تُؤرق مشكلة النسيان عند الأطفال كلًّا من الآباء والأمهات والأطفال أنفسهم، والأمر طبيعي وشائع ولا يدعو إلى القلق المستمر، خصوصًا في المراحل العمرية المبكرة للطفل التي يتطور فيها عقله وتنمو قدراته.
ومشكلة عدم التركيز والنسيان لا تعني أنّ الطفل ليس ذكيًا ولا يتميز بالجدية وغير مهتم بدراسته، لأنّ ذلك يعود إلى أسباب، منها صغر سن الطفل، وتشتت انتباهه، بالإضافة إلى الضغط النفسي الذي قد يتعرض إليه أثناء أداء الواجبات المدرسية، وكذلك قلة النوم، وسوء التغذية، واضطرابات التعلم أو أمراض الغدة الدرقية.
أسباب النسيان عند الأطفال
وتتعدد أسباب النسيان عند الأطفال وضعف ذاكرتهم، ومن أبرزها:
- ضعف مستوى التعلم: فمن المهم أن تكون عملية التعلم جذابة ومتنوعة حتى يتذكر الطفل ما يتعلمه ويسترجعه في أي وقت.
- عدم المراجعة الدورية: وهو من أهم أسباب النسيان وعدم تثبيت المحفوظ من المعلومات.
- عدم الفهم: فالمَعلومة التي تُحفظ دون فهم مصيرها النسيان، وكلما كانت المعلومة سهلة الفهم وشيقة العرض ثبتت في الذاكرة.
- الاعتماد على الترديد فقط دون الكتابة: فعن عبدالله بن عمرو وأنس بن مالك أن النبي- صلى الله عليه وسلم- قال: “قيِّدُوا العِلمَ بالكِتابِ” (صحيح الجامع).
- سوء التغذية: خصوصًا المؤدية إلى نقص العناصر الرئيسية التي يحتاجها الجسم من فيتامينات ومعادن وبروتينات وأحماض وغيرها.
- عدم الواقعية: فأي معلومة لا تُعبّر عن الواقع الملموس تتبخّر وتكون في طي النسيان، لأن الأشياء الحسيّة الملموسة لها صورة معروفة مطبوعة في الذّهن، ورؤية ما يُعبر عنها يؤدي إلى استدعاء صورتها من الذهن بسهولة.
- تزاحم المعلومات وعدم ترتيبها: فكلما اختلطت وتداخلت وتزاحمت المعلومات يُصعّب من عملية استرجاعها.
- كثرة الطعام خاصة قبل المذاكرة مباشرة: لأن عمليّة الهضم تحتاج إلى كمية كبيرة من الدمّ، وبالتالي إذا تناول الطفل الطعام قبل المذاكرة مباشرةً سيقل تدفّق الدم إلى الدماغ وبالتالي يؤدّي ذلك إلى الخمول والكسل والتعب وعدم التركيز وضعف التذكر.
- إصابات في الدّماغ والأورام: فهي من الأسباب التي تؤدي ضعف الذاكرة والنسيان.
- الاعتماد على الحفظ دون الفهم: فالحفظ يؤدي إلى عدم الرّبط بين كل معلومة وأخرى، بينما الفهم يجعل الطفل يسترجع المعلومة بسهولة.
- الإصابة بأي مرض عضوي مثل: نزلات البرد، وارتفاع درجة الحرارة، وآلام المغص والصّداع وغيرها من الأعراض المرضية التي تعيق التركيز.
- كثرة مشاهدة التلفاز: لأن ذلك يؤدي إلى تشتت الانتباه وعدم التركيز، وبالتالي سيكون الطفل أثناء المذاكرة دائم السرحان لتعلّقه ببرامج التلفاز ما يؤدّي إلى قلّة المعلومات المستقبلة من الدماغ وعدم التركيز فيها، وبالتبعية يؤدي ذلك إلى النّسيان.
- العوامل العمرية: وه تعد سببًا- أيضًا-، حيث يمر الطفل بمرحلة نمو وتطور وخلال هذه المرحلة قد يكون النسيان أكثر شيوعًا، لأن الدماغ لا يزال يتطور.
