يُعدّ الدفاع عن السنة واجبًا شرعيًّا على كل مسلم، لِمَا لَهَا من أهمية عظيمة في فَهم الإسلام وتطبيقه بشكل صحيح، فسُنّة النبي- صلى الله عليه وسلم- هي المصدر الثاني للتشريع الإسلامي بعد القرآن الكريم، وهي بمثابة شرح وتوضيح لآيات القرآن، وتُبيّن أحكام الإسلام في مختلف مجالات الحياة.
وتُواجه السُّنة منذ فجر الإسلام محاولات تشويه وتحريف على أيدي أعداء الإسلام، سواء من خلال الوضع والاختلاق، أو من خلال التأويلات الباطلة والتفسيرات المبتدعة، لذلك، كان واجب العلماء المسلمين عبر التاريخ هو جمع السُّنة النَّبوية وروايتها وتوثيقها، ودراستها وتحليلها، والرد على الشبهات التي أُثيرت حولها.
فضل الدفاع عن السنة
ولا شك أنّ الدفاع عن السنة النبوية الشريفة له فضلٌ عظيمٌ ومَنْقَبَةٌ جليلةٌ، وثوابٌ عظيمٌ عند الله تعالى، ومن ذلك:
- نيل رضا الله تعالى: فالدّفاع عن السُّنة هو دفاعٌ عن دين الإسلام، ودين الإسلام هو دين الله تعالى، الذي ارتضاه الله لعباده.
- تحصيل الأجر: فقد ورد في الحديث النبوي الشريف عن النبي- صلى الله عليه وسلم-: “مَن أحيا سنَّةً من سنَّتي، فعملَ بِها النَّاسُ، كانَ لَهُ مثلُ أجرِ من عَمِلَ بِها، لا يَنقصُ مِن أجورِهِم شيئًا…” (صحيح ابن ماجه).
- سبب في الهداية: قال النبي- صلى الله عليه وسلم-: “خيرُ الحديثِ كتابُ اللهِ، وخيرُ الهديِ هديُ محمدٍ” (مسلم).
- الدفاع عن الإسلام: فالسنة النبوية هي المصدر الثاني للتشريع الإسلامي، والدفاع عنها هو دفاعٌ عن الإسلام، وحماية الإسلام من الضلال والتشويه.
- نشر الوعي الإسلامي: فالدّفاع عن السُّنة هو نشرٌ للوعي الإسلامي بين الناس، وتوضيح معاني السنة ومقاصدها.
- تقوية الإيمان: فمن خلال دراسة السُّنة وفَهم معانيها ومقاصدها، يُقوّى إيمان المسلم ويُصبح أكثر التزامًا بدين الإسلام.
- تحسين الأخلاق: فسُنة النبي- صلى الله عليه وسلم- مليئةٌ بالتعاليم الأخلاقية السمحة، والدفاع عنها هو سعيٌ لتحسين أخلاق المسلمين.
- تثبيت الهوية الإسلامية: لأنّ سُنة النبي هي جزءٌ من هوية المسلمين، والدفاع عنها هو تثبيتٌ لهذه الهوية وحمايتها من الضياع.
- إصلاح المجتمع: فالسُّنة النّبوية هي أساس إصلاح المجتمع، والدفاع عنها هو سعيٌ لإصلاح المجتمع وتقويمه على أساس الإسلام.
- الرد على الشبهات: وهذا لأنّ الدّفاع عن سُنة النبي- صلى الله عليه وسلم- هو ردٌّ على الشبهات التي تُثار حول السنة، وتبيين زيفها وبطلانها.
- حفظ تراث الإسلام: فالسُّنة النبوية هي تراثٌ إسلاميٌ عظيمٌ، والدفاع عنها هو حفظٌ لهذا التراث من الضياع والتحريف.
وسائل الدفاع عن السنة
وتتعدد وسائل الدفاع عن السنة النبوية المطهرة قديمًا وحديثًا، ومن بينها ما يلي:
- جمع السُّنة وتدوينها: فقد اهتم المُسلمون منذ عهد النبي- صلى الله عليه وسلم- بجمع الأحاديث الشريفة وحفظها، خشية من ضياعها أو تحريفها، وكان الجمع في البداية في الصدور ثم رووها بعد وفاة النبي- صلى الله عليه وسلم-، وبمرور الوقت ظهرت الحاجة إلى تدوين الأحاديث كتابةً، فألّف العلماء المسلمين كتب السنة، مثل: “صحيح البخاري” و”صحيح مسلم” و”سنن الترمذي” و”سنن النسائي” و”سنن ابن ماجه”.
- دراسة السنة النبوية وتحليلها: ولم تقتصر جهود العلماء المسلمين على جمع السُّنة النّبوية وتدوينها، بل اهتموا- أيضًا- بدراستها وتحليلها وَفَهم معانيها ومقاصدها، حيث وضعوا قواعد وأصولاً لمعرفة صحة الحديث من ضعفه، وصنّفوا الأحاديث حسب درجات صحتها، وبيّنوا معاني ألفاظها ومدلولاتها.
- الرد على الشبهات: حيث واجهت السُّنة النّبوية على مرّ العصور العديد من الشبهات التي حاول أعداء الإسلام من خلالها النّيل منها وتشكيك الناس في صحتها، لكن العلماء المسلمون ردُّوا عليها بالحجة والمنطق، وبيّنوا ضعفها وبطلانها، وكشفوا عن زيف ادعاءات المُبطلين.
- نشر السنة وتعليمها: وحرص المسلمون على نشر السُّنة النبوية وتعليمها للناس، إيمانًا منهم بأهميتها في فَهم الإسلام وتطبيقه بشكل صحيح، فألّفوا الكتب وكتبوا المقالات حول السنة، ودرّسوها في المساجد والمدارس، ونشروها من خلال وسائل الإعلام المختلفة.
- تطبيق السنة في الحياة العملية: ومن أفضل الوسائل للدّفاع عن سُّنة النبي- صلى الله عليه وسلم- هي تطبيقها في الحياة العملية، والتمثّل بمعانيها ومقاصدها. فمن خلال تطبيق السُّنة في مختلف جوانب الحياة، يُثبت المسلمون صحة الإسلام وواقعيته، ويُقدّمون نموذجًا حضاريًّا يُبهر العالم.
- المشاركة في الفعاليات والأنشطة: ومن الممكن المشاركة في المؤتمرات والندوات والمحاضرات التي تُعنى بالسُّنة النَّبويَّة، كما يُمكن تنظيم مثل هذه الفعاليات لنشر الوعي بأهمية السّنة والدفاع عنها.
- المشاركة في البرامج التوعوية: ومن الممكن المشاركة في البرامج التوعوية التي تُنظمها الجهات الإسلامية لنشر الوعي بالسُّنة النبوية بين الناس، مثل البرامج التلفزيونية والإذاعية.
- استخدام الفنون: ويُمكن استخدام الفنون المختلفة، مثل: الخطابة، والشعر، والرسم، لنشر السُّنة النبوية وتعليمها للناس.
- الاستفادة من وسائل التواصل الاجتماعي: ويُمكن الاستفادة من وسائل التواصل الاجتماعي لنشر الأحاديث النّبوية والمعلومات عن السُّنة، والتواصل مع الناس والإجابة عن أسئلتهم.
- الدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة: ويجب الدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، وبيان فضل السُّنة النبوية وأهميتها، وتشجيع الناس على الالتزام بها.
- تربية الأمة على محبة الرسول- صلى الله عليه وسلم- وإجلاله وتوقيره وتبجيله، ومعرفة قَدْرِهِ الشريف ومكانته العَلِيَّة.
- الإنكار على كل طاعن في السنة: والتحذير ممن يدعي أن نصوص القرآن الكريم والسُّنَّة النبوية الصحيحة قابلة للنقد والاعتراض، وعدم التساهل معه، بل السعي في كشف أمره وبيان زيف عمله ومحاسبته على جرمه.
- الصبر والتحمل: فالدِّفاع عن السُّنة النَّبوية قد يُواجه بعض التّحديات، لذلك يجب التحلّي بالصبر والتحمل، والاستمرار في الدعوة إلى السُّنة ونشرها.
- التعاون مع الآخرين: يجب التعاون مع الآخرين في الدُّفاع عن السُّنة النبوية، وتشكيل جبهة موحدة لمواجهة أعداء الإسلام.
وختامًا، فإنّ أهمّ ما يُمكن للمسلم أن يفعله للدفاع عن السنة هو التعلّم الصحيح للسنة من مصادرها الموثوقة، والتفقه في معاني السنة ومقاصدها، والتمثّل بمعانيها في الحياة العملية، والدعوة إليها ونشرها بين الناس، والردّ على الشبهات المثارة حولها بالحجة والمنطق، وهذه مسؤوليةٌ تقع على عاتق كل مسلم، ويجب على المسلمين جميعا الحفاظ عليها ونشرها والتمثّل بمعانيها في حياتنا.
مصادر ومراجع:
- د. خالد الحسن: الدفاع عن سنة النبي صلى الله عليه وسلم.
- موقع وزارة العدل البحرينية: الدفاع عن السنة النبوية الشريفة.
- فيصل بن جميل غزاوي: دفاعا عن السنة النبوية.
- إسلام ويب: المساهمة في الدفاع عن النبي صلى الله عليه وسلم.
لقمان عبد السلام: لماذا الدفاع عن النبي صلى الله عليه وسلم؟