حثّ الإسلام على الاحترام بين الزوجين والمعاشرة بالمعروف وإظهار مشاعر الحب والاهتمام، حتى تعيش الأسرة كلها في سعادة وهناء، فعلى الزوجة أن تحترم زوجها وتطيعه فيما أمر الله به، وتبتسم في وجهه وتحفظه في نفسها وأولادها، وعلى الزوج أن يحترم زوجته ويحبها ويقدر جهدها ويُحسن إليها، ويتجاوز عن هفواتها.
ولا شك أنّ الاحترام بين الزّوج وزوجته من أصل الدين، ومن القربات التي يتقرب بها الزوجان إلى الله- عز وجل-، وهو من أهمّ الأسس التي تُبنى عليها العلاقات الزوجية الناجحة، لأنّه أساس الثقة والتقدير والتفاهم، وشعور كلّ طرف بقيمة الآخر وتقديره، وإدراك مشاعره واحتياجاته، والتعبير عن ذلك من خلال الأقوال والأفعال، وكل ذلك يؤدي إلى حسن التواصل والصدق والتعاون، وفي الوقت نفسه يقلل الصراعات والنزاعات.
مظاهر الاحترام بين الزوجين
وهناك الكثير من مظاهر الاحترام بين الزوجين وأهمها ما يلي:
- الأدب المتبادل داخل البيت: وحل ما يستجد على الزوجين من مشكلات الحياة اليومية، إضافة إلى إظهار الحب والمشاعر الحميمة التي لا تظهر إلا داخل البيت، وإبراز كافة مظاهر الاحترام- وما يتناسب من المشاعر- أمام الأبناء، فتنمو عندهم المشاعر الأصيلة فيفهموها صغارًا، ويعيشوها مع أزواجهم كبارًا.
- الاحترام خارج البيت: في حال الاجتماعات الخاصة للرجال أو النساء، فلا يذكر أحدهما الآخر أمام الآخرين إلا بخير، ولا يذكر عيوبه فالكمال لله، وإذا كانا في مجلس عائلي مجتمعين فيظهران أعلى درجات الاحترام وما يصلح إظهاره من مشاعر الحب.
- إظهار الاشتياق للغائب منهما: خاصة عند عودته من سفر، لأنّ الكثيرين وللأسف يستقبلون الغائب بالأحضان ويبخلون به لأزواجهم، فمن الرائع أن يشرق الاحترام من كل منهما للآخر في أبهى صورة.
- الاحترام حال الخلاف: فلا يخفى على أحد أن الحياة الزوجية لا تخلو من المنغصات أحياناً، ومع ذلك يجب ألا يُرى من أي من الزوجين أي ردود فعل تنمّ عن قلة الاحترام للآخر، فلا بد من أن يفرض الاحترام بين الزوجين نفسه في كل المواقف وتحت أي ظرف، لقوله تعالى: (وَلَا تَنسَوُاْ الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) [البقرة: 237].
- طاعة الزوجة لزوجها: وتزيّنها له وتبشّشها في وجهه وحفظها له، يفهم هذا من قول النبي- صلى الله عليه وسلم- عندما سئل عن أي النساء خير؟ قال: “التي تسره إذا نظر، وتطيعه إذا أمر، ولا تخالفه في نفسها ولا مالها بما يكره” (النسائي).
- إحسان الزوج لزوجته: وتجاوزه عن هفواتها، ودليل هذا ما في الصحيحين أن النبي- صلى الله عليه وسلم- قال: “مَن كانَ يُؤْمِنُ باللَّهِ واليَومِ الآخِرِ فلا يُؤْذِي جارَهُ، واسْتَوْصُوا بالنِّساءِ خَيْرًا؛ فإنَّهُنَّ خُلِقْنَ مِن ضِلَعٍ، وإنَّ أعْوَجَ شَيءٍ في الضِّلَعِ أعْلاهُ، فإنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهُ كَسَرْتَهُ، وإنْ تَرَكْتَهُ لَمْ يَزَلْ أعْوَجَ، فاسْتَوْصُوا بالنِّساءِ خَيْرًا” (البخاري).
- احترام الأهل: لا بد من أن يدرك الزوجان أن أهل الإنسان هم جزء لا ينفصل منه، وأن حبهم وتواصله معهم وإعطاءهم حقوقهم، فضلاً عن أنه فرض ديني، فهو كذلك احتياج نفسي وإنساني، ولا بد لمن يريد أن يراعي شريك حياته ويساعده على أداء واجباته نحو أهله أن يحترم هو أهله، يحترمهم باللفظ والإشارة والمجاملة والمساعدة والزيارة وتفقد أحوالهم.
- احترام المشاعر والأحاسيس: فمهما اعتاد الزوجان على بعضهما ومهما طال الوقت فلا يستغني أي إنسان عن احتياجه لمراعاة مشاعره وأحاسيسه، ومراعاة الكلمة التي تضايقه والتعبير الذي يجرحه والحب الذي يحتاجه والنظرة الحانية واللمسة الدافئة، وما أروع أن يضع الإسلام هذه المشاعر والأحاسيس في ميزان حسنات الإنسان، فتتحول الكلمة الطيبة إلى صدقة ولمسة اليد إلى ثواب، بل حتى اللقمة يضعها الرجل في فم زوجته صدقة.
- الاحترام رغم الخلاف: وهو من شيم النبلاء وأخلاق الفرسان؛ فمهما كانت درجة الخلاف أو سببه أو موضوعه، ومهما كانت الأزمة المادية، أو مهما كان ضعف الإمكانات أو العيوب؛ فما دام أن الزواج مستمر، وما دامت الحياة بينهما لا يزال فيها أيام، فلا بد من استمرار الاحترام والحفاظ عليه.
كيف يتحقق الاحترام بين الزوجين؟
ويتحقق الاحترام بين الزوجين وتعم السعادة داخل الأسرة من خلال اتباع هذه الوسائل:
- فتح أبواب التواصل: فقد يعود غياب التقدير إلى مواجهة الشريك مشكلات في العمل، فلا بد من التحدث معه عن الشعور بعدم التقدير والاستماع إلى ردوده بانتباه، دون أن نغفل التواصل غير اللفظي.
- التحدث عن المشكلة مع الشريك بهدوء وصدق: في من الممكن العمل معًا لحل المشكلة، واكتشاف الطرق التي يُمكن للشريك من خلالها أن يجعلنا نشعر بالتقدير.
- تقدير الأشياء الإيجابية: فقد يغيب التقدير بشكل مباشر، لكن لا بد أن نحاول التركيز على الأشياء الإيجابية التي يفعلها الشريك، وأولها المزيد من الأهمية.
- التعبير عن الامتنان: وهذا يُقوّي ويُعزّز العلاقات، ويجعلنا أكثر سعادة، فعندما نظهر الامتنان، نصبح في وضع عاطفي سليم.
- الشكر: وهو من المفاتيح التي تفتح القلوب، وتصفي النفوس، وتجعل شريك الحياة يشعر بقيمته وأن جهده وتعبه مُقدّر.
- تقدير الأفكار: فلا يتعامل الرجل أو المرأة مع شريكه في الحياة الزوجية بالاستهزاء أو التقليل من الجهد والعمل، حتى لا يتحول إلى إنسان مهزوم نفسيا ولا يتكلم ولا يتعاون مع الطرف الآخر، خشية الانتقاد والتقليل من النفس.
- المشاركة: تزداد طاقة الحُب بين الزوجين عندما يتشاركان مشاعرهما سويًّا سواء أكانت إيجابية أم سلبية، حيث تدل المشاركة على احترام كل منهما للآخر ولِمَا يمرّ به من مشاعر.
- الخصوصية: يحترم الأزواج الناضجون خصوصية كل منهما، ولا يتجاوزون المساحة الخاصة لكل منهما؛ فعلى سبيل المثال: يحترم الزوج علاقة زوجته بصديقتها، وكذلك الزوجة تحترم خصوصية زوجها مع أصدقائه.
- التأدب في الطلب: فلا يستخدم الزوج صيغة الأمر أثناء طلب أي شيء من زوجه، الأمر الذي يؤدي إلى امتعاض الزوجة وانزعاجها وشعورها بعدم الاحترام، أما في حال استخدام الزوج مفردات مثل “من فضلك” و”لو تكرمت” فإن الحالة الشعورية للمرأة تتغير كليّا نحو الأفضل.
- احترام الاختلاف: قد تختلف المرأة عن زوجها في كثير من الأمور، كأن تحب التسوق وهو لا يحب، ومن هنا لا بد من احترام كل طرف لذوق الآخر، بما لا يؤدي إلى أعباء غير ضرورية على البيت.
- الحديث: يعَدُّ أسلوب الحديث والحوار بين الزوجين من أهم علامات الاحترام بينهما، كالتواصل البصري الجيد، والاستماع باهتمام، وعدم الانشغال بالهاتف أو غيره.
- الأولاد: يأتي احترام الأولاد للأبوين من احترام الزوجين بعضهما، فالرجل المحترم هو مَن يعلِّم أولاده احترام والدتهم، فيَطلب إليهم أن يشكروها ويُقدِّروا جهودها.
الاحترام بين الزوجين يُقوّي العلاقة الزوجية التي تُعدّ من أسمى العلاقات الإنسانية، والمنزل هو المكان الذى يلتقي فيه الزوجان معًا، سواء منفردين، أو مع أبنائهم، لذلك فمن الضروري أن يحترم كل من الزوجين الآخر، حتى وإن لم يراهم أحد، حتى لا يكون هذا الاحترام مجرد تمثيل، وقناع مزيف أمام أعين الآخرين.
مصادر ومراجع:
- إسلام ويب: مظاهر الاحترام بين الزوجين.
- إسلام أون لاين: الاحترام المتبادل بين الزوجين .. قلب الزواج الناجح.
- محمود المسعودي: الاحترام والتعاون بين الأزواج قاعدة لبناء المجتمع.
- منى خير: كيف يؤثر غياب التقدير بين الزوجين على علاقتهما؟ وما سبل الإصلاح؟
- جميلة إسماعيل: الاحترام المتبادل بين الزوجين بوابة المودة.