- قلة النوم: فالأطفال يحتاجون إلى نوم كافٍ حتى يتمكنوا من التعلم والتذكر بشكل جيد، لذلك فإن قلة النوم قد تؤدي إلى النسيان.
- التوتر والقلق: يمكن أن يؤديان إلى ضعف الذاكرة، وعدم التركيز في المعلومات الجديدة، ما قد يؤدي إلى النسيان.
- غياب الأمان: فعدم شعور الطفل بالأمان والثقة بمَن حوله، والقلق المستمر لأسبابٍ مثل المشكلات الأسريّة يؤدي إلى ضعف الذاكرة.
- التلوث البيئي: سواء كان من الغبار أو إشعاعات الهواتف والضوضاء بشكل عام.
علاج النسيان والشرود الذهني
وعلاج النسيان عند الأطفال والشرود الذهني يمكن من خلال الآتي:
- ممارسة الرياضة تساعد على تنشيط الدورة الدموية ما يؤدي إلى تحسين وتنشيط الذاكرة.
- النوم الكافي للطفل يقيه من ضعف الذاكرة، ويساعد على استيعاب الحقائق المستفادة.
- يفضل أن لا يكون وقت المذاكرة قريبًا من تناول وجبة الطعام، حتى يركز في المذاكرة ويتم الاستيعاب المطلوب للدراسة.
- ألعاب الذاكرة، وقراءة القصص وغيرها منذ الصِّغر تساعد على تقوية الذاكرة وتحسينها.
- تقليل مشاهدة التلفاز وتعويض الطفل بألعاب وواجبات وممارسة مهارات خاصة بدلًا من برامج الأطفال التي تساعد في تثبيط الدماغ وقلة التركيز.
- الحوار الجيّد مع الطفل ومناقشةُ أحواله اليوميّة يُعزز الثقة بينه وبين الوالدين، ويعزّز الأمان والاستقرار.
- نطلب من الطفل أن يحكي برنامجه اليومي حتى نساعده على الانتباه ولكن لا داعيَ لأن نَنهره إذا حدث أي سرحان.
- مساعدة الطفل على فهم ما يُذاكره، وليس الحفظ فقط.
- عدم استخدام الهاتف المحمول إلا عند الضرورة، وعند النوم يفضل ألا تكون أجهزة الهواتف في غرفة النوم.
- إشباع الطفل عاطفيًا بأن يضمه والديه بحنان وحب.
- الإكثار من الاختلاط بالأطفال الذين في مثل عمره ولديهم قدرات في الفهم والتركيز ولكن لا داعيَ للمقارنة بينهم.
- توفير مكان مهيأ للدراسة بعيدًا عن الضوضاء والمؤثرات الخارجية التي تشتت الانتباه السمعي لدى الطفل.
- تناول الغذاء الصحيّ السليم الغني بكل العناصر الغذائية وتوزيعه على الوجبات خلال النهار، وتناول الأغذية التي تساعد على تحسين ذاكرة الطفل مثل الأوميجا 3 والحديد والبقوليات والمكسرات.
إن مشكلة النسيان عند الأطفال قابلة للحل في حال اهتم الوالدين بالنصائح السابقة، لكن في حالة تعثرهم يمكنهم استشارة طبيب الأطفال، الذي يجري بدوره بعض الفحوصات لتحديد السبب الكامن ووصف العلاج المناسب للمشكلة.
مصادر ومراجع:
- محمود الشرقاوي: علاج النسيان، ص 45-50.
- الدكتور السيد على سيد: اضطراب الانتباه لدى الأطفال.. أسبابه وتشخيصه وعلاجه، ص 89.
- ليلى علي: طفلك سريع النسيان.. 7 خطوات عملية لتقوية ذاكرته.
- موقع النجاح: الشرود الذهني عند الأطفال: أسبابه وعلاجه.
- مجلة منهجيات: ابني لا يحفظ بسرعة ولا يتذكّر، فما الحل؟