السلام عليكم ورحمة الله.. لي أخ يسكن خارج منزل العائلة، يأخذ والدي معاشه الشهري ولكنه لا يدخل بيته ولا يأكل به، بل يذهب لبيت أخي يأكل ويشرب فيه ولا ينفق شيئا حتى على أكله، وأخي عمله بسيط، فهل يجب على أبي وأمي أن ينفقوا معه؟ أم يجب عليّ التحدث مع أبي لينفق مع أخي؟
السائلة الكريمة..نلمح في طيات سؤالك محاسبة لوالدك واستنكارا لأفعاله..!!كما نتعجب من درايتك بتفاصيل كهذه..ينفق على من ,ويحجم عن الإنفاق على من؟!
فهل استمعت إلى وجهة نظر أبيك؟! فلعل لديه أسبابه التي لو علمتيها لوافقتيه فعله..
ولعل أخاك الذي يسكن معه أباك راض ويستجلب البركة لبيته بصحبة أبيه وأمه في هذا السن,
لعله يأخذ من المثوبة والأجر بإذن الله أكثر مما لو مد أباك له يد المساعدة..ما أدراك بكواليس الأمور كيف تسير..وهل بعد هذا العمر الذي بذل فيه الأهل من أجل أبنائهم الكثير ,ننظر إلى طعامهم ..ونقول فيه ما يجب ومالا يجب؟!!!
يقول المصطفى صلى الله عليه وسلم “خاب وخسر من أدرك أبويه أحدهما أو كلاهما ولم يدخلاه الجنة”..
فالصفقة مع الله رابحة..
وبركة بر الوالدين ثوابها معجل في الدنيا غير ثواب الآخرة..فهنيئا لأخوك مصاحبته لهما..
ابنتنا الكريمة..نربأ بك أن تتدخلي فيما لا يعنيك فلن نقيم تصرفات أهالينا في هذا العمر..فلا تسألي عن أشياء إن بدت لك تسؤك..
السائلة الكريمة..نوصيك بالانشغال بتزكية النفس ..فهذا مما يجعل الدنيا تهون وتصغر في أعيننا..فلا نفكر من يأخذ ومن يستحق ومن لا يستحق..
لما ندرك حقيقة الدنيا ونعظم المثوبة والأجر..حينها سيسارع الجميع في استجلاب البركة لبيته باصطحاب أبيه وأمه وإكرامهم كما ربونا صغارا..
يقول المصطفى صلى الله عليه وسلم: “أنت ومالك لأبيك”..فما أدراك ..لعل أخاك يبتغي المثوبة بأن يهب نفسه وماله لأبيه..
وحتى نكون قوما عمليون ..إذا كان سؤالك هذا بسبب تلميح من أخيك بضيق الحال..فاختاري الكلمات المناسبة والفتي نظر والدتك بإمكان المساعدة طالما أن ظروف الوالد ميسرة..وتوقعي أبوابا من المشاكل لا تسد إذا لم تحسني اختيار الكلمات في حديثك مع أمك..
أما إذا كان تحسسا منك تجاه ظروف أخيك..فيجزيك الله خيرا على مشاعرك الكريمة تجاهه..وبقدر استطاعتك يمكنك أن تساهمي في إحضار شئ نافع من طعام وشراب ونحوه لبيت أخيك..ليس على سبيل الواجب..فلا واجب عليك نحو أخيكي..ولكن من باب مساعدتك له..ولعل ذلك يلفت نظر والديك..ويقدمون لأخيك يد العون..
ابنتنا الكريمة..المشاركة في المسئوليات أمر طيب لا شك..ولكن إذا لم تأتي هذه المشاركة من أهلينا طواعية مع قدرتهم.. قد يساء فهم تلميحاتك..وربما أردت معالجة مشكلة وقعت في مشكلة أكبر..!
واعلمي أن البركة تحيط جنبات بيت أخيك..يجزيه الله خيرا..ونتذكر قول المصطفى صلى الله عليه وسلم..”كلوا جميعا ولا تفرقوا,فطعام الواحد يكفي اثنين”..البركة أمر معنوي..لكنه لا يجافي الحقيقة..يجتمع أقوام على مائدة قد أعدت لأعداد قليلة..ويقوم القوم كلهم شبعى ببركة إكثار الآيادي على الطعام..فلا تخافي على بيت أخيكي..يكرمه الله ويوسع له في الرزق..
وإذا كنا سنوجه حديثا للأهل بشكل عام ..
فننصح الآباء أن يعدلوا بين الأبناء في العطية..فهذا أوجب لعدم إيغار الصدور..وإلا يستأذن بقية الإخوة بأن يسامحوا إذا قسم لأحدهم ولم يقسم للآخرين..فالتفضيل الذي له سبب غير منهي عنه..وتوضيح السبب يرفع اللبس ويزيل الشك..بل يحدث تعاطفا من الجميع..فيؤثر الإخوة بعضهم على بعض حتى لو كان أحدهم صاحب حاجة ..وعملا بمبدأ الإيثار يقدم أخيه على نفسه..!
هذا ما نريده أن يسود بين الإخوة..التراحم ومعاني الأخوة والإيثار..
وحتى لا يقع الأهل في فخ تفضيل بعض الأبناء على بعض..يقوم بعض الأهل بمنح أبنائهم (المحتاجون منهم وغير المحتاجين )..يمنحونهم عطايا شهرية بنسبهم الشرعية في حياتهم كأنه ميراث..
وكأنهم بهذا التصرف يغلقون باب المقارنة بين الإخوة بعضهم بعضا..ولا يجعلون للشيطان على أبنائهم سبيلا..فحسن ما يفعلون..
جزى الله من سار بين أبائه بالعدل ما استطاع إلى ذلك سبيلا..
وجزى الله من أكرم أبويه في كبرهما..ومن أعان على برهما وإكرامهما..يجزيه الله الجزاء الأوفى..