء وصلاح الأسرة وإشاعة الحب والمودة والرحمة.
- عدم نكأ الزوجين الماضي؛ لأنَّ مَن ينبش الماضي كمَن ينكأ جرحًا كاد يندمِل، وكذلك من يجترُّ أخطاء الزوج القديمة وكلماته الجارِحة، التي قالها في ساعةِ غضبٍ، والأخطاء التي ندِم عليها فإنَّه يشعل الخلافَ مِن جديد، ويجعل المودَّةَ بعيدةً، والوفاق الزوجي صعبًا.
- عدم التردُّد في الاعتذار، فالاعتذار يغسل القلوب من المشاعرَ السلبيَّة.
إن علاج ظاهرة النكد الزوجي يتم بالتفاهم والصبر والود والرحمة، وإلا فهي ظاهرةٌ معقدةٌ، وتسبب كثيرًا من المشكلات التي تهدد الأسرة بعدم الاستقرار.
مصادر ومراجع:
- د. خالد سعد النجار: الزوجة النكدية بوابة الأسقام والعلل.
- إسلام أون لاين: وصفة للتخلص من “النكد الزوجي”.
- أم عبد الرحمن محمد يوسف: النكد الزوجي.
- وفاء توفيق: النكد الزوجي.
- حنين البطوش: الزوجة النكدية .. تُهدد الحياة الزوجية.
- مروة محمد حسين: زوجي “نكدي”.. كيف أتعامل معه؟