تحتاج مشكلة السرقة عند الأطفال إلى اهتمام وتدخل مناسبين حتى لا تتطور إلى سلوك يصعب تغييره مع الوقت، فالطفل الذى لم يُدرّب منذ طفولته في محيط الأسرة ليُفرّق بين خصوصياته وخصوصيات غيره، قد يصعب عليه في الكبر أن يُميّز بين ما يحق له وما لا يحق له، بل يصبح أكثر ميلًا إلى الاعتداء على ملكية غيره من أقرانه.
وقبل البحث عن حلول لهذه المشكلة، من الضروري التعرف إلى أسبابها التي تتمثل أبرزها في نقص الجرعة العاطفية للطفل، والمنع والحرمان، وبخاصة الحرمان من المصروف المدرسي، وعدم العدل بين الأبناء، وأصدقاء السوء، ومشاهدة الأفلام التي فيها سرقات وانحرافات، والدلال الزائد، والأنانية وحب النفس والممتلكات، والقسوة في العقوبة، والمعالجة التربوية الخطأ، والرغبة في لفت الأنظار.
أسباب مشكلة السرقة عند الأطفال
ويمكن أن نحصر بعض أسباب ودوافع السرقة عند الأطفال في الآتي:
- أخطاء تربوية: حيث يعاقب الأب أو الأم الطفل قبل التحقق من الأسباب وراء السرقة، وقد يدفع العقاب إلى اللجوء للكذب، وهو سلوك آخر غير مرغوب فيه.
- الجوع والحرمان: فهي مشكلات تدفع الطفل إلى السرقة، فيسرق الخبز أو متعلقات زميله، ولذلك ينبغي على الأهل تزويد الطفل باحتياجاته من الأكل والمصروف حتى لا يضطر إلى السرقة.
- الغيرة: ويُمكن أن تكون الغيرة من دوافع السرقة، فالطفل يغار من طفل آخر فيسرق منه من أجل التشفي، ويمكن أن يكون دافع الغيرة من مولود جديد، أو محاولة من الطفل للفت انتباه والديه بسبب انصراف والديه عنه.
- حب التملك: فالطفل قد يسرق لمجرد التلذذ بملكية اللعبة التي أخذها من طفل آخر، ثم يعيدها لصاحبها بعد أن يفرغ منها وتفقد جاذبيتها وتحدث له حالة إشباع منها.
- محاولة التخلص من مأزق ما: كأن يسرق نقودًا ليشتري هدايا لمعلمه حتى يتخلص من قسوته وتأنيبه له أمام زملائه، أو نتيجة ضياع شيء مهم منه فيُحاول السرقة ليشتري مكانه.
- الدلال الزائد: فهناك بعض الأطفال اعتادوا الحصول على كل ما يريدونه، وبالتالي فإنهم يأخذون ما يقع تحت أيديهم ظنًّا أن كل شيء مسموح به، ويكون دافع السرقة في هذه الحالة هو التدليل الزائد.
- الخوف من العقاب: فحينما يفقد بعض الأطفال أشياء خاصة بهم يلجأون لتعويضها بالسرقة، خوفًا من عقاب الأهل.
- البيئة التي يعيش فيها الطفل: فيمكن أن تكون البيئة محفزًا على السرقة، من خلال أصدقاء السوء أو بيئة التربية المنحرفة.
- حب الاستطلاع والاستكشاف: أحيانًا يكون سبب ودافع السّرقة عند الطفل هو سلوك الوالدين، وبخاصة الأم، عندما تكون شديدة الحرص بصورة مبالغ فيها في الحفاظ على الأشياء الغالية والرخيصة، فيدفع الطفل بدافع حب الاستطلاع والاستكشاف لمعرفة ما تخفيه أمه عنه، والعبث به أو سرقته.
- الحرمان العاطفي: يشعر الطفل أحيانا بأنه مهمل ممّن حوله، فيحاول من خلال السرقة جذب انتباههم إليه عن طريق فعل سلوك مشين يجعله محط الأنظار، أو قد يتخذه كفعل انتقامي من والديه اللذين يفتقد لحنانهما ورعايتهما من خلال وضعهما في موقف سيء.
- نقص الفهم: ومن الشائع أن يأخذ الأطفال في سن ما قبل المدرسة متعلقات الآخرين، في هذا العمر يفتقرون إلى فهم واضح لكيفية تأثير السرقة في الآخرين، فقد يأخذون شيئًا من متجر لمجرد أنهم لا يفهمون معنى شراء شيء ما فقط، لذا فهذا وقت رائع لبدء تعليم الطفل أن السرقة أمر خاطئ.
- الشعور بالكبت: فقد يكون دافع السرقة إخراج كبت يشعر به الطفل بسبب ضغط معين، ولذا يسرق طلبًا للحصول على الراحة، وقد يكون سب الكبت إحباط، أو طفل جديد.
- الخوف: يعاقب بعض الأهل أطفالهم بشدة إذا أضاعوا ممتلكاتهم أو ألعابهم في المدرسة، ويخشى الأطفال ذلك العقاب، فيسرقون ممتلكات غيرهم هروبًا من عقاب أهلهم إذا عادوا إلى منازلهم بدونها.
- الانتقام: قد يلجأ الطفل للسرقة في بعض الأحيان بدافع الانتقام، فقد يسرق الطفل والده؛ لأنه صارم وقاس في معاملته له، أو وجد أن والديه قد انصرفا عنه وأهملا رعايته وشؤونه، فتكون السرقة هنا رد فعل لتجاهلهما له، وقد يسرق الطفل زميله في المدرسة؛ انتقاما منه لأنّ أحد المدرسين يعقد مقارنة بين هذا الطفل المتفوق والطفل السارق.
حلول لمشكلة السرقة عند الأطفال
مشكلة السرقة عند الأطفال تؤرق الكثير من الآباء والأمهات، وحلها ليس عسيرًا، لا سيما أن الطفل يمكن تغيير سلوكه إلى الأفضل باتباع الوسائل التربوية المجربة والمتفق عليها، وفي هذه المشكلة يمكن اتباع الوسائل التالية:
- لا ينبغى التشهير بالطفل السارق أمام زملائه ومعالجة الموقف بحكمة.
- تعليم الطفل الاستئذان في أخذ الحاجات.
- دراسة حالة الطلاب ومساعدة المحتاجين منهم ماديا.
- الحرص على إشباع احتياجات الطفل العاطفية والنفسية.
- غرس سلوك الأمانة في الطفل، والعمل على أن يكون ركنًا من أركان شخصيته.
- الابتعاد عن العنف لأنه لا يجدي نفعًا، بل يزيد الأمر سوءًا في أغلب الأحيان.
- التحقق أولًا، فقد يُتَّهَمُ الطفل بالسرقة من أحد زملائه بدافع الغيرة أو الانتقام وهو بريء، وإذا تعامل الأهل باندفاع دون تحقق مما حدث سيضر تصرفهم بالطفل.
- مراقبة مُحيط الطفل، لأن الأقران لهم تأثير بالغ على شخصية الطفل وتصرفاته.
- مراقبة مقتنيات وممتلكات الطفل بين الفينة والأخرى.
- احترام حق الطفل في التملك.
- عدم فتح وإغلاق الأدراج أمام الأطفال.
- إعطاء الطفل فرصة للتعامل مع النقود، وتعليمه المحافظة عليها، وتربيته على القناعة وعدم النظر إلى ما في أيدي الناس.
- إشعار الطفل بمحبة جميع أفراد الأسرة له، وإحساسه بالانتماء الكامل.
- التربية على الحفاظ على المال العام.
- تشجيع روح الأمانة والصدق عند الأطفال.
- تفادي العقاب البدني والتوبيخ لِمَا لهما من آثار نفسية مدمرة.
- تجنب طريقة التحقيقات في التعامل مع الطفل.
إن من الضروري بناء علاقة قوية مع الطفل مبنية على الثقة والاحترام والتشجيع والاحتواء وتلبية الحاجيات الأساسية، ليشعر الطفل بالأمان والراحة وبالتالي لا يكذب ولا يضطر إلى أن يسرق، كما من الضروري تجنب المقارنات، لأن ذلك قد يؤدي إلى الشعور بالنقص والحسد ثم اللجوء إلى السرقة، ولا ننس تعليم الطفل قيمة الأشياء والعمل الجاد للحصول عليها، وتوفير بيئة آمنة ومحبة للطفل، حتى يشعر بالانتماء والقبول.
مصادر ومراجع:
- محمد عبد القادر: الطفل الكذاب، ص 21.
- عبد الرحمن عبد الله المخلفي: مشكلة السرقة لدى الطالب..الأسباب والحلول، رسالة
- ماجستير غير منشورة، كلية الدعوة الإسلامية وأصول الدين، الجامعة الإسلامية، 2014م.
- د. أحمد الفرجابي: أسباب السرقة عند الأطفال وكيفية معالجتها.
- مصطفى أبو سعد: فنون التربية الإيجابية، ص 87.
- حامد نهار المطيري: تنوير العباد بطرق التعامل مع الأولاد، ص 58.
- عادل رشاد: خمس خطوات لتعديل سلوك طفلك، ص 104.