لا شكّ أن تحديد المصطلحات التربوية من أكثر القضايا التي تُواجه طلاب الدراسات العليا والمشتغلين في ميدان التربية؛ ذلك الميدان الذي تتباين من حوله وجهات النظر؛ حيث يتناوله المتخصصون من زوايا متعددة، ومنطلقات متباينة، وجوانب كثيرة، الأمر الذي أدى إلى تعدد مصطلحاته، وتباين كل من مدلولاتها وتعريفاتها الإجرائية.
ورغم عدم الاتفاق على تعريفات محددة للمفاهيم التربوية، فإن ذلك قد يثري مجال البحث لدى أصحاب الاختصاص، لكنه في الوقت ذاته قد يسبب بعض التصورات الخطأ، أو التشتت لدى دارسي التربية المبتدئين؛ لذا رأينا أنه من الضرورة بمكان أن نُبسّط معانيها مع عدم الإخلال بمقصود التربويين منها حتى يسهل على المتعاملين مع المنهج تعاطيه واستيعاب مراميه وتنفيذه عن فهم ووعي بهمة وعزم.
مفهوم المصطلحات التربوية
يأتي مفهوم المصطلحات التربوية من كلمة مصطلح الذي يعني اتفاقَ جماعة من العلماء بلفظ مُعيَّن على أمرٍ مخصوص، وهذا الاتفاقُ أو التصالح إن تمَّ بين جماعة الفقهاء في قضيةٍ نتج عنه مصطلحٌ فقهي، وإن تم الاتفاق بين النحويين نتج عن ذلك مصطلح نحوي، وهلم جرًّا من المصطلحات في سائر العلوم.
فالمصطلحات إذًا هي تلك الألفاظُ المتفَقُ عليها في الاستعمال للتعبير عن الأفكار والمعاني العلمية في أيٍّ علم من العلوم، وهي لا تستقرُّ برأي فرد أو جماعة، وإنما تستقرُّ بالإجماع أو ما يشبه الإجماع، بين العلماء المشتغلين به، والمنتفعين بمزاياه.
ثُمَّ إن العلم الذي يختص بدراسة المصطلحات هو ذلك العلم الذي يدرس القواعد والمعايير التي تضبط الألفاظ والعبارات الاصطلاحية، والتي تكون خاصة بفرع من فروع العلم والمعرفة، مع تعريفها وتبويبها وتصنيفها، ثم وضعها في معاجم متخصصة في شرح وتعريف هذه المصطلحات، ويُتعارَف على هذا الفن بعلم المصطلح أو بالمصطلحية.
أهم المصطلحات التربوية
وفيما يلي نتناول أهم المصطلحات التربوية التي يتعرض لها المتخصصون والعاملون في ميدان التربية:
- المنهج: مجموعة الخبرات الهادفة والمقصودة، التي تنظمها المدرسة وتقدمها للنشء من أجل مساعدتهم على النمو الشامل والمتكامل.
- المقدمة: وهي كلمة وظيفية، فيها تهيئة للمعلم والمتعلم نفسيًّا وفكريًّا لتدريس المقرر وتوضح فلسفة الكتاب (الطالب والمعلم) في تقديم المقرر، وكيفية تحقيق الأهداف، وتنظيم المادة العلمية وتسلسلها وترابطها بما سبقها وما سيلحقها.
- المفهوم: المفاهيم هي المعاني الكبرى التي يصل إليها عقل الإنسان حول أمر من الأمور، نتيجة لمروره بعدد كبير من الخبرات الواعية حوله.
- المقرر: مجموعة من الموضوعات تندرج تحت مفاهيم مختارة، ضمن مجال دراسي، يتوافق مع العمر العقلي والزمني لصف دراسي معين.
- القيم: تمثل القيم المبادئ والمثل العليا التي يؤمن بها المجتمع من مثل: الصبر، والشجاعة، والتسامح، والتضحية، والعمل، والوطنية …الخ.
- الموضوع: قضية تعالج في أسلوب ولغة مناسبين، مع دعمها بالحقائق العلمية والمعلومات، وتوضيحها بالرسوم والأشكال أو إجراء التجارب.
- المحتوى: وهو الخبرات التي يتكون منها المنهج، وتتضمن المعارف والاتجاهات والمهارات.
- الخبرة التعليمية: ما اكتسبه المتعلم من معلومات مرتبطة بمواقف حيوية.
- الكفاية: القدرة على أداء عمل توافرت مقوماته ومكوناته (معرفية، وجدانية، نفس حركية) بما يحقق الناتج التعليمي المنشود مع الاقتصاد في الوقت والجهد.
- المعيار: توصيف دقيق محدد لما يُراد تحقيقه من أي عمل (تخطيطا وتنفيذا وتقويما وناتجا).
- التعليم: هو الجهد الذي يخططه المعلم وينفذه في شكل تفاعل مباشر بينه وبين المتعلمين لتعليم مثمر وفعال.
- النمو المهني: هو كل الحلقات الدراسية والنشاطات التدريبية التي يشترك فيها المعلم بهدف زيادة معلوماته المهنية وتطوير قدراته لتحقيق تقدمه المهني، ورفع كفايته وحل مشكلاته، والتي تمكنه من المساهمة في تحسين العملية التعليمية.
- ورشة العمل: هي موقف تعليمي يتعلم فيه المشاركون من بعضهم البعض بطريقة تعاونية تبادلية على مستوى المعرفة والأداء فهي ليست ندوة أو محاضرة.
طرق التدريس من المصطلحات التربوية
وتعد طرق التدريس من أهم المصطلحات التربوية التي تقع في طريق المتخصصين في التربية، وكذلك أولياء الأمور والمبتدئين في هذا الميدان، إضافة إلى غيرها من التعريفات الأخرى، على النحو التالي:
- طرق التدريس: مجموعة الأنشطة والأساليب والاستراتيجيات التي يستخدمها المعلم في الفصل، لتقديم المنهج للمتعلم، وربطه بخبرات المنهج، ليتفاعل معها، ويتعلم منها.
- الوسائل والتقنيات: وهي الوسائل التعليمية التي تزيد من فعاليات طرائق التدريس، وترفع درجة مشاركة المتعلم في الموقف التعليمي.
- المهارة: سلوك ينمي القدرة على حسن التصرف في المواقف الجديدة، ولها أهميتها في إنجاز الأعمال، واختصار الوقت والجهد والوصول إلى مستوى الإتقان، وللمهارة أنواع، منها: الحركي، والعقلي، والاجتماعي.
- الميل والاهتمام: دافع نحو العمل، والإقبال عليه، والاهتمام به، ودوام الصلة به، وله أثره في توجيه السلوك، ويدخل في تكوين العادات والهوايات.
- الاتجاه: وهو الاستجابة التي يبديها المتعلم تجاه أمر معين، سواء أكانت الاستجابة ذات مستوى انفعالي إيجابي (يدل على مستوى الرضا) أو كانت ذات مستوى انفعالي سلبي (يدل على عـدم الرضا).
- التفكير: مجموعة النشاطات العقلية التي يمارسها الدماغ عند تعرضه لمثير عن طريق إحدى الحواس بهدف الوصول إلى فكر جديد.
- التقويم: ويعني إعطاء قيمة أو تقدير للأشياء أو الموضوعات أو الأفكار أو أنماط السلوك.
- قائمة المحتويات: تتضمن أبواب الكتاب وفصوله، والعناوين الرئيسة والفرعية، مصحوبة بأرقام الصفحات، وتأتى قبل المقدمة. ويجب أن يكون ما فيها مطابقا لما في الكتاب المدرسي.
- الأهداف: وهي التوقعات السلوكية التي يسعى المنهج إلى تحقيقها في شخصيات المتعلمين.
- أسلوب التقويم: وهو الوسيلة التي يقاس بها مدى تحقيق أهداف المنهج، من خلال تحصيل المتعلمين، وتقويم أداء المعلم.
- المستوى: الحد الأدنى الذي يصل إليه المتعلم في أي صف، أو حلقة دراسية أو مرحلة تعليمية في مختلف المجالات الدراسية.
- نواتج التعلم: ما جرى تحقيقه من أهداف في نهاية تطبيق البرنامج أو المنهج الدراسي.
الإستراتيجيات والتخطيط
- إستراتيجية التدريس وتخطيطه: وهو من المصطلحات التربوية التي ظهرت حديثا، ليحل محل طريقة التدريس وهذا المصطلح يعني: توليفة من طرق التدريس وهي استخدام المربي عدة طرق تدريسية في موقف تدريسي واحد تنويعاً للمثيرات وجذباً لانتباه الدارسين.
- أما تخطيط التدريس فهو: عملية عقلية تسبق مرحلة التنفيذ يحدد فيها المربي المفاهيم والقواعد والقوانين التخصصية التي ينوي إكسابها للدارسين بعد صياغتها في شكل أهداف تدريسية محددة بدقة ومحدد لها سيناريو (الموقف التعليمي) بما في ذلك الوسائل والطرق والأساليب التدريسية والأنشطة التعليمية منتهيًا بقياس وتقويم مدى تحقق الأهداف وتحسين العملية التعليمية المستمرة.
- والأهداف التدريسية: هي صيغ يحددها المربي لتعبر عن السلوكيات المطلوبة إحداها لدى الدارسين بعد مرورهم بخبرات الموقف التعليمي وتنقسم الأهداف التدريسية إلى ثلاثة مجالات هي: المعرفية، والوجدانية، والمهارية.
- ويعبر مجال الأهداف المعرفية، عن المعارف والحقائق والقواعد والقوانين والمعلومات والنظريات المراد إكسابها للدارس في ستة مستويات:
- مستوى التذكر: ويقصد به القدرة على استدعاء المعلومات عندما تطلب من الدارس.
- مستوى الفهم: ويقصد به القدرة على إدراك المعنى المطلوب فهمه وإدراكه.
- مستوى التطبيق: ويقصد به استخدام المعلومات والحقائق والمعارف التي اكتسبها الدارس في مواقف جديدة مشابهة.
- مستوى التحليل: ويقصد به القدرة للفرد على تجزئة الكل إلى أجزاء واكتشاف علاقة كل جزء بما قبله وما بعده.
- مستوى التركيب: ويقصد به تكوين كل متكامل من مجموعة أجزاء وفق الضوابط والمعايير المتفق عليها معرفيًّا.
- مستوى التقويم: ويقصد به إصدار حكم على شيء في ضوء معايير محددة.
الأهداف الوجدانية والمهارية
ومجال الأهداف الوجدانية من المصطلحات التربوية التي تُعبر عن الانفعالات الوجدانية الداخلية والقيم والاتجاهات والمبادئ والمثل والأخلاقيات التي تبدو وتعبر عن نفسها في مظاهر سلوكية، وهي- أيضا- ستة مستويات:
- مستوى الانتباه: ويقصد به اليقظة الذهنية للدارس نحو الهدف المراد تنبيهه إليه عن طريق المثير الانفعالي.
- مستوى الاستقبال: وهو عملية يبدأ فيها الدارس باستقبال المعارف بعد التنبه لها فيستمع ويصف ويقبل ويختار ويحرص ويهتم.
- مستوى الاستجابة: ويقصد به تفاعل الدارس مع المعلومات والمفاهيم المقدمة إليه.
- مستوى تكوين الاتجاه: ويقصد به انفعال متزايد منبعث من مستوى الاستجابة وقد يكون هذا الاتجاه إيجابياً بالإقبال والاهتمام والحرص وقد يكون سلبياً بالإهمال والبغض والبعد.
- مستوى تقويم النظام القيمي: ويقصد به ترتيب القيم حسب توافقها مع المعتقدات والثوابت وتقديمها إن تعارضت مع المنفعة الشخصية الآنية.
- مستوى تكوين السلوك القيمي: ويقصد به الاتصاف بالقيمة مهما كانت التضحيات من أجلها.
أما مجال الأهداف المهارية: فله جانبان؛ معرفي عقلي وأدائي حركي، والمهارة في أداء عمل ما عقليًّا أو بدنيًّا بدقة وسرعة وفهم. وتمر بستة مستويات:
- مستوى الملاحظة: وهو ملاحظة الدارس لنموذج الأداء بطريق المشاهدة ليتم تقليده.
- مستوى المحاكاة: وهو محاكاة الدارس ومحاولة تقليده لنموذج الأداء الذي تمت ملاحظته.
- مستوى التجريب: وهو تجريب الدارس لأداء المهارة من خلال تنفيذ توجيهات المربي وتعليماته مع وقوع بعض الأخطاء أثناء التنفيذ ويتسم الأداء في هذا المستوى بالبطء.
- مستوى الممارسة: وهو تنفيذ الدارس للمهارة بعيداً عن إشراف المربي تماماً بأخطاء قليلة وسرعة معقولة.
- مستوى الإتقان: وهو أداء المتعلم للمهارة بسهولة ويسر وسرعة.
- مستوى الإبداع: وهو إتيان المتعلم لأشياء جديدة مبتكرة غير مألوفة قد يبني فيها على ما تعلمه أو يصوغه بطريقة جديدة أو يركبه تركيباً بديعاً.
الأنشطة التربوية والمصاحبة والمساندة
وتعد الأنشطة التربوية من المصطلحات التربوية وعنصر من عناصر المنهج الدراسي الذي يتمثل في الناحية العقلية والحركية والاجتماعية، ويساعد على تحقيق الأهداف، عن طريق مراعاة خصائص المتعلمين، ومطالب نموهم وإتاحة الفرصة للممارسات العملية والثقافية والاجتماعية.
أما الأنشطة المصاحبة: فهي مجموعة الأنشطة التي يخطط لها المعلم ويوظفها أثناء عملية التعليم بقصد إكساب المتعلمين مهارات الدرس وقدراته وتحويل العلم والمعرفة إلى عمل واكتشاف المواهب لتنميتها واستثمارها.
والأنشطة المساندة: هي مجموعة الأنشطة التي يوظف فيها المعلم مهارات المتعلمين المكتسبة أثناء عملية التعلم ويعزز بها التدريب الذي جرى داخل غرفة الدراسة وهذه الأنشطة تتم تحت إشراف مربي الصف ولها صفة التنمية لمهارات ومواهب المتعلمين وحرية اختيار المتعلم ما يناسبه منها وما تسمح به ظروفه وإمكاناته.
هذه هي خريطة المصطلحات التربوية لتبسيط المفاهيم ومنع التشتت لدى المتخصصين في التربية وأولياء الأمور الراغبين في تربية أبنائهم وفق مفاهيم صحيحة وأسس علمية متفق عليها.
المصادر والمراجع:
- حسن شحاتة، وزينب النجار: معجم المصطلحات التربوية والنفسية.
- محب الدين أبو صالح: أساسيات في طرق التدريس.
- نجاح الجمل: نحو منهج تربوي معاصر.
2 comments
لا نقول طرق التدريس. نقول طرائق التدريس.
كلاهما مستعملان، والأصح ما ذكرتَه،
نشكر مرورك وتعليقك.