إن الغفلة من أسوأ أمراض العصر، فهي تؤدي إلى قلَّة التبصُّر والاعتبار بما يقع من أحداث، وعدم التأثُّر بالآيات والعبر، والركون إلى الدنيا والاطمئنان بها، والاعتماد على الأسباب وحدها.
وهذا المرض يعمي القلب ويصم النفس ويعمي الروح، وبسببه تسكن الشهواتُ النفوسَ وتكون هي غاية الأجساد، وأقصى آمال التراب المتحرك أن يملأ من الدنيا شهواتها ورغباتها، وآمالها وأموالها، ونسائها وأراضيها وقصورها، ولا تنقطع الآمال حتى يفيق الإنسان على معاينة صفحة وجه ملك الموت.
مفهوم الغفلة وذكرها في القرآن والسنة
وتعرف الغفلة في اللغة بأنه مصدر غَفَل يغفل غفولاً وغفلةً: تركه وسهى عنه، وأغفلتَ الشيء: تركته غَفَلاً وأنت له ذاكرا، والتغافل والتغفّل: تعمُّد الغفلة، والغُفلُ: من لا يرجى خيره ولا يخشى شره، وما لا علامة فيه.
وفي الاصطلاح، عرفها الراغب الأصفهاني بأنها: “سهو يعتري الإنسان من قلة التحفظ والتيقُّظ”، وعرفها الجرجاني بأنها “متابعة النفس على ما تشتهيه”، فهي داء عصيب قد يُصيب المرء في عمله أو دينه ودنياه حتى تنحدر قيمه ونفسه، وإن لم يُغالب هواه وصل إلى القاع بغير دراية.
وقد جاء ذكر هذا المرض في القرآن الكريم والسُنة النبوية في عدة مواضع، منها قول الله تعالى محذرًا نبيه- صلى الله عليه وسلم- من الغافلين: (وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ وَلا تَكُنْ مِنَ الْغَافِلِينَ) [الأعراف: 205].
ونهى الله- عز وجل- عن مصاحبة أصحاب القلوب الغافلة فقال: (وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ) [الكهف: 28]، ووصفهم بأنهم ممن طُبع على قلوبهم وسمعهم وأبصارهم وغفلوا عن الله، فقال سبحانه: (أُولَٰئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ وَسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ) [النحل: 108].
وحذَّر الله- جل وعلا- عباده من الغَفْلة عن الذكر وعمل الخير النافع للعباد والبلاد في الدنيا والآخرة، فقال-تبارك وتعالى-: (وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنسَاهُمْ أَنفُسَهُمْ أُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ) [الحشر:19].
وصدق ربنا إذ يحذر من هذه الغَفْلة المُطبقة فيقول: (وَأَنفِقُوا مِن مَّا رَزَقْنَاكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَىٰ أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُن مِّنَ الصَّالِحِينَ . وَلَن يُؤَخِّرَ اللَّـهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا ۚ وَاللَّـهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ) [المنافقون:10-11].
وورد في كتاب الله تعالى ما يُبيّن أن الكفار يقتصر فهمهم على ظاهر الحياة الدنيا، وأن الآخرة ليست في حساباتهم، فهم عنها غافلون، يقول تعالى: (يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِّنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ) [الروم: 7].
وحذر النبي- صلى الله عليه وسلم- من الغَفْلَة عن الواجبات الشرعية في كثير من الأحاديث، منها ما رواه ابْنِ عَبَّاسٍ- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ- صلى الله عليه وسلم-: “نِعْمَتَانِ مَغْبُونٌ فِيهِمَا كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ: الصِّحَّةُ وَالْفَرَاغُ” (البخاري).
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ- رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَجُلٌ لِلنَّبِي- صلى الله عليه وسلم-: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَيُّ الصَّدَقَةِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: “أَنْ تَصَدَّقَ وَأَنْتَ صَحِيحٌ حَرِيصٌ، تَأْمُلُ الْبَقَاءَ وَتَخْشَى الْفَقْرَ، وَلاَ تُمْهِلْ حَتَّى إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ قُلْتَ: لِفُلاَنٍ كَذَا وَلِفُلاَنٍ كَذَا وَقَدْ كَانَ لِفُلاَنٍ” (أبو داود وصححه الألباني).
أسباب الغفلة
وتتعدد أسباب الغفلة التي تؤدي بالإنسان إلى الهلاك، ومنها:
- الجهل بالله تعالى: وبأسمائه، وصفاته، وأفعاله، وبدينه؛ يقول سبحانه (قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ) [الزمر: 9].
- المعاصي: فهي من أعظم أسباب غفلة الإنسان، يقول- عز وجل-: (كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} [ المطففين: 14]. وقال عبد الله بن عباس- رضي الله عنهما-: “إن للحسنة ضياء في الوجه، ونورا في القلب، وسعة في الرزق، وقوة في البدن، ومحبة في قلوب الخلق، وإن للسيئة سوادا في الوجه، وظلمة في القلب، ووهنا في البدن، ونقصا في الرزق، وبغضة في قلوب الخلق”.
- الإعراض واتباع الهوى: فهما يُسببان سد أبواب الهداية وفتح أبواب الغواية، قال الله تعالى: (اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ * مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ * لَاهِيَةً قُلُوبُهُمْ) [الأنبياء: 1-3].
- صحبة الغافلين: جلساء السوء، قال الله تعالى: (وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا * يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا * لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا) [الفرقان: 27-29]، وعن أبي موسى الأشعري- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: “مثل الجليس الصالح والسوء كحامل المسك ونافخ الكير فحامل المسك إما أن يحذيك وإما أن تبتاع منه وإما أن تجد منه ريحا طيبة ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك وإما أن تجد ريحا خبيثة” (البخاري ومسلم).
- ترك صلاة الجمعة: لحديث عبد الله بن عباس، وابن عمر رضي الله عنهم أنهما سمعا النبي- صلى الله عليه وسلم- يقول: “لَيَنْتَهينَّ أقْوامٌ عن ودْعِهِمُ الجُمُعاتِ، أوْ لَيَخْتِمَنَّ اللَّهُ علَى قُلُوبِهِمْ، ثُمَّ لَيَكونُنَّ مِنَ الغافِلِينَ” (مسلم).
- الظلم: وقد ورد ذلك في قوله تعالى: (قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ * وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ بِكُلِّ آيَةٍ مَا تَبِعُوا قِبْلَتَكَ وَمَا أَنْتَ بِتَابِعٍ قِبْلَتَهُمْ وَمَا بَعْضُهُمْ بِتَابِعٍ قِبْلَةَ بَعْضٍ وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّكَ إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ) [البقرة: 144-145].
- الإعراض عن الوحي: وقد ورد ذلك جليًّا في قوله تعالى: (اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ * مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ * لَاهِيَةً قُلُوبُهُمْ وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا هَلْ هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ) [الأنبياء: 1- 3].
- الكبر: وقد ورد ذلك في قوله تعالى: (سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لَا يُؤْمِنُوا بِهَا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لَا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ) [الأعراف: 146].
- طول الأمل: قال الله تعالى: (ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ) [الحجر: 3]، وعن عبد الله بن مسعود- رضي الله عنه- قال: خَطَّ النبيُّ- صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- خَطًّا مُرَبَّعًا، وخَطَّ خَطًّا في الوَسَطِ خَارِجًا منه، وخَطَّ خُطَطًا صِغَارًا إلى هذا الذي في الوَسَطِ مِن جَانِبِهِ الذي في الوَسَطِ، وقَالَ: هذا الإنْسَانُ، وهذا أجَلُهُ مُحِيطٌ به – أوْ: قدْ أحَاطَ به – وهذا الذي هو خَارِجٌ أمَلُهُ، وهذِه الخُطَطُ الصِّغَارُ الأعْرَاضُ، فإنْ أخْطَأَهُ هذا نَهَشَهُ هذا، وإنْ أخْطَأَهُ هذا نَهَشَهُ هذا” (البخاري).
- كثرة الضحك: فعن أبي هريرة- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: “يا أبا هريرةَ! كُنْ وَرِعًا تَكُنْ من أَعْبَدِ الناسِ، وارْضَ بما قسم اللهُ لكَ تَكُن من أَغْنَى الناسِ، وأَحِبَّ للمسلمينَ والمؤمنينَ ما تُحِبُّ لنفسِكَ وأهلِ بيتِكَ، واكْرَهْ لهم ما تَكْرَهُ لنفسِكَ وأهلِ بيتِكَ تَكُنْ مؤمنًا، وجاوِرْ مَن جاوَرْتَ بإحسانٍ تَكُنْ مُسْلِمًا، وإياكَ وكثرةَ الضَّحِك؛ فإنَّ كَثْرَةَ الضَّحِكِ فسادُ القلبِ” (الترمذي وابن ماجه وأحمد).
- كثرة الكلام في غير ذكر الله تعالى: لما رُوِيَ من حديث عبد الله بن عمر- رضي الله عنهما-: “لا تكثروا الكلام بغير ذكر الله، فإن كثرة الكلام بغير ذكر الله تعالى قسوة للقلب، وإن أبعد الناس من الله تعالى القلب القاسي” (الترمذي).
- الكفر: وقد ورد في القرآن الكريم ما يدلل على ذلك صراحةً، في قوله تعالى: {لِتُنذِرَ قَوْمًا مَّآ أُنذِرَ ءَابَآؤُهُمْ فَهُمْ غَٰفِلُونَ} [يس: 6].
العلاج
وبعد استعراض أسباب الغفلة الذي تصيب كثير من الناس، فإن العلاج الناجع لها يتمثل في الآتي:
- ذكر الله تعالى وعبادته: قال تعالى: (إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي * إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى * فَلَا يَصُدَّنَّكَ عَنْهَا مَنْ لَا يُؤْمِنُ بِهَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَتَرْدَى) [طه: 14- 16]. فالله تعالى يقول لنبينا موسى- عليه السلام-: إنني أنا الله لا معبود بحق إلا أنا فأطعني واعبدني عبادة لا تنساني أبدًا من خلالها، والمقصود الإقامة والمكث الأبدي على تلك الصلاة وتلك العبادة، ثم التذكير بالساعة؛ للتذكير بالعاقبة فإما إلى نار وإما إلى جنة.
- التوكل والتفكر والتدبر: قال تعالى: (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ) [آل عمران: 190- 191]. فمبدأ التفكر في خلق السماوات والأرض وما فيها من آيات كونية دالة على قدرته- جل جلاله-، واختلاف الليل والنهار، وما ينتج عن ذلك من فصول السنة وتغير المناخات، إن كل ذلك معجزات دالة على وجود الله تعالى، ومن ثم يصطحب الإنسان ذلك التأمل في تلك المخلوقات؛ ليعيش مع كمال الخوف مع كمال الحب لله تعالى.
- صحبة الصالحين ومجالسة الذاكرين: قال تعالى: (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) [التوبة: 71]. فإن كلا الجنسين من المؤمنين المصدقين بالله ورسوله، والمؤمنات المصدقات بالله ورسوله، ولاؤهم جميعًا مبني على الأمر بالمعروف الذي فيه تعاون على الخير لأجل رضا الله تعالى، وأيضًا على النهي عن المنكر الذي فيه تعاون على اجتناب المنكر.
- اليقظة والحذر، والعلم والعمل: قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ فَانْفِرُوا ثُبَاتٍ أَوِ انْفِرُوا جَمِيعًا) [النساء: 71]. فالله تعالى ينادي المؤمنين بأحب النداءات، وذلك بوصفهم مؤمنين، فيقول: يا من آمنتم بي وصدّقتموني، احذروا واحترزوا من عدوكم، ولا تمكّنوه من أنفسكم؛ فخذوا السلاح والعدة لقتال عدوكم.
- العلم: وهو معرفة الله، ومعرفة نبيه، ومعرفة دين الإسلام بالأدلة، وهو لغة: نقيض الجهل: وهو إدراك الشيء على ما هو عليه إدراكاً جازماً. قال الله- عز وجل-: (يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) [المجادلة: 11].
- الدعاء والتضرع إلى الله تعالى، قال الله تعالى: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ) [البقرة: 186].
- المحافظة على الصلوات الخمس مع الجماعة، لحديث أبي هريرة- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم- : “من حافظ على هؤلاء الصلوات المكتوبات لم يكتب من الغافلين” (ابن خزيمة في صحيحه وصححه الألباني).
- الحرص على قيام الليل وقراءة القرآن ولو عشر آيات في قيامه، قال الله تعالى مثنيا على أهل قيام الليل: (وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا) [الفرقان: 64].
- الصدقة علاج نافع للغفلة؛ فعن معاذ- رضي الله عنه- عن النبي- صلى الله عليه وسلم- وفيه: “… والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار” (الترمذي وحسنه الألباني).
- صيام التطوع علاج للغفلة وخاصة عند غفلة الناس؛ فعن أسامة- رضي الله عنه- قال: قلت: يا رسول الله لم أرَك تصوم شهراً من الشهور ما تصوم من شعبان؟ قال: “ذاك شهرٌ يغفُلُ الناسُ عنه بين رجب ورمضان، وهو شهرٌ تُرفع فيه الأعمال إلى ربِّ العالمين، فأحبُّ أن يُرفع عملي وأنا صائم” (النسائي وحسنه الألباني).
- التقوى ورأسها المراقبة لله تعالى: قال الله تعالى: (إِن الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ) [الأعراف: 201].
- الزهد في الدنيا: فعن عامر بن لؤيّ في قصة أبي عبيدة عندما قدم بمالٍ من البحرين فجاءت الأنصار وحضروا مع رسول الله- صلى الله عليه وسلم- صلاة الصبح، فلما صلَّى بهم الفجر تعرَّضوا له، فتبسَّم حين رآهم، وقال: “أظنكم قد سمعتم أن أبا عبيدة قد جاء بشيء؟” قالوا: أجل يا رسول الله، قال: “فأبشروا وأمِّلوا ما يسركم، فوالله لا الفقر أخشى عليكم، ولكن أخشى عليكم أن تُبسط عليكم الدنيا كما بسطت على مَن كان قبلكم، فتنافسوها كما تنافسوها، فتهلككم كما أهلكتهم” وفي لفظ “وتلهيكم كما ألهتهم” (متفق عليه).
- الإكثار من ذكر الموت، فعن أبي هريرة- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: “أكثروا ذكر هادم اللذات” (الترمذي والنسائي). يعني الموت.
من الغبن ألا يقدِّر الإنسان ما في يده ولا يعرف قيمته على الحقيقة، وقد ضُربَت الغفلة على كثير من الخلق من هذين البابين، فقد ترى الإنسان في جانب الوقت: إما أنه فارغ عاطل، أو بلغ سن التقاعد يكاد الفراغ يقتله لا يجد ما يملؤه به من عمل نافع وآخر يعمل معظم يومه وليله يكد كدّاً عجيباً، فلينتبه كل إنسان حتى لا يصبح من الغافلين.
مصادر ومراجع:
- الجرجاني: التعريفات، ص 209.
- ابن منظور: لسان العرب 11/ 497.
- الفيروز آبادي: القاموس المحيط، ص 1343.
- الراغب الأصفهاني: المفردات، ص609.
- ابن القيم: روضة المحبين ص 441.
- عبد العزيز مصطفى الشامي: مرض العصر.
- عبد الله محمود: الغفلة.. المرض الفتاك